منهجية مميزة في التحقيق تفكك عصابة دولية استولت على الملايين بفخ العملات الرقمية
كتب: إسلام محفوظ
عقد على هامش اجتماع النواب العموم العرب الذي عقد مطلع الشهر الحالي ندوة بعنوان «التحقيق الجنائي في الجرائم المرتبطة بالعملات الرقمية وتحريز أدلتها»، بمشاركة مجموعة من الخبراء والمتخصصين، عرضت النيابة العامة بمملكة البحرين خلالها تجربتها في التحقيقات المتعلقة بجرائم العملات الرقمية، بما في ذلك أساليب جمع الأدلة وملاحقة الجرائم المالية.
واستعرض رئيس النيابة أحمد الرمضان ملامح التجربة البحرينية ومنهجية التحقيق التي تقوم على دراسة الأوراق وتحديد الوقائع والتكييف القانوني، ورصد القطاعات المستهدفة والأفعال المادية، وتحديد النطاق الزمني والمكاني للجريمة، وحصر المتضررين وقيمة الأضرار، وإجراء التحليل المالي اللازم وصولاً إلى الربط بين الأفعال المادية والنتائج، وتتبع حركة أموال الجريمة ومآلها بالإضافة إلى الأموال المتأتية من الجريمة بصورتيها المادية والرقمية، وتحديد المسؤولية الجنائية الشخصية والاعتبارية إن وجدت.
وعرضت النيابة تجربتها في إحدى القضايا المعقدة التي باشرت تحقيقها وتمكنت من تفكيك شبكة يقودها مجرم دولي من خلال الإجراءات الاستباقية والفاعلة، وتعود تفاصيل القضية إلى بلاغ تلقته النيابة العامة من المركز الوطني للتحريات المالية بشأن البلاغات الواردة إليهم من قبل عدد من المجني عليهم ضد المتهم الأول الذي استولى على أموالهم بطريقة احتيالية بزعم الاستثمار في شركته (المتهمة الخامسة) من خلال إيهامهم بشراء سلع نادرة تدر أرباحًا مجزية بالإضافة إلى إعادة مبلغ الاستثمار، وكشفت التحريات أن المتهم لديه أسبقيات احتيال في عدة دول عربية وآسيوية وغربية مستخدمًا هويات مختلفة.
وما إن ورد البلاغ إلى النيابة العامة باشرت تحقيقاتها باستجواب المتهمين وسماع أقوال المجني عليهم والشهود، وأصدرت قرارات بالكشف عن سرية حسابات المتهمين والتحفظ على ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، والانتقال إلى مقر الشركة محل الواقعة ومعاينتها وإثبات محتوياتها والتحفظ عليها، إلى جانب إصدار أوامر ضبط دولية للمتهمين الهاربين ومنع سفر ذوي الصلة إلى حين الانتهاء من إجراءات التحقيق، وإصدار قرارات مسببة بفحص وتفريغ الأجهزة الإلكترونية، وفحص كل مستندات الواقعة وترجمتها، وطلب تحريات الشرطة المكثفة حول الواقعة.
وقد بينت النيابة العامة في عرضها لوقائع القضية آليات جمع الأدلة بشقيها القولي والفني، والإجراءات التحفظية التي اتخذتها التي تمثلت في التحفظ على جميع حسابات المتهم الأول ومحفظته الإلكترونية وما تتضمنه من مبالغ وعملات ومركباته الفارهة ومقتنياته الشخصية إضافة إلى محتويات شركته والمخزن الخاص به.
كما استعرضت النيابة العامة الاتهامات التي وجهتها إلى المتهمين وهي:
1- جناية غسل الأموال.
2- جناية جمع وتلقي أموال الغير بقصد الاستثمار من دون ترخيص.
3- جنحة الوساطة في جمع وتلقي أموال الغير بقصد الاستثمار من دون ترخيص.
4- جنحة إعطاء شيك بدون رصيد.
5- جنحة تزوير سجلات إلكترونية لجهة خاصة.
وقد كشفت تحقيقات النيابة العامة أن المتهم الأول ارتكب الجرائم المبينة أعلاه مستعينًا بالمتهمة الثانية التي أنشأت شركة لتزوير تقييم بطاقات تذكارية لخداع المستثمرين، وتولى المتهم الثالث -بصفته مستشاره المالي- إخفاء التعاملات المالية عن رقابة البنوك، بينما قام المتهم الرابع بجلب مستثمرين إلى المتهم الأول وشركته مقابل عمولات، رغم علمه بعدم حصول المتهم الأول على الترخيص اللازم، إضافة إلى تأسيسه شركة ليمارس أعمال الوساطة بعيداً عن رقابة البنوك.
وقد أحالت النيابة العامة القضية إلى المحكمة المختصة التي أصدرت حكمها بمعاقبة المتهمين بالسجن والحبس مددا تصل إلى ثماني سنوات مع مصادرة عائدات الجريمة وإلزام المتهم الأول برد مبلغ ثلاثة ملايين وثلاثمائة وواحد وسبعين ألفًا ومائتين وخمسين دينارًا وستمائة فلس إلى أصحابها، إضافة إلى غرامة قدرها مائة ألف دينار بحريني، ومصادرة الأموال موضوع جريمة غسل الأموال المنسوبة إلى المتهمين الأول والثالث والخامسة (الشركة) البالغ مقدارها مليونا وثمانمائة وثلاثة وأربعين ألفًا ومائة وتسعة وثمانين دينارًا ومائة وواحدا وعشرين فلسًا أو أي أموال مملوكة لهم مساوية في القيمة فضلًا عن إبعاد المتهمين من الأول حتى الرابع عن مملكة البحرين نهائيًا بعد تنفيذ العقوبة.
وأكدت النيابة خلال عرضها أن الإجراءات الاستباقية المتخذة من قبل النيابة العامة أسهمت في الكشف عن عدد كبير من المجني عليهم الذين لم يكونوا على علم بتعرضهم للاحتيال، كما قامت بدورها باتخاذ الإجراءات اللازمة التي تضمن حقوقهم بصفتها أمينة على الدعوى الجنائية، وقد حصلوا على أحكام قضائية باسترداد أموالهم من المتهمين بالرغم من عدم تقدمهم بأي بلاغ.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك