توفيق أوضاع الحسابات الإخبارية والإعلانية خلال 6 أشهر من نفاذ القانون
كتبت أمل الحامد:
يصوت مجلس الشورى في جلسته القادمة بعد غد الأحد على مشروع قانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر، بعد أن وافقت لجنة الخدمات على مشروع القانون وفقًا للتعديلات التي أقرها مجلس النواب.
ويهدف مشروع القانون إلى إلغاء عقوبة الحبس من جميع النصوص العقابية الواردة في المشروع، والاكتفاء بعقوبة الغرامة الجنائية، بالإضافة إلى تنظيم الإعلام الإلكتروني باعتباره أحد مكونات المنظومة الإعلامية في مملكة البحرين.
واستندت اللجنة في قرارها على أن مشروع القانون يتوافق مع أحكام الدستور وأهدافه وغاياته، بشأن كفالة حرية الرأي والتعبير عنه ونشره بالقول أو الكتابة أو الوسائل الأخرى، إذ يرسم هذا النص الدستوري الإطار العام لحرية الرأي والتعبير، ويجعلها من الحقوق الأساسية المضمونة، وهو ما يحتم على المشرّع أن يستلهم روح هذه الحرية في الأحكام ذات الصلة بالصحافة والإعلام الإلكتروني.
وذكرت أن مشروع القانون ألغى عقوبة الحبس، ليُسجّل بذلك تحولًا نوعيًا في فلسفة التجريم والعقاب يحافظ من خلاله على حرية الفرد ويصون الحقوق من دون أن ينال من هيبة القانون أو يفرط في سلطانه.
وأشارت إلى أن مشروع القانون يعكس مبدأ التناسب في العقوبة حين جعل الغرامة المالية عقوبةً للمخالفات المرتبطة بالصحافة والإعلام الإلكتروني بدلًا عن العقوبات السالبة للحرية، فتتناسب العقوبة مع جسامة الفعل وطبيعته، فلا يُسلب الصحفي أو الإعلامي حريته بسبب خطأ مهني محدود أو مخالفة بسيطة، بل تُقدّر العقوبة بقدر الأثر على النظام العام أو الحقوق الأساسية للأفراد.
التوازن بين الحرية والانضباط
وذكرت أن مشروع القانون ينظم الإعلام الإلكتروني ويواكب مستجداته، ويراعي خصوصيته، ويحقق التوازن بين الحرية والانضباط، والانفتاح والحماية، في إطار قانوني واضح يضمن بيئة مستقرة ومسؤولة تعزز نمو هذا القطاع الحيوي.
وأشارت إلى أنه يقتصر نطاق تطبيق مشروع القانون على الإعلام الإلكتروني الذي يُمارس بصفة منتظمة ومهنية دون أن يمتد إلى الحسابات الشخصية، وهو ما يعد خطوةً تشريعيةً بالغةَ الأهمية، إذ إن التمييز بين الأنشطة الإعلامية المنظمة التي تُمارِس عملًا عامًا ذا تأثير واسع، والتعبير الفردي الذي يُعد من صميم حرية الرأي المكفولة دستوريًا يتيح للمشرّع حماية حرية التعبير الفردية، وفي الوقت ذاته وضع إطارٍ تنظيمي للأعمال الإعلامية المهنية دون المساس بحقوق المستخدمين العاديين.
وأكدت أن مشروع القانون يعد نقلة نوعية في البيئة التشريعية المنظمة للصحافة والإعلام الإلكتروني، إذ يأتي بعد مرور نحو ثلاثة وعشرين عامًا على العمل بالقانون النافذ، وهي فترة شهد فيها القطاع تحولات رقمية متسارعة وتغيرات جذرية فرضت ضرورةً ملحة لتحديث النصوص وتكييفها مع روح العصر ومتطلبات التحول الرقمي، فجاء مشروع القانون ليحقق هذا المقصد.
إرساء حرية التعبير في البحرين
وأضافت أن مشروع القانون يرسخ مكانة مملكة البحرين وسمعتها على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال إرساء تشريع عصري يحمي حرية التعبير ويواكب التحولات الرقمية الحديثة.
وأكدت أن مشروع القانون ينسجم مع النهج الذي تبنته العديد من الدول المقارنة في مجال تنظيم الإعلام الإلكتروني، إذ لم تترك هذا الفضاء الرقمي الواسع دون إطار منظم، بل وضعت له الضوابط الدقيقة التي توفق بين مقتضيات حرية التعبير ومتطلبات صون النظام العام، فجعل الإعلام الإلكتروني جزءًا لا يتجزأ من المنظومة الإعلامية الوطنية، يخضع لمبادئ المسؤولية المهنية والالتزام بالقيم المجتمعية، ويضمن في الوقت ذاته الشفافية والمصداقية.
واستفسرت اللجنة عن المادة التي تنص أن المدير المعين من قبل طالب الترخيص يكون مسؤولا عن الموقع الإعلامي الإلكتروني مسؤولية كاملة عن المحتوى المنشور به، وأوضحت الوزارة أن المسؤولية المنصوص عليها في المادة المشار إليها تنصرف إلى النشاط الإعلامي الذي يُمارس على الموقع الإلكتروني بوصفه وسيلة إعلامية تحت تصرف المدير المسؤول، وحيث إن تعليقات المتابعين لا تعد من قبيل النشاط الإعلامي الذي يقع تحت تصرف المدير المسؤول، فإن ما يصدر من مخالفات قانونية في التعليقات يساءل عنه صاحب التعليق.
وذكرت الوزارة إن الحسابات الإخبارية المنشأة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تُعد من قبيل «المواقع الإعلامية الإلكترونية»، حيث إنها تنشأ على شبكة الإنترنت، وتُخصص لنشر الأخبار والمعلومات ذات الطابع الإعلامي، وتتيح للغير التفاعل والمشاركة في محتواها، وهو ما يتوافق مع نص التعريف الذي يشمل الصفحات والمنصات التي تُستخدم للأغراض الإعلامية ويكون لها اسم معين. كما أن النشاط الذي تمارسه هذه الحسابات يدخل ضمن تعريف «الإعلام الإلكتروني» باعتباره توفيراً للأخبار والمعلومات للجمهور من خلال وسائل إلكترونية، وعليه فإن هذه الحسابات تخضع لأحكام مشروع القانون، بما في ذلك اشتراط الحصول على الترخيص، والالتزام بالأحكام القانونية الواردة فيه.
وأشارت إلى أنه يعد المعلنون عن السلع والخدمات والأطعمة من أصحاب حسابات التواصل الاجتماعي من الفئات التي تشملها أحكام مشروع القانون، متى ما تمت ممارسة هذا النشاط الإعلاني بصورة منتظمة وبأسلوب موجه إلى الجمهور، وذلك لأن نشاط الدعاية والإعلان الذي يمارس بهذه الصورة يندرج ضمن مفهوم «الإعلام الإلكتروني» الوارد في المادة (3) من مشروع القانون، بوصفه نشاطاً لتوفير المعلومات والمواد الموجهة للجمهور عبر شبكة الإنترنت. كما أن الحسابات التي تنشأ خصيصاً لهذا الغرض وتمكن الغير من التفاعل مع المحتوى تعد من قبيل «المواقع الإعلامية الإلكترونية» بالمعنى القانوني. وبناء عليه، يخضع هؤلاء الأشخاص لأحكام القانون من حيث اشتراط الحصول على ترخيص مسبق من الوزارة، واستيفاء الشروط والضوابط والإجراءات المنصوص عليها فيه، شأنهم شأن أي شخص يمارس نشاطاً إعلامياً إلكترونياً.
طلب ترخيص رسمي إلى وزارة الإعلام
وأوضحت الوزارة أنه يجب على أصحاب الحسابات الإخبارية والإعلانية على مواقع التواصل الاجتماعي تقديم طلب ترخيص رسمي إلى وزارة الإعلام وفقاً للإجراءات المحددة في مشروع القانون، خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ بدء العمل بالقانون، وذلك لتوفيق أوضاعهم القانونية.
ونوهت الوزارة إلى أنه لا يوجد تغيير جوهري في مضمون الالتزامات الواردة في المرسوم بقانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر الساري وفي القرارات الصادرة تنفيذاً له، حيث إن التعديل الوارد في مشروع القانون يوضح بشكل مباشر امتداد تلك الالتزامات إلى مختلف أنواع المواقع الإلكترونية الإعلامية لتكون مُلزمة بالضوابط المهنية والقانونية المتعلقة بالمحتوى، مثل عدم نشر ما يخالف القانون أو النظام العام أو الآداب العامة، ومراعاة المصداقية والمسؤولية الإعلامية، وهي التزامات قائمة ومستقرة لا تتأثر بتعديل الإطار التشريعي الوارد في مشروع القانون، بل يهدف التعديل إلى جعل الالتزام بها أكثر وضوحاً وتنظيماً بالنسبة إلى المواقع الإعلامية الإلكترونية.
وأكدت الوزارة أن التزام المدير المسؤول عن الموقع الإلكتروني بنشر تصحيح يظل قائماً حتى في الحالات التي يتم فيها حذف المحتوى الأصلي، ما دام أن هذا المحتوى قد سبق بثه أو نشره على الموقع ووصل إلى الجمهور، وترتب عليه أثر يمس صاحب الشأن، وأصر صاحب الشأن على نشر التصحيح، موضحة أن المادة لم تقيد الالتزام ببقاء المحتوى المنشور، بل علقته على واقعة البث السابقة مما يعني أن حذف المحتوى لاحقاً لا يسقط حق صاحب الشأن في طلب التصحيح ولا يعفي المدير من مسؤوليته في الاستجابة لهذا الطلب، مضيفة أن المدير يظل مسؤولا عن نشر التصحيح وفقاً للشروط والضوابط التي يحددها القانون ولو أزيل المحتوى الأصلي لاحقاً ما دام الطلب مستوفياً للضوابط ومقدماً خلال المدة القانونية.
وبينت أن الحساب الإعلامي المهني هو الحساب الذي يمارس النشر بصفة دورية ومنتظمة، ويتبع نمطاً مهنياً واضحاً في تقديم المحتوى باعتباره موقعاً إعلامياً إلكترونياً حسب التعريف الوارد في مشروع القانون، مشيرة إلى أن المواقع الإعلامية الإلكترونية التي تنطوي على انتظام في إنتاج مطبوعات إلكترونية بقصد تقديم الأخبار أو المعلومات أو البرامج الأخرى التي يمكن معها وصف مديرها بأنه ممتهن لمهنة الإعلام، مؤكدة الوزارة أنها لا تستند إلى معيار شكلي، بل إلى الطبيعة الموضوعية للنشاط الإعلامي، مع مراعاة التطور الحاصل في الوسائط الرقمية، وبما يضمن عدم إخضاع الحسابات الشخصية التي تمارس لغرض التعبير عن الرأي أو التعليق على الأحداث بشكل شخصي -لا مهني- لأحكام هذا القانون.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك