تشهد دول عدة، بينها المملكة المتحدة واليابان، بداية مبكرة وغير معتادة لموسم الإنفلونزا هذا العام، وسط مخاوف من أن تؤدي طفرة جديدة في فيروس H3N2 إلى شتاء قاسٍ يثقل كاهل الأنظمة الصحية.
يرى خبراء في علم الفيروسات أن تحورًا مفاجئًا ظهر منتصف الصيف الماضي منح الفيروس قدرة أكبر على التهرب من المناعة المكتسبة، سواء الناتجة عن الإصابات السابقة أو اللقاحات، ما سرّع انتشاره وقدم موعد تفشيه بأكثر من شهر عن المعتاد. وأظهرت التحليلات المخبرية سبع طفرات جديدة في السلالة، وهو تحول غير مسبوق خارج موسم الإنفلونزا.
ويؤكد البروفيسور ديريك سميث من جامعة كامبريدج أن هذه الطفرات «أطلقت موجة سريعة من العدوى» ستنتشر على نطاق عالمي خلال أسابيع، بينما تصف البروفيسورة نيكولا لويس من معهد فرانسيس كريك الوضع بأنه «غير مألوف ومقلق»، مشيرة إلى أن الفيروس «أكثر قدرة على الانتقال» من أي موسم سابق.
وتشير التقديرات إلى أن معدل الانتشار (R) بلغ هذا العام 1.4 مقارنة بـ1.2 عادةً، أي أن كل مائة إصابة تنتج نحو 140 أخرى، وهو ما يفسر الارتفاع الحاد في الحالات بعد عودة المدارس وانخفاض درجات الحرارة. ويرجّح البروفيسور كريستوف فريزر من جامعة أكسفورد أن يكون هذا الموسم «من بين الأسوأ خلال العقد الأخير».
وتنتمي الطفرة الجديدة إلى عائلة H3 المعروفة بفتكها المرتفع، وخصوصًا لدى كبار السن والفئات الضعيفة. وسجلت بريطانيا الموسم الماضي قرابة ثمانية آلاف وفاة مرتبطة بالإنفلونزا، فيما بلغت في موسم 2022-2023 نحو 16 ألف وفاة وفق بيانات هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، التي حذرت من شتاء «قد يكون قاسيًا».
أطلقت الهيئة نداء تطعيم عاجلًا بعد توفير 2.4 مليون جرعة جديدة هذا الأسبوع، مطالبة السكان بالإسراع في تلقي اللقاح، رغم أن تركيبة هذا العام لا تتطابق كليًا مع المتحوّر الجديد، لأنها صُممت قبل رصد الطفرات. ويؤكد العلماء أن اللقاح مازال يمنح «حماية فعالة ضد المضاعفات الخطرة ودخول المستشفى».
وفي الوقت نفسه تعاني اليابان تفشيًا مبكرًا مشابهًا دفع بعض المدارس إلى الإغلاق المؤقت لاحتواء الإصابات، في إجراءات تختلف عن القيود التي فُرضت زمن جائحة كورونا. ورغم القلق السائد يؤكد الخبراء أن مسار الموسم «لا يزال مفتوحًا على الاحتمالات»، لكن جميع المؤشرات حتى الآن «تشير إلى شتاء صعب وطويل».

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك