مشاريع تنموية كبرى تشكل ملامح مرحلة جديدة للتكامل السياحي والاقتصادي بين البلدين
نمهد للانتقال إلى مراحل التنفيذ عند اكتمال متطلبات التمويل والدراسات الأساسية للجسر البري
نمو التبادل التجاري عبر تطوير قطاعات اقتصادية مختلفة ولا سيما الصناعات ذات الإمكانات الكبرى
نحترم جهود المملكة في رعاية الحوار الخليجي وتعزيز التشاور بين القادة ومخرجات قمة البحرين تؤكد دورها المحوري
الأمن الإقليمي أصبح ضرورة تتوافق حولها دول لحماية الدول من التهديدات الإقليمية

أجرى الحوار: عبدالمجيد حاجي
أعده للنشر: علي عبدالخالق - تصوير: محمد عبدالله
أكد سفير دولة قطر لدى مملكة البحرين ناصر بن عبدالله الجبر، أن فتح الأطر التشاورية بين حكومة البلدين، وتطوير مجلس التنسيق الاقتصادي، علاوة على التنسيق المشترك بين الأجهزة الحكومية والزيارات المتبادلة، أسهم في تحقيق تطلعات الشعبين على مدى السنوات الماضية، مشيراً إلى أنه قد تبع ذلك من إجراءات عملية، مثل إعادة إطلاق مشاريع تنموية كبرى مثل الجسر البري بين البلدين ومسار نقل بحري مباشر، والتباحث حول تسهيلات أكبر لرجال الأعمال في البلدين.
وأضاف خلال حوار أجرته معه «أخبار الخليج» بالتزامن مع اليوم الوطني لدولة قطر الشقيقة، أن المشاريع الاستراتيجية الكبرى بين البلدين، وارتفاع التبادل التجاري، إضافة إلى ما أفرزته القمة الخليجية الأخيرة التي استضافتها مملكة البحرين، تشكل جميعها ملامح مرحلة جديدة تقوم على تعزيز التكامل السياحي والاقتصادي وتحقيق مصالح الشعبين الشقيقين.
وكشف السفير أن مشروع الجسر يعتبر مشروعاً طموحاً استراتيجياً، وفي الأشهر الأخيرة تم إيلاء اهتمام متزايد بالمراجعة الفنية والتصميمات الأساسية، وهناك لجان مشتركة تتابع الدراسات تمهيداً للانتقال إلى مراحل التنفيذ عند اكتمال متطلبات التمويل والدراسات الأساسية.
كما لفت السفير إلى الدور المحوري للقطاع الخاص في المرحلة المقبلة، سواء من خلال المبادرات الاستثمارية أو عبر توسيع الفرص التجارية بين البلدين، مؤكدًا أن البنية التشريعية والإجرائية المحدثة في البلدين قادرة على دعم الاستثمارات المشتركة.
وفي ضوء المتغيرات الإقليمية، شدد السفير الجبر على أهمية التنسيق الخليجي في المجالات الدفاعية والعسكرية لمواجهة التحديات المشتركة، مشيرًا إلى أن الأمن الإقليمي أصبح ضرورة تتوافق حولها دول المجلس، مشددًا على أن مملكة البحرين كانت من الدول التي عملت مع دولة قطر على دعم جهود وقف إطلاق النار وتأييد خطة الولايات المتحدة لإحلال السلام، وبما يعزز الاستقرار الإقليمي ويحد من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة والمنطقة. وجاء في تفاصيل الحوار الآتي:
1. طالما اتسمت العلاقات البحرينية القطرية بالتآلف والأخوة، كيف تقيمون مستوى العلاقات بين البلدين، وما أبرز ملامح تطورها خلال الأشهر الماضية؟
العلاقات البحرينية - القطرية مبنية على تاريخ مشترك، وإرث حضاري وروابط اجتماعية ودينية وثقافية، وخلال العامين الماضيين شهدت هذه العلاقات تطوراً نوعياً على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، مع التزام البلدين بتعزيز وتمتين الروابط الأخوية عبر المجلس والتوافق البحريني القطري.
ومن ناحية أخرى، فإن فتح الأطر التشاورية بين حكومة البلدين، وتطوير مجلس التنسيق الاقتصادي، علاوة على التنسيق المشترك بين الأجهزة الحكومية والزيارات المتبادلة، أسهم في تحقيق تطلعات الشعبين، وقد تبع ذلك إجراءات عملية، مثل إعادة إطلاق مسار نقل بحري مباشر، والتباحث حول تسهيلات أكبر لرجال الأعمال بين المواطنين ورجال الأعمال في البلدين.
2. ما أبرز الملفات التي تعمل عليها لجنة المتابعة البحرينية-القطرية لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين؟
لجنة المتابعة تركز على ملفات محورية عدة في مقدمتها تفعيل الربط البحري والجوي بين البلدين، مما يسهل إجراءات التنقل بين البلدين.
وتنسيق الجهود بينهما، والعمل على إنشاء لجان متخصصة لتفعيل التعاون الثنائي في إطار تعظيم الاستفادة من هذه الملفات، كما تسعى اللجنة إلى تسريع الدراسات المتعلقة بالمشاريع الكبرى كالجسر لضمان الانسجام في التنفيذ.
3. ما حجم التبادل التجاري بين البحرين وقطر خلال العام الماضي؟ وما القطاعات الأكثر قابلية للنمو بين البلدين؟
شهدت حركة التبادل التجاري بين البلدين نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، وتظهر الأرقام مؤشرات إيجابية على زيادة الصادرات البحرينية إلى قطر بشكل ملحوظ خلال عامي 2023 و2024.
وفي إطار التعاون بين البلدين، هناك تركيز على تطوير قطاعات اقتصادية مختلفة، لا سيما الصناعات ذات الإمكانات الكبرى كالخدمات اللوجستية والنقل، إضافة إلى المنتجات الزراعية والمعالجة الغذائية، والخدمات المالية والتكنولوجيا الصحية، والطاقة المتجددة وغيرها.
4. بعد إطلاق خط بحري مباشر بين البحرين وقطر.. كيف ترون أهمية إطلاق هذا الخط؟ وما العوائد الاقتصادية والسياحية المتوقعة للطرفين؟
إطلاق خط بحري مباشر يعتبر خطوة استراتيجية لربط البلدين وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع، واختصار زمن السفر ومنح السائحين ورجال الأعمال خيارات متعددة للوصول، فمن المتوقع أن يسهم الخط في تنشيط حركة التجارة وتقليل تكاليف النقل على الشركات، علاوة على دعم القطاع السياحي وزيادة حركة الزوار بين البلدين ورفع إيرادات القطاع السياحي والنقل البحري.
5. الجسر الجديد بين البحرين وقطر.. أحد أبرز المشاريع التنموية بين دول المجلس، ما آخر مستجدات الجدول الزمني للمشروع؟ وكيف يمكن لهذا المشروع أن يعزز من العلاقات الثنائية؟
مشروع الجسر يعتبر مشروعاً طموحاً استراتيجياً، ويعمل من خلال الدراسات الهندسية والبيئية والمالية الدقيقة، وفي الأشهر الأخيرة تم إيلاء اهتمام متزايد بالمراجعة الفنية والتصميمات الأساسية، وهناك لجان مشتركة تتابع الدراسات تمهيداً للانتقال إلى مراحل التنفيذ عند اكتمال متطلبات التمويل والدراسات الأساسية.
عملياً سيقلص وقت السفر بصورة كبيرة ويرسخ التكامل الاقتصادي ويتيح تدفقات استثمارية أكبر ويقوي الروابط الاجتماعية والتجارية بين الشعبين الشقيقين.
6. ما الدور الذي يمكن للقطاع الخاص في البلدين أن يلعبه لرفع مستوى الاستثمار المشترك؟ وهل هناك مبادرات لدعم رجال الأعمال من الجانبين؟
القطاع الخاص هو المحرك الحقيقي للتكامل الاقتصادي، إذ يمكن أن يلعب دور الوسيط والرافع للاستثمار من خلال تبادل زيارات وفود تجارية ومشاريع مشتركة وتبادل الاستثمارات الداخلية، من شأن تشكيل غرف تجارة مشتركة، بعثات تجارية، منتديات استثمارية وميثاق تعاون بين مؤسسات تمويلية أن يسهل دخول المشاريع المشتركة.
بالإضافة إلى ذلك، مبادرات حكومية لتسهيل الاجراءات وضمان الإطارات التشريعية والضريبية واللوجستية ستكون حاسمة في جذب شراكات خاصة بين البحرين وقطر.
7. ما أهمية المبادرات الاقتصادية المشتركة مثل مشاريع الطاقة المتجددة، والربط الكهربائي، والممرات اللوجستية، والقطار الخليجي في تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي؟
هذه المشاريع تعد ركائز التكامل الإقليمي الحقيقي، الطاقة المتجددة والربط الكهربائي توفر أمن طاقة مستداما بتكاليف أقل، والممرات اللوجستية والربط السككي دورها مهم في تدفق سلع أسرع وأرخص وترفع من الكفاءة الاقتصادية، كما تدعم الصناعة، والتجارة والسياحة.
التكامل في البنية التحتية الاقتصادية يفتح أسواقاً أكبر أمام الشركات الخليجية ويجعل المنطقة أكثر تنافسية على مستوى عالمي.
8. لاحظنا في الآونة الأخيرة لافتات «Visit Qatar» في شوارع المملكة، وهي بادرة جميلة لتحقيق التعاون السياحي. هل هناك خطط مستقبلية لتعزيز الحركة السياحية بين البلدين؟
بالفعل هناك اهتمام بتنسيق حملات تسويقية وبرامج مشتركة بين الجهات السياحية في البلدين بهدف تبادل الزوار والعروض السياحية الموسمية، فضلاً عن مبادرات مثل تبادل الفعاليات الثقافية والرياضية وحزم سفر مشتركة.
حملات Visit Qatar وغيرها، تستهدف هذه المبادرات جذب السائح الخليجي وتعزيز التعاون السياحي الإقليمي بين البلدين.
9. كيف تنظرون إلى دور مملكة البحرين في تعزيز العمل الخليجي المشترك، خصوصاً خلال استضافتها للقمة الخليجية السادسة والأربعين؟
قطر تثمن دور البحرين كشريك أساسي ومقدم للضيافة والمسؤولية الإقليمية، وننظر باحترام إلى جهود المملكة في رعاية الحوار الخليجي وتعزيز التشاور بين القادة.
استضافة أي دولة لقمة خليجية توفر فرصة لتوحيد الرؤى والمواقف وتأكيد الأولويات المشتركة مثل الأمن الإقليمي والتنمية الاقتصادية والتكامل.
10. كيف تقرأون مخرجات القمة الخليجية الأخيرة في البحرين؟ وكيف ترون انعكاسها على العلاقات البحرينية-القطرية بشكل خاص؟
القمة الأخيرة ركزت على تعزيز العمل الجماعي وتأكيد الالتزام الخليجي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، بالنسبة إلى العلاقات البحرينية-القطرية، فإن التشديد على التعاون الإقليمي والاتفاقيات المشتركة يفتح الطريق لمزيد من المشاريع الثنائية وسينعكس إيجاباً على مستوى التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي بين البلدين.
11. في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية، هل ترون ضرورة لإنشاء تحالف خليجي عسكري مشترك لمواجهة التحديات الإقليمية والمتغيرات الجيوسياسية في المنطقة؟
المسألة تتطلب توازناً دقيقاً، ترى قطر أن الأمن الإقليمي يتقدم عبر تنسيق حقيقي بين دول الخليج، تكون ضمن إطار مؤسسي مشترك، لتحمي المصالح الوطنية، الأمن المشترك.
إن أي خطوة في هذا الاتجاه يجب أن تراعي السيادة الوطنية والتوافق السياسي، مع التركيز على بناء قدرات دفاعية متكاملة، وتبادل المعلومات، وتعزيز الجاهزية المشتركة بهدف الرد على أي تهديدات مع الحفاظ على الاستقرار الإقليمي والدبلوماسية الوقائية.
12. كيف ترون دور قطر المحوري في الوساطات الدولية والإقليمية لحل الأزمات في المنطقة، ودورها في وقف إطلاق النار في غزة تحديدًا؟
تؤكد دولة قطر أنها تتحرك ضمن مجموعة من الدول العربية والخليجية التي عملت على وقف إطلاق النار ووقف المجزرة التي قام بها الكيان الصهيوني في غزة، كما أن مملكة البحرين كانت من الدول التي عملت على دعم جهود وقف إطلاق النار وتأييد خطة الولايات المتحدة لإحلال السلام.
لذلك، فإن الجهود ليست جهوداً منفردة، بل عملا مشتركا تحرص قطر على تحقيقه مع إخوانها في دول مجلس التعاون، وبما يعزز الاستقرار الإقليمي ويحد من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة والمنطقة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك