دور محوري لمجلس التنسيق البحريني – السعودي في تطوير علاقات البلدين لمواكبة العصر ومواجهة التحديات
تنفيذ استثمارات سعودية جديدة في البحرين بقيمة 5 مليارات دولار
خاص - لـ«أخبار الخليج»
تحتفل المملكة العربية السعودية الشقيقة باليوم الوطني الـ95 منذ نجاح القائد التاريخي الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في توحيد الجزيرة العربية تحت راية التوحيد، وإعلان قيام الدولة السعودية الموحدة تحت قيادته عام 1932، لتنطلق منذ ذلك التاريخ واحدة من أنجح التجارب الوحدوية في تاريخ الأمم والشعوب في عالمنا المعاصر.
فقد نجح الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود في إرساء دعائم دولة قوية استطاعت مواجهة تحديات كبرى في الداخل والخارج، ونجح عبر سياساته التي اتسمت بالحكمة والصلابة في الحفاظ على وحدة المجتمع السعودي، وقيادة البلاد نحو بناء دولة عصرية تمزج بين الحفاظ على القيم الإسلامية والعربية الأصيلة، والقدرة على الانفتاح على العالم الحديث وإقامة علاقات تعاون اقتصادي واستراتيجي مع كل القوى الكبرى المؤثرة في النظام العالمي.
وقد واصل أبناؤه الملوك من بعده السير على نهجه الحكيم في تعزيز مكانة وقدرات المملكة العربية السعودية في محيطها العربي والإسلامي وفي الإطار العالمي حتى أصبحت اليوم تحتل مكانة اقتصادية واستراتيجية محورية بما جعلها عضوا في مجموعة العشرين التي تشكل أكبر 20 اقتصادا في العالم.
وحين تشارك مملكة البحرين الأشقاء في المملكة العربية السعودية الاحتفال بالذكرى الخامسة والتسعين لليوم الوطني، الذي يصادف يوم 23 سبتمبر من كل عام، فان ذلك يعد احتفاءً بما يربط بين البلدين من المحبة والتعاون، وما تتميز به العلاقات الثنائية من خصوصية متفردة، وتقديرًا لما تمثله السعودية من مكانة رفيعة ودور رائد ومؤثر وثقل استراتيجي وجيوسياسي رفيع في المنطقة، وجهودها الإنسانية ومواقفها المساندة للقضايا العادلة، فضلاً عن مساعيها الخيرة والمتواصلة لنشر السلام والأمن والاستقرار في ربوع العالم، وما تبذله من جهود في صياغة القرار السياسي والاقتصادي العالمي ورسم ملامح مستقبل أكثر ازدهارًا لشعبها وأشقائها، وللبشرية جميعًا.
وفي هذا السياق أعلنت هيئة البحرين للسياحة والمعارض إطلاق حملتها السياحية السنوية «منورة بشوفتكم» احتفاءً باليوم الوطني السعودي الـ95.
وبهذه المناسبة، أكدت السيدة سارة أحمد بوحجي الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض، أن العلاقات الأخوية بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية الشقيقة تستند إلى تاريخ مشترك وروابط راسخة ومصير واحد، وأن الرؤى الطموحة تنطلق لتوسيع آفاق التعاون وتعزيز التكامل بما يخدم البلدين وشعبيهما الشقيقين نحو مستقبل أكثر ازدهاراً.
وأشارت الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض إلى أن حملة «منوّرة بشوفتكم» تمثل فرصة لمواصلة تعزيز الروابط الأخوية المتجذرة، واستمرار تقديم تجارب سياحية متنوعة تعكس الضيافة البحرينية الأصيلة، وتثري إقامة الأشقاء السعوديين وزوار مملكة البحرين، بما يسهم في ترسيخ مكانتها كوجهة متميزة للسياحة.
وتعكس مشاركة البحرين في الاحتفال باليوم الوطني السعودي حقيقة راسخة وجلية؛ ألا وهي أن البلدين يجمعهما تاريخ ممتد ومتواصل من المودة والتوافق والتنسيق في كل المواقف، ولذلك فإن جلالة الملك «حمد بن عيسى آل خليفة»، دائم التأكيد، وفي كل المناسبات أن ما يربط بين البلدين من أواصر العلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة التي تستند على وشائج القربى والمحبة والتاريخ المشترك والمصالح المتبادلة، معربا باستمرار عن تقديره لخادم الحرمين الشريفين ملك السعودية «سلمان بن عبدالعزيز آل سعود»، وجهوده لتوحيد الصف العربي ودعم مسيرة التضامن العربي وخدمة القضايا العربية المصيرية، والدور المؤثر الذي تبذله السعودية لتحقيق التطلعات الخليجية والعربية والإسلامية في الأمن والاستقرار والازدهار.
مجلس التنسيق البحريني السعودي وتكامل البلدين
على مر السنين اكتسبت العلاقات البحرينية السعودية قوة دفع هائلة نحو مزيد من التكامل والتلاحم الأخوي والمصيري وأصبح البلدان مؤهلين بقوة للاندماج والوحدة بصورة قياسية وذلك بفضل التوافق التام بين قيادتي البلدين وقد اكتسبت التوجهات التكاملية بين البلدين زخمًا كبيرًا منذ تأسيس مجلس التنسيق البحريني السعودي برئاسة وليي العهد في البلدين سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير «سلمان بن حمد آل خليفة» وأخيه سمو ولي العهد رئيس الوزراء في السعودية الأمير «محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود» في يوليو عام 2019، بحيث ازدادت المشاريع التكاملية والاستثمارية بين البلدين مما زاد من عمق العلاقات على نحو أكثر تكاملًا وتلاحمًا، إذ تم إطلاق عديد من المبادرات السياسية والعسكرية والأمنية والتجارية والاستثمارية والثقافية والسياحية بما يسهم في تعزيز أوجه التعاون المختلفة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
ومما لا شك فيه، فإن الاحتفال باليوم الوطني السعودي هو مناسبة لتسليط الضوء واستذكار وتوثيق العلاقات القوية والأخوية بين البحرين والسعودية، فإن فصول التاريخ ووقائع الحاضر وتطلعات المستقبل جميعها تؤكد أنها كانت دائمًا، وستظل ذات خصوصية فريدة على مستوى العلاقات بين الدول، فهي علاقات ترتكز إلى جانب السعي إلى تحقيق المصالح المتبادلة، على نسيج اجتماعي يربط بين شعبي البلدين، وأواصر من القربى والمصاهرة، مما جعل الأفراح والأعياد بين البلدين واحدة.
لقد تميزت العلاقات البحرينية السعودية بعمقها التاريخي، وتعززت بروابط الدم والإرث والمصير المشترك، وحرصت قيادتا البلدين على توثيقها باستمرار وتعميقها بذاكرة الأجيال المتعاقبة، لكي تستمر على النهج والمضمون أنفسهما، مما وفر مزيدًا من عناصر الاستقرار الضرورية لهذه العلاقة التي تستصحب إرثًا من التقاليد السياسية والدبلوماسية التي أُرسيت على مدى عقود طويلة.
ويُعد مجلس التنسيق البحريني السعودي اليوم منصة تنسيقية رفيعة المستوى تشرف على جميع مجالات التعاون والعمل المشترك، من خلال لجان متخصصة تعمل على تنفيذ المبادرات الاستراتيجية، وتحقيق التكامل بين البلدين في ضوء رؤية البحرين الاقتصادية 2030ورؤية السعودية 2030 ، واتفق مجلس التنسيق البحريني السعودي على عدة مبادرات ذات أبعاد تنموية واستراتيجية، منها: 10 مبادرات أمنية للتعاون في مجال الأمن السيبراني وتسهيل إجراءات العبور والتأشيرات والربط الشبكي المباشر، و11 مبادرة اقتصادية لتسهيل التداول في الأسواق المالية والتعاون، و10 مبادرات في مجالات الاستثمار والبيئة والبنى التحتية، منها تأهيل المطورين لجسر الملك حمد ومشروع السكك الحديدية، والربط المائي، والاستثمار في علوم المستقبل والفضاء والذكاء الاصطناعي.
يشكل تطوير العلاقات الاقتصادية والاستثمارية محورًا رئيسيًا في عمل مجلس التنسيق السعودي البحريني، انطلاقًا من قناعة البلدين بأهمية التكامل الاقتصادي كرافعة للنمو والاستقرار. ويعمل المجلس على خلق بيئة اقتصادية أكثر ترابطًا وانفتاحًا، تقوم على الفرص المشتركة، وتسهيل الحركة التجارية، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة.
فقد شكلت الزيارة التي قام بها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير «محمد بن سلمان آل سعود» للبحرين في ديسمبر 2021، والتي شهدت عقد الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي البحريني نقلة نوعية في علاقات البلدين، وشملت مجالات الاقتصاد والطاقة والصناعة والتجارة، إذ أثمرت إطلاق 11 مبادرة اقتصادية بين البلدين، إلى جانب استهداف الصناديق السعودية لاستثمار خمسة مليارات دولار في مشاريع تنموية بمملكة البحرين.
كذلك يُمثل التنسيق الأمني والدفاعي بين السعودية والبحرين إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها مجلس التنسيق السعودي البحريني. ويأتي هذا التعاون انطلاقًا من عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وحرصهما المشترك على تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة إقليميًا ودوليًا.
وضمن إطار التعاون الدفاعي المتنامي بين السعودية والبحرين، أُطلق تمرين «جسر 25» في ديسمبر 2024، بمشاركة القوات البحرية الملكية السعودية ممثلة بالأسطول الشرقي، وسلاح البحرية الملكي البحرين، حيث هدف هذا التمرين إلى تعزيز الجاهزية القتالية وتوحيد المفاهيم العملياتية بين الجانبين، إلى جانب رفع كفاءة التنسيق في مجالات القيادة والسيطرة والاتصالات. وقد تركز التمرين على محاكاة سيناريوهات ميدانية متعددة، أبرزها الدفاع عن المياه الإقليمية، والاستجابة للتهديدات البحرية، وتطبيق إجراءات المعارك المشتركة. وقد شهد حضورًا لافتًا من كبار القادة العسكريين في البلدين، تأكيدًا لأهمية هذا النوع من المناورات في تعزيز الأمن البحري المشترك، ورفع مستوى التكامل الدفاعي ضمن منظومة التعاون العسكري الخليجي.
بالإضافة إلى ذلك، أثمر الاجتماع الرابع للجنة التنسيق الأمني، الذي عقد في مدينة جدة بتاريخ 24 أبريل 2025، برئاسة وزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ووزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف آل سعود، عن تنفيذ عدد من المبادرات، منها: الحد من انتشار الفكر المتطرف بين الشباب، التعاون في مجال الأمن السيبراني، والربط بين غرف العمليات الرئيسية في البلدين، بالإضافة إلى الانتهاء من المرحلة الأولى من تسهيل إجراءات سفر المواطنين عبر المنافذ الجوية. كما تم مناقشة الآليات اللازمة لتنفيذ عدد من المبادرات الجديدة، التي تستهدف تعزيز التعاون والتنسيق الأمني.
من جسر الملك فهد إلى جسر الملك حمد
لقد كان إنشاء جسر الملك فهد وافتتاحه عام 1986 بحضور العاهل السعودي آنذاك الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وأخيه سمو الأمير الراحل الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة وكبار القيادات قي البلدين بمثابة حدث تاريخي واستراتيجي فريد في علاقات البحرين والسعودية، لأنه حقق حلم أجيال كثيرة متعاقبة من أبناء الشعبين الشقيقين، وجعل إمكانية التواصل والتنقل بين البلدين غاية في السهولة واليسر، بما جسد عمليا ترابطا عمليا وحضاريا واقتصاديا وسياحيا غير مسبوق في تاريخ البلدين.
وبالفعل، في 25 نوفمبر 1986 جرى افتتاح الجسر، الأمر الذي وثقته صحيفة الشرق الأوسط السعودية في اليوم التالي تحت عنوان: «استقبال تاريخي حافل لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد: لقاء المحبة على أرض البحرين»، وجاء في تقرير صحيفة الشرق الأوسط آنذاك: «لقد خرجت البحرين أمس قيادة وشعباً، شيوخاً وشباباً وأطفالاً وبمختلف هيئاتها الرسمية والحكومية والشعبية والطلابية في أزهى موكب وأبهى حلة لاستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، وكانت لحظة تاريخية مشهودة وتجلى اللقاء التاريخي بأروع صوره حيث يتوجه الملك فهد والشيخ عيسى لافتتاح جسر المحبة، جسر السعودية – البحرين».
وأضافت الصحيفة: «لقد أصبح (الجسر) يشكل من وجهة نظر الكثير من المراقبين السياسيين أحد معالم العمق الاستراتيجي في صميم العلاقات بين دول الخليج العربية كلها، وليس على مستوى البحرين والسعودية فقط، ويبلغ طول الجسر نحو 25 كيلومتراً وبعرض 23.2 متراً، وقد أسهم منذ افتتاحه في تحقيق العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للبلدين وكذلك لدول مجلس التعاون الخليجي.
وتُعد مشاريع البنية التحتية من أهم مجالات التعاون الاستثماري بين البلدين، وعلى رأسها في الوقت الراهن مشروع جسر الملك حمد، الذي سيُقام بموازاة جسر الملك فهد، وسيتضمن خطوط نقل بري وسكك حديدية، ليربط البلدين بشكل أكثر فاعلية ويدعم الحركة التجارية والنقل البحري، ويُسهم في ربط الموانئ السعودية والبحرينية بطريقة مباشرة. هذه المشاريع ستؤدي إلى خفض التكاليف اللوجستية وزيادة حجم التبادل التجاري.
ويتضمن جسر الملك حمد توفير مسارات خاصة للمركبات وأخرى للقطارات على الجسر، وتم دراسة عدة خيارات للمسار حيث تم تحديد المسار الأفضل من الناحية العملية والفنية والمالية ويقدر طول الجسر وفقا للدراسة بـ 20 كيلو مترا حيث من المقرر أن يربط بين محطة القطارات في المملكة العربية السعودية ومحطة القطارات المزمع إنشاؤها على جزيرة في الجانب الشمالي الغربي للمحافظة الشمالية في مملكة البحرين. وتبلغ التكلفة التقديرية للبنية التحتية لجسر الملك حمد نحو 4 مليارات دولار.
ومن المتوقع أن تكون سرعة قطارات الركاب ما يقارب 200 كيلومتر في الساعة أما سرعة قطارات نقل البضائع فستتراوح بين 80 و120 كيلومترا في الساعة. ويعد إنشاء جسر ثان بين البحرين والسعودية من الأهمية بمكان فمن المتوقع رفع أعداد المسافرين بين الدولتين إلى الضعف واستيعاب الحركة النشطة في ظل تنامي الحركة الاقتصادية والتبادل التجاري بين المملكتين. فالجسر الجديد من شأنه إنهاء مشاكل تكدس الشاحنات على جسر الملك فهد، والتي كانت تواجه المسافرين عبر الجسر من شدة الزحام من خلال التدفق المروري للمركبات في أوقات الإجازات وعطل الأعياد مما سيعزز النشاط السياحي بين البلدين.
كما أن جسر الملك حمد سيساعد البحرين في تحقيق مساعيها للتحول إلى مركز خدمات إقليمي في قطاعات مختلفة. كما أنه سيوفر أكثر من 22 ألف وظيفة (مباشرة ومساندة) لمواطني الدولتين. ويعزز الاستثمارات الصناعية في المناطق الصناعية من خلال المزيد من المصانع والمؤسسات الخدماتية.
إن الجسر الجديد سيكون أحد اللبنات الأساسية في الاتحاد الخليجي القادم. وداعما جديدا لطموحات شعوب دول مجلس التعاون وتوجهاتها نحو مزيد من الاندماج والتكامل والوحدة.
مستقبل استثماري واعد بين البلدين
لقد عززت السعودية موقعها كأكبر شريك اقتصادي للبحرين بمبادلات تجارية تتجاوز قيمتها 9 مليارات دولار أمريكي سنويًا، وتُعد السعودية الشريك التجاري الأول للبحرين، فيما تعد البحرين الشريك التجاري الثاني للمملكة بين دول الخليج والـ12 بين دول العالم.
وتصدرت السعودية قائمة أكبر المستوردين من البحرين خلال النصف الأول من عام 2025 بقيمة صادرات بلغت حوالي نحو 452 مليون دينار بحريني، كما حافظت السعودية على صدارتها كأكبر سوق للصادرات البحرينية خلال شهر يوليو 2025، حيث بلغت قيمة الصادرات الموجهة إليها نحو 79 مليون دينار بحريني. ففي يونيو 2025 صدرت السعودية منتجات بقيمة 2.1 مليار ريال إلى البحرين، وهو ما يمثل 2.3% من إجمالي صادرات المملكة خلال ذلك الشهر. واستوردت السعودية منتجات بقيمة 655.8 مليون ريال من البحرين، وقد تصدرت فئة «ألمنيوم ومصنوعاته والحديد والصلب (فولاذ)» قائمة المنتجات التي استوردتها السعودية من البحرين.
وبلغ عدد الشركات السعودية المسجلة في البحرين، نحو 1550 شركة، في حين تجاوز عدد الشركات البحرينية المسجلة في السعودية 4600 شركة، ما يعكس حجم الانفتاح والتكامل الاقتصادي بين الجانبين. وقامت عديد من الشركات والمؤسسات السعودية باستثمار مبالغ كبيرة في تطوير وإدارة مراكز تجارية وأسواق كبرى في البحرين، ضمن توجه لتعزيز البنية التحتية التجارية، وجذب المزيد من العلامات التجارية الإقليمية والعالمية إلى السوق البحريني، وشملت الاستثمارات إنشاء مراكز تسوق حديثة، وتطوير مناطق تجارة حرة، بالإضافة إلى توفير بنية تحتية متطورة لخدمات التخزين والتوزيع.
ومن المعلوم، أن السعودية صاحبة النصيب الأكبر في السياحة الوافدة إلى البحرين. ويعكس توقيع اتفاقية تعاون سعودية – بحرينية في مجال السياحة في يونيو الماضي، التزام البلدين بتعزيز القطاع السياحي، وترويجهما وجهة واحدة، وقد ضمت محاور الاتفاقية جوانب متعددة، مثل تطوير العناصر البشرية، واستثمار التكنولوجيا، وتطوير البرامج السياحية المشتركة، فيما اشتملت على تشجيع تبادل الزيارات بين الخبراء وممثلي وسائل الإعلام السياحي، وتطوير المواقع السياحية، ودعم المشروعات السياحية الصغيرة والمتوسطة، والمشاركة في المعارض والمؤتمرات السياحية في البلدين.
يبلغ إسهام الصندوق الصناعي السعودي في دعم وتمويل المشاريع المشتركة مع البحرين وعددها 11 مشروعًا ما قيمته الـ1.48 مليار ريال، فضلًا عن الاستثمارات البحرينية في مدن الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ومن أبرزها: شركة كيمائيات الميثانول بمدينة الجبيل بحجم استثمار يبلغ 1.96 مليار ريال، وشركة الخليج للسبائك المعدنية بمدينة الجبيل بحجم استثمار يبلغ 146 مليون ريال.
وشهدت العلاقات الاقتصادية بين السعودية والبحرين تطورًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، ترجم هذا التطور إلى ارتفاع ملحوظ في حجم الاستثمارات السعودية داخل السوق البحريني. حيث بلغت قيمة الاستثمارات السعودية المباشرة في البحرين حوالي 35 مليار ريال سعودي (نحو 3.9 مليارات دولار أمريكي)، في عام 2023 لتشكل ما يقارب 20% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في البحرين. ويعمل أكثر من 1550 كيانًا استثماريًا سعوديًا في البحرين، موزعة على قطاعات متعددة تشمل الصناعة التمويل العقارات الطاقة والسياحة.
في إطار السعي نحو تعزيز الشراكة الاقتصادية بين السعودية والبحرين، تم الإعلان رسميًا عن تأسيس صندوق الاستثمار السعودي – البحريني خلال اجتماع مجلس التنسيق بين البلدين في فبراير 2023. وقد خُصص لهذا الصندوق رأس مال يُقدّر بـ5 مليارات دولار أمريكي (نحو 18 مليار ريال سعودي)، تحت إشراف صندوق الاستثمارات العامة السعودي وبالتعاون مع الجهات البحرينية، وعلى رأسها شركة ممتلكات البحرينية القابضة.
إن العلاقات البحرينية السعودية تُعد نموذجًا يُحتذى به في التعاون الإقليمي، حيث تمتد جذورها عبر التاريخ لتعكس الروابط الثقافية والدينية والسياسية والأمنية العميقة بين الشعبين. فلقد تمكنت الدولتان من بناء شراكة استراتيجية تعزز من الأمن والاستقرار في الخليج العربي، ويعكس هذا التعاون المستمر الإرادة القوية لكل من البحرين والسعودية لبناء مستقبل مشترك يضمن السلام والتقدم لشعبيهما وللمنطقة بأسرها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك