نلتقي اليوم لنحتفي برمز من رموز البحرين، وبمسيرة استثنائية لشخصية كرست حياتها للعلم والعمل وخدمة المجتمع والتراث الاسلامي. نكرّم اليوم سعادة الدكتور عبد اللطيف جاسم كانو، أحد أعلام الوطن العربي الذين تركوا أثراً لا يُمحى في مختلف الميادين، ومؤسس «بيت «القرآن» وأول رئيس لجمعية المهندسين البحرينية.
ولد الدكتور عبد اللطيف كانو في المنامة عام 1935 ، ونشأ في بيئة بحرينية أصيلة، بدأ فيها بحفظ القرآن الكريم وهو في سن مبكرة، وأتمه قبل أن يُكمل العاشرة من عمره. بعد إنهاء دراسته في البحرين كان من أوائل الطلاب البحرينيين الذين ابتعثوا إلى أوروبا، حيث تخصص في الهندسة الإنشائية والمدنية في بريطانيا.
ثم واصل مسيرته الأكاديمية بجدارة، فحصل على دبلوم الدراسات العليا من إمبريال كوليدج - جامعة لندن”، وبعدها نال درجة الماجستير في الهندسة من جامعة بيتسبرغ في الولايات المتحدة عام 1967، وأعقبها بدرجة الدكتوراه من جامعة تكساس عام 1970. وفي عام 1980 ، منحته جامعة “إينها” الكورية الجنوبية الدكتوراه الفخرية تقديراً لعطائه العلمي والثقافي.
الدكتور عبد اللطيف كانو شخصية متعددة الاهتمامات، تجاوز في مسيرته حدود العمل الهندسي إلى آفاق أرحب من الثقافة والعطاء المجتمعي ومتفانية في خدمة التراث الإسلامي. فقد جسد نموذجا فريدا للعطاء المتوازن، حيث امتد تأثيره من مشاريع الهندسة والبنية التحتية، إلى المساهمة الفاعلة في حفظ الهوية الحضارية ارتبط اسمه بإنجازات كبرى في مجالات الإسكان والتخطيط، شارك في مشاريع حيوية في البحرين والسعودية والكويت، وتولى مناصب قيادية منها وكيل وزارة الإسكان، ومدير المشاريع في وزارة التنمية، ونائب رئيس مجلس إدارة بنك الإسكان، وعضو مجلس الشورى، وعضو لجنة الشؤون المالية والاقتصادية.
أما في المجال الثقافي، فكان إنجازه الأبرز تأسيس بيت القرآن، أحد الصروح الإسلامية الفريدة في العالم، والذي يضم مجموعة نادرة من المصاحف والمخطوطات والفنون الإسلامية. قدم مساهمات فكرية مهمة حيث كتب أبحاثاً ومقالات في مجالات الهندسة ، والتاريخ الإسلامي، والثقافة، نشرت في صحف ومجلات بارزة مثل: العربي، ودلمون، والوثيقة. وصدر له عدد من المؤلفات منها ساعة مع القلم، دروس من الحياة، الرسائل النبوية، الأرقام العربية نبع الحضارة الإسلامية، وعلى خطى النبي محمد
على صعيد العمل الأهلي، ساهم الدكتور عبد اللطيف كانو في تأسيس جمعية المهندسين البحرينية وترأسها لعدة دورات، وكان رئيساً لجمعية التاريخ والآثار، كما شارك في الاجتماعات التأسيسية لجمعية المهندسين الكويتية، بالإضافة الى أسهاماته في دعم الحركة الثقافية من خلال تنظيم معارض إسلامية بارزة داخل البحرين وخارجها، عرفت الزوّار بثراء التراث الإسلامي وعمق جمالياته.
وقد حظي سعادة الدكتور عبد اللطيف كانو بتكريم رسمي واسع، حيث نال وسام البحرين، ووسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، ووسام المؤرخ العربي، ووسام الفنون والثقافة من جمهورية مصر العربية، إلى جانب العديد من الجوائز وشهادات التقدير من مؤسسات محلية ودولية.
أما هواياته، فليست إلا امتداداً لرسالته الثقافية، فقد جمع مخطوطات ومسكوكات وتحفاً إسلامية نادرة وشكلت مجموعته الخاصة نواة «بيت القرآن” ، وتعد اليوم من بين أهم المجموعات الإسلامية الخاصة في العالم.
سلمت الدكتورة رائدة العلوي رئيس جمعية المهندسين البحرينية جائزة الإنجاز مدى الحياة في الهندسة لمهندس أفنى عمره في خدمة البحرين، فكان علمه ركيزة في بنائها ، وثقافته جسرًا بين ماضيها العريق وحاضرها المزدهر.
سعادة الدكتور عبد اللطيف جاسم كانو، لك منا كل الاحترام
والتقدير، ولعطائك الممتد... أسمى آيات الشكر والعرفان.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك