العدد : ١٦٨٣٣ - الأربعاء ٢٤ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٥ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٣ - الأربعاء ٢٤ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٥ شوّال ١٤٤٥هـ

هوامش

عبدالله الأيوبي

ayoobi99@gmail.com

المرأة البحرينية الرقم الحاضر بقوة

لا‭ ‬يختلف‭ ‬اثنان‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬العراقيل‭ ‬والعقبات‭ ‬أزيلت‭ ‬من‭ ‬أمام‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سن‭ ‬التشريعات‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬صراحة‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬ورفض‭ ‬الانتقاص‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬مساواتها‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬الرجل،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطور‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬البحريني‭ ‬بشأن‭ ‬مكانة‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية،‭ ‬وهذا‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬جاء‭ ‬نتيجة‭ ‬تراكمات‭ ‬طويلة‭ ‬لعبت‭ ‬فيها‭ ‬المرأة‭ ‬دورا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إصرارها‭ ‬على‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المحافل‭ ‬وتمكنها‭ ‬من‭ ‬اقتحام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬والميادين،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الفترات‭ ‬حكرًا‭ ‬على‭ ‬الرجال،‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بقوة‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سائدا‭ ‬أو‭ ‬بحكم‭ ‬الواقع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬منصفا‭ ‬للمرأة،‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬كلها‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬المؤثرات‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬واقع‭ ‬ووضع‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬عبر‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬والسنين‭ ‬الماضية‭.‬

تكاد‭ ‬لا‭ ‬تذكر‭ ‬تلك‭ ‬القوانين‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬بين‭ ‬المرأة‭ ‬والرجل‭ ‬وتعطي‭ ‬حقوقا‭ ‬للرجل‭ ‬وتحرم‭ ‬المرأة‭ ‬منها،‭ ‬باستثناء‭ ‬قانون‭ ‬الجنسية‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعطي‭ ‬لأبناء‭ ‬البحرينية‭ ‬المتزوجة‭ ‬من‭ ‬أجنبي‭ ‬حق‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬البحرينية،‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬أبناء‭ ‬البحريني‭ ‬المتزوج‭ ‬من‭ ‬أجنبية‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يواجهون‭ ‬أي‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ينظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬تمييز‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحق،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬مناقشات‭ ‬ومطالبات‭ ‬بتعديل‭ ‬القانون،‭ ‬لكن‭ ‬وجود‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الثغرة‭ ‬الحقوقية،‭ ‬لا‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الشوط‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬قطعته‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬إزالة‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭.‬

بعيدا‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬في‭ ‬إزالة‭ ‬العقبات‭ ‬والعراقيل‭ ‬وتذليل‭ ‬الصعاب‭ ‬المجتمعية‭ ‬من‭ ‬أمام‭ ‬مسيرة‭ ‬تقدم‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الوعي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ترجمته‭ ‬إلى‭ ‬فعل‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سن‭ ‬القوانين‭ ‬والتشريعات‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬وهذه‭ ‬مسؤولية‭ ‬السلطتين‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬انضمام‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بإزالة‭ ‬الفوارق‭ ‬الحقوقية‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬اتفاقية‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭ ‬ضد‭ ‬المرأة‭ (‬السيداو‭) ‬التي‭ ‬انضمت‭ ‬إليها‭ ‬المملكة‭ ‬عام‭  ‬2002،‭ ‬هي‭ ‬خطوات‭ ‬تعكس‭ ‬التزام‭ ‬المملكة‭ ‬وجديتها‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬وضع‭ ‬التمييز‭ ‬الذي‭ ‬عانت‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬نساء‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭.‬

منذ‭ ‬انضمام‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬دأبت‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬تقاريرها‭ ‬الوطنية‭ ‬بشأن‭ ‬متابعة‭ ‬تنفيذ‭ ‬ما‭ ‬نصت‭ ‬عليه‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬المهمة‭ ‬والأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬الملاحظات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تسجيلها‭ ‬على‭ ‬مضامين‭ ‬التقارير‭ ‬الوطنية،‭ ‬وكان‭ ‬آخرها‭ ‬التقرير‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬حظي‭ ‬بإشادة‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬المختصة،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬متوقع،‭ ‬فالدلائل‭ ‬والقرائن‭ ‬كلها‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬قطعت‭ ‬شوطا‭ ‬طويلا‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الالتزام‭ ‬بتمكين‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬والعمل،‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يصطدم‭ ‬بواقع‭ ‬اجتماعي‭ ‬خاص،‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬وما‭ ‬وافقت‭ ‬عليه‭ ‬المملكة،‭ ‬والذي‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬برامج‭ ‬تمكين‭ ‬المرأة‭. ‬

لا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬النظامي‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬وانخراط‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬النظامية‭ ‬بما‭ ‬يقارب‭ ‬العشرة‭ ‬عقود،‭ ‬لعب‭ ‬دورا‭ ‬رئيسيا‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع،‭ ‬ومع‭ ‬تطور‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬تهاوت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬التقاليد‭ ‬المجتمعية‭ ‬الموروثة‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬مضمونها‭ ‬تمييزا‭ ‬‮«‬عفويا‮»‬‭ ‬دفعت‭ ‬المرأة‭ ‬ثمنه‭ ‬طوال‭ ‬عقود،‭ ‬ومع‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬التطورية،‭ ‬تحولت‭ ‬التحفظات‭ ‬‮«‬الذكورية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ترفع‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬مشاركة‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬وحضورها‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬مادة‭ ‬أرشيفية‭.‬

وكما‭ ‬كان‭ ‬لفتح‭ ‬الأبواب‭ ‬التعليمية‭ ‬مبكرا‭ ‬أمام‭ ‬المرأة‭ ‬دور‭ ‬مؤثر‭ ‬في‭ ‬الإزالة‭ ‬التدريجية‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬التحفظات‭ ‬المجتمعية،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬يقابله‭ ‬استعداد‭ ‬قوي‭ ‬وإصرار‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المرأة‭ ‬ذاتها‭ ‬واندفاع‭ ‬نحو‭ ‬الحضور‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المحافل‭ ‬والفعاليات‭ ‬الوطنية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ساهم‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬تذويب‭ ‬وإزالة‭ ‬مختلف‭ ‬العراقيل‭ ‬والعقبات‭ ‬من‭ ‬أمامها‭ ‬وأسهم‭ ‬في‭ ‬تمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬وتسهيلها‭ ‬أمام‭ ‬سن‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تنصف‭ ‬المرأة‭ ‬وتعيد‭ ‬إليها‭ ‬حقوق،‭ ‬كانت‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬الرجل،‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬البلدية‭ ‬أو‭ ‬النيابية،‭ ‬وهو‭ ‬الحق‭ ‬الذي‭ ‬نص‭ ‬عليه‭ ‬بموجب‭ ‬دستور‭ ‬المملكة‭ ‬الصادر‭ ‬سنة‭ ‬2002‭.‬

المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬اليوم‭ ‬تشغل‭ ‬مواقع‭ ‬ومراكز‭ ‬متقدمة‭ ‬وأصبحت‭ ‬عنصرا‭ ‬فعالا‭ ‬وحاضرا‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬وفي‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية،‭ ‬الحكومية‭ ‬منها‭ ‬والأهلية،‭ ‬وباتت‭ ‬تحظى‭ ‬بدعم‭ ‬مجتمعي‭ ‬ملموس‭ ‬تجسد‭ ‬في‭ ‬تحقيقها‭ ‬الفوز‭ ‬بمقاعد‭ ‬برلمانية‭ ‬وبلدية‭ ‬عبر‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع،‭ ‬وليس‭ ‬التعيين،‭ ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬تمييز‭ ‬مجتمعي،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬قانوني‭ ‬ليس‭ ‬أمامه‭ ‬سوى‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يزول‭ ‬وينتهي‭.‬

 

إقرأ أيضا لـ"عبدالله الأيوبي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا