العدد : ١٧٣٩١ - الاثنين ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٩١ - الاثنين ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

الصفحة الأخيرة

اكتشاف «مفتاح إعادة ترتيب الذكريات» في الدماغ!

الأربعاء ٢٠ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

كشفت‭ ‬دراسة‭ ‬حديثة‭ ‬عن‭ ‬وظيفة‭ ‬جديدة‭ ‬مذهلة‭ ‬لمنطقة‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭ ‬تُعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬البقعة‭ ‬الزرقاء‮»‬،‭ ‬تعمل‭ ‬كـ«زر‭ ‬فصل‮»‬‭ ‬بين‭ ‬الذكريات‭ ‬المتتالية،‭ ‬ما‭ ‬يساعد‭ ‬الدماغ‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬الأحداث‭ ‬كذكريات‭ ‬منفصلة‭.‬

وأشار‭ ‬معدّو‭ ‬الدراسة‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬في‭ ‬لوس‭ ‬أنجلوس‭ ‬وجامعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬البقعة‭ ‬الزرقاء‮»‬‭ ‬هي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الخلايا‭ ‬العصبية‭ ‬في‭ ‬جذع‭ ‬الدماغ،‭ ‬معروفة‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬اليقظة‭ ‬والانتباه،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬فرضية‭ ‬جديدة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تعمل‭ ‬كـ«زر‭ ‬فاصل‮»‬‭ ‬يفصل‭ ‬بين‭ ‬أجزاء‭ ‬التجارب‭ ‬المختلفة‭ ‬أثناء‭ ‬تخزين‭ ‬الذكريات،‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬تفصل‭ ‬الفصول‭ ‬بين‭ ‬أجزاء‭ ‬الكتاب‭.‬

ولاختبار‭ ‬هذه‭ ‬الفرضية‭ ‬أجرى‭ ‬العلماء‭ ‬تجربة‭ ‬على‭ ‬36‭ ‬متطوعا،‭ ‬حيث‭ ‬شاهد‭ ‬المشاركون‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬المحايدة‭ ‬أثناء‭ ‬تنفيذ‭ ‬مهمة‭ ‬محددة‭. ‬وقبل‭ ‬عرض‭ ‬كل‭ ‬صورة‭ ‬كانوا‭ ‬يسمعون‭ ‬نغمة‭ ‬صوتية‭ ‬في‭ ‬الأذن‭ ‬اليمنى‭ ‬أو‭ ‬اليسرى،‭ ‬لتحديد‭ ‬اليد‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬استخدامها‭ ‬عند‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬يتعلق‭ ‬بحجم‭ ‬الشيء‭ ‬في‭ ‬الصورة‭.‬

ولم‭ ‬تُستخدم‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬للإشارة‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬لخلق‭ ‬إحساس‭ ‬بـ«السياق»؛‭ ‬إذ‭ ‬شكّلت‭ ‬سلسلة‭ ‬النغمات‭ ‬المتشابهة‭ ‬شعورا‭ ‬بالاستمرارية،‭ ‬بينما‭ ‬مثّلت‭ ‬التغييرات‭ ‬في‭ ‬النغمة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الجهة‭ (‬يمين‭/‬يسار‭) ‬‮«‬حدودا‭ ‬للأحداث‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬اللحظات‭ ‬تحديدا،‭ ‬كان‭ ‬الدماغ‭ ‬يقرر‭ ‬أن‭ ‬ذكرى‭ ‬معينة‭ ‬انتهت،‭ ‬لتبدأ‭ ‬أخرى‭ ‬جديدة‭.‬

ووجد‭ ‬الباحثون‭ ‬أن‭ ‬نشاط‭ ‬‮«‬البقعة‭ ‬الزرقاء‮»‬‭ ‬يزداد‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬أحداث‭ ‬محددة‭ ‬مثل‭ ‬تغيّر‭ ‬النغمة‭ ‬أو‭ ‬الجهة‭. ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الذروات‭ ‬في‭ ‬النشاط‭ ‬تزامنت‭ ‬مع‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬تذكّر‭ ‬ترتيب‭ ‬مؤشرات‭ ‬التنبيه،‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬بقوة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدماغ‭ ‬يقوم‭ ‬بتقسيم‭ ‬الانطباعات‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء‭ ‬منفصلة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ربطها‭ ‬في‭ ‬تدفّق‭ ‬واحد‭ ‬مستمر‭.‬

كما‭ ‬أظهر‭ ‬تحليل‭ ‬البيانات‭ ‬أن‭ ‬ذروات‭ ‬نشاط‭ ‬‮«‬البقعة‭ ‬الزرقاء‮»‬‭ ‬تؤثّر‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬الحُصين،‭ ‬وهي‭ ‬بنية‭ ‬دماغية‭ ‬رئيسية‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬تكوين‭ ‬الذاكرة‭ ‬العرضية‭. ‬وقد‭ ‬تبيّن‭ ‬للعلماء‭ ‬أن‭ ‬نشاط‭ ‬‮«‬البقعة‭ ‬الزرقاء‮»‬‭ ‬يُعيد‭ ‬ضبط‭ ‬عمل‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الحُصين‭ ‬يُسمّى‭ ‬التلفيف‭ ‬المسنّن،‭ ‬ما‭ ‬يساعد‭ ‬الدماغ‭ ‬على‭ ‬تمييز‭ ‬الأحداث‭ ‬المتشابهة‭ ‬وتشفيرها‭ ‬كذكريات‭ ‬مستقلة‭.‬

وكشفت‭ ‬الدراسة‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬النشاط‭ ‬المزمن‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬البقعة‭ ‬الزرقاء‮»‬،‭ ‬لديهم‭ ‬حساسية‭ ‬أقل‭ ‬لحدود‭ ‬الأحداث‭. ‬وبمعنى‭ ‬آخر،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬نظام‭ ‬الإنذار‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬‮«‬القلق‭ ‬الدائم‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬يصبح‭ ‬أقل‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬الاستجابة‭ ‬للتغييرات‭ ‬المهمة‭ ‬فعلا‭ ‬في‭ ‬البيئة‭.‬

وصرّح‭ ‬ديفيد‭ ‬كليفت،‭ ‬الباحث‭ ‬الرئيسي‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬في‭ ‬لوس‭ ‬أنجلوس،‭ ‬موضحا‭ ‬جوهر‭ ‬الاكتشاف‭: ‬‮«‬الحياة‭ ‬تتدفق‭ ‬باستمرار،‭ ‬ولكن‭ ‬لكي‭ ‬نفهمها،‭ ‬نقسمها‭ ‬إلى‭ ‬فصول‭. ‬نحن‭ ‬نتذكر‭ ‬الماضي‭ ‬ليس‭ ‬كتيار‭ ‬متواصل،‭ ‬بل‭ ‬كحلقات‭ ‬منفصلة‭. ‬لذا‭ ‬أردنا‭ ‬نحن‭ ‬وزملاؤنا‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬كيف‭ ‬يحوّل‭ ‬الدماغ‭ ‬هذا‭ ‬التدفق‭ ‬إلى‭ ‬فصول‭ ‬منفصلة‭ ‬مكرّسة‭ ‬لأحداث‭ ‬محددة‮»‬‭.‬

وبعد‭ ‬هذه‭ ‬النتائج،‭ ‬يتطلّع‭ ‬العلماء‭ ‬إلى‭ ‬استكشاف‭ ‬إمكانية‭ ‬تنظيم‭ ‬مستوى‭ ‬تنبيه‭ ‬‮«‬البقعة‭ ‬الزرقاء‮»‬‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬مثل‭ ‬تمارين‭ ‬التنفّس،‭ ‬والتأمل،‭ ‬أو‭ ‬الأدوية،‭ ‬لمعرفة‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬بالإمكان‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬فصل‭ ‬الذكريات‭. ‬وقد‭ ‬يفتح‭ ‬ذلك‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬تطبيقات‭ ‬علاجية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬اضطرابات‭ ‬الذاكرة‭ ‬والخرف‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا