العدد : ١٧٠٥٤ - الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٤ - الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

هوامش

عبدالله الأيوبي

ayoobi99@gmail.com

يوم تحرير الكويت يبقى في الذاكرة

استقبلت‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬يومي‭ ‬25‭ ‬و26‭ ‬فبراير‭ ‬المناسبتين‭ ‬الوطنيتين‭ ‬العزيزتين‭ ‬على‭ ‬قلوب‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬وأشقائهم‭ ‬الخليجيين‭ ‬والعرب،‭ ‬وهما‭ ‬العيد‭ ‬الوطني‭ (‬25‭ ‬فبراير‭ ‬ويوم‭ ‬التحرير‭ ‬26‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬نفسه‭)‬،‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أبناء‭ ‬الكويت،‭ ‬وأبناء‭ ‬الخليج‭ ‬والعرب‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬فإن‭ ‬يوم‭ ‬السادس‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬ليس‭ ‬مناسبة‭ ‬عادية‭ ‬حيث‭ ‬يبقى‭ ‬حاضرا‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬أبناء‭ ‬الكويت‭ ‬كيوم‭ ‬تاريخي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتراجع‭ ‬قيمة‭ ‬استقباله‭ ‬والاحتفاء‭ ‬بذكراه،‭ ‬حيث‭ ‬شكل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬بداية‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت‭ ‬والذي‭ ‬استمر‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الستة‭ ‬أشهر‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬غدر‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬أن‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬دولة‭ ‬شقيقة‭ ‬جارة،‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬يوم‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬عندما‭ ‬اجتاحت‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الدولة‭ ‬الشقيقة‭ ‬واحتلتها‭ ‬وألغت‭ ‬وجودها‭ ‬كدولة‭ ‬مستقلة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬معترف‭ ‬بها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اعتراف‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬نفسها‭.‬

لم‭ ‬يتسبب‭ ‬الاحتلال‭ ‬العراقي‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬شرخ‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الكويتيين‭ ‬الذين‭ ‬يحسب‭ ‬لهم‭ ‬وقوفهم‭ ‬القوي‭ ‬والمخلص‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العراق‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬يخوض‭ ‬حربا‭ ‬ضروسا‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬قدمت،‭ ‬بسخاء،‭ ‬دعمها‭ ‬لأشقائها‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬نظام‭ ‬الرئيس‭ ‬العراقي‭ ‬الراحل‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬رد‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬بجريمة‭ ‬الغزو‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الصعب،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬من‭ ‬المستحيل،‭ ‬ألا‭ ‬تبقى‭ ‬عالقة‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬وذاكرة‭ ‬أبناء‭ ‬الكويت‭. ‬

في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي،‭ ‬تبقى‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المحطات‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬ستبقى‭ ‬عالقة‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الجارين،‭ ‬لما‭ ‬تسببت‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬وامتدت‭ ‬هذه‭ ‬الآثار‭ ‬إلى‭ ‬العلاقات‭ ‬العربية‭ ‬العربية،‭ ‬ورغم‭ ‬فداحة‭ ‬الحدث،‭ ‬وردة‭ ‬الفعل‭ ‬الشعبية‭ ‬الكويتية‭ ‬والعربية‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وبفضل‭ ‬المواقف‭ ‬المبدئية‭ ‬التي‭ ‬تتحلى‭ ‬بها‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬الكويتية،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬لم‭ ‬تفسد‭ ‬العلاقات‭ ‬الأخوية‭ ‬بين‭ ‬الشعبين‭ ‬الكويتي‭ ‬والعراقي،‭ ‬ولم‭ ‬تحل‭ ‬دون‭ ‬فتح‭ ‬الكويت‭ ‬لصفحة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬قرر‭ ‬غزو‭ ‬العراق‭ ‬وأن‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬الإطاحة‭ ‬بنظام‭ ‬الرئيس‭ ‬العراقي‭ ‬الراحل‭ ‬صدام‭ ‬حسين،‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬النظام‭ ‬الذي‭ ‬قرر‭ ‬أو‭ ‬شارك،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬دعم‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭.‬

من‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬أن‭ ‬يحتفل‭ ‬بيوم‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬الاحتلال،‭ ‬واستعادة‭ ‬دولته‭ ‬الوطنية‭ ‬المستقلة،‭ ‬وبالمناسبة،‭ ‬فإن‭ ‬نظام‭ ‬الرئيس‭ ‬العراقي‭ ‬الراحل،‭ ‬لم‭ ‬يتسبب‭ ‬بجريمة‭ ‬غزو‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬إلحاق‭ ‬الأذى‭ ‬والضرر‭ ‬بأبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬الشقيق‭ ‬وبمرافق‭ ‬دولتهم‭ ‬الحيوية،‭ ‬فسحب،‭ ‬وإنما‭ ‬تسببت‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة،‭ ‬غير‭ ‬المبررة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬في‭ ‬إدخال‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬نفق‭ ‬مظلم‭ ‬وقاس،‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬ونصف‭ ‬العام‭ ‬تقريبا‭ ‬من‭ ‬توقف‭ ‬الحرب‭ ‬العبثية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬والتي‭ ‬دفع‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬من‭ ‬دمائهم‭ ‬وأرواحهم‭ ‬وممتلكاتهم‭ ‬أرقاما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إحصاؤها،‭ ‬ثم‭ ‬تضاف‭ ‬إليها‭ ‬أثمان‭ ‬أكثر‭ ‬فداحة‭ ‬نتجت‭ ‬عن‭ ‬تداعيات‭ ‬غزو‭ ‬الكويت‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬حرب‭ ‬تحريرها‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬جريمة‭ ‬الغزو‭ ‬الكبرى‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الاجتياح‭ ‬الأمريكي‭ ‬للكويت‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬وتدمير‭ ‬البلد‭ ‬ومستقبل‭ ‬شعبه‭. ‬

إحياء‭ ‬الكويت‭ ‬لذكرى‭ ‬التحرير،‭ ‬يعد‭ ‬فرضا‭ ‬وواجبا‭ ‬تجاه‭ ‬الوطن‭ ‬والشهداء‭ ‬الذين‭ ‬سقطوا‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬استعادة‭ ‬الشعب‭ ‬لحريته‭ ‬واستقلاله‭ ‬الوطني،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬بإحيائها‭ ‬لهذه‭ ‬الذكرى‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تقلب‭ ‬مواجع‭ ‬ذلك‭ ‬الحدث‭ ‬غير‭ ‬الطبيعي‭ ‬وغير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ببعضها‭ ‬البعض،‭ ‬ولا‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬تريد‭ ‬تذكير‭ ‬أبناء‭ ‬العراق‭ ‬بالثمن‭ ‬الباهظ‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬على‭ ‬عاتقهم‭ ‬جراء‭ ‬ذلك‭ ‬الخطأ‭ ‬الفادح‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬النظام‭ ‬السابق،‭ ‬لأنها‭ (‬الكويت‭ ‬حكومة‭ ‬وشعبا‭) ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬تامة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أبناء‭ ‬العراق‭ ‬ليسوا‭ ‬مسؤولين‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الجريمة‭. ‬

يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الشعبين‭ ‬الكويتي‭ ‬والعراقي،‭ ‬وحكومتي‭ ‬البلدين‭ ‬أيضا،‭ ‬قد‭ ‬طووا‭ ‬تقريبا‭ ‬تلك‭ ‬الصفحة‭ ‬السوداء‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬جراء‭ ‬الغزو‭ ‬غير‭ ‬المبرر‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬العراق‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت،‭ ‬فالعلاقات‭ ‬الكويتية‭ ‬العراقية‭ ‬تنمو‭ ‬وتتطور‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعي‭ ‬وهي‭ ‬تتسم‭ ‬بالاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬وحسن‭ ‬الجيرة،‭ ‬باعتبار‭ ‬ذلك‭ ‬يمثل‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬وخاصة‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفترق‭ ‬جغرافيا،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬خلافات‭ ‬أو‭ ‬مشاكل،‭ ‬أيا‭ ‬يكن‭ ‬نوعها‭ ‬وحجمها،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬الكويتية‭ ‬العراقية،‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬الغزو‭ ‬على‭ ‬أحسن‭ ‬ما‭ ‬يرام‭ ‬ولم‭ ‬تتسم‭ ‬بالتأزم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"عبدالله الأيوبي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا