العدد : ١٧٤٤٦ - الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ رجب ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٤٦ - الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ رجب ١٤٤٧هـ

المال و الاقتصاد

الاقتصاد العالمي في 2025.. الواقع يتحدى «نبوءات متشائمة»

الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٥ - 02:00

بين‭ ‬ضجيج‭ ‬التوقعات‭ ‬القاتمة‭ ‬وسقف‭ ‬المخاطر‭ ‬المرتفع،‭ ‬دخل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬مثقلاً‭ ‬بسيناريوهات‭ ‬التشاؤم،‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬تجارية‭ ‬وشيكة،‭ ‬وتشديد‭ ‬نقدي‭ ‬خانق،‭ ‬إلى‭ ‬مخاوف‭ ‬ركود‭ ‬عالمي‭ ‬واهتزاز‭ ‬أسواق‭ ‬المال‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬مرور‭ ‬الشهور‭ ‬كشف‭ ‬تدريجياً‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬وأقل‭ ‬سوداوية،‭ ‬إذ‭ ‬بدت‭ ‬الفجوة‭ ‬آخذة‭ ‬في‭ ‬الاتساع‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬حذر‭ ‬منه‭ ‬الاقتصاديون‭ ‬وما‭ ‬تحقق‭ ‬فعلياً‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

وفي‭ ‬لحظة‭ ‬مراجعة‭ ‬نهاية‭ ‬العام،‭ ‬تفرض‭ ‬التطورات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬نفسها‭ ‬بوصفها‭ ‬اختباراً‭ ‬صعباً‭ ‬لدقة‭ ‬النماذج‭ ‬التحليلية‭ ‬التقليدية،‭ ‬وتفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬تساؤلات‭ ‬جوهرية‭ ‬حول‭ ‬أسباب‭ ‬إخفاق‭ ‬التقديرات‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬مسار‭ ‬2025‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬صحيح‭.‬

قبل‭ ‬ختام‭ ‬العام،‭ ‬يعيد‭ ‬تقرير‭ ‬لصحيفة‭ ‬‮«‬فايننشال‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬قراءة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬السنوات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إثارة‭ ‬للجدل،‭ ‬كاشفاً‭ ‬عن‭ ‬فجوة‭ ‬واضحة‭ ‬بين‭ ‬التوقعات‭ ‬السائدة‭ ‬والنتائج‭ ‬الفعلية؛‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الأجواء‭ ‬القاتمة‭ ‬التي‭ ‬هيمنت‭ ‬على‭ ‬الخطاب‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬بدايات‭ ‬العام،‭ ‬بفعل‭ ‬السياسات‭ ‬الحمائية‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‮ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬ومخاوف‭ ‬الفقاعات‭ ‬المالية،‭ ‬والقلق‭ ‬من‭ ‬تباطؤ‭ ‬النمو‭ ‬العالمي،‭ ‬جاءت‭ ‬المحصلة‭ ‬النهائية‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬توقعه‭ ‬معظم‭ ‬الاقتصاديين‭.‬

التشاؤم‭ ‬بلغ‭ ‬ذروته‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬إعلانات‮»‬‭ ‬يوم‭ ‬التحرير‮«‬‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬أبريل،‭ ‬التي‭ ‬بدت‭ ‬وكأنها‭ ‬تؤسس‭ ‬لمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬التجارية‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬التطورات‭ ‬اللاحقة‭ ‬أظهرت‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الانطباعات‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مرآة‭ ‬دقيقة‭ ‬للواقع‭. ‬فالاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬وحركة‭ ‬التجارة،‭ ‬والأسواق‭ ‬المالية،‭ ‬تفوقت‭ ‬جميعها‭ ‬على‭ ‬التقديرات‭ ‬التوافقية،‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬سؤالاً‭ ‬محورياً‭: ‬لماذا‭ ‬أخطأ‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬2025؟

السبب‭ ‬الأول‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬سوء‭ ‬تفسير‭ ‬سياسة‭ ‬ترامب‭ ‬التجارية؛‭ ‬فرغم‭ ‬السرعة‭ ‬التي‭ ‬فُرضت‭ ‬بها‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأولى،‭ ‬تبيّن‭ ‬لاحقاً‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬أدوات‭ ‬تفاوض‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬سياسات‭ ‬دائمة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬اضطرابات‭ ‬أسواق‭ ‬الأسهم‭ ‬والسندات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬دفعت‭ ‬الإدارة‭ ‬إلى‭ ‬تأجيل‭ ‬الرسوم‭ ‬أو‭ ‬تخفيفها‭ ‬عبر‭ ‬استثناءات‭ ‬ومفاوضات‭.‬

ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬تراجع‭ ‬معدل‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬الفعّالة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ما‭ ‬حسّن‭ ‬آفاق‭ ‬النمو‭ ‬العالمي‭ ‬وأعاد‭ ‬بعض‭ ‬الثقة‭ ‬الى‭ ‬الأسواق‭.‬

العامل‭ ‬الثاني‭ ‬كان‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬مرونة‭ ‬الاقتصادات‭ ‬والشركات؛‭ ‬فبرغم‭ ‬أن‭ ‬متوسط‭ ‬الرسوم‭ ‬الأمريكية‭ ‬ظل‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬مستواه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬السابق،‭ ‬أظهرت‭ ‬الشركات‭ ‬قدرة‭ ‬لافتة‭ ‬على‭ ‬التكيّف‭ ‬عبر‭ ‬تنويع‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد،‭ ‬وبناء‭ ‬مخزونات‭ ‬مسبقة،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬أسواق‭ ‬بديلة‭.‬

الصين،‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬فاجأت‭ ‬المراقبين‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬امتصاص‭ ‬الصدمات،‭ ‬مدعومة‭ ‬بقوتها‭ ‬في‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬والابتكار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬لتوقعات‭ ‬نموها‭. ‬كما‭ ‬أسهمت‭ ‬سياسات‭ ‬الدعم‭ ‬والإنفاق‭ ‬والإصلاحات‭ ‬في‮ ‬أوروبا وآسيا في‭ ‬تخفيف‭ ‬أثر‭ ‬الحمائية‭ ‬الأمريكية‭.‬

أما‭ ‬السبب‭ ‬الثالث‭ ‬فتمثل‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬ممتصات‭ ‬صدمات‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تحظَ‭ ‬بالاهتمام‭ ‬الكافي؛‭ ‬ففي‮ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬لعب‭ ‬قطاع‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الاستهلاك‭ ‬والتوظيف،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬هو‭ ‬الركيزة‭ ‬الأساسية‭ ‬للنمو‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الضخمة‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬ومراكز‭ ‬البيانات،‭ ‬والمعدات،‭ ‬عوضت‭ ‬ضعف‭ ‬الإنفاق‭ ‬الرأسمالي‭ ‬التقليدي،‭ ‬ودعمت‭ ‬أسواق‭ ‬الأسهم‭ ‬والتجارة‭ ‬العالمية،‭ ‬حيث‭ ‬شكّلت‭ ‬مكونات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتقدمة‭ ‬جزءاً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬نمو‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭.‬

كما‭ ‬أسهم‭ ‬ضعف‭ ‬الدولار‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬اقتصادات‭ ‬الأسواق‭ ‬الناشئة‭.‬

تقديرات‭ ‬اقتصادية‭ ‬غير‭ ‬موفقة

بدورها،‭ ‬تقول‭ ‬خبيرة‭ ‬أسواق‭ ‬المال،‭ ‬حنان‭ ‬رمسيس،‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬اقتصاد‭ ‬سكاي‭ ‬نيوز‭ ‬عربية‮»‬‭: ‬عام‭ ‬2025‭ ‬شهد‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬التقديرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخاطئة‭ ‬التي‭ ‬وقع‭ ‬فيها‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الاقتصاديين،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬التقدير‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬لتداعيات‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭.‬

التوقع‭ ‬السائد‭ ‬حينها‭ ‬كان‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬هذه‭ ‬الرسوم‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬سلبي‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬على‭ ‬تدفقات‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأجنبي‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬جاء‭ ‬مغايرًا‭ ‬تمامًا،‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬اهتمامًا‭ ‬استثماريًا‭ ‬متزايدًا‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ (..).‬

من‭ ‬بين‭ ‬التقديرات‭ ‬الخاطئة‭ ‬أيضًا‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬قد‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬عالمي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬اتجهت‭ ‬إلى‭ ‬تهدئة‭ ‬المشهد‭ ‬عبر‭ ‬مد‭ ‬جسور‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬والسعي‭ ‬لعقد‭ ‬لقاءات‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬لبحث‭ ‬سبل‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا