العدد : ١٧٣٤٣ - الثلاثاء ١٦ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤٣ - الثلاثاء ١٦ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

الصفحة الأخيرة

هـل أزمـة منتـصف الـعمر حقـيـقة عـنـد ســـن 35؟

الثلاثاء ١٦ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

تعد‭ ‬‮«‬أزمة‭ ‬منتصف‭ ‬العمر‮»‬‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المفاهيم‭ ‬شيوعاً‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية،‭ ‬حيث‭ ‬ارتبطت‭ ‬بمشاعر‭ ‬القلق‭ ‬والتساؤل‭ ‬عن‭ ‬الهوية‭ ‬والإنجاز،‭ ‬وأحياناً‭ ‬بسلوكيات‭ ‬اندفاعية‭ ‬كتغيير‭ ‬الوظائف‭ ‬أو‭ ‬المظهر‭.‬

المفهوم‭ ‬صاغه‭ ‬المحلل‭ ‬النفسي‭ ‬الكندي‭ ‬إليوت‭ ‬جاك‭ ‬عام‭ ‬1965،‭ ‬حين‭ ‬ربط‭ ‬بين‭ ‬إدراك‭ ‬الفرد‭ ‬حتمية‭ ‬الموت‭ ‬والتحولات‭ ‬في‭ ‬الإبداع‭ ‬عند‭ ‬سن‭ ‬الخامسة‭ ‬والثلاثين‭. ‬وقد‭ ‬اعتمد‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬سير‭ ‬حياة‭ ‬مبدعين‭ ‬تاريخيين،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إنتاجيتهم‭ ‬تراجعت‭ ‬أو‭ ‬تغيرت‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الثلاثينيات‭.‬

لكن‭ ‬دراسة‭ ‬حديثة‭ ‬للأستاذة‭ ‬ناومي‭ ‬وينتر‭-‬فينسنت‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬نورث‭ ‬إيسترن‭ ‬بلندن‭ ‬تشكك‭ ‬في‭ ‬صلاحية‭ ‬هذه‭ ‬النظرية؛‭ ‬فهي‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬عينة‭ ‬جاك‭ ‬ضيقة،‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬‮«‬أعمال‭ ‬الرجال‭ ‬العظماء‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬فكرة‭ ‬الأزمة‭ ‬الثابتة‭ ‬عند‭ ‬سن‭ ‬35‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬متوسط‭ ‬أعمار‭ ‬قديم‭ (‬70‭ ‬عاماً‭)‬،‭ ‬بينما‭ ‬اليوم‭ ‬يتجاوز‭ ‬متوسط‭ ‬العمر‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬كثيرة‭ ‬80‭ ‬عاماً‭.‬

وتشير‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬التجريبي‭ ‬لفكرة‭ ‬‮«‬الأزمة‮»‬‭ ‬ضعيف‭ ‬جداً،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬يعيشه‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬حياتهم‭ ‬هو‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬طبيعية‭ ‬من‭ ‬التقييم‭ ‬الذاتي‭ ‬لا‭ ‬أزمة‭ ‬محددة‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬النظرية‭ ‬أغفلت‭ ‬تجارب‭ ‬النساء‭ ‬والعوامل‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الحديثة‭ ‬مثل‭ ‬تأخر‭ ‬التعليم‭ ‬وبداية‭ ‬الحياة‭ ‬الأسرية‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬التحولات‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬المعاصر‭ ‬يرى‭ ‬الباحثون‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬أزمة‭ ‬منتصف‭ ‬العمر‮»‬‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يمثل‭ ‬محطة‭ ‬ثابتة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬بل‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬تجربة‭ ‬مرنة‭ ‬وشخصية‭ ‬تختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬البيئات‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭.‬

‭ ‬فمع‭ ‬امتداد‭ ‬متوسط‭ ‬الأعمار،‭ ‬وتغير‭ ‬إيقاع‭ ‬الحياة‭ ‬الأسرية‭ ‬والمهنية،‭ ‬بات‭ ‬سن‭ ‬الخامسة‭ ‬والثلاثين‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬عتبة‭ ‬النضج‭ ‬وبداية‭ ‬الإنجاز‭ ‬الحقيقي،‭ ‬لا‭ ‬إلى‭ ‬منتصف‭ ‬الطريق‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاهتمام‭ ‬الحديث‭ ‬بالصحة‭ ‬النفسية‭ ‬والبدنية،‭ ‬وظهور‭ ‬تقنيات‭ ‬جديدة‭ ‬تسعى‭ ‬لإطالة‭ ‬الشباب‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الخلود‭ ‬التكنولوجي‮»‬‭ ‬أضافت‭ ‬طبقة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعقيد‭ ‬لهذا‭ ‬النقاش،‭ ‬وجعلت‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬الأزمة‭ ‬التقليدية‭ ‬مجرد‭ ‬إرث‭ ‬ثقافي‭ ‬تاريخي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬حقيقة‭ ‬علمية‭ ‬عالمية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا