العدد : ١٧٤٤٧ - الاثنين ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ رجب ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٤٧ - الاثنين ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ رجب ١٤٤٧هـ

المجتمع

طهاة محليون يبرزون المكونات ويطورون الأطباق الأصيلة
البحرين تتألق وجهة استثنائية لعشاق السياحة الغذائية والمذاق الأصيل

الخميس ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٥ - 02:00

تسجل‭ ‬السياحة‭ ‬الغذائية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬حضورًا‭ ‬متناميًا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬مع‭ ‬ازدياد‭ ‬اهتمام‭ ‬الزوار‭ ‬بتجربة‭ ‬الأطباق‭ ‬المحلية‭ ‬والاستمتاع‭ ‬بالهوية‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الطعام‭. ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬السائح‭ ‬يبحث‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬زيارة‭ ‬المواقع‭ ‬التاريخية‭ ‬أو‭ ‬حضور‭ ‬الفعاليات،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬اهتمامه‭ ‬منصبًا‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬للناس،‭ ‬والطعام‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬بوابات‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬قربًا‭ ‬وبساطة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يتفق‭ ‬مختصون‭ ‬في‭ ‬الطهي‭ ‬والتغذية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المطبخ‭ ‬البحريني‭ ‬يمتلك‭ ‬إمكانات‭ ‬كبيرة‭ ‬ليكون‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬عوامل‭ ‬الجذب‭ ‬السياحي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬ارتباطه‭ ‬العميق‭ ‬بالبيئة‭ ‬والتراث‭ ‬والمنتجات‭ ‬المحلية‭.‬

ويقول‭ ‬الشيف‭ ‬أحمد‭ ‬قاهري،‭ ‬المعروف‭ ‬بلقب‭ ‬‮«‬طباخ‭ ‬بحريني‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬سر‭ ‬تميز‭ ‬المطبخ‭ ‬البحريني‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬اعتماده‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬المنتجات‭ ‬المحلية،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المطبخ‭ ‬البحريني‭ ‬قائم‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬جدًا‭ ‬على‭ ‬المكونات‭ ‬الطازجة‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬البيئة‭ ‬ذاتها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬أطباقه‭ ‬تحتفظ‭ ‬بنكهاتها‭ ‬الأصيلة‮»‬‭. ‬

ويوضح‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأطباق‭ ‬التقليدية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحضر‭ ‬بالطعم‭ ‬نفسه‭ ‬دون‭ ‬استخدام‭ ‬مكونات‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬نفسها،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأسماك‭ ‬والمأكولات‭ ‬البحرية‭ ‬تشكل‭ ‬العمود‭ ‬الأساسي‭ ‬للمطبخ‭ ‬البحريني،‭ ‬مثل‭ ‬الصافي‭ ‬والهامور‭ ‬والزبيدي‭ ‬والشعري،‭ ‬وهي‭ ‬أنواع‭ ‬تمنح‭ ‬الأطباق‭ ‬نكهة‭ ‬يستحيل‭ ‬استبدالها‭ ‬بالمستورد‭.‬

ويضيف‭ ‬قاهري‭ ‬إن‭ ‬منتجات‭ ‬النخيل،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬التمور،‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الحلويات‭ ‬والأكلات‭ ‬الشعبية،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬زراعة‭ ‬النخيل‭ ‬جزء‭ ‬أصيل‭ ‬من‭ ‬الهوية‭ ‬الغذائية‭ ‬للبلاد‭. ‬كما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬البهارات‭ ‬والخلطات‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تحضر‭ ‬غالبًا‭ ‬لدى‭ ‬العطارين‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الشعبية،‭ ‬وتشمل‭ ‬الكرك‭ ‬والزعفران‭ ‬والدارسين‭ ‬ومحسنات‭ ‬الطعم‭ ‬المحلية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الأعشاب‭ ‬والخضروات‭ ‬الطازجة‭ ‬مثل‭ ‬النعناع‭ ‬والكزبرة‭ ‬والبصل‭ ‬الأخضر‭.‬

ويلفت‭ ‬قاهري‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬المكونات‭ ‬المحلية‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يعزز‭ ‬فقط‭ ‬جودة‭ ‬الطبق،‭ ‬بل‭ ‬يرفع‭ ‬ثقة‭ ‬الزائر‭ ‬بما‭ ‬يتذوقه‭ ‬ويخلق‭ ‬ارتباطا‭ ‬مباشرًا‭ ‬بين‭ ‬الطعام‭ ‬والثقافة‭ ‬البحرينية‮»‬‭. ‬ويبين‭ ‬أن‭ ‬المنتجات‭ ‬المحلية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مواد‭ ‬للطهي،‭ ‬بل‭ ‬تمثل‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬هوية‭ ‬كاملة‭ ‬تتجسد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬طبق‭ ‬بحريني‭ ‬أصيل‭.‬

من‭ ‬جانبها،‭ ‬تؤكد‭ ‬الشيف‭ ‬أريج‭ ‬عبدالله،‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬التغذية‭ ‬الصحية،‭ ‬أن‭ ‬المطبخ‭ ‬البحريني‭ ‬أصبح‭ ‬اليوم‭ ‬عنصرًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬التجربة‭ ‬السياحية،‭ ‬وأن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السياح‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬تذوق‭ ‬الأطباق‭ ‬الشعبية‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬المكان‭ ‬وروحه‭. ‬وتقول‭: ‬‮«‬السائح‭ ‬حين‭ ‬يأتي‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬التجربة‭ ‬الأصيلة،‭ ‬وهي‭ ‬تظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬أطباقنا‭ ‬الشعبية‭ ‬وطريقة‭ ‬الضيافة‭ ‬وروح‭ ‬الكرم‭ ‬التي‭ ‬نتميز‭ ‬بها‭. ‬الطعام‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مجرد‭ ‬وجبة،‭ ‬بل‭ ‬صار‭ ‬بوابة‭ ‬لفهم‭ ‬الثقافة‮»‬‭.‬

وتوضح‭ ‬عبدالله‭ ‬أن‭ ‬الزوار‭ ‬يبدون‭ ‬إعجابًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬بالحلوى‭ ‬البحرينية‭ ‬والسمبوسة‭ ‬الحلوة‭ ‬واللقيمات‭ ‬والتكة‭ ‬والمتاي‭ ‬والهريس،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أطباق‭ ‬الإفطار‭ ‬الشهيرة‭ ‬مثل‭ ‬البلاليط‭ ‬مع‭ ‬البيض،‭ ‬والأكلات‭ ‬البحرية‭ ‬الطازجة‭. ‬وتشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التوابل‭ ‬البحرينية‭ ‬تدهش‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السياح‭ ‬بسبب‭ ‬قوتها‭ ‬وتميزها‭ ‬عن‭ ‬المطابخ‭ ‬الأخرى،‭ ‬نتيجة‭ ‬مزجها‭ ‬بين‭ ‬تأثيرات‭ ‬تاريخية‭ ‬من‭ ‬الهند‭ ‬وفارس‭ ‬وشرق‭ ‬إفريقيا،‭ ‬‮«‬لكن‭ ‬بروح‭ ‬بحرينية‭ ‬خالصة‭.‬‮«‬

وترى‭ ‬عبدالله‭ ‬أن‭ ‬تطوير‭ ‬المأكولات‭ ‬التقليدية‭ ‬بأسلوب‭ ‬عصري‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬المفاتيح‭ ‬الأساسية‭ ‬لجذب‭ ‬جمهور‭ ‬أوسع،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬السياح‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬وتقول‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬أؤمن‭ ‬بتقديم‭ ‬النكهة‭ ‬البحرينية‭ ‬بشكل‭ ‬صحي‭ ‬وعصري،‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الأساسية‭. ‬هذا‭ ‬التوازن‭ ‬مهم‭ ‬جدًا‭ ‬لإبراز‭ ‬مطبخنا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬عالمي‮»‬‭.‬

وتكشف‭ ‬أن‭ ‬معمل‭ ‬‮«‬فرمندايت‭ ‬للأطعمة‭ ‬المخمرة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تعمل‭ ‬فيه‭ ‬يعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي،‭ ‬سواء‭ ‬الحليب‭ ‬المستخدم‭ ‬في‭ ‬منتجات‭ ‬الألبان‭ ‬أو‭ ‬الخضروات‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬المزارع‭ ‬البحرينية،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬الارتباط‭ ‬بالمزارع‭ ‬المحلية‭ ‬جزء‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬فلسفة‭ ‬العمل‭. ‬كما‭ ‬توضح‭ ‬أنهم‭ ‬يقدمون‭ ‬منتجات‭ ‬موسمية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتوفر‭ ‬الخضروات‭ ‬المحلية،‭ ‬ويتعاونون‭ ‬مع‭ ‬متاجر‭ ‬صحية‭ ‬محلية‭ ‬لعرض‭ ‬منتجاتهم‭ ‬للزبائن‭.‬

وتتحدث‭ ‬عبدالله‭ ‬عن‭ ‬أبرز‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬إبراز‭ ‬المطبخ‭ ‬البحريني‭ ‬عالميًا،‭ ‬ومنها‭ ‬نقص‭ ‬التوثيق،‭ ‬وقلة‭ ‬المنصات‭ ‬التي‭ ‬تبرز‭ ‬الطهاة‭ ‬البحرينيين،‭ ‬وسيطرة‭ ‬المطابخ‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬المحلي،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الترويج‭ ‬للمطبخ‭ ‬الوطني‭ ‬يحتاج‭ ‬جهدًا‭ ‬إضافيًا‭. ‬لكنها‭ ‬تؤكد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العزيمة‭ ‬والإبداع‭ ‬لدى‭ ‬الطهاة‭ ‬البحرينيين‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إيصال‭ ‬مطبخنا‭ ‬إلى‭ ‬العالم‮»‬‭.‬

وتشاطر‭ ‬أريج‭ ‬عبدالله‭ ‬الشيف‭ ‬أحمد‭ ‬قاهري‭ ‬الرأي‭ ‬ذاته‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬السياحة‭ ‬الغذائية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬واعد‭ ‬جدًا،‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالأطباق‭ ‬الأصيلة،‭ ‬ودعم‭ ‬الفعاليات‭ ‬التراثية‭ ‬والمطاعم‭ ‬المحلية،‭ ‬ودمج‭ ‬الابتكار‭ ‬والخيارات‭ ‬الصحية‭ ‬والعصرية‭. ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العوامل،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬ماضية‭ ‬نحو‭ ‬ترسيخ‭ ‬مكانتها‭ ‬وجهة‭ ‬مميزة‭ ‬لعشاق‭ ‬الطعام‭ ‬حول‭ ‬العالم‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا