العدد : ١٦٨٥١ - الأحد ١٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥١ - الأحد ١٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

الاسلامي

ربانية الأخلاق

الجمعة ٢٨ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم‭: ‬عاطف‭ ‬الصبيحي

في‭ ‬شهر‭ ‬ابريل‭ ‬وخلال‭ ‬مقالات‭ ‬أربعة‭ ‬نحاول‭ ‬رسم‭ ‬الخارطة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬الكتاب‭ ‬الكريم‭ ‬بعناية‭ ‬فائقة،‭ ‬لتسير‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرام،‭ ‬هذه‭ ‬الخارطة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬بمجملها‭ ‬تجسد‭ ‬معنى‭ ‬الصراط‭ ‬المستقيم‭ (‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬صراطي‭ ‬مستقيماً‭ ‬فاتبعوه‭..) ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬الإلهي‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الأنعام‭ ‬بعد‭ ‬تعداد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المحرمات‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬الآية‭ ‬151ونورد‭ ‬النص‭ ‬كاملاً‭ (‬قل‭ ‬تعالوا‭ ‬أتل‭ ‬ما‭ ‬حرم‭ ‬ربكم‭ ‬عليكم،‭ ‬ألا‭ ‬تشركوا‭ ‬به‭ ‬شيئاً،‭ ‬وبالوالدين‭ ‬إحساناً،‭ ‬ولا‭ ‬تقتلوا‭ ‬أولادكم‭ ‬من‭ ‬إملاق،‭ ‬نحن‭ ‬نرزقكم‭ ‬وإياهم،‭ ‬ولا‭ ‬تقربوا‭ ‬الفواحش‭ ‬ما‭ ‬ظهر‭ ‬منها‭ ‬وما‭ ‬بطن،‭ ‬ولا‭ ‬تقتلوا‭ ‬النفس‭ ‬التي‭ ‬حرم‭ ‬الله‭ ‬إلا‭ ‬بالحق،‭ ‬ذلكم‭ ‬وصاكم‭ ‬به‭ ‬لعلكم‭ ‬تعقلون،‭ ‬ولا‭ ‬تقربوا‭ ‬مال‭ ‬اليتيم‭ ‬إلا‭ ‬بالتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن‭ ‬حتى‭ ‬يبلغ‭ ‬أشده،‭ ‬وأوفوا‭ ‬بالكيل‭ ‬والميزان‭ ‬بالقسط،‭ ‬لا‭ ‬نكلف‭ ‬نفساً‭ ‬إلا‭ ‬وسعها،‭ ‬وإذا‭ ‬قلتم‭ ‬فاعدلوا‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬ذا‭ ‬قربى،‭ ‬وبعهد‭ ‬الله‭ ‬أوفوا‭ ‬ذلكم‭ ‬وصاكم‭ ‬به‭ ‬لعلكم‭ ‬تذكرون،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬صراطي‭ ‬مستقيماً‭ ‬فاتبعوه‭ ‬ولا‭ ‬تتبعوا‭ ‬السبل‭ ‬فتفرق‭ ‬بكم‭ ‬عن‭ ‬سبيله،‭ ‬ذلكم‭ ‬وصاكم‭ ‬به‭ ‬لعلكم‭ ‬تتقون‭).‬

الناظر‭ ‬لهذه‭ ‬الشبكة‭ ‬القيمية‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الأنعام‭ ‬يلحظ‭ ‬خلوها‭ ‬من‭ ‬الشعائر‭ ‬الطقسية،‭ ‬وتضج‭ ‬بالقيم‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بأنها‭ ‬صراط‭ ‬الله‭ ‬المستقيم‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬اتباعها،‭ ‬والتحذير‭ ‬من‭ ‬اتباع‭ ‬السبل‭ ‬الأخرى‭ ‬المؤدية‭ ‬للتفرقة‭ ‬والتنابذ‭ ‬والتباغض،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ذهاب‭ ‬الريح،‭ ‬وغني‭ ‬عن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬القيم‭ ‬مرسومة‭ ‬بدقة‭ ‬لتشكل‭ ‬وجه‭ ‬الحياة‭ ‬المشرق،‭ ‬وهي‭ ‬كلها‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬الإنسان،‭ ‬وحقوقه‭ ‬وواجباته،‭ ‬والتي‭ ‬بالمحصلة‭ ‬تمثل‭ ‬صراط‭ ‬الله‭ ‬المستقيم،‭ ‬وهو‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬صراط‭ ‬النجاة‭ ‬وسبيل‭ ‬الفوز‭.‬

حظي‭ ‬المال‭ ‬بالمعنى‭ ‬العام‭ ‬للمال‭ ‬بجملة‭ ‬من‭ ‬الإرشادات‭ ‬والأوامر‭ ‬والنواهي‭ ‬الربانية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تجعل‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬واضحة‭ ‬جلية،‭ ‬طيبة‭ ‬وتعاونية،‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬تلك‭ ‬التعليمات‭ ‬الربانية،‭ ‬وهي‭ ‬كثيرة‭ ‬نقتبس‭ ‬منها‭ ‬نزرا‭ ‬يسيرا،‭ ‬أولها‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬أنفقوا‭ ‬مما‭ ‬رزقناكم‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬التوجيه‭ ‬الرباني‭ ‬مضامين‭ ‬كثيرة،‭ ‬منها‭ ‬الحث‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬والإنتاج،‭ ‬والإنفاق‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكسب‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬وعلى‭ ‬من‭ ‬تعول،‭ ‬وهذا‭ ‬الخط‭ ‬العام‭ ‬الأول،‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬التوجيه‭ ‬الرباني‭ ‬،‭ ‬بضرورة‭ ‬أن‭ ‬يتعدى‭ ‬هذا‭ ‬الرزق‭ ‬وهذا‭ ‬التحصيل‭ ‬للآخر،‭ ‬منطلقين‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬القربى‭ ‬ثم‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار،‭ ‬والتشديد‭ ‬والوعد‭ ‬والوعيد‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬المالي‭ ‬موزع‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬لأهميته‭ ‬وانعكاسه‭ ‬الايجابي‭ ‬أو‭ ‬السلبي‭ ‬على‭ ‬اللحمة‭ ‬والوحدة‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬باهتمام‭ ‬الكتاب‭ ‬الكريم‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭.‬

‮«‬وآت‭ ‬ذا‭ ‬القربى‭ ‬حقه‭ ‬والمسكين‭ ‬وابن‭ ‬السبيل‭ ‬ولا‭ ‬تبذر‭ ‬تبذيرا‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ (‬واطعموا‭ ‬القانع‭ ‬والمعتر‭ ‬كذلك‭ ‬سخرناها‭ ‬لكم‭ ‬لعلكم‭ ‬تشكرون‭) ‬وقوله‭ ‬‮«‬واطعموا‭ ‬البائس‭ ‬الفقير‮»‬‭ ‬ونذكر‭ ‬فقط‭ ‬بالعدد‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬الآيات‭ ‬الحاثة‭ ‬على‭ ‬الزكاة‭ ‬كفريضة،‭ ‬وعلى‭ ‬الصدقات،‭ ‬وكم‭ ‬هو‭ ‬لافت‭ ‬تكرار‭ ‬ذكر‭ ‬الإنفاق‭ ‬بالكتاب‭ ‬الكريم‭.‬

لأهمية‭ ‬الجانب‭ ‬المادي‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬فقد‭ ‬طوّقه‭ ‬الكتاب‭ ‬الكريم‭ ‬بسلسلة‭ ‬من‭ ‬التعليمات‭ ‬والأوامر‭ ‬والنواهي‭ ‬والترغيب‭ ‬والحث،‭ ‬ليضع‭ ‬حياة‭ ‬المسلمين‭ ‬والناس‭ ‬على‭ ‬الجادة‭ ‬الحقة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا