أكد فريق من الباحثين في معهد سكريبس للأبحاث أن الجسم البشري يمتلك حاسة سادسة خفية تُعرف باسم «الحس الداخلي» (Interoception)، وهي نظام معقّد يمكّن الجهاز العصبي من استقبال وتفسير الإشارات الفسيولوجية القادمة من الأعضاء الداخلية، ما يساعد الدماغ على تنظيم التنفس وضغط الدم ومقاومة العدوى من دون وعي مباشر منا. وأوضح العلماء أن هذه الحاسة، التي حظيت بتمويل ضخم بلغ 14.2 مليون دولار من المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية (NIH)، تمثل بُعداً غير مستكشف في علم الأعصاب.
وقال البروفيسور شين جين قائد المشروع البحثي: «الحس الداخلي أساسي لكل جانب من جوانب الصحة، لكنه ظل على مدى عقود حدوداً غامضة في علم الدماغ». ويعود أصل المفهوم إلى العالم البريطاني تشارلز شيرينغتون مطلع القرن العشرين، إلا أنه ظل مهملاً حتى السنوات الأخيرة. وبخلاف الحواس التقليدية الخمس التي تركز على البيئة الخارجية فإن الحس الداخلي يعمل عبر شبكات عصبية متشابكة داخل الجسم تراقب عمل القلب والرئتين والمعدة والكلى وغيرها من الأعضاء الحيوية.
ويعتزم الفريق البحثي إنشاء أول «أطلس عالمي للحس الداخلي» لرسم خريطة دقيقة لاتصالات الأعصاب مع الأعضاء الداخلية، ما سيساعد على فهم كيفية حفاظ الجسم على توازنه الداخلي (Homeostasis)، وتحديد الخلل العصبي الذي يؤدي إلى الأمراض المزمنة. وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن اضطراب مسارات الحس الداخلي يرتبط بأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم، والألم المزمن، واضطرابات المناعة الذاتية، إضافة إلى دوره المهم في الصحة النفسية، حيث تؤثر هذه المسارات على الوعي الجسدي والعاطفي واتخاذ القرار، وقد لوحظت اضطراباتها في حالات الاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل. واختتم البروفيسور جين قائلاً: «إن إنشاء هذا الأطلس سيساعدنا على فهم كيف يحافظ الدماغ على توازن الجسم وكيف يختل هذا التوازن في الأمراض، وهو ما قد يفتح الباب لعلاجات ثورية تربط بين الجسد والعقل في منظومة واحدة متكاملة».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك