17 قضية ابتزاز إلكتروني أمام النيابة في 7 أشهر..وحملات «الداخلية» التوعوية لا تتوقف
تقرير: إسلام محفوظ
جرائم التحرش والابتزاز الالكتروني بالأطفال أصبحت من أكبر التحديات التي تهدد الأطفال عالميا، وهو ما كشف عنه تقرير بصحيفة «إندبندنت» البريطانية المنشور في نوفمبر الماضي الذي أشار إلى تعرُّض 1 من كل 12 طفلاً حول العالم للاستغلال الجنسي عبر الإنترنت، فيما حذرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال، الدكتورة نجاة معلا مجيد من تزايد الاستغلال الجنسي والإساءة إلى الأطفال عبر الإنترنت، مشيرة إلى أن تأثر حوالي 300 مليون طفل حول العالم بتلك الجرائم. ولعل البحرين ليست بمعزل عن التهديدات العالمية، ولكن تبقى دائما استباقية المواجهة التي ترفعها الجهات المعنية أبرز ما يميز تجربة المملكة، واطلعت «أخبار الخليج» على جهود الجهات المعنية في مكافحة التحرش والابتزاز الالكتروني وحماية الأطفال، حيث كشفت إحصائيات النيابة العامة في قضايا التحرش والابتزاز الإلكتروني للأطفال عن مباشرة 17 قضية منذ يناير وحتى يوليو الماضي منها 14 قضية قيد التحقيق، وقضيتان حفظت مؤقتاً ضد مجهول، قضية أُحِيلَت الى المحاكمة الجنائية.
النيابـة: الأسـاليب الإجراميـة تطورت للإيقاع بالأطفال
في البداية يقول رئيس النيابة محمد عبد الحكيم بوحجي، نائب رئيس نيابة الأسرة والطفل ان الجناة في جرائم ابتزاز الأطفال واستغلالهم إلكترونياً على معرفة ودراية تامة بأن طفل اليوم ليس ذاته طفل الأمس، وعليه فهم يعملون بشكل مستمر على تطوير أساليبهم الإجرامية واستبدالها بالأحدث كلما دعت الحاجة وصولاً الى إيقاع الطفل في شباكهم.
ويضيف الى «أخبار الخليج»، أن من بين تلك الأساليب التي ينتهجها الجناة مع الإناث تحديداً هو الحصول على صور ومقاطع مخلة للطفلة تحت شعار الحب والرغبة في تكليل العلاقة بالزواج فالجاني، وفي ظل مجتمعنا المحافظ كان لا بد عليه أن ينسج شباكه بما يتناسب والعادات والتقاليد، وأن يربط استغلاله بهدف أسمى وهو الزواج، هذا إلى جانب الصور الأخرى التي عادة ما يقع ضحيتها الأطفال ممن هم دون الخامسة عشرة، حيث يستغل الجاني قلة وعي وإدراك الطفل ورغبته في الحصول على بعض الكماليات التي لا تتوافر له من قبل ولي أمره ويبدأ في استغلاله جنسياً، هذا إلى جانب قيام الجاني بتقديم معلومات غير صحيحة عنه، سواء كانت معلومات تتعلق بجنسه أو سنه رغبة في إيهام ضحيته والتقرب منها وصولاً الى كسب الثقة ودخولاً في مرحلة الاستغلال.
مشيرا إلى تنوع الأساليب والوسائل التي قد تُستخدم لاستدراج الأطفال من الجنسين، في ظل عالم مفتوح يتيح فرصًا للاستغلال بأشكاله المختلفة، ما يستدعي استدعاء مسؤولية الجميع في تعزيز التوعية وتكثيف الرقابة لحماية الأطفال، ويضيف بوحجي أنه نظراً الى كون الجناة حريصين أشد الحرص على تطوير أساليبهم لتكون أساليب حديثة وليكونوا قادرين من خلالها على خداع الأطفال كان لِزاماً أن يتم رفع وعي الأطفال بالأساليب التي قد يسلكها الجناة معهم قبيل استغلالهم في سبيل حماية الأطفال، ورفع وعي ولي الأمر كذلك الذي له الدور الأكبر كونه مصدراً للثقة والأمان في إيصال المعلومات الصحيحة للطفل.
ولأهمية التوعية، أطلقت النيابة العامة، بالتعاون مع مؤسسات الدولة، الحملة الوطنية التوعوية «حماية»، بهدف حماية الأطفال من الاستغلال والابتزاز الإلكتروني. وقد أسفرت هذه الحملة عن نتائج ملموسة، حيث رُصدت عقب تنفيذها بلاغات تتعلق بحالات استغلال وابتزاز للأطفال، قائلا «من خلال هذا المنبر الإعلامي، نؤكد على ضرورة تضافر الجهود للتصدي لهذه الآفة، سواء على مستوى المجتمع المدني أو على مستوى الأسر، عبر تفعيل وتعزيز أساليب الرعاية والحماية والرقابة، حفاظًا على أجيال المستقبل من أي شكل من أشكال الاستغلال».
استشارة مجانية من خبراء الطفولة لأولياء الأمور
الباحثة الاجتماعية إيمان الفله بمؤسسة مركز بتلكو للاستقرار الأسري، تشير إلى أنه بانتقالنا الى العالم الافتراضي تزامنت معه انتقال كل التحديات في الواقع الى العالم الافتراضي مع فرق تغيير الأسلوب أكثر تحدي هو سهولة وصول الطفل إلى ذلك العالم ومواجهة تهديداته بمفرده، وتوضح استطلاع قامت به مؤسسة مركز بتلكو للاستقرار الأسري حول الابتزاز الالكتروني شارك به 1452 مشاركا من الجنسين وفئات مختلفة من الأعمار كان من ضمن الاسئلة (من وجهة نظرك ما أكثر أنواع وطرق الابتزاز انتشاراً)؟
كانت أغلب الإجابات تتركز حول التهديد والاختراق وانتحال الشخصيات وقد ذكر العديد من الطرق التي تتم بها الجريمة في العالم الرقمي وهذا يدل على أن الكثيرين يعوّن بالمخاطر الرقمية. وهنا تأتي أهمية التوعية الاستباقية، قائلا: «الوقاية خير من العلاج» خاصة أن بعد الوقوع في المشكلة التي تستنزف الضحية الكثير من الصحة النفسية سواء من ناحية التوتر والقلق والرغبة في الانعزال والخوف من العواقب ووضع الحوارات الافتراضية، مما يؤثر سلبا على جودة النوم والشهية والمزاجية، كما أن الخوف سيوجهه الى إخفاء كل كلمات المرور (الباسورد) وتغيرها بشكل مستمر.
كما أوضحت أن سؤالا آخر من خلال الاستطلاع حول أكثر مظاهر الابتزاز تركزت الإجابات في التهديد بنشر الصور والفيديوهات والابتزاز العاطفي وهذا يشير الى أن الناس تنقل تجاربها المختلفة في الابتزاز الرقمي وما تعرضوا له من مواقف مختلفة في هذا السياق، حيث أشارت الإجابات الى أن أكثر الدوافع في وقائع الابتزاز هي الاستغلال الجنسي والمادي والعاطفي والانتقام والمرض النفسي، وأشار الاستطلاع الى أن أكثر الفئات تعرضاً إلى الجرائم الرقمية هم الأطفال بالدرجة الأكبر ثم النساء وقليل من الرجال.. إلا انه ومن خلال الملاحظة الميدانية يتبين أن كل شخص لا يملك الوعي الكافي بمخاطر العالم الرقمي والأمن السيبراني قد يكون عرضة لذلك، وهنا رسالة يجب توجيهها الى الأبناء بضرورة الوعي وتعلّم الأمن السيبراني ومحو الأمية الرقمية حتى يستطيعون حماية أبنائهم من أي مخاطر يقعون بها في العالم الافتراضي.
وفي الختام تؤكد الباحثة الاجتماعية إيمان الفله أن بناء العلاقة القوية مع الأبناء وفتح مساحة الحوار وتعزيز الثقة بأنفسهم وتوعيتهم بالمخاطر التي تحيط بهم في العالم الافتراضي يُـقيهم من أي مبتز واي متحرش واي مخاطر، بالإضافة إلى وجود ممارسات أسرية في مجال استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لضبط العملية التربوية، وضرورة عدم وجود الهواتف الذكية في غرف النوم بقدر المستطاع.
فيما تؤكد عائشة السليطي اخصائية ومدربة في حماية الطفل من التحرش والإبتزاز الإلكتروني، أن الحماية تبدأ بخطوات بسيطة ولكنها فعالة مثل وضع الأجهزة في أماكن مشتركة بالبيت، واستخدام برامج الرقابة من قبل الوالدين، وتحديد أوقات الاستخدام الإنترنت، كما يحب تعلم الطفل عدم مشاركة معلوماته أو صورة وشرح أهمية التحقيق من صحة المحتوى، ومشاركته في الأنشطة الرقمية وتهزيز الثقة وتشجع التواصل.
وقدمت النصيحة للأسر بضرورة متابعة علامات تعرض الطفل للخطر قائلة قد يواجه الطفل التحرش أو الابتزاز الإلكتروني من دون أن يفصح من الخوف، ولكن تظهر عليه مؤشرات مثل الانعزال والخوف من الأجهزة بسبب رسالة من شخص غريب أو قريب لأننا لا نعرف من هو المبتز أو المتحرش، ويصبح الطفل دائما في حالة قلق من استقبال رسالة، أو ملاحظة تراجع المستوى الدراسي.
وأشارت الى أن هناك أعراضا جسدية ناتجة من الضغوطات النفسية والأذى النفسي الذي قد يترجم إلى آلم بالمعدة أو الصداع المتكرر، اضطرابات بالنوم والتبول لاإرادي وتغيير بالشهية والوزن، الآم العضلات، الإرهاق المستمر تسارع ضربات القلب وبعض المشاكل الجلدية مثل الطفح أو الأكزيما، مشيرة إلى أن ظهور بعض هذه الأعراض بدون سبب طبي قد تكون جرس إنذار. وأشارت الى أنه عند اكتشاف تعرض الطفل للتحرش أو الابتزاز، فيجب الاستماع للطفل بهدوء ومن دون صراخ أو ضرب أو لوم، والأخذ بعين الاعتبار أن الطفل غير مدرك لما حدث مع ضرورة طمأنته بأن ما حدث ليس خطأه ومن المهم حفظ الأدلة والتواصل مع الجهات المختصة وتوفير الدعم النفسي والسري سواء من قبل الوالدين أو اللجوء للمختصين، مؤكدة ضرورة التوعية الاستباقية للطفل وتثقيفه وتعليمة حفظ خصوصيته.
«حماية الطفل»:الفئة العمرية بين 10 و15 عاماً الأكثر استهدافا
تؤكد المقدم مريم يوسف الظاعن رئيس وحدة حماية الطفل في الفضاء الالكتروني بالإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والالكتروني أن الألعاب الإلكترونية عامل رئيسي في زيادة مخاطر الفضاء الإلكتروني، لافتة إلى مسئولية المجتمع في رفع مستوى الوعي لدى الأطفال وأولياء الأمور ومقدمي الرعاية، مشيرة إلى عمل الوحدة على تعزيز هذا الوعي من خلال المحاضرات التي تقدمها لمؤسسات المجتمع المدني، والجمعيات، والمدارس الحكومية والخاصة.
وتطرقت الظاعن في تصريح خاص لــ«أخبار الخليج» إلى أبرز الأساليب الإجرامية في استدراج الأطفال، والفئات العمرية الأكثر عرضة للاستهداف ، موضحة أنه لا يمكن حصر الأسلوب الجرمي في نمط ثابت، إذ تتسم الجريمة الإلكترونية بسرعة التطور والتجدد، ومن أكثر الأساليب شيوعاً، الاستغلال عبر الألعاب الإلكترونية، حيث يقوم المجرم باستمالة الطفل بعدة طرق، مثل تغيير صوته لإيهامه بأنه من نفس الفئة العمرية، أو إغرائه بشراء منتجات من داخل اللعبة، كما يلجأ البعض إلى استغلال ظواهر منتشرة على تطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل قيام الأطفال بالتعرف على غرباء وإرسال صورهم الشخصية لزيادة نقاطهم في أحد البرامج، مما يسهل عملية الابتزاز والاستغلال.
وتشير الإحصاءات إلى أن الفئة العمرية بين 10 و15 عاماً هي الأكثر عرضة للاستهداف، ومع ذلك تؤكد وحدة حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني أنها تتعامل بجدية مع جميع البلاغات، وتحرص على توفير الدعم والحماية اللازمة.
وأشارت رئيس وحدة حماية الطفل في الفضاء الالكتروني إلى أنه عند تعرض الطفل لضرر نفسي، فإن دور الوحدة، لا يقتصر على الجانب الأمني، بل يتم التنسيق مع الوزارات والجهات المختصة لتوفير الدعم اللازم، موضحة أن الأسرة، تبقى الركيزة الأساسية في تقديم الدعم النفسي والمعنوي.
وأوصت الوحدة، الأسر بتشجيع أطفالهم على ثقافة التبليغ عن أي إساءة، وتوفير بيئة آمنة للحوار، إضافة إلى الاستفادة من الاستشارات التي تقدمها الوحدة عبر قنواتها المختلفة، وشددت المقدم مريم الظاعن على التطوير المستمر للكادر البشري من خلال إشراكه في الدورات التدريبية والمعارض والمؤتمرات المحلية والدولية المتخصصة في حماية الطفل على الإنترنت.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك