العدد : ١٦٨٠٧ - الجمعة ٢٩ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ رمضان ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٠٧ - الجمعة ٢٩ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ رمضان ١٤٤٥هـ

الاسلامي

(تأملات إيمانية فـي آيات القرآن الكريم)
(قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)

الجمعة ٢٤ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

د‭. ‬محمد‭ ‬عطا‭ ‬مدني

روى‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الآية‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬النمل‭ ‬وما‭ ‬بعدها،‭ ‬قصة‭ ‬النبي‭ ‬سليمان‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬الهدهد‭ ‬وملكة‭ ‬سبأ‭ ‬باليمن،‭ ‬وقد‭ ‬حفلت‭ ‬هذه‭ ‬الآيات‭ ‬الكريمات‭ ‬في‭ ‬افتتاحياتها‭ ‬بالاهتمام‭ ‬بالعلم‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬قيمته‭ ‬وقدره‭ ‬العظيم،‭ ‬وكيف‭ ‬أنه‭ ‬منّة‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬على‭ ‬عباده‭ ‬المؤمنين،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (‬وَلَقَدْ‭ ‬آَتَيْنَا‭ ‬دَاوُودَ‭ ‬وَسُلَيْمَانَ‭ ‬عِلْمًا‭ ‬وَقَالَا‭ ‬الْحَمْدُ‭ ‬لِلَّهِ‭ ‬الَّذِي‭ ‬فَضَّلَنَا‭ ‬عَلَى‭ ‬كَثِيرٍ‭ ‬مِنْ‭ ‬عِبَادِهِ‭ ‬الْمُؤْمِنِينَ‭ ‬وَوَرِثَ‭ ‬سُلَيْمَانُ‭ ‬دَاوُودَ‭ ‬وَقَالَ‭ ‬يَا أَيُّهَا‭ ‬النَّاسُ‭ ‬عُلِّمْنَا‭ ‬مَنْطِقَ‭ ‬الطَّيْرِ‭ ‬وَأُوتِينَا‭ ‬مِنْ‭ ‬كُلِّ‭ ‬شَيْءٍ‭ ‬إِنَّ‭ ‬هَذَا‭ ‬لَهُوَ‭ ‬الْفَضْلُ‭ ‬الْمُبِينُ‭) (‬النمل‭ ‬15‭-‬16‭). ‬ويتضح‭ ‬من‭ ‬الآيتين‭ ‬الكريمتين‭ ‬وما‭ ‬بعدهما‭ ‬أن‭ ‬النبي‭ ‬سليمان‭ ‬قد‭ ‬ورث‭ ‬العلم‭ ‬عن‭ ‬أبيه،‭ ‬الذي‭ ‬طوع‭ ‬له‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬الحديد،‭ (‬وَلَقَدْ‭ ‬آتَيْنَا‭ ‬دَاوُودَ‭ ‬مِنَّا‭ ‬فَضْلًا‭ ‬يَا‭ ‬جِبَالُ‭ ‬أَوِّبِي‭ ‬مَعَهُ‭ ‬وَالطَّيْرَ‭ ‬وَأَلَنَّا‭ ‬لَهُ‭ ‬الْحَدِيدَ‭) (‬سبأ‭ ‬10‭) ‬فصنع‭ ‬منه‭ ‬هو‭ ‬وأبوه‭ ‬معدات‭ ‬القتال‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬والزرُود‭ ‬وغيرها‭. ‬كما‭ ‬سخر‭ ‬المولى‭ ‬جل‭ ‬وعلا‭ ‬لسليمان‭ ‬الريح‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الإنس‭ ‬والجن،‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬علمه‭ ‬منطق‭ ‬الطير‭ ‬والحشرات،‭ ‬ولغات‭ ‬الجن‭ ‬والتعامل‭ ‬معهم‭ ‬وهي‭ ‬مخلوقات‭ ‬يختلفون‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬البشر،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ (‬الْفَضْلُ‭ ‬الْمُبِينُ‭) ‬على‭ ‬داوود‭ ‬وسليمان‭ ‬عليهما‭ ‬السلام‭.‬

وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬روح‭ ‬هذه‭ ‬الآيات‭ ‬الكريمات‭ ‬في‭ ‬اهتمامها‭ ‬بالعلم‭ ‬وتعظيم‭ ‬منزلته‭ ‬وقيمته‭ ‬للإنسان،‭ ‬أحاول‭ ‬إلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الآيات‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬علمي،‭ ‬استجلاء‭ ‬للإشارات‭ ‬العلمية‭ ‬فيها،‭ ‬وامتثالا‭ ‬لتوجيهات‭ ‬المولى‭ ‬جل‭ ‬وعلا‭ ‬في‭ ‬دعوة‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬التفكر‭ ‬والتدبر‭ ‬في‭ ‬الخلق‭ ‬الإلهي‭ ‬المبدع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭: (‬إِنَّ‭ ‬فِي‭ ‬خَلْقِ‭ ‬السَّمَاوَاتِ‭ ‬وَالْأَرْضِ‭ ‬وَاخْتِلَافِ‭ ‬اللَّيْلِ‭ ‬وَالنَّهَارِ‭ ‬لَآيَاتٍ‭ ‬لِأُولِي‭ ‬الْأَلْبَابِ‭) (‬آل‭ ‬عمران‭ ‬190‭). ‬ودعوته‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬العلم‭ ‬والتعلم‭ ‬ومنحه‭ ‬أدواته‭ (‬اقْرَأْ‭ ‬بِاسْمِ‭ ‬رَبِّكَ‭ ‬الَّذِي‭ ‬خَلَقَ‭ (‬1‭) ‬خَلَقَ‭ ‬الْإِنْسَانَ‭ ‬مِنْ‭ ‬عَلَقٍ‭ (‬2‭) ‬اقْرَأْ‭ ‬وَرَبُّكَ‭ ‬الْأَكْرَمُ‭ (‬3‭) ‬الَّذِي‭ ‬عَلَّمَ‭ ‬بِالْقَلَمِ‭ (‬4‭) ‬عَلَّمَ‭ ‬الْإِنْسَانَ‭ ‬مَا‭ ‬لَمْ‭ ‬يَعْلَمْ‭) (‬العلق1‭-‬5‭). (‬وَهُوَ‭ ‬الَّذِي‭ ‬أَنْشَأَ‭ ‬لَكُمُ‭ ‬السَّمْعَ‭ ‬وَالْأَبْصَارَ‭ ‬وَالْأَفْئِدَةَ‭ ‬قَلِيلًا‭ ‬مَا‭ ‬تَشْكُرُونَ‭). (‬المؤمنون‭ ‬78‭)‬

والجزء‭ ‬الذى‭ ‬أريد‭ ‬التركيز‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الآيات‭ ‬الكريمات،‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (‬قَالَ‭ ‬يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬الْمَلَأُ‭ ‬أَيُّكُمْ‭ ‬يَأْتِينِي‭ ‬بِعَرْشِهَا‭ ‬قَبْلَ‭ ‬أَنْ‭ ‬يَأْتُونِي‭ ‬مُسْلِمِينَ‭ (‬38‭) ‬قَالَ‭ ‬عِفْريتٌ‭ ‬مِنَ‭ ‬الْجِنِّ‭ ‬أَنَا‭ ‬آَتِيكَ‭ ‬بِهِ‭ ‬قَبْلَ‭ ‬أَنْ‭ ‬تَقُومَ‭ ‬مِنْ‭ ‬مَقَامِكَ‭ ‬وَإِنِّي‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬لَقَوِيٌّ‭ ‬أَمِينٌ‭ (‬39‭) ‬قَالَ‭ ‬الَّذِي‭ ‬عِنْدَهُ‭ ‬عِلْمٌ‭ ‬مِنَ‭ ‬الْكِتَابِ‭ ‬أَنَا‭ ‬آَتِيكَ‭ ‬بِهِ‭ ‬قَبْلَ‭ ‬أَنْ‭ ‬يَرْتَدَّ‭ ‬إِلَيْكَ‭ ‬طَرْفُكَ‭ ‬فَلَمَّا‭ ‬رَآَهُ‭ ‬مُسْتَقِرًّا‭ ‬عِنْدَهُ‭ ‬قَالَ‭ ‬هَذَا‭ ‬مِنْ‭ ‬فَضْلِ‭ ‬رَبِّي‭ ‬لِيَبْلُوَنِي‭ ‬أَأَشْكُرُ‭ ‬أَمْ‭ ‬أَكْفُرُ‭ ‬وَمَنْ‭ ‬شَكَرَ‭ ‬فَإِنَّمَا‭ ‬يَشْكُرُ‭ ‬لِنَفْسِهِ‭ ‬وَمَنْ‭ ‬كَفَرَ‭ ‬فَإِنَّ‭ ‬رَبِّي‭ ‬غَنِيٌّ‭ ‬كَرِيمٌ‭). (‬النمل‭ ‬38‭-‬40‭)‬

ويتضح‭ ‬من‭ ‬سياق‭ ‬الآيات‭ ‬الكريمات،‭ ‬أن‭ ‬الهدهد‭ ‬قد‭ ‬اكتشف‭ ‬مملكة‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬يعبد‭ ‬أهلها‭ ‬الشمس‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الله،‭ ‬وقد‭ ‬أرسل‭ ‬النبي‭ ‬سليمان‭ ‬إليهم‭ ‬خطابا‭ ‬ليأتوه‭ ‬مسلمين،‭ ‬فأرسلوا‭ ‬له‭ ‬وفدا‭ ‬يحمل‭ ‬هدايا‭ ‬له،‭ ‬لكنه‭ ‬أعادها‭ ‬إليهم‭ ‬لأن‭ ‬هدفه‭ ‬إرشادهم‭ ‬لدين‭ ‬الحق،‭ ‬وطلب‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬جيشه‭ ‬أن‭ ‬يأتوه‭ ‬بعرشها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إليه‭ ‬ملكة‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭. ‬فعرض‭ ‬عليه‭ ‬عفريت‭ ‬من‭ ‬الجن‭ ‬أن‭ ‬يأتيه‭ ‬بعرشها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬من‭ ‬مقامه‭. ‬وتذكر‭ ‬غالبية‭ ‬التفاسير‭ ‬أن‭ ‬النبي‭ ‬سليمان‭ ‬كان‭ ‬يجلس‭ ‬للقضاء‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬الصباح‭ ‬حتى‭ ‬الظهر،‭ (‬8‭ ‬صباحا‭ - ‬12‭ ‬ظهرا‭) ‬أي‭ ‬أربع‭ ‬ساعات‭ ‬تقريبا‭. ‬ويتفق‭ ‬الزمن‭ ‬الذي‭ ‬حدده‭ ‬عفريت‭ ‬الجن‭ (‬سبحان‭ ‬الله‭) ‬مع‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬1235‭ ‬كيلومترا‭ ‬في‭ ‬الساعة‭. ‬ومعروف‭ ‬أن‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬اليمن‭ ‬وفلسطين‭ ‬تبلغ‭ ‬حوالي‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف‭ ‬كيلومترا‭ ‬ذهابا‭ ‬وإيابا،‭ ‬وبحسبة‭ ‬بسيطة،‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬مهمة‭ ‬عفريت‭ ‬الجن‭ ‬سوف‭ ‬تستغرق‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات‭ ‬وبضع‭ ‬دقائق،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬صادق‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬خدمته‭ ‬على‭ ‬النبي‭ ‬سليمان،‭ ‬ومحق‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬الزمن‭ ‬التقريبي‭ ‬اللازم‭ ‬لإنجازها‭.‬

ولكن‭ ‬أحد‭ ‬الجنود‭ ‬يفاجئ‭ ‬النبي‭ ‬سليمان،‭ ‬كما‭ ‬يفاجئ‭ ‬قراء‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬عبر‭ ‬العصور‭ ‬والأزمان،‭ ‬بعرض‭ ‬جديد‭ ‬خيالي‭ ‬ومذهل،‭ ‬حيث‭ ‬يتقدم‭ (‬الذى‭ ‬عنده‭ ‬العلم‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭) ‬ويقتحم‭ ‬المشهد‭ ‬ليقدم‭ ‬خدمة‭ ‬أرقى‭ ‬وأسرع‭ ‬من‭ ‬زميله،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬بعرش‭ ‬الملكة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يرتد‭ ‬إليه‭ ‬طرفه‭..! ‬وقد‭ ‬عرض‭ ‬مهمته‭ ‬بثقة‭ ‬وحزم‭ ‬شديدين‭ (‬أَنَا‭ ‬آَتِيكَ‭ ‬بِهِ‭ ‬قَبْلَ‭ ‬أَنْ‭ ‬يَرْتَدَّ‭ ‬إِلَيْكَ‭ ‬طَرْفُكَ‭)..! ‬نظرا‭ ‬لأنه‭ ‬يملك‭ ‬الأدوات‭ ‬اللازمة‭ ‬لقضاء‭ ‬المهمة‭ ‬بسهولة‭ ‬بالغة‭ ‬وهى‭ (‬العلم‭)..! ‬

وقد‭ ‬قدر‭ ‬علماء‭ ‬البصريات‭ ‬أن‭ ‬ارتداد‭ ‬الطرف‭ ‬للعين‭ ‬يقدر‭ ‬بزمن‭ ‬0‭.‬2‭ ‬من‭ ‬الثانية‭..! ‬وهذا‭ ‬معناه‭ ‬إذا‭ ‬نفذ‭ (‬الذى‭ ‬عنده‭ ‬العلم‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭) ‬هذه‭ ‬الخدمة‭ ‬بالطريقة‭ ‬التقليدية،‭ ‬فعليه‭ ‬أن‭ ‬يقطع‭ ‬المسافة‭ ‬من‭ ‬اليمن‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬خُمس‭ ‬ثانية‭ (‬1/5‭ ‬من‭ ‬الثانية‭) ‬بسرعة‭ ‬تبلغ‭ ‬20‭.‬000‭ ‬كيلومتر‭ ‬في‭ ‬الثانية،‭ ‬أي‭ ‬60‭.‬000‭ ‬مرة‭ ‬ضعف‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت‭..! ‬

هكذا‭ ‬نجد‭ ‬المشهد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬الإثارة،‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬الخبرة‭ ‬المعتادة‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والعلم‭ ‬المتطور‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬بين‭ ‬عفريت‭ ‬من‭ ‬الجن،‭ ‬ومخلوق‭ ‬لم‭ ‬تحدد‭ ‬آيات‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬هويته،‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬الإنس‭ ‬أم‭ ‬من‭ ‬الجان،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬اختصه‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بعلم‭ ‬لم‭ ‬يتوفر‭ ‬لغيره‭. ‬والذى‭ ‬حدث،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المخلوق‭ ‬المسلح‭ ‬بالعلم‭ ‬قد‭ ‬نفذ‭ ‬مهمته‭ ‬فورا‭ ‬ودون‭ ‬تأخير،‭ ‬وإذا‭ ‬بعرش‭ ‬بلقيس‭ ‬أمام‭ ‬سيده‭ ‬في‭ ‬خُمس‭ ‬ثانية‭..! ‬فهل‭ ‬استخدم‭ ‬هذا‭ ‬المخلوق‭ -‬إن‭ ‬كان‭ ‬جنيا‭- ‬تقنية‭ ‬الطيران‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬اليمن‭ ‬وعاد‭ ‬بعرش‭ ‬بلقيس‭ ‬في‭ ‬خُمس‭ ‬ثانية‭ ‬؟‭ ‬وهل‭ ‬يحتاج‭ ‬الطيران‭ ‬لعلم‭ ‬وهو‭ ‬غريزة‭ ‬فطرية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الجن؟‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬المخلوق‭ ‬بشرا،‭ ‬فلن‭ ‬يستطيع‭ ‬تنفيذ‭ ‬المهمة‭ ‬أصلا‭ ‬بهذه‭ ‬السرعة‭ ‬الخيالية‭..! ‬

وفي‭ ‬اعتقادي‭ ‬الشخصي،‭ ‬أن‭ (‬الذي‭ ‬عنده‭ ‬علم‭ ‬الكتاب‭) ‬قد‭ ‬نفذ‭ ‬المهمة‭ ‬بطريقة‭ ‬أسرع‭ ‬وأكثر‭ ‬دقة‭ ‬من‭ ‬الطيران‭ ‬لأنه‭ ‬يملك‭ (‬العلم‭ ‬المتطور‭) ‬الذي‭ ‬منحه‭ ‬له‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭. ‬لهذا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬حول‭ ‬عرش‭ ‬الملكة‭ (‬المادي‭) ‬إلى‭ (‬طاقة‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬حول‭ (‬الطاقة‭) ‬إلى‭ (‬مادة‭) ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬ليتمثل‭ ‬العرش‭ ‬كاملا‭ ‬متكاملا‭ ‬أمام‭ ‬النبي‭ ‬سليمان‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬لمح‭ ‬البصر‭..!‬

وهذا‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬منحه‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬علما‭ ‬من‭ ‬الكتاب،‭ ‬وليس‭ ‬غريبا‭ ‬أيضا‭ ‬بمنطق‭ ‬العصر‭ ‬الذى‭ ‬نعيشه‭ ‬الآن،‭ ‬فقد‭ ‬بيّنت‭ ‬نظرية‭ ‬النسبية‭ ‬لأينشتاين‭ ‬أن‭ ‬المادة‭ ‬والطاقة‭ ‬صورتان‭ ‬لشيء‭ ‬واحد،‭ ‬وقد‭ ‬توصل‭ ‬أينشتاين‭ ‬لهذا‭ ‬الاكتشاف‭ ‬عام‭ ‬1905م‭ ‬وكتبه‭ ‬في‭ ‬النسبية‭ ‬الخاصة،‭ ‬وعبر‭ ‬عن‭ ‬تكافؤ‭ ‬الطاقة‭ ‬والمادة‭ ‬بمعادلته‭ ‬الشهيرة (E=mc2)..!‭ ‬وبالرجوع‭ ‬إلى‭ ‬الدراسات‭ ‬والفرضيات‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬والمدعومة‭ ‬بالنتائج‭ ‬المستخلصة‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬المخبرية‭ ‬والتفجيرات‭ ‬النووية‭ ‬التي‭ ‬بينت‭ ‬إمكانية‭ ‬تحويل‭ ‬المادة‭ ‬إلى‭ ‬طاقة،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬بالفعل،‭ ‬واستطاع‭ ‬العلماء‭ ‬تحويل‭ ‬المادة‭ ‬إلى‭ ‬طاقة،‭ ‬وتؤكد‭ ‬الدراسات‭ ‬الفيزيائية‭ ‬النظرية‭ ‬أن‭ ‬الطاقة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬مادة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬مخبريا،‭ ‬ولكن‭ ‬يحتمل‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬القادمة،‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬تطور‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬الفيزياء‭ ‬والرياضيات‭ ‬بشكل‭ ‬متسارع‭. ‬فالمعلومة‭ ‬الفيزيائية‭ ‬العلمية‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬المادة‭ ‬مخزن‭ ‬هائل‭ ‬للطاقة،‭ ‬فلو‭ ‬أفنينا‭ ‬كيلوجراما‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬المادة‭ ‬وهو‭ ‬مقدار‭ ‬صغير‭ ‬لا‭ ‬يذكر،‭ ‬فإن‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الإفناء،‭ ‬طاقة‭ ‬خيالية‭ ‬يصعب‭ ‬تصورها‭ ‬في‭ ‬الحجم‭ ‬والقوة‭ ‬المنبعثان‭ ‬منها‭. ‬وتلك‭ ‬الطاقة‭ ‬كفيلة‭ ‬بالوصول‭ ‬بما‭ ‬تحمله‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬بسرعة‭ ‬الضوء‭ ‬الذى‭ ‬يبلغ‭ ‬في‭ ‬حده‭ ‬الأقصى‭ ‬مليار‭ ‬كيلو‭ ‬متر‭ ‬في‭ ‬الساعة‭..!‬

سبحان‭ ‬الله،‭ ‬تجلت‭ ‬قدرته‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬علمه‭ ‬لمن‭ ‬يشاء،‭ ‬كما‭ ‬تجلت‭ ‬في‭ ‬إبداع‭ ‬خلقه‭ ‬وسمو‭ ‬مخلوقاته‭..! ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا