تشهد الضاحية الجنوبية لبيروت وعدد من بلدات الجنوب اللبناني موجة لافتة من بيع المنازل والعقارات بأسعار تقل عن قيمتها السوقية بنحو 40 في المائة، في مؤشر واضح على تصاعد حالة القلق داخل البيئة الحاضنة لحزب الله. هذا النزيف العقاري يعكس رغبة كثيرين في الابتعاد عن مناطق الحزب التي تحولت إلى خطوط تماس مفتوحة، بعد تصاعد الضربات الإسرائيلية واستهدافها المتكرر لمراكز ومواقع داخل الضاحية والجنوب، ما دفع الأهالي إلى البحث عن مناطق أكثر أمانًا.
ويرى الباحث في العلاقات الدولية عماد الشدياق أن الحديث عن تأييد مطلق لحزب الله داخل بيئته الاجتماعية لم يعد دقيقًا، إذ تتكشف في المجالس المغلقة نقمة خافتة على أداء الحزب، وخصوصًا بعد الحرب الأخيرة التي كشفت حدود قدرته العسكرية وتراجُع تأثير «معادلة الردع» التي طالما تباهى بها. ويشير الشدياق إلى أن الظاهرة العقارية المتسارعة تمثل أحد مظاهر هذا التململ، إذ يفضّل بعض السكان الخسارة المادية على البقاء في مناطق توصف اليوم بأنها أهداف مفتوحة.
ويضيف الشدياق أن بيروت بدأت تستقبل موجة نزوح صامتة من أبناء الجنوب والضاحية، حيث ظهرت وجوه جديدة في أحياء العاصمة لم يكن مألوفًا وجودها سابقًا. كما سجلت حالات لعائلات تغادر الضاحية ليلاً لتبيت لدى أقاربها ثم تعود صباحًا إلى أعمالها، في مشهد يعكس قلقًا متصاعدًا وشعورًا متناميًا بعدم الطمأنينة داخل البيئة التي كانت تُعد الحصن الاجتماعي والسياسي للحزب.
ويؤكد الباحث أن التجربة الأخيرة بددت جزءًا كبيرًا من الهالة التي أحاط بها الحزب نفسه، إذ بات كثيرون في بيئته يدركون أن شعارات «الحماية والمقاومة» لم تعد كافية لتبرير الخسائر البشرية والمادية التي طالت المدنيين. ويقول الشدياق إن الناس لم يعودوا يصدقون أن الحزب قادر على حماية حتى قادته، متسائلًا: كيف يُنتظر منه أن يحمي عامة الناس؟

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك