أشار تقريرEY لأبحاث الثروات العالمية لعام 2025، إلى أن قطاع إدارة الثروات في دول مجلس التعاون الخليجي يشهد تحولاً جذرياً، وذلك على خلفية التغير في توقعات العملاء والتطورات التكنولوجية. ويتسم سلوك المستثمرين في المنطقة بتفاعل أكبر مع المستشارين، وانفتاحٍ متزايدٍ على تغيير مقدمي الخدمات، وتوقعات متزايدة بشأن أداء الاستثمار وسهولة الوصول إلى المنتجات.
ووفقاً للتقرير، أفاد ما يقرب من 55% من العملاء في دول مجلس التعاون الخليجي أنهم قاموا بترتيب المزيد من الاجتماعات مع المستشارين استجابةً لتقلبات السوق، وهو ما يفوق المتوسط العالمي بكثير. ولا تقل أهمية فهم كيفية تأثير الأنشطة المالية على الوضع المالي للعميل عن أهمية تخصيص المحفظة الاستثمارية، ما يشير إلى أن المستثمرين يتوقعون الآن من المستشارين تقديم إدارة شاملة للثروات.
وفي الوقت نفسه، يشهد تعدد الاستثمارات نمواً سريعاً، حيث يتوقع 36% من المستثمرين في المنطقة زيادة علاقاتهم بإدارة الثروات، ويعرب ما يقرب من 50% منهم عن اهتمامهم بالعمل مع المزيد من مقدمي الخدمات، ما يشير إلى تزايد تجزئة الثقة والولاء. وفي موازاة ذلك، يُظهر العملاء تفضيلاً قوياً للاستثمارات البديلة، حيث يُخصص 69% منهم بالفعل أصولاً لهذه الأدوات الاستثمارية.
وفي معرض تعليقه على التقرير، قال مايور باو رئيس الخدمات المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى EY: «يُظهر تقرير EY لأبحاث الثروات العالمية أن الافتراضات القديمة بشأن إدارة الثروات تشهد تغيرات بفعل التحولات الاقتصادية المتسارعة والتغير التكنولوجي السريع. ويُبرز هذا الأمر الحاجة المُلِحّة لمديري الثروات لتقديم المزيد من الوضوح والمرونة والتوجيه الاستباقي في بيئة يسودها عدم اليقين. كما يتوقع العملاء تنوعاً وشموليةً أكبر من أي وقت مضى في المنتجات. ويجب على شركات إدارة الثروات أن تكون مستعدة لفهم عوامل الرضا وضمان تحسينها بغض النظر عن الظروف السائدة في السوق».
هذا ويشعر المستثمرون في دول مجلس التعاون الخليجي بالرضا عن الخدمات التي يقدمها مدير ثرواتهم الرئيسي في جميع الجوانب الرئيسية، إلا أنهم مازالوا يرون أن مهمة إدارة ثرواتهم تزداد تعقيداً. جدير بالذكر أن 57% فقط من المشاركين في الدراسة من المنطقة بلغوا «المستوى العالي» للاستعداد الجيد لتحقيق أهدافهم المالية، وهو ما يجب أن يكون هدفاً لجميع العملاء الذين يتلقون الاستشارات دون استثناء.
توقعات متزايدة بشأن دمج الذكاء الاصطناعي
أشار التقرير إلى أن 13% من العملاء في دول مجلس التعاون الخليجي، أعربوا عن ثقتهم العالية بالذكاء الاصطناعي، ما يعكس انفتاحهم على الحلول المُدعّمة به. ويُعد هذا الرقم أعلى بشكل ملحوظ مما هو عليه في الأسواق الأكثر نضجاً، مثل أمريكا الشمالية (6%) وأوروبا (9%)، كما أنه يُنافس أسواق أمريكا اللاتينية (16%) وآسيا والمحيط الهادئ (15%). ويتعين على مديري الثروات في المنطقة الاستفادة من هذه الثقة لتلبية التوقعات المُتطورة لقاعدة عملائهم المُلِمّين بالتكنولوجيا.
وتُعدّ دول مجلس التعاون الخليجي من أكثر المناطق حماساً للذكاء الاصطناعي، حيث يتوقع 71% من المستثمرين أن يقوم مديرو الثروات بدمج الذكاء الاصطناعي في عروض منتجاتهم. وترتفع هذه النسبة بين أصحاب الثروات الكبيرة. ومن ناحية أخرى، يزداد وعي العملاء بالمخاطر المحتملة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك إساءة استخدام البيانات ودقة الرؤى المُستمدة منه.
ولبناء الثقة، يجب على مديري الثروات تثقيف عملائهم بشكل مكثف حول قدرات الذكاء الاصطناعي والضمانات التي يتم تطبيقها لحماية معلوماتهم. ويشمل ذلك توعية العملاء بالمبادئ الأخلاقية التي تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي، وضمان الامتثال للوائح، وإظهار كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز - لا أن يحل محل - العنصر البشري في إدارة الثروات.
يسعى العملاء إلى ترتيبات ذات رسوم عامة أقل
يتسم مستثمرو دول مجلس التعاون الخليجي بحذر واستباقية أكبر مقارنة بأقرانهم في مناطق أخرى حول العالم، حيث يركزون أكثر على الشفافية ووضوح التكاليف وتقديم عروض مصممة خصيصاً. وفي حين لا تتجاوز الشعبية العالمية للرسوم التقديرية المستندة إلى الأصول المُدارة نسبة 15%، إلا أنها لا تزال أكثر قبولاً نسبياً في دول مجلس التعاون الخليجي (27%)، مع تراجع شعبية الرسوم المستندة إلى الأداء، والرسوم الثابتة، ورسوم الاشتراك، وهياكل الرسوم المركبة. وتُظهر هذه النتائج أن آليات التسعير في القطاع لا تتوافق مع تفضيلات العملاء، ما يكشف عن فرصة كامنة لتحسين التسعير.
وقد تراجعت المخاوف بشأن التكاليف الخفية في السنوات القليلة الماضية، مع إحراز الشركات تقدماً في مجال تحسين شفافية الرسوم. ويعتقد أكثر من 90% من العملاء في المنطقة بأنهم يدفعون رسوماً عادلة مقابل الخدمات المقدمة لهم.
وأشار العملاء في دول مجلس التعاون الخليجي إلى أن الأداء والعوائد الأفضل للاستثمار (55%) وإمكانية الوصول إلى مجموعة أوسع من المنتجات والخدمات الاستثمارية (53%) هما السببان الرئيسيان خلف تغيير مزودي خدمات إدارة الثروات، في حين أن 26% فقط اختاروا التعامل مع مزود آخر بسبب رغبتهم في دفع رسوم أقل مقابل الخدمات.
من جانبه، قال حمدان خان، شريك إدارة الثروات والأصول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى EY: «مع تزايد تطلع المستثمرين إلى حلول مدعومة بالذكاء الاصطناعي ونهج شامل في إدارة الثروات، يجب على الشركات التحرك بسرعة لمواءمة استراتيجياتها مع هذه المتطلبات المتطورة. ويمكن لمديري الثروات، من خلال الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التفاعل مع العملاء، وإعطاء الأولوية لممارسات أخلاقية في التعامل مع البيانات، تهيئة أنفسهم لتحقيق النجاح في بيئة سريعة التغير. ولا يقتصر مستقبل إدارة الثروات على إدارة الأصول فحسب، بل يشمل أيضاً بناء العلاقات، وتعزيز الثقة، والاستفادة من التكنولوجيا لخلق تجارب عملاء استثنائية».
جدير بالذكر أن تقرير EY لأبحاث الثروة العالمية، الذي يُصدر كل عامين، يهدف إلى مساعدة مديري الثروات على مواءمة أولوياتهم الاستراتيجية مع رؤى معمقة قائمة على البيانات حول سلوك العملاء وتفضيلاتهم وتوقعاتهم. كما يُحدد التقرير اتجاهات واضحة في إدارة علاقاتهم مع مقدمي الخدمات، وإعادة تخصيص رأس المال، والتخطيط لنقل الثروة بين الأجيال.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك