في السنوات الأخيرة، اقتحمت التكنولوجيا الملاعب والصالات الرياضية بقوة، لتترك بصمتها الواضحة في أسلوب إدارة المباريات وقرارات الحكام. وفي الكرة الطائرة تحديدا، برزت تقنيات مثل التسجيل الإلكتروني وتقنية الفيديو Challenge»» كأدوات حاسمة لضمان العدالة وتقليل الأخطاء. لكن، كيف يراها الحكام من داخل الميدان؟ وما هي أبرز التحديات والمفاجآت التي قد تحملها السنوات القادمة؟ هذا ما نحاول اكتشافه في هذا الحوار مع الحكم الدولي جعفر إبراهيم، الذي يرى أنّ الحكم لم يفقد سلطته في ظل وجود التقنية الإلكترونية.
1- كيف غير التسجيل الإلكتروني طريقة تسجيل المباريات مقارنة بالطريقة التقليدية؟
غير التسجيل الإلكتروني طريقة تسجيل المباريات بشكل كبير مقارنة بالأسلوب التقليدي، إذ سهل العديد من المهام التي كان يتولاها أكثر من شخص، وجمعها في مسؤولية فرد واحد، مع تقليل نسبة الأخطاء إلى حد شبه معدوم، بفضل التطوير المستمر لبرامج التسجيل الإلكتروني لتفادي أي مشكلات قد تطرأ أثناء الاستخدام.
ورغم أن الطريقتين تؤديان في النهاية الغرض نفسه، إلا أن الفرق يكمن في مدى فهم وإتقان المستخدم للعمل، فالعنصر البشري يظل عرضة للخطأ مهما كانت الوسيلة، لكن كلما كان المسجل متمكنا من أدواته، جاء عمله متقنا وخاليا من الأخطاء، سواء بالتسجيل التقليدي أو الإلكتروني.
2- ما أبرز مزايا تقنية الفيديو (Challenge) بالنسبة للحكم؟
يمكنك صياغتها هكذا: تختصر في كلمة «العدالة».
3- هل واجهتم مشاكل تقنية أثرت على سير المباراة أثناء استخدام فيديو التحدي؟
تعد المشاكل التقنية أمرا طبيعيا عند استخدام التكنولوجيا، سواء نتجت عن انقطاع الإنترنت أو ملامسة الكرة للكاميرات، وهذا يعتبر جزءا من مجريات اللعبة، وفي حال حدوث ذلك أثناء طلب التحدي، يبقى قرار الحكم هو الفيصل والنهائي.
4- ما مدى دقة تقنية الفيديو في حسم الكرات المشكوك فيها؟
يبقى الفيديو أداة دقيقة في حسم القرار، لكن الكلمة الأخيرة تظل بيد حكم التحدي وفق القانون ونظام التحدي، فهو المسؤول عن اتخاذ القرار النهائي، لا التقنية.
5- هل تقلل التقنية من الضغوط النفسية على الحكم أم تزيدها؟
هي سلاح ذو حدين؛ فإما أن تمنح الحكم ثقة عالية بقراراته، خاصة عند ثبوت صحتها أمام طلبات الفيديو، فيفرض سيطرته ويكون سيد الملعب، أو أن تأتي بنتيجة عكسية في حال وقوع خطأ – وهي حالات نادرة – مما قد يهز ثقته بنفسه ويزيد من حجم الضغوط عليه، لكن متى ما أتقن الحكم كيفية ومتى يستخدم هذه التقنية لصالحه، فلن تكون هناك ضغوط نفسية مؤثرة عليه بشكل عام.
6- كيف أثرت التكنولوجيا على سرعة اتخاذ القرار أثناء المباريات؟
بالنسبة للبطولات العالمية، فقد أسهمت التكنولوجيا في تسريع عملية اتخاذ القرار، إذ أصبح الحكم المساعد بالفيديو يرسل قراره مباشرة إلى حكم المباراة عبر الشاشة المخصصة له، خاصة في بعض الأخطاء المحددة.
7- هل ساعدت التقنية في تقليل الأخطاء التحكيمية بنسبة ملحوظة؟
لا يمكن القول إنها أخطاء تحكيمية، لكنها قرارات اتخذت في لحظة معينة وبسرعة محددة وفق رؤية الحكم في الملعب، إلا أن التقنية، بما تتمتع به من دقة عالية وتعدد زوايا التصوير عبر عدد كبير من الكاميرات، مكنت المختصين من مراجعة الحالات وتغيير القرار عند الحاجة، وبذلك أنصفت الفرق.
8- برأيك، هل فقد الحكم جزءا من سلطته الميدانية بعد إدخال التقنية؟
لا، لم يفقد الحكم أي جزء من سلطته، لكنه في العادة يبرز هذه السلطة من خلال طريقة إدارته للمباراة وحسن توظيفه للتقنية بشكل عام.
9- هل يشعر الحكام بأن اللاعبين أصبحوا أكثر اعتمادا على الفيديو للاعتراض؟
من فوائد التقنية أنها غيرت مفهوم الاعتراض، حيث أصبح بالإمكان اللجوء إلى الطلب والحق الرسمي لتوضيح القرار وبيان ما إذا كان صائبا أم خاطئا.
10- كيف تتعاملون مع الحالات التي لا تغطيها الكاميرات أو التقنية بشكل واضح؟
في هذه الحالة يمكن الاستعانة بمراقبي الخطوط، أو الحكم الثاني لو استدعى الأمر للتشاور، أو يبقى قرار الحكم الأول هو النهائي حسب ما اتخذ سابقا قبل طلب الفيديو.
11- هل بات الحكام في حاجة لدورات خاصة على استخدام التكنولوجيا الحديثة؟
بلا شك، الدورات حاليا هي مطلب للحكام لمواكبة التطور الحاصل باستخدام التكنولوجيا الحديثة.
12- كم يحتاج الحكم من الوقت لإتقان التعامل مع أنظمة الفيديو والتسجيل الإلكتروني؟
لا يوجد وقت محدد لإتقان التعامل مع أنظمة الفيديو والتسجيل الإلكتروني، لكن يظل ذلك مرتبطا بقدرة الفرد على التعلم ومواكبة التطور التكنولوجي.
13- هل تختلف مهارات الحكم التقني عن الحكم الميداني التقليدي؟
الحكم الميداني هو نفسه الحكم التقني، أو ما يعرف بـ«حكم فيديو التحدي»، إذ لا يتوقع منه معرفة كيفية استخدام التقنية نفسها، بل يتوقع منه الإلمام بالقوانين ومتطلبات التحدي، واتخاذ القرار النهائي وفقا للقانون. أما في بطولات الاتحاد الدولي، فهناك حكام مخصصون فقط لأدوار حكم فيديو التحدي.
14- ما أصعب المهام التي يواجهها الحكم أثناء إدارة النظام التقني للمباراة؟
لا يمكن وصف المهمة بالصعبة بالضرورة، ولكن كلما كان حكم الفيديو ملمًا ومتقنًا بنظام الفيديو، تصبح المهمة أسهل، أو قد تكون العكس إذا لم يكن كذلك. وينعكس ذلك على الحكم في نهاية المطاف في كيفية اختيار الكاميرا الأمثل لعرض القرار بشكل دقيق وتوصيل المعلومة الصحيحة للحكم الأول. ولا يتم هذا الاختيار من قبل التقني، لأن مسؤولية الاختيار دائما تقع على حكم الفيديو المختص، فهو في النهاية من يتم تقييمه من قبل مراقب المباراة إذا وقع خطأ في اتخاذ القرار أو عرض الفيديو بشكل خاطئ.
15- ما أبرز التقنيات التي تتوقع دخولها عالم الكرة الطائرة خلال السنوات القادمة؟
صعب التوقع في مثل هذه الأمور، ولكن في حال تكرار قرار تحكيمي قد ينطوي على ظلم لفريق ما، لا يمكن تقديم طلب استئناف بشأنه مباشرة، يتم دراسة مثل هذه الحالات وإجراء اختبارات لها في بعض البطولات، ثم تقييمها لاحقا، وكل ذلك يتم من خلال المختصين في الاتحاد الدولي.
16- هل يمكن أن نرى يوما ما تحكيمًا آليا بالكامل بدون تدخل بشري؟
أعتقد أن العنصر البشري يظل أساسا في إدارة المباريات، فبعض القرارات تعتمد بشكل مباشر على الحكم. وحتى مع الاعتماد على التكنولوجيا، سنرى الكثير من المفاجآت. فعلى سبيل المثال، استخدام التكنولوجيا يتطلب عددا هائلا من الكاميرات، ومع ذلك قد لا تغطي كل الأخطاء، خصوصا إذا حدثت في أماكن يصعب الوصول إليها بالكاميرات، كما أنه في حالة تعطل النظام من قِبل مسؤول المباراة، سنضطر للعودة إلى الحكم البشري.
17- ما رأيك في إدخال الذكاء الاصطناعي لتحليل قرارات الحكام وتقييم أدائهم؟
يعد الذكاء الاصطناعي من التقنيات المتقدمة في عالم البرمجيات والتحليل، ويتطلب منظومة متكاملة لتشغيله، ما يجعل تكلفته مرتفعة، ومع ذلك، يبقى العنصر البشري هو المرجع النهائي في عملية التحليل.
18- هل تتوقع أن تحل الأجهزة محل الحكام في قرارات مثل اللمسات الخفيفة أو الأخطاء الدقيقة؟
من الممكن التنبؤ بذلك بالنسبة للمسات الدقيقة التي لا يمكن رؤيتها اعتمادا على موقعها واتجاهها في حالات الصد.
19- كيف يمكن ضمان أن تبقى التكنولوجيا داعمة للتحكيم لا بديلة عنه؟
أعتقد أنها ستصبح بديلا للتحكيم، وستلعب دورا داعما بشكل أكبر مستقبلا، وذلك بفضل تطور الحكام في استخدام التقنية، من خلال الندوات والدورات التدريبية التي ستواكب هذا التطور التكنولوجي.
20- لو كان بإمكانك اقتراح تقنية جديدة للكرة الطائرة، ماذا ستكون ولماذا؟
تقنية العدالة، مثال توضيحي: إذا قام الحكم بإيقاف اللعبة بسبب خطأ لمس الشبكة، ومباشرة بعد ذلك لمست الكرة العمود أو الأرض بعد لمسة صد من فريق «أ»، وطلب فريق «أ» مراجعة الفيديو (تحدي الفيديو) وكان القرار لصالحه، عندها يعاد اللعب. ولكن هذا قد يعد ظلما لفريق «ب»، لأنه لو لم يحتسب خطأ لمس الشبكة، لكانت النقطة من حق فريق «ب».
وبعد كل ذلك التكنولوجيا أثبتت أنها شريك لا غنى عنه في كرة الطائرة الحديثة، لكنها في نظر الحكام يجب أن تبقى أداة مساعدة لا بديلًا عن الخبرة الإنسانية. وبينما يستمر التطوير، يظل الهدف الأسمى هو حماية نزاهة اللعبة وإمتاع الجماهير بأداء عادل ودقيق.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك