هوامش
عبدالله الأيوبي
ayoobi99@gmail.com
الإرادة أقوى من آلة الحرب والتدمير
الجميع يعرف انعدام أي شكل من أشكال التكافؤ في كفتي الميزان العسكري بين سلطات الاحتلال وبين فصائل المقاومة الوطنية والإسلامية الفلسطينية، من حيث النوع والكم، هذا الخلل الكبير جدا في الميزان العسكري يطلق أيادي سلطات الاحتلال لارتكاب ما تشاء من جرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني في المدن والقرى المحتلة، حيث لا تتوقف آلة القتل الإجرامية عن ارتكاب المجازر من دون تمييز بين طفل وشيخ، كما يحصل الآن في غزة، وما يشجع سلطات الاحتلال على مواصلة سياسة القتل والتدمير شبه اليومي، علاوة على الاختلال الكبير في ميزان القوى بينها وبين الفصائل الفلسطينية، هو صمت المجتمع الدولي بأكمله على هذه الجرائم والتأييد شبه المطلق الذي تحظى به هذه السلطات من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية تحت أكذوبة «حق الدفاع عن النفس».
لكن هذا الاختلال في الميزان العسكري والذي يصب لصالح سلطات الاحتلال، يقابله تفوق فلسطيني شبه مطلق في الإرادة والصمود، رغم كل الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية والمعيشية التي تلحقها آلة التدمير «الإسرائيلية» بأبناء الشعب الفلسطيني، هذه الآلة التدميرية عجزت حتى الآن، ولن تنجح أبدا، عن كسر هذه الإرادة والصمود الذي يظهره الشعب الفلسطيني على مدى أكثر من سبعة عقود، منذ بدء النكبة الكبرى عام 1948، هذا العجز عن كسر الإرادة الفلسطينية تحاول سلطات الاحتلال تعويضه من خلال آلة التدمير الإجرامية ضد شعب يعد أعزلا في مواجهة الجبروت العسكري «الإسرائيلي».
ما تقوم به سلطات الاحتلال من عدوان واسع ومتواصل ضد أبناء الشعب الفلسطيني، لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بـ«حق الدفاع عن النفس»، كما تدعي عواصم الدول الداعمة والمؤيدة لهذه السلطات، فالحقيقة التي لا تقبل الجدل، هي أن الشعب العربي الفلسطيني هو الذي يدافع عن نفسه في مواجهة قوة احتلال واغتصاب، فوفقا لجميع القوانين والشرائع الدولية، واستنادا إلى جميع القرارات الصادرة عن مختلف المؤسسات الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، فإن وجود هذه السلطات في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية)، هو وجود غير شرعي وأن مقاومة هذا الوجود وبشتى الوسائل هي مقاومة مشروعة وفقا لقوانين الشرعية الدولية.
ما يحدث الآن من سفك للدماء الفلسطينية البريئة ليس سببه المقاومة الوطنية المشروعة، وإنما سياسة الاغتصاب والاحتلال والتشريد، وهي كلها أعمال عدوانية مدانة من قبل القانون والشرائع الدولية وهي الأفعال التي دأبت على ممارستها سلطات الاحتلال على مدى أكثر من سبعة عقود على وجودها فوق أرض فلسطين، وإذا كانت هذه السلطات مسؤولة قانونيا وجنائيا عن سفك الدماء البريئة، فإن المجتمع الدولي وفي المقدمة العواصم الحليفة والداعمة لهذه السلطات، تتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية عن هذه الجرائم، كون هذه العواصم هي التي توفر الغطاء والحماية في وجه أي شكل من أشكال المحاسبة والمساءلة بحق سلطات الاحتلال.
هذه العواصم التي تدعو إلى ما تسميه بـــ«ضبط النفس» والتوقف عن «أعمال العنف»، عليها أن تعرف، بل وتعترف، أن هذه الدعوات ليست سوى هروب وعجز عن مواجهة الحقيقة، هذه الحقيقة التي مفادها أنه طالما هناك احتلال واغتصاب واستيلاء على أراض، وطالما بقي الشعب الفلسطيني محروما من وطن مستقل، كما هو حال شعوب العالم قاطبة، فإن أعمال المقاومة، وبشتى الوسائل سوف تتواصل وتتصاعد جيلا بعد آخر، فالذين يحملون الآن ألوية المقاومة الوطنية في وجه سلطات الاحتلال، ليسوا هم أبناء جيل النكبة ولا حتى أبناء جيل النكسة، وإنما أبناؤهم وأحفادهم، فعجلة النضال لا يمكن أن توقفها سيول الدماء المسفوكة ولا آلة القتل والتدمير، طالما كانت هناك إرادة وصمود، وهذه ميزة أبناء فلسطين.
من العار جدا على العالم والعواصم المؤيدة والداعمة لسلطات الاحتلال، أن يتفرج على استمرار جريمة العصر من دون أن يحرك ساكنا، وكأن الشعب العربي الفلسطيني ليس شعبا له حقوق إنسانية، كما شعوب العالم كلها، فليس هناك شعب على وجه الأرض ليس له وطن مستقل، وليست هناك على وجه الأرض قوة احتلال متمردة على جميع القوانين والشرائع الدولية، من دون أن تجد من يحاسبها على هذا التمرد غير القانوني، فاستمرار هذه الوضعية الخاطئة هي في حد ذاتها جريمة يتحمل المجتمع الدولي والعواصم المؤيدة والداعمة لسلطات الاحتلال، جميع تبعاتها، ومن المؤكد أن اليوم الذي تنصف فيه العدالة أبناء فلسطين قادم لا محالة، فتجارب الشعوب المناضلة والمتمسكة بحقوقها المشروعة تؤكد ذلك.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك