الدعوة إلى إنشاء منصة إلكترونية عربية مشتركة تكون متاحة للباحثين وصناع القرار
تغطية: أحمد عبدالحميد وياسمين العقيدات
تصوير: رضا جميل
اختُتمت أمس أعمال المنتدى السنوي السابع لمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»، المنعقد تحت عنوان: «مَجْمَع مراكز البحوث العربية للاستدامة والتنمية»، الذي أُقيم بالشراكة مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بمشاركة واسعة من ممثلي الدول العربية، ورؤساء مراكز الفكر، والدبلوماسيين، والخبراء والباحثين من مختلف أرجاء الوطن العربي.
وجاء اختتام المنتدى تتويجًا لجلسات حوارية ونقاشات معمّقة، تناولت الدور المتنامي لمراكز البحوث العربية في دعم مسارات التنمية المستدامة، وتعزيز التكامل المعرفي العربي، وتوظيف أدوات المستقبل، كالبيانات الكبرى، والذكاء الاصطناعي، والاستشراف الاستراتيجي، في تحليل السياسات وصناعة القرار، وذلك في سياق متسق مع مخرجات القمم العربية الأخيرة، ولا سيما في قمتي جدة 2023 والبحرين 2024، والتوصية الصادرة عنها بخصوص «إنشاء حاوية فكرية للبحوث والدراسات في الاستدامة والتنمية الاقتصادية».
وأكد المشاركون في المنتدى أن انعقاده يجسد التزام مملكة البحرين، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وبدعم ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بدعم العمل العربي المشترك وتعزيز دور الفكر والبحث العلمي كركيزة أساسية للتنمية المستدامة وصياغة السياسات المستقبلية.
وفي ختام أعماله أصدر المنتدى بيانًا ختاميًا أكد فيه أن هذا اللقاء العلمي والفكري يشكل خطوة تأسيسية نحو بناء منظومة عربية بحثية متكاملة، قادرة على تحويل المعرفة إلى سياسات، وربط مخرجات البحث العلمي باحتياجات التنمية الوطنية والعربية، وتعزيز حضور مراكز الفكر العربية في المشهدين الإقليمي والدولي.
وقد توافق المشاركون على جملة المخرجات والتوصيات الآتية:
أولًا: تأكيد بناء القدرات المؤسسية والبشرية في مراكز الفكر العربية، وخصوصاً في مجالات تحليل البيانات، ونمذجة السياسات، والاستشراف الاستراتيجي، بما يعزز كفاءتها وفاعليتها وتأثيرها.
ثانيًا: الدعوة إلى توسيع الشراكات البحثية على المستويات العربية والوطنية والإقليمية والدولية، بما يشمل التعاون مع المؤسسات الحكومية والخاصة، ومراكز الفكر الدولية، على أساس التكامل المعرفي، ونقل صورة دقيقة ومتوازنة عن أولويات التنمية العربية، وخدمة المصلحة الوطنية والعربية المشتركة.
ثالثًا: التشجيع على الإنتاج البحثي العربي المشترك الذي يعكس الخصوصيات والسياقات المحلية، ويقدم نماذج وسياسات قابلة للتطبيق، تتلاءم مع البنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الدول العربية.
رابعًا: الإشادة بإطلاق «رابطة مراكز الفكر والأبحاث العربية» التي تم تدشينها بالتعاون بين مركز الخليج للأبحاث ومكتبة الإسكندرية، بوصفها إطاراً عربياً يعزّز العمل البحثي المشترك.
خامسًا: دعوة مراكز الفكر إلى الانضمام إلى «رابطة مراكز الفكر والأبحاث العربية»، نظراً إلى دورها الاستراتيجي في تعزيز التعاون الإقليمي كمبادرةٍ فكرية مفتوحة تتطور مرحلياً، وتعمل عبر آليات تعاونٍ مؤسسية منتظمة، بما يضمن استدامة الحوار وتبادل الخبرات البحثية.
سادسًا: الدعوة إلى إنشاء منصة إلكترونية عربية مشتركة تضم قاعدة بيانات تفاعلية لمراكز البحوث، وأرشيفًا رقميًا للدراسات والسياسات المتعلقة بالتنمية المستدامة، تكون متاحة للباحثين وصنّاع القرار.
سابعًا: تأكيد الحاجة إلى بلورة رؤى بحثية عربية موحّدة بشأن متطلبات التنمية والاستدامة، تنطلق من الخصوصية العربية وتستجيب لتحولات العصر، انسجامًا مع دعوات القمم العربية المتعاقبة لتعزيز العمل الفكري العربي المشترك وصياغة خطاب تنموي جامع.
وفي ختام البيان ثمّن المشاركون عاليًا الشراكة المؤسسية بين مركز «دراسات» والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، معربين عن شكرهم وتقديرهم لمملكة البحرين على استضافتها الكريمة هذا المنتدى، وما وفرته من دعم وتنظيم أسهما في إنجاح أعماله، مؤكدين أن المنتدى يشكل خطوة متقدمة نحو ترسيخ منظومة عربية فكرية وبحثية داعمة للتنمية المستدامة وصنع السياسات المستقبلية.
الرئيس التنفيذي لمركز «دراسات»:
عالمنا العربي به طاقات فكرية ومؤسسات بحثية واعدة
أكد عبدالله محمد الأحمد الرئيس التنفيذي لمركز «دراسات» أن منتدى «دراسات» ليس لقاء فكريا فحسب بل يؤسس لإطار معرفي يهدف إلى بلورة حاضنة فكرية تنطلق من مملكة البحرين، وتبنى بالحوار وتدار بخبرات قادة الفكر الرائدة في عالمنا العربي.
جاء ذلك في كلمته الافتتاحية لأعمال المنتدى السنوي السابع لمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات» تحت عنوان «مَجْمَع مراكز البحوث العربية للاستدامة والتنمية» الذي يُعقد بالشراكة مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية،
وأضاف أنه لتحقيق هذا الهدف تمحورت جلسات المنتدى في ثلاث جلسات رئيسية تعالج محاور جوهرية تتصل بمستقبل التنمية في منطقتنا، بدءا من سبل تحويل المعرفة إلى منافع واقعية تنتج حلولا محلية قابلة للتوسع والتكيف، وصولا إلى تدعيم السياسات العامة بأدوات المستقبل، من تحليل البيانات والتخطيط الاستراتيجي والنماذج الرقمية الذكية.
وأشار إلى أن عالمنا العربي به طاقات فكرية ومؤسسات بحثية واعدة، لديها الرغبة والقدرة على الإسهام الفاعل في صياغة المستقبل التنموي المستدام، ونعتز بهذا الزخم المعرفي والتعاون المعرفي، عبر بناء شبكات معرفية عربية مشتركة تعتمد مؤشرات منسقة، وتراعي خصوصيات الدول، وتعزز الثقة في مصادر المعلومات.
وأعرب عن تطلعه الى أن يكون المنتدى نقطة انطلاق نحو مسار عمل بعيد المدى، تتلاقى فيه الإيرادات وتتقاطع فيه الخبرات، وتبنت عنه المبادرات، بما يسهم في بناء حاضنة فكرية عربية راسخة تغذي السياسات العامة وتدعم أهداف الاستدامة والتنمية بمعناها الشامل.
السفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة العربية:
مراكز الفكر العربية هي عقول الأمة النابضة
قال السفير حسام زكي الأمين العام المساعد رئيس مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية إننا بحاجة إلى قراءة دقيقة للمشهد العربي والدولي بناء على البحث العلمي والتحليل الرصين، تسهم في رسم خرائط طريق مدروسة تتكامل فيها الأدوار بين الحكومات والمؤسسات الاجتماعية ومراكز الفكر، مؤكدا أن مراكز الفكر العربية ليست مجرد صروح أكاديمية بل هي عقول الأمة النابضة التي تستشرف المستقبل وتحلل الحاضر وتقدم الحلول للتحديات الراهنة والمستقبلية، كما شدد على أهمية بناء منصة تشاركية توحد جهود المراكز الفكرية العربية، لبلورة رؤية عربية تكاملية وواعية لمستقبل منطقتنا في مجال الاستدامة، منوها بحرص قيادة وحكومة وشعبا البحرين على ما توليه من دعم لمسيرة جامعة الدول العربية ولتعزيز العمل العربي المشترك.
وأضاف في كلمته بمنتدى «دراسات» أن التعاون والشراكة فيما بين الجامعة العربية ومركز «دراسات» يعد نموذجا واضحا للنهج الذي تنتهجه الجامعة العربية لتنمية الشراكات مع كل الفاعلين في المنطقة العربية، إيمانا بأن بناء الجسور بين الفكر وصناعة القرار هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات واقتناص الفرص المتاحة.
وأشار إلى أن تسارع وتيرة التحولات الإقليمية والدولية تفرض علينا تحديات كبيرة تتطلب تحليلا دقيقا واستشرافا عميقا وفي الوقت نفسه تتيح هذه التحولات آفاقا جديدة واعدة تقتضي اغتنامها بالوعي والحكمة.
وشدد السفير حسام زكي على دور المراكز الفكرية في خدمة صناع القرار من خلال تقديم الرؤى المستنيرة والتحليلات المعمقة التي تساعد على اتخاذ القرارات الصائبة في الحاضر والمستقبل، مشيرا إلى أنه بات من الملح إدماج مراكز الفكر في منظومة العمل العربي المشترك، باعتبارها أذرعا استراتيجية لصانع القرار قادرة على التحليل والاستشراف والتنبؤ.
وتطرق الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية إلى أن الأمانة العامة للجامعة قامت بالتواصل مع مراكز الفكر العربية بتنظيم فعالية تحت عنوان «الملتقى السنوي»، وقد تم تنظيم نسختين من هذا الملتقى، مشيرا إلى أن هذه الملتقيات فرصة للاستماع إلى الأطروحات الجادة من الباحثين البارزين.
وشدد على أن جامعة الدول العربية ترحب بكافة المبادرات التي تعزز من ترابط الفكر والسياسة والتنمية وتدعم جهود التكامل العربي في مواجهة التحديات وبناء مستقبل أكثر اشراقا واستدامة لشعوب المنطقة.
رئيس مركز الخليج للأبحاث:
مراكز البحوث تبني سيناريوهات للتعامل مع التحديات
أكد د. عبدالعزيز بن صقر الرئيس والمؤسس لمركز الخليج للأبحاث أن أكبر تحديات التنمية في المنطقة العربية تزداد تعقيدا في العصر الحديث، ما يتطلب الحوكمة والتخطيط، وتفعيل دور الوساطة المعرفية بين مراكز الفكر وصناع القرار، وإنشاء أنظمة انذار مبكر، مشددا على أهمية الحوكمة القائمة على الواقع المحلي، مع تبني أدوات الذكاء الاصطناعي لاستشراف المستقبل.
ونوه في كلمته خلال جلسات منتدى دراسات إلى أهمية السعي لبناء شبكة إقليمية لمراكز الدراسات الاستراتيجية، داعيا مراكز الفكر العربية إلى الاستفادة من قوة التكنولوجيا لتحليل البيانات الوطنية.
وشدد على أن تحول مراكز الفكر إلى مهندسي سياسات لم يعد أمرا اختياريا، ويجب أن تلتزم مراكز الفكر ببناء جيل جديد من بناة ومحللي السياسات.
وقال الرئيس والمؤسس لمركز الخليج للأبحاث: علينا الانتقال من الأفكار إلى التأثير، وتحويل الأفكار إلى برامج عملية تنفيذية أمام صانع القرار.
كما أكد الدكتور عبدالعزيز بن عثمان بن صقر الرئيس والمؤسس لمركز الخليج للأبحاث ان مراكز البحوث لها دور مهم جدا، موضحا ان مهمتها الأساسية تتمثل في تفسير الواقع وفهم ما الذي حدث وتداعياته، إلى جانب استشراف المستقبل، حيث تقوم هذه المراكز ببناء سيناريوهات مختلفة اعتمادا على الوقائع الموجودة، وفي المقابل تستطيع ايضا طرح سيناريوهات مستقبلية تقدم رؤى مهمة في هذا الجانب.
وأشار إلى ان دول مجلس التعاون الخليجي لديها قرارات خاصة بكل دولة ضمن سيادتها وقراراتها وإجراءاتها الداخلية، مبينا في الوقت نفسه ان هناك قرارات خليجية مشتركة تصدر من خلال الامانة العامة لمجلس التعاون، لافتا إلى ان هذه القرارات تكتسب أهمية كبيرة كونها تطرح القضايا المشتركة بين دول المجلس، ويتم مناقشتها بين المؤسسات الحكومية المختلفة، كما يتم في بعض الأحيان الاستعانة بالمراكز البحثية والفكرية لأخذ مرئياتها وفقا لطبيعة المواضيع المطروحة.
وتطرق إلى أهمية رابطة مراكز الفكر والابحاث العربية، التي جاءت بالتعاون بين مركز الدراسات الاستراتيجية بقطاع البحث الأكاديمي في مكتبة الإسكندرية ومركز الخليج للأبحاث في المملكة العربية السعودية، موضحا ان أهمية هذه الرابطة تكمن في كونها تجمع هذه المراكز تحت مظلة واحدة، بما يتيح التعاون فيما بينها في مجالات متعددة، من بينها النشر، ووضع الخارطة البحثية، وتبادل الباحثين والدارسين من فئة الشباب، إضافة إلى تنظيم المؤتمر السنوي الذي يناقش قضاياهم ويسهم في تشجيع البحث العلمي.
وأوضح ان رابطة مراكز الفكر والأبحاث العربية سيكون لها ارتباط بالقضايا البحثية مع مراكز أو روابط بحثية في دول مختلفة، وذلك بحسب أهمية هذه الدول وبحسب طبيعة المواضيع التي يتناولها البحث العلمي.
وشدد بن صقر على انه من دون الفكر لا يمكن ان تعالج القضايا أو يتم التعامل معها، مؤكدا اهمية ان يكون لمراكز البحوث دور كبير فيما يتعلق بما يحدث من تطورات، وفي التعامل مع التحديات البيئية والاقتصادية والأمنية وغيرها من التحديات المختلفة.
السفير نوار المطوع: الاستثمار في مراكز الفكر ليس خيارا ثانويا
أكد السفير نوار عبدالله المطوع القائم بأعمال رئيس قطاع شؤون مجلس التعاون بوزارة الخارجية أن مركز دراسات بات اليوم أحد بيوت الخبرة العربية الرائدة، لما يتمتع به من رصانة بحثية، ومصداقية مهنية، وقدرة على تحويل التجربة الوطنية إلى معرفة تخدم السياق العربي والدولي. جاء ذلك في مداخلته في جلسة «الحلول المحلية في خدمة الأجندة العالمية» خلال أعمال منتدى «دراسات» السابع.
وأشار إلى الدور الحيوي الذي تلعبه مراكز الفكر في مملكة البحرين في رصد الابتكارات المجتمعية وتحليلها، وتحويلها إلى نماذج قابلة للتوسع، موضحا أن العديد من الدول تنفذ سياسات ومبادرات تنموية ناجحة، لكن القليل منها فقط ينجح في تحويل هذه التجارب إلى معرفة موثقة يمكن الاستفادة منها خارج سياقها المحلي.
ولفت إلى الدور المحوري لمراكز الفكر، التي لا تكتفي بوصف التجربة، بل تقوم بتحليلها علميًا، وقياس أثرها، وربطها بالأطر العالمية للتنمية المستدامة، معتبرا أن التوثيق البحثي المنهجي هو الخطوة الأولى التي تجعل من الحل المحلي عنصرًا فاعلًا في الأجندة العالمية.
وشدد السفير المطوع على أن مملكة البحرين قدمت تجربة تنموية لافتة، ليس فقط من حيث السياسات والمبادرات، بل من حيث الوعي المبكر بأهمية التوثيق البحثي وتحويل التجربة الوطنية إلى معرفة قابلة للتشارك عربيًا ودوليًا.
واستعرض إسهامات مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»، والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، ومعهد البحرين للتنمية السياسية، في تعزيز التنمية المستدامة، ورفع مستوى المشاركة المجتمعية، وتطوير الحوار بين الجهات المحلية والدولية في المجالات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية.
واستذكر إسهام (مركز دراسات) في توثيق التجربة الاقتصادية لمملكة البحرين ضمن تقرير التنمية البشرية لعام 2018، حيث لم تُعرض التجربة من زاوية النمو الاقتصادي فقط، بل من منظور شامل يربط بين السياسات الاقتصادية والتنمية البشرية، والاستثمار في رأس المال البشري.
وأكد أن المركز اضطلع بدور أساسي في تحليل التجربة ضمن سياقها الوطني، وربطها بمؤشرات التنمية البشرية العالمية، وتقديمها كنموذج قابل للفهم والمقارنة دوليًا، وبذلك تحولت التجربة الاقتصادية البحرينية من حالة وطنية إلى مدخل معرفي يخدم الأجندة العالمية للتنمية المستدامة. كما تميز المركز بمشاركته في عدد من المشروعات البحثية مع منظمات الأمم المتحدة، من أبرزها تقرير حالة المدن العربية، الذي يُعد أول تقرير إقليمي يصدر من مملكة البحرين، ويُشكل مرجعًا مهمًا للمتخصصين في التخطيط العمراني في المنطقة العربية، إلى جانب دراساته حول التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا.
أما على صعيد السياسة الخارجية فقد أسهم المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، من خلال مكتبه الإقليمي في مملكة البحرين، في توثيق وتحليل التجربة الدبلوماسية البحرينية، ولا سيما في مجالات العمل الدبلوماسي متعدد الأطراف، وبناء الجسور، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
وشدد على أن منتدى (حوار المنامة) يعد نموذجًا بارزًا لذلك؛ إذ أصبح منصة دولية سنوية تجمع قادة سياسيين ودبلوماسيين من مختلف دول العالم لمناقشة القضايا الإقليمية والدولية، ما عزز مكانة مملكة البحرين كمركز إقليمي للحوار الدبلوماسي، وحوّل التجربة المحلية إلى تأثير دولي ملموس.
وعلى المستوى السياسي الداخلي يبرز دور معهد البحرين للتنمية السياسية كمؤسسة وطنية تُعنى بتعزيز الوعي السياسي والمشاركة المجتمعية، حيث اضطلع المعهد بدور مهم في رصد التطورات التشريعية والمؤسسية، وتحليل مسارات المشاركة السياسية، وبناء وعي عام قائم على المعرفة لا الانطباع، كما عمل على مواءمة مسار الإصلاحات السياسية مع المعايير الدولية، مع الحفاظ على الخصوصية الوطنية، من خلال برامج تدريبية وورش عمل وحوارات استهدفت تمكين المواطنين، وبخاصة الشباب، من فهم النظام السياسي وتعزيز مشاركتهم الواعية.
وشدد السفير المطوع على أن إدراك مملكة البحرين أن التنمية لا تُقاس فقط بالنتائج، بل بقدرتها على التعلّم من ذاتها وتوثيق مساراتها، وتؤكد تجربة مملكة البحرين أن الاستثمار في مراكز الفكر ليس خيارًا ثانويًا، بل ركيزة أساسية لتعظيم أثر التجارب الوطنية وتقديمها كنماذج يُحتذى بها.
وأشار إلى أن الحلول المحلية تخدم الأجندة العالمية عندما تُوثّق وتُحلّل، وتُحوّل إلى نماذج معرفية قابلة للتوسع، مشيرا إلى أن تعظيم أثر التجارب الوطنية لا يتحقق إلا حين تتحول المعرفة إلى ممارسة، والتوثيق إلى سياسة، ومراكز الفكر إلى شركاء فاعلين في صناعة المستقبل.
رئيس مركز تريندز:
تقديم بدائل قابلة للتنفيذ
أكد د. محمد عبدالله العلي المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات أهمية تطور دور مراكز البحوث لاستشراف المستقبل في قضايا التنمية، لأنها أصبحت تشارك في صناعة المستقبل، من خلال تقديم بدائل قابلة للتنفيذ بعيدا عن التوصيات، لافتا إلى أن صناع القرار يحتاجون إلى رسائل مختصرة.
وأضاف أن الواقع التنموي المعاصر أصبح شديد التعقيد والتنافسية، ولا بد من التركيز على حلول شاملة للتحديات، وفهم البيئة المحلية والإقليمية والدولية، ومواكبة التطورات العالمية، والاستفادة من ثورة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، تلك المجالات التي ستقود المستقبل، ويجب ألا نكون مستهلكين بل منتجين للتكنولوجيا.
المدير العام للمعهد التونسي للدراسات:
الشباب قوة استراتيجية
شدد سامي بن جنات المدير العام للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية على أهمية تحول مراكز البحوث من منتج للمعرفة إلى فاعل في التنمية المستدامة، مستعرضا التجربة التونسية من خلال المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، عبر التركيز على التعليم والصحة.
وقال إن البيئة العالمية اصحبت أكثر تعقيدا وتشابكا، وفي ظل هذه التحديات، أًصبح صانع القرار يحتاج إلى معرفة قابلة للتطبيق.
وعن تمكين الشباب في العمل البحثي شدد بن جنات على أنه يجب اعتبار الشباب قوة استراتيجية والدراسات الاستشرافية هي التي سوف تخدم هذه الفئة، وحتى يكون اشراكهم فعليا من خلال الاستثمار في المعرفة والتعليم، ولا بد من تمكينهم تكنولوجيا ورقميا.
مدير المعهد الدبلوماسي السوري:
سوريا الجديدة تدرس تجارب الدول الشقيقة والصديقة في التنمية
قال المهندس ياسر فداء الجندي مدير المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية السورية إن هناك تكاتفا للسوريين في الداخل والخارج على بناء بلادهم، ونتطلع إلى مساعدة الأشقاء.
واستعرض احتياجات التنمية المستدامة في سوريا، من خلال معطيات المشهد السوري، لافتا إلى أن هناك توجها لتبني الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، ودعم مراكز الفكر، مشددا على أن سوريا الجديدة تقوم بدراسة تجارب الدول الشقيقة والصديقة لإعداد النموذج السوري للتنمية.
السفيرة ندى العجيزي:
التعاون والتكامل العربي فرصة كبيرة لمواجهة تحديات التنمية المستدامة
أكدت السفيرة الدكتورة ندى العجيزي، الوزيرة المفوضة مديرة ادارة التنمية المستدامة والتعاون الدولي في جامعة الدول العربية، ان الدول العربية بدأت بوضع رؤيتها الوطنية الخاصة بالتنمية المستدامة، موضحة ان هذه الرؤى تستند في مجملها إلى خطة 2030، مع الحرص في الوقت ذاته على مراعاة الخطط الوطنية والخصوصية الخاصة بكل دولة في إطار جامعة الدول العربية.
وأوضحت العجيزي ان جامعة الدول العربية تضم لجنة رفيعة المستوى لمتابعة تنفيذ اهداف التنمية المستدامة، تجمع ممثلي الدول وصانعي القرار المعنيين بالتنمية المستدامة، بهدف التنسيق والتوفيق بين الخطط الوطنية المختلفة ضمن إطار خطة عربية شاملة أو رؤية عربية شاملة للتنمية المستدامة.
وأشارت إلى انه على الرغم من التفاوت بين الدول العربية، سواء من حيث الاقتصادات الغنية أو المتوسطة، أو الدول التي تعاني من نزاعات، وهي اشكالية تواجه عددا من الدول العربية، فإن هذا التفاوت يفرض اهمية أكبر لدور اللجنة، التي تعمل على الاستماع إلى تجارب الدول المختلفة، وتحديد الاولويات والتحديات، وبحث الجهود المشتركة التي يمكن العمل عليها، وتعزيز التعاون العربي في مجالات محددة يمكن ان تفيد عددا من الدول.
وبينت العجيزي أن اللجنة تسعى كذلك إلى بناء قدرات الدول العربية بشكل اساسي في عدد من الموضوعات التي تشهد تحديات، مشيرة إلى أن إطار عمل اللجنة يضم جميع اصحاب المصلحة، ولا يقتصر على الحكومات فقط، بل يشمل ايضا ممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني والشباب، بما يتيح الاستماع إلى مختلف وجهات النظر، وتحديد الخطوط المشتركة والبناء عليها، ودراسة التحديات التي تواجه المنطقة العربية والعمل على ايجاد حلول مشتركة لها.
وأكدت أن المنطقة العربية غنية برأس المال البشري ومواردها الطبيعية، كما ان بعض الدول تمتلك امكانيات اقتصادية كبيرة، مشددة على ان التعاون والتكامل العربي يعدان امرا مهما جدا في هذه المرحلة، ويمثلان فرصة حقيقية لتعزيز العمل المشترك.
وأضافت أن وجود إطار جامع مثل جامعة الدول العربية، التي تضم جميع الدول العربية بمؤسساتها المختلفة وآلياتها ومجالسها الوزارية والمنظمات العربية المتخصصة، إلى جانب الاجتماعات الدورية، يشكل فرصة مهمة لتعزيز الوجود العربي، وفهم التحديات المشتركة، وبحث سبل مساعدة الدول لبعضها بعضا في مواجهتها، مؤكدة ان فكرة التعاون والتكامل العربي تمثل فرصة كبيرة للمنطقة العربية في ظل التنوع في الموارد البشرية والطبيعية.
رئيس المركز الفلسطيني للبحوث:
علينا أن نبقي ذاكرة المواطن حية..والمنطقة العربية لم ترتح منذ عام 2011
استعرض د. محمد المصري رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية التحديات التي تواجه الإنسان الفلسطيني، لافتا إلى أن التحدي الذي يواجه الشعب الفلسطيني هو كيفية حماية حياته.
وأشار إلى أن المنطقة العربية لم ترتح منذ عام 2011، ومرت على مدى 15 عاما بما يعرف بأحداث الربيع العربي مرورا بجائحة كورونا وحرب أوكرانيا وروسيا وحرب غزة، مشددا على أن المنطقة تمر بمرحلة فاصلة تحدد مستقبل الأجيال القادمة.
ودعا المراكز البحثية إلى القيام بدورها في حماية الأمن القومي العربي، من خلال أن تبقى ذاكرة المواطن حية، محذرا من الاحتلال يحاول مسح الذاكرة في فلسطين.
ودعا إلى التنسيق بين المراكز الفكرية العربية لصناعة مستقبل لأبنائنا وحماية ذاكرتنا الوطنية، كما دعا إلى إقامة مؤتمر للمراكز الفكرية حول الاستراتيجية العربية في دعم القضية الفلسطينية.
مدير مركز الدراسات بالجامعة الأردنية:
إنتاج معرفة عابرة للأجيال
قال الدكتور حسن المومني مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية إن التحديات الحالية تختلف في ظل التحولات التي يشهدها العالم، والنزعات التغييرية التي تمر به، في ظل إشكالية عدم الوضوح، موضحا أن مراكز الفكر عليها انتاج المعرفة القائمة على احتياجات الإنسان.
وشدد على أن استدامة الدور والأثر يتم عبر التركيز على الشباب، بما يمكننا من انتاج معرفة عابرة للأجيال، في ظل وجود منطقة عربية فتية، لذا يجب أن يكون هناك حالة إدماجية للشباب لخلق ثقافة بحثية لدى هذه الفئة للتعامل مع الحاضر والمستقبل وخاصة أنهم الأكثر قدرة في التعامل مع التكنولوجيا المتطورة.
وأشار إلى أن مراكز الفكر هي جزء من القوة الناعمة للدول في مسألة منع النزاعات، بما يعزز الدبلوماسية العامة، ويجب أن ننتقل من مربع العلاج إلى السياق الاستباقي الوقائي، ونحن في منطقة الشرق الأوسط أحوج ما نكون للجانب الاستباقي الوقائي، والاستدامة يجب أن تكون مبنية على روح المبادرة.
د. فتوح عبدالعزيز:
يجب ألا نكتفي بنقل التقنية بل يجب أن ننتجها
أكدت د. فتوح عبدالعزيز القائم بأعمال المدير التنفيذي لمركز أبحاث الطاقة والبناء بمعهد الكويت للأبحاث العلمية أهمية الحلول المحلية لتنفيذ الأجندة العالمية للتنمية المستدامة، والمجتمعات المحلية شريك أساسي في صياغة الخطط التنموية، وهناك يبرز دور مراكز الفكر والبحوث.
وشددت على أنه يجب ألا نكتفي بنقل التقنية بل يجب أن ننتجها. واستعرضت عددا من المشاريع الكويتية التي قامت على الدراسات والمبادرات البحثية إلى مشاريع وطنية.
ودعت إلى تعزيز الشراكات البحثية العربية لإنتاج سياسات مشتركة في مجالات الطاقة والغذاء والاستدامة، مع إنشاء آلية تمويل عربية لمراكز البحوث الفكر العربية.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك