الرباط - (د ب أ): منذ أكثر من أربعة عقود، ظل اسم منتخب تنزانيا لكرة القدم يتردد في القارة السمراء بوصفه أحد المنتخبات التي تمتلك شغفا لا ينطفئ رغم الندرة الواضحة في الإنجازات الكبرى، فريق اعتاد أن يلعب في الظل، لكن ظله كان ممتدا في قلوب جماهيره التي بقيت تنتظر لحظة الانفجار، لحظة تستعيد فيها البلاد مكانتها في المشهد الكروي الإفريقي، ولا يبدو أن هذا الانتظار كان عبثيا، فقد جاءت السنوات الأخيرة لتعيد تشكيل صورة هذا المنتخب من جديد، وتفتح أبواب الأمل أمام جيل مختلف يرى في كرة القدم وسيلة لكسر الجمود التاريخي.
يسعى منتخب تنزانيا لكرة القدم، المعروف باسم «تيفا ستارز»، دائما لتحقيق حضور مميز في البطولات الإفريقية رغم تاريخ طويل من النتائج المخيبة، وكان التأهل لنسخة كأس أمم أفريقيا 2023 التي أقيمت في كوت ديفوار في يناير 2024 مثالا جديدا على إصرار الفريق، فقد وقع الفريق في المجموعة السادسة ضمن التصفيات التي ضمت الجزائر وأوغندا والنيجر، وواجه خلالها تحديا كبيرا نظرا لقوة المنافسين، لكنه استطاع أن يحصد المركز الثاني ويضمن تأهله للمرة الثالثة في تاريخه إلى البطولة القارية.
يعتمد المنتخب التنزاني حاليا على عناصر أساسية مثل اللاعب الدولي المخضرم مبوانا ساماتا، الذي يقود الهجوم بخبرة كبيرة منذ انطلاق مسيرته الدولية، ونوفاتوس ميروشي مدافع جوزتيبي التركي، وهو ما يمنح الفريق توازنا بين الخبرة الدفاعية والهجومية. ويقود الفريق المدرب حميد سليمان، وقد نجح في تطوير الانضباط الدفاعي للمنتخب ومنحه شخصية أكثر صلابة على مستوى الأداء الجماعي.
تاريخيا، يعكس مشوار تنزانيا في البطولات الكبرى تحديا مستمرا، إذ لم يحقق الفريق أي فوز في ثلاث مشاركات سابقة في كأس أمم أفريقيا لكن الروح القتالية والانضباط الدفاعي كانت دائما سماته المميزة، وهو ما ظهر جليا في نسخة .2023 ومع الدعم الجماهيري الكبير والاعتماد على لاعبين متميزين محليا وخارجيا، يبقى حلم تحقيق إنجاز تاريخي واقعيا على المدى القريب، مع ضرورة تطوير الهجوم وتحسين القدرات البدنية للحفاظ على توازن الفريق خلال المباريات الحاسمة.
وفي 19 نوفمبر عام 2024، كتب المنتخب التنزاني صفحة جديدة في تاريخه حين تغلب على غينيا بهدف حمل توقيع سيمون موسوفا، ليضمن تأهله إلى نهائيات كأس الأمم في المغرب .2025
وهكذا، ومع اقتراب موعد البطولة الإفريقية المقبلة، تبدو تنزانيا وكأنها تقف على حافة منعطف كبير، فإما أن تستثمر هذا الجيل وتكتب أول سطر حقيقي في عصر جديد، أو تعود من جديد إلى دائرة الانتظار الطويل، لكن الجمهور، الذي عاش عقودا من الصبر، يعلم جيدا أن هذا المنتخب لم يعد يبحث عن مجرد الظهور المشرف، بل يرغب في يترك بصمة، حتى لو احتاج الأمر إلى مزيد من الوقت، لأن الطريق نحو القمة يبدأ دائما بخطوة واحدة، والخطوة قد تكون هدفا واحدا. مثل الهدف الذي سجله موسوفا وأعاد تنزانيا إلى خريطة القارة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك