كتبت: مروة أحمد
استعرضت الدكتورة أمل شاهين قائد معتمد في التحوّل الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي بجامعة بوليتكنك البحرين ورقة عمل تناولت دور الذكاء الاصطناعي في تمكين الأفراد وتحسين العمليات لتعزيز الرفاه الوظيفي، وتحدثت عن ادراج الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل عبر تقديم تجارب مخصصة للعملاء من خلال توصيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحسين تجارب العميل، كما يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين اتخاذ القرارات عبر اقتراحه استراتيجيات مرنة وقابلة للتكييف، وامتلاكه سرعة استجابة للفرص والتهديدات، بالإضافة إلى امتلاكه ميزه الابتكار، وتحدثت قدرته في تكوين عمليات ذكية تمكن من تحسين الإنتاجية ومعالجة وتحليل البيانات ويمكن للذكاء الاصطناعي من استعراض تحليلات تنبؤية.
وأوضحت خلال ورقتها العلمية أن الذكاء الاصطناعي حوّل عمليات التوظيف من عشوائية إلى ذكية من خلال تحليل المهارات والتنبؤ بالنجاح المستقبلي وتحديد المرشح الأنسب قبل خضوعه للمقابلة وذلك من خلال عرض السير الذاتية على الذكاء الاصطناعي، وأشارت إلى أن هذه الخطوة ستقلل من التحيّز وزيادة التنوّع وستضمن توظيفًا أكثر استدامة.
ومن ناحية التدريب أوضحت أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستُمكن من توزيع الموظفين على الدورات التدريبية التي ستُنمي القدرات الناقصة لديهم، ومن ناحية التقييم السنوي قالت إن هذه التقنيات الحديثة ستقوم بمنح تغذية راجعة لحظية وإدارة الأداء في المؤسسة بشكل شراكة مع أهداف مرنه وواقعية حيث ستسهم هذه الخطوة في التحوّل من تقييم الموظف إلى تمكينه وتطويره.
وخلال الورقة البحثية أشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي اليوم مكّن القادة من اعطاء الأوامر للموظفين لمشاركة الرؤى معهم وتدريب الموظفين وتوجيههم ورفع سقف التوقعات بذكاء عاطفي، ونوّهت إلى أن تحوّل الموارد البشرية في ظل وجود الذكاء الاصطناعي هو إعادة تعريف للرفاه المؤسسي والثقافة والقيادة وهو المفتاح الأساسي لتعزيز الإبداع والإنتاجية والاحتفاظ بالمواهب.
وقالت د. أمل شاهين إن للذكاء الاصطناعي تأثيرات صامتة في بيئة العمل حيث أشارت إلى أن هذه التقنية وبعد عدّة دراسات أجريت أثبتت أنها تسهم في انخفاض استقلالية الإنسان، حيث تقوم الأنظمة الذكية باتخاذ قرارات نيابة عن الإنسان مما يقلل من مساحة اتخاذ القرار، وتراجع التفاعل البشري، حيث أكدت أن الأتمتة قد تؤدي إلى عزلة الأفراد وتقليل التواصل مع الزملاء أو العملاء، بالإضافة إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تساهم في ضياع فرص التعلّم معللةً ذلك تولي الآلة للمهام البسيطة يُفقد الموظفون الجدد فرص التدريب العملي والتعلم التطبيقي، كما تطرّقت إلى التأثير الصامت المتمثل في إرهاق ذهني مضاعف عبر شعور الموظفين بالضغط في إدارة العمل وتدريب الأنظمة في الوقت ذاته إلى جانب الشعور بالوحدة وذلك لأن العمل بجانب الذكاء الاصطناعي دون دعم بشري قد يقلل من شعور الموظف بالانتماء والهدف.
واستعرضت د. أمل تقرير اتجاهات رأس المال البشري العالمية «رؤى ديلويت 2025»، حيث جرى عمل دراسة شملت 10 آلاف قائد ومدير في مجال الأعمال والموارد البشرية من 93 دولة في العالم حول التأثيرات الصامتة للذكاء الاصطناعي على رأس المال البشرية، حيث تبيّن رصد 77% أكدوا زيادة عبء العمل بعد ادراج الذكاء الاصطناعي في المؤسسة، و61% منهم يتوقعون مزيدًا من الإرهاق، كما أشار 60% منهم إلى أن المهام الروتينية يتم اتمامها في ظل وجود هذه التقنية الحديثة.
ومن التأثيرات الصامتة للذكاء الاصطناعي على رأس المال البشري تبيّن رصد 14% من الذين سملتهم الدراسة يخضعون لتحكم خوارزمي مع اهتمام أقل بالعمل أي يخضعون لقرارات آلية من دون تحكم أو اهتمام، كما تبيّن وجود 33% من المدرجين في الدراسة يعانون من نقص التفاعل و28% منهم فقدوا الاتصال الشخصي، بينما 28% من الموظفين الجدد فقدوا التعلم أثناء العمل، و54% من القادة والمسؤولين في الموارد البشرية أكدوا شعور الموظفين بالارتباك حول أدوارهم، و60% من الموظفين يقولون إن استخدام بيانات الذكاء الاصطناعي رفع من معدلات ترك الوظيفة.
وحول أبرز الحلول لمعالجة الآثار الصامتة استعرضت القائد المعتمد في التحوّل الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي أهمية رصد آثار الذكاء الاصطناعي من خلال الاستبيانات وتحليل المشاعر ومجموعات النقاش، وربما استخدام أدوات ذكاء اصطناعي لذلك، ونصحت بالتركز على الاستدامة البشرية وليس الكفاءة فقط، ونصحت بتعزيز الشراكة بين الإنسان والآلة بدلًا من الاستبدال الكامل والحفاظ على الروابط الاجتماعية في بيئة العمل مثل عقد الاجتماعات والتفاعل اليومي، بالإضافة إلى مشاركة مكاسب الذكاء الاصطناعي مع الموظفين مثل تقليل ساعات العمل، وتقديم مكافآت إنتاجية، أو طرح فرص تطوير مهني.
كما تطرّقت إلى إحدى الشركات التي استعانت لتقنيات الذكاء الاصطناعي والذي تسبب في خسارتها وإفلاسها إلا أن سبب الفشل كان من الموظفين الذين عانوا من القلق على الوظائف والتشكيك في دقة النظام، وخلق تذمّر من أقسام الدعم، وكان من الأسباب هو الإعلان المُبكر عن إدراج التقنية في نظام العمل من دون تـأهيل ملائم أو إشراك فعلي للطاقم.
وفي هذا السياق نوّهت د. أمل شاهين إلى ضرورة تخفيف القلق والنفور عند الموظفين في المؤسسة في حال إدراج تقنية الذكاء الاصطناعي، واشراك الموظفين وتعزيز تفاعلهم ومنحهم ما يقرب من 3 أشهر لتجربة النظام والتعرّف عليه والتدرّج في استخدامه بالإضافة إلى تحويل العمل بنسبة 75% للذكاء الاصطناعي والإبقاء على 25% لعمل الموظفين.
وخلال ورقتها العلمية أكدت مساهمة الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الأداء التشغيلي للمؤسسة وذلك من خلال الذكاء لأن الأنظمة قادرة على التعلّم واتخاذ قرارات أكثر ذكاءً، والدقة من خلال تقليل نسبة الخطأ وزيادة الاعتمادية، بالإضافة إلى السرعة في تنفيذ المهام وتوفير الوقت، أما على مستوى الأفراد فقد تحدثت عن قدرة الذكاء الاصطناعي في دعم التطوير المهني المستمر من خلال التوصيات الذكية والتعلم المخصص، وبناء بيئة رقمية شفافة تُعزز العلاقة بين الموظف والنظام، وتمكين الموظفين من تحقيق نتائج ملموسة ومؤثرة في بيئة العمل.
وفي ختام ورقتها العلمية استعرضت عددًا من التوصيات حول الذكاء الاصطناعي في رفاهية الموارد البشرية وهي ضرورة التقييم والتركيز على الأبعاد الأساسية ومن ضمنها البُعد الثقافي، والإدراك والوعي للأثر الصامت للذكاء الاصطناعي مع وضع أدوات ذكية للمراقبة وأبرزها قياس الأثر النفسي والوظيفي لدى الموظف، وبناء فريق متعدد التخصصات، وقياس النجاح وضبط المسار ووضع خطة للتحوّل الاستراتيجي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك