العدد : ١٧٣٧٦ - الأحد ١٩ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٧٦ - الأحد ١٩ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

ألوان

دراسة.. الجنين يتعلم تمييز اللغات الأجنبية وهو لا يزال داخل الرحم

الأحد ١٩ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

هل‭ ‬يستطيع‭ ‬الرضيع‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬اللغات‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬استمع‭ ‬إليها‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬جنينا‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬أمه،‭ ‬والتمييز‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬لغته‭ ‬الأم‭ ‬أو‭ ‬اللغات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يستمع‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬قبل‭.  ‬فقد‭ ‬توصل‭ ‬فريق‭ ‬بحثي‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬مونتريال‭ ‬في‭ ‬كندا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرضع‭ ‬حديثي‭ ‬الولادة‭ ‬الذين‭ ‬استمعوا‭ ‬إلى‭ ‬قصص‭ ‬بلغات‭ ‬أجنبية،‭ ‬وهم‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬أجنة،‭ ‬يتجاوبون‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬اللغات‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يتعاملون‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬اللغة‭ ‬الأم‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم‭. ‬

وتعدُّ‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة،‭ ‬التي‭ ‬نشرتها‭ ‬الدورية‭ ‬العلمية‭ ‬Nature‭ ‬Communication‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬مهارات‭ ‬التواصل‭ ‬واللغة،‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تقنيات‭ ‬تصوير‭ ‬المخ‭ ‬لإثبات‭ ‬الفرضية‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬ظل‭ ‬خبراء‭ ‬طب‭ ‬النفس‭ ‬والأعصاب‭ ‬يتشككون‭ ‬في‭ ‬صحتها‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬دراسات‭ ‬سابقة‭ ‬قد‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬الأجنة‭ ‬والمواليد‭ ‬حديثي‭ ‬الولادة‭ ‬يمكنهم‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الأصوات‭ ‬المألوفة‭ ‬بل‭ ‬ويفضلون‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬لغتهم‭ ‬الأم‭ ‬بعد‭ ‬الولادة‭ ‬مباشرة،‭ ‬ولكن‭ ‬تلك‭ ‬النتائج‭ ‬كانت‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬ملاحظات‭ ‬سلوكية‭ ‬مثل‭ ‬التفاتة‭ ‬من‭ ‬الرضيع‭ ‬أو‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬نبضات‭ ‬قلبه‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬دون‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬أدلة‭ ‬دامغة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قياس‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬تطرأ‭ ‬على‭ ‬المخ‭ ‬أثناء‭ ‬استماع‭ ‬الرضيع‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الأم‭.‬

وفي‭ ‬تصريحات‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬ساينتفيك‭ ‬أمريكان‮»‬‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬الأبحاث‭ ‬العلمية،‭ ‬تقول‭ ‬آنا‭ ‬جالاجر‭ ‬أخصائية‭ ‬طب‭ ‬الأعصاب‭ ‬بجامعة‭ ‬مونتريال‭ ‬ورئيس‭ ‬فريق‭ ‬الدراسة‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬الرضع‭ ‬يتعلمون‭ ‬اللغة‭ ‬قبل‭ ‬ميلادهم،‭ ‬ولكن‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬حديثي‭ ‬الولادة‭ ‬يشعرون‭ ‬بالألفة‭ ‬حيال‭ ‬اللغة‭ ‬أو‭ ‬اللغات‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬لهم‭ ‬الاستماع‭ ‬إليها‭ ‬وهم‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬الأجنة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬التعرض‭ ‬لهذه‭ ‬اللغات‭ ‬أثناء‭ ‬وجود‭ ‬الجنين‭ ‬داخل‭ ‬الرحم‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬شبكات‭ ‬تواصل‭ ‬داخل‭ ‬المخ‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬استجابتهم‭ ‬للغة‭ ‬بعد‭ ‬ميلادهم‭. ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬التجربة‭ ‬نحو‭ ‬ستين‭ ‬امرأة‭ ‬حامل‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الخامس‭ ‬والثلاثين‭ ‬من‭ ‬الحمل،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تعريض‭ ‬39‭ ‬منهن‭ ‬لتسجيلات‭ ‬صوتية‭ ‬لقصص‭ ‬باللغة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬وهي‭ ‬اللغة‭ ‬الأم‭ ‬الخاصة‭ ‬بهن،‭ ‬مدة‭ ‬عشر‭ ‬دقائق،‭ ‬ثم‭ ‬استمعن‭ ‬إلى‭ ‬تسجيلات‭ ‬لنفس‭ ‬القصص‭ ‬باللغتين‭ ‬الألمانية‭ ‬والعبرية‭ ‬مدة‭ ‬عشر‭ ‬دقائق‭ ‬أيضا،‭ ‬مع‭ ‬تكرار‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬الحمل‭.‬

ويوضح‭ ‬الباحث‭ ‬أندريان‭ ‬رينيه‭ ‬أخصائي‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬العصبي‭ ‬السريري‭ ‬بجامعة‭ ‬مونتريال‭ ‬أن‭ ‬اختيار‭ ‬اللغتين‭ ‬الألمانية‭ ‬والعبرية‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬الاختلاف‭ ‬الكبير‭ ‬بينهما‭ ‬وبين‭ ‬اللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الصوتيات‭ ‬وخواص‭ ‬النطق‭. ‬أما‭ ‬باقي‭ ‬الحوامل‭ ‬المشاركات‭ ‬في‭ ‬التجربة،‭ ‬وعددهن‭ ‬21‭ ‬امرأة‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعة‭ ‬التحكم،‭ ‬فلم‭ ‬يتم‭ ‬تعريضهن‭ ‬لأي‭ ‬مؤثرات‭ ‬خارجية‭ ‬خاصة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تعرض‭ ‬الأجنة‭ ‬في‭ ‬أرحامهن‭ ‬للغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬الأم‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬طبيعية‭ ‬خلال‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭. ‬وخلال‭ ‬أول‭ ‬عشر‭ ‬ساعات‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬الميلاد،‭ ‬عكف‭ ‬الفريق‭ ‬البحثي،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تقنية‭ ‬التصوير‭ ‬الطيفي‭ ‬الوظيفي‭ ‬بالأشعة‭ ‬تحت‭ ‬الحمراء،‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬طريقة‭ ‬استجابة‭ ‬أمخاخ‭ ‬المواليد‭ ‬للغات‭ ‬الألمانية‭ ‬والعبرية‭ ‬والفرنسية‭. ‬وتقيس‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬التغيرات‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬تشبع‭ ‬الدم‭ ‬بالأكسجين‭ ‬داخل‭ ‬المخ‭ ‬أثناء‭ ‬أداء‭ ‬الوظائف‭ ‬المعرفية‭ ‬المختلفة‭. ‬

ووجد‭ ‬الباحثون‭ ‬تزايدا‭ ‬في‭ ‬نشاط‭ ‬الفص‭ ‬الصدغي‭ ‬الأيسر،‭ ‬وهو‭ ‬مركز‭ ‬معالجة‭ ‬اللغة‭ ‬في‭ ‬المخ،‭ ‬لدى‭ ‬جميع‭ ‬حديثي‭ ‬الولادة‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬التجربة‭ ‬عند‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬عبارات‭ ‬باللغة‭ ‬الفرنسية‭. ‬ولكن‭ ‬عند‭ ‬تعريض‭ ‬المواليد‭ ‬للغتين‭ ‬الألمانية‭ ‬والعبرية،‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬نفس‭ ‬النشاط‭ ‬الذهني‭ ‬سوى‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬استمعوا‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬اللغتين‭ ‬وهم‭ ‬مازالوا‭ ‬أجنة‭ ‬في‭ ‬أرحام‭ ‬أمهاتهم‭. ‬أما‭ ‬المواليد‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعة‭ ‬التحكم‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يستمعوا‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬اللغات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وهم‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬أجنة،‭ ‬فلم‭ ‬يحدث‭ ‬لديهم‭ ‬أي‭ ‬نشاط‭ ‬ذهني‭ ‬في‭ ‬الأجزاء‭ ‬الخاصة‭ ‬بمعالجة‭ ‬اللغة‭ ‬عند‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬اللغتين‭ ‬الألمانية‭ ‬والعبرية‭. ‬

وترى‭ ‬الباحثة‭ ‬آنا‭ ‬كارولينا‭ ‬كوان‭ ‬أخصائية‭ ‬طب‭ ‬أعصاب‭ ‬الأطفال‭ ‬وعضو‭ ‬الأكاديمية‭ ‬البرازيلية‭ ‬لطب‭ ‬الأعصاب‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬تدعم‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬أمخاخ‭ ‬حديثي‭ ‬الولادة‭ ‬ليست‭ ‬‮«‬صفحة‭ ‬بيضاء‮»‬‭ ‬تماما،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬الجنين‭ ‬داخل‭ ‬الرحم‭ ‬تقوم‭ ‬بصياغة‭ ‬بعض‭ ‬الوظائف‭ ‬العقلية‭ ‬لديه‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬للحياة‭. ‬ولم‭ ‬يتوصل‭ ‬الباحثون‭ ‬إلى‭ ‬طول‭ ‬فترة‭ ‬التعرض‭ ‬للغة‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تكفي‭ ‬كي‭ ‬يألفها‭ ‬الجنين‭ ‬ويتعرف‭ ‬عليها‭ ‬لاحقا،‭ ‬حيث‭ ‬أشارت‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬السابقة‭ ‬بشأن‭ ‬تأثيرات‭ ‬البيئة‭ ‬السمعية‭ ‬على‭ ‬تكون‭ ‬الأجنة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬قد‭ ‬تقدر‭ ‬بساعات،‭ ‬وكشفت‭ ‬أبحاث‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬فترات‭ ‬قصيرة‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬15‭ ‬دقيقة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬كافية‭ ‬لإحداث‭ ‬نفس‭ ‬تأثير‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬اللغات‭ ‬الأجنبية‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا