حذّر خبراء في شؤون العمل من تزايد ظاهرة تواصل المديرين مع موظفيهم بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمية، مؤكدين أن هذا السلوك يؤدي إلى طمس الحدود بين الحياة المهنية والشخصية، ويزيد من مخاطر الإرهاق الوظيفي والضغط النفسي. وأوضحت الخبيرة المهنية إكوا كانت أن الدوافع وراء هذا السلوك تتنوع بين «ثقافة العمل الممتدة ساعات طويلة، وضغط الإدارة العليا، أو الميل إلى السيطرة والمراقبة، أو الشعور بعدم الأمان لدى بعض المديرين الجدد»، مشيرة إلى أن «كثيرين لا يدركون أن تصرفهم متطفّل لأنهم اعتادوا العمل في كل الأوقات ويظنون أن ذلك طبيعي». في المقابل، رأت بيث ستالوود، مدربة التطوير المهني، أن الموظفين يسهمون أحيانًا في ترسيخ هذا السلوك من خلال ردهم الفوري على الرسائل بعد الدوام، ما يشجع المديرين على تكرار الأمر من دون وعي بتبعاته، مضيفة: «الرد السريع يوحي للمدير بأن التواصل خارج العمل مقبول، فيواصل فعله بلا تردد».
أما شارلوت ديفيز، خبيرة الوظائف في منصة LinkedIn، فشدّدت على أن الاستمرار في الرد على الاتصالات بعد الدوام يخلق توقعًا غير صحي بالتوافر الدائم، ما يضرّ بالصحة النفسية ويقلل من الرضا الوظيفي، بحسب موقع stylist.co.uk. ودعت الخبراء الموظفين إلى التحدث بصراحة مع مديريهم حول أثر هذه الرسائل على حياتهم الشخصية، وتقديم أمثلة محددة على المواقف المزعجة. كما نصحوا باستخدام أدوات رقمية لتحديد الحدود المهنية، مثل خاصية «خارج المكتب» أو تحديد أوقات العمل في البريد الإلكتروني وبرامج التواصل الداخلية.
وأوضحت ستالوود أن رسالة بسيطة مثل: «ساعات عملي من التاسعة صباحًا حتى السادسة والنصف مساءً، وسأرد على رسالتك في يوم عملي التالي» كفيلة بإيصال الفكرة باحترام.
وشددت كانت على أن الموظف يمكنه الرد عند الضرورة مع توضيح أنه خارج الدوام وسيجيب لاحقًا، مؤكدة ضرورة التوقف عن الاستجابة المتكررة حتى لا تتحول إلى عادة مفروضة.
كما أوصى الخبراء المديرين بمراجعة سلوكهم ودوافعهم الشخصية وراء إرسال الرسائل بعد ساعات العمل، والتذكير بأن من مسؤولياتهم احترام حقوق فرقهم النفسية والحفاظ على التوازن بين العمل والحياة الخاصة.
وقالت ستالوود: «أفضل طريقة لإظهار الاحترام لحياة الموظفين هي عدم المراسلة أصلًا بعد الدوام، إلا في حالات الطوارئ، ويمكن استخدام خيار جدولة الرسائل لتُرسل في ساعات العمل الرسمية».
واختتم الخبراء بتأكيد أن تعزيز ثقافة الحدود المهنية داخل المؤسسات يسهم في رفع الإنتاجية وتحسين الصحة النفسية، ويحد من ظاهرة الاحتراق الوظيفي المنتشرة في بيئات العمل الحديثة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك