في بطولة آسيوية حفلت بالإثارة والتنظيم المحكم، خطفت مملكة البحرين الأضواء ليس فقط بتتويج منتخبها الوطني بالذهب، بل أيضا بما قدمته من نموذج مشرف على صعيد التنظيم والتحكيم والتجهيزات الفنية.
منذ صافرة البداية وحتى لحظة التتويج، شهدت البطولة إشادات متلاحقة من مسؤولي اللجان المختلفة، أكدت جميعها أن النسخة الحالية ارتقت إلى مصاف البطولات النموذجية، سواء من حيث الالتزام بالاشتراطات الدولية أو نجاح الكوادر الوطنية في إدارة أدق التفاصيل باحترافية عالية.
في هذا التقرير، نستعرض أبرز ما قاله بعض صناع النجاح من حكام ومراقبين وفنيين، الذين أجمعوا على أن البحرين لم تكتف باستضافة البطولة، بل صنعت منها حدثا آسيويا استثنائيا يحتذى به.
أداء على أكمل وجه
قال راشد جابر رئيس لجنة الحكام المحليين في البطولة بأن الحكام المحليون أدوا أدوارهم على أكمل وجه، بعد أن قمنا بتخصيص مهمة محددة لكل حكم يلتزم بها بشكل دقيق، وهو ما تحدثت عنه سابقا. وكان من أبرز التطويرات ما يتعلق بعمل المسجل الإلكتروني، إذ استجدت عليه مهام جديدة فرضها الاتحاد الدولي، أبرزها متابعة التبديلات وأوقات الوقت المستقطع باستخدام الجهاز اللوحي الخاص بكل فريق، والتأكد من صحتها.
ولفت إلى أن هناك أمورا قد استحداث فيما يتعلق بدور الميقاتي الذي كان مسؤولا عن ضبط توقيت انتهاء التداول وزمن إرسال الكرة، ما ساعد في رفع دقة التنظيم داخل الملعب، ولا يمكن أن نغفل الدور المميز للمراقبين الذين تميزوا بالحضور والحرص العالي، وشهدنا تنافسا محمودا بينهم وبين مشرفي الجلنج، إذ كان كل منهم يسعى لتقليل الأخطاء، والظهور بأفضل صورة ممكنة.
وتطرق راشد إلى دور المذيعين، وقال بأنهم أظهروا روح التنافس أيضا، إذ سعى كل مذيع إلى إبراز جمالية صوته وجودة إلقائه، خصوصا في وصف حالات الجلنج وذكر أسماء اللاعبين، وقد تميز بعضهم بشكل لافت، حتى إن أحدهم طلب مني شخصيا تكرار مشاركته في الأدوار النهائية.
وبشأن نظرته للتنظيم بشكل عام قال لا يخفى على أحد بأن البحرينيين متميزون في كل مهمة توكل إليهم، بفضل تضافر الجهود والتنسيق المشترك بين الجميع.
وقال بأن الاجتماعات مع المدير التنفيذي للبطولة فراس الحلواجي والتي سبقت البطولة وبمشاركة اللجان العاملة، أسهمت بشكل كبير في إنجاح الحدث، إلى جانب الاستفادة من خبرات من كانت لهم مشاركات بطولات آسيوية وعالمية سابقة.
وأكد رئيس الحكام المحليين أنهم نجحوا في تطبيق الاشتراطات الجديدة التي أقرها الاتحاد الدولي بكل سلاسة ودون أي صعوبات تذكر، وخرجنا من البطولة بتقدير «ممتاز» من قبل اللجنة المشرفة، وهو إنجاز يحسب للجميع، ويعكس مستوى الجاهزية والتنظيم الراقي.
وتحدث عن المستويات الفنية منذ انطلاق الأدوار التمهيدية، وقال بأنها هناك أربعة منتخبات قد برزت للتنافس على منصة التتويج وهي: البحرين، قطر، باكستان، وكوريا الجنوبية، في حين كان مستوى بقية المنتخبات متقاربا وعاديا نسبيا.
وخص راشد منتخبنا الوطني بالحديث عندما قال بأنه كان من ضمن الفرق التي يحسب لها ألف حساب، نظرا للتطور الملحوظ الذي شهده في السنوات الأخيرة، إذ دخل البطولة بطموح واضح لتحقيق الذهب، ومن مباراة إلى أخرى، كان الأداء يرتقي تدريجيا بفضل الروح القتالية العالية، والانضباط الكبير في تنفيذ خطة المدرب، والدعم الإداري المتواصل بقيادة رئيس الاتحاد الشيخ علي بن محمد آل خليفة، وتوجت تلك الجهود بتحقيق الإنجاز التاريخي، إذ ظفر المنتخب بالذهب، ليصبح أول منتخب بحريني يتوج ببطولة آسيوية في الألعاب الجماعية، وهذا بمثابة فخر وطني كبير نفخر به جميعا.
درجة عالية من المهنية
بارك الحكم الدولي القطري إبراهيم المحمود لمنتخبنا الوطني تتويجه بلقب البطولة، مؤكدا أن الإنجاز جاء عن جدارة واستحقاق نتيجة الأداء العالي والانضباط الواضح في صفوف الفريق.
وفي حديثه عن الجوانب التنظيمية، أثنى المحمود على الكوادر البحرينية المشرفة على البطولة، مشيدا بكفاءتها العالية والتزامها المهني، وقال: الكوادر البحرينية أظهرت مستوى راقيا في التنظيم، وتمتعت بالثقافة والجدية، بل وتفوقت على نظرائها في شرق آسيا، شخصياً، لم ألحظ أي ملاحظات سلبية، فالجميع كان على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم والخدمة.
أما على الصعيد الفني، فقد أشار المحمود إلى تقارب المستويات بين المنتخبات المشاركة، لافتاً إلى أن «نحو ثمانية منتخبات كانت متقاربة من حيث الأداء، وقد وفق رئيس لجنة الحكام د. خالد الزغيبي وعضو اللجنة جعفر إبراهيم في توزيع الحكام بشكل متوازن بما يتناسب مع مستوى المباريات. وأضاف: أي ملاحظات أو نواقص تحكيمية أمر طبيعي وتحدث في أي بطولة، لكنها لم تؤثر سلبيا على سير المباريات أو نتائجها.
وخص المحمود المنتخب البحريني بإشادة خاصة، إذ قال: جدية لاعبي المنتخب البحريني، وروحهم العالية، ورغبتهم في تقديم صورة مختلفة عن البطولات السابقة، كانت عوامل حاسمة في التفوق، وقد حققوا ما أرادوه عن استحقاق كامل.
وحول عدم تأهل منتخب بلاده القطري إلى النهائي، أرجع المحمود الأمر إلى تشبع اللاعبين من كثرة المشاركات في البطولات المتعددة، وهو عامل قد يؤثر نفسيا، رغم أنه لا يعد مبررا فنيا كافيا، وختم بالقول: هذا لا يقلل إطلاقا من إنجاز المنتخب البحريني، الذي كان يستحق ضعف العلامة الكاملة على حد قوله.
نجاح تحكيمي وتنظيمي
أكد جعفر إبراهيم، عضو لجنة الاحتكام في بطولة كأس الأمم الآسيوية للكرة الطائرة، والمراقب والمقيم في لجنة الحكام الفرعية التابعة للجنة الاحتكام الرئيسية، أن العمل في البطولة مر بعدة مراحل دقيقة، ساهمت جميعها في تقديم نسخة ناجحة تحكيميا وتنظيميا.
وأوضح جعفر أن أولى خطوات العمل بدأت باجتماع تنسيقي لجميع الحكام قبل انطلاق البطولة، تم خلاله استعراض وتوضيح البروتوكولات المعتمدة، وآخر التعديلات على قوانين اللعبة، إلى جانب الإرشادات الخاصة بسير المباريات. وقال: كان الهدف من هذا الاجتماع توحيد الرؤية وضمان تطبيق القوانين بشكل دقيق يواكب الطابع الرسمي للبطولة.
وأشار إلى أن عمل لجنة الحكام الفرعية استمر خلال البطولة عبر مراقبة أداء الحكام في أرض الملعب، موضحا أن بعد كل مباراة يعقد اجتماع خاص بالحكام المعنيين لتقديم الملاحظات الفنية وتقييم الأداء من بداية المباراة وحتى نهايتها.
وأضاف: بعد نهاية الدور الأول، عقدنا اجتماعا عاما لجميع الحكام، ناقشنا خلاله أبرز الملاحظات التي رصدت، وهدفنا من ذلك رفع جودة الأداء التحكيمي والظهور بمستوى يليق بحجم البطولة، وهو ما تحقق فعلا.
وعن الأداء التحكيمي بشكل عام، قال جعفر إبراهيم: التحكيم كان على مستوى عال من التميز والاحترافية، ولم تسجل أي احتجاجات أو شكاوى ضد الطواقم التحكيمية طوال البطولة، وهو إنجاز يحسب لكل من شارك في إدارة المباريات.
وأشاد بالتعاون الكبير بين كافة عناصر الطاقم التحكيمي، من مراقبي الخطوط والمسجلين والميقاتيين، وصولا إلى فريق تقنية الفيديو (Challenge)، الذي وصف أداءه بالممتاز والمحايد.
وتابع: حتى الطاقم الدولي أبدى مرونة عالية في تقبل الملاحظات والعمل بها خلال المباريات، لذلك أوجه الشكر الجزيل لكل من ساهم في نجاح المنظومة التحكيمية.
من جانب آخر، أثنى جعفر إبراهيم على المستوى التنظيمي المميز الذي ظهرت به البطولة، قائلاً: التنظيم كان على مستوى الحدث، بشهادة الجميع، من حيث المواصلات، والإقامة، وتجهيز الملاعب، وكل ذلك يحسب للاتحاد البحريني للكرة الطائرة.
وخص بالذكر رئيس الاتحاد، الشيخ علي بن محمد آل خليفة، والأمين العام المدير التنفيذي للبطولة فراس الحلوجي، قائلا: قدما كل الدعم وسخرا إمكانات الاتحاد لإنجاح البطولة، إلى جانب الدور البارز لأعضاء مجلس الإدارة، الذين كانوا سندا لجميع اللجان العاملة.
واختتم جعفر حديثه بالإشارة إلى أن المستوى الفني للبطولة كان جيدا بشكل عام، إذ شهد تصاعدا في الأداء مع مرور الأدوار، وأكد أن الفرق المتأهلة للأدوار النهائية كانت هي الأقرب فعليا بحكم تقارب المستويات، مضيفا: بعض الفروقات الفنية البسيطة حسمت هوية المتأهلين للمربع الذهبي، ثم جاءت المباراة النهائية بين الفريقين الأفضل أداء.
نصائح قيمة
تقدم الحكم الدولي على كاظم بداية بجزيل الشكر والامتنان إلى الشيخ علي بن محمد آل خليفة، رئيس الاتحاد البحريني لكرة الطائرة، وكافة أعضاء مجلس الإدارة، على ثقتهم الغالية بترشيحه كمرافق تحكيمي لمنتخبنا الوطني في هذا المحفل الآسيوي الكبير، وخص بالشكر فراس الحلواجي، الأمين العام للاتحاد المدير التنفيذي للبطولة، على دعمه اللوجستي المتواصل، وكذلك راشد جابر، رئيس لجنة الحكام، لما قدمه من دعم مستمر وتشجيع دائم طوال مشواره في البطولة.
وأُثني على الدعم الفني والنصائح القيمة التي تلقاها من الحكمين الدوليين د. خالد الزغيبي وجعفر إبراهيم، المسؤولين عن حكام البطولة، والتي كان لها الأثر الكبير في تميز الأداء التحكيمي خلال مجريات البطولة.
على صعيد التنظيم، قال كاظم: فقد حققت البطولة نجاحا باهرا بشهادة الجميع، والدليل حصول الاتحاد البحريني لكرة الطائرة على «الامتياز في التنظيم» من قبل الاتحاد الآسيوي، وهو أمر غير مستغرب من اتحاد يملك سجلا مشرفا في استضافة البطولات.
وقال بالرغم من انتمائه لهذه المنظومة، إلا أنه ينقل بصدق ما سمعه ولمسه من زملائه الحكام واللاعبين المشاركين، الذين أشادوا بمستوى التنظيم في مختلف تفاصيله، إلى جانب الحضور الجماهيري الكبير والتفاعل الرائع مع المباريات منذ اليوم الأول وحتى الختام.
ولفت إلى إعجاب الحكام الكبير باستخدام تقنية الفيديو (Challenge)، خاصة وأن من كان يشرف عليها كوادر بحرينية بنسبة 100%، وهو ما يدعو للفخر والاعتزاز، مؤكدا على المستوى المتطور الذي وصل إليه الشباب البحريني في مختلف المجالات.
من الناحية الفنية، يرى أن البطولة شهدت تنافسا قويا بين معظم المنتخبات، مما منح الحكام فرصة ثمينة لاكتساب خبرة أكبر عبر إدارة مباريات عالية المستوى. وبحسب رؤيته، يمكن تصنيف المنتخبات إلى مستويين: المستوى الأول ضم منتخبات البحرين، قطر، باكستان، وكوريا الجنوبية، بينما ضم المستوى الثاني باقي المنتخبات، ويرى في المنتخب الفيتنامي مفاجأة البطولة بلا شك، بعد أن كان على بعد خطوة من إقصاء المنتخب القطري في مباراة ماراثونية انتهت في الشوط الفاصل.
وختم قائلا: بأن منتخبنا الوطني استحق التتويج بلقب البطولة عن جدارة، بفضل ثبات مستواه وتألق جميع لاعبيه، كما أن الترتيب النهائي للمنتخبات كان عادلا ويعكس الأداء الحقيقي لكل فريق خلال البطولة.
استبيان شفوي
وقال محمد جلال، عضو اللجنة الفنية المنبثقة من لجنة الاحتكام في البطولة، إن مهام اللجنة تتوزع بين الإشراف على الجوانب التنظيمية والفنية والتحكيمية، بالإضافة إلى التحقق من مدى التزام المنتخبات المشاركة بنظام البطولة، وحرص الجهة المنظمة على تطبيق الاشتراطات والمعايير التي يفرضها الاتحاد الآسيوي.
وأكد أن عملية التنظيم نالت علامة الامتياز، مستشهدا بردود الفعل الإيجابية الفورية التي تلقوها من المشاركين عبر استبيان شفهي، مشيرا إلى أن هذا النجاح ليس غريبا على مملكة البحرين، بفضل الخبرات المتراكمة في تنظيم البطولات، والتي تنعكس في تفاصيل دقيقة قد لا يلاحظها الآخرون، مؤكدا أن كل ما وقفت عليه اللجنة الفنية جاء منسجما مع المعايير الآسيوية والدولية.
أما على الصعيد الفني، فأوضح جلال أن مستوى المنتخبات المشاركة في الدور الأول كان جيدا جدا، إلا أن الأداء ارتفع بشكل ملحوظ في الأدوار الإقصائية، معتبرا أن المملكة حققت نجاحا مزدوجا، سواء من حيث التنظيم أو من خلال الإنجاز نفسه، متمنيا المزيد من النجاحات في الاستحقاقات المقبلة.
مستويات متباينة
قال الحكم الدولي سامي سويد إن أغلب المنتخبات المشاركة قدمت مستويات متفاوتة خلال البطولة، مستثنيا من ذلك منتخب كوريا الجنوبية الذي تميز بثبات أدائه طوال المنافسات.
وأشار سويد إلى أن منتخبنا الوطني قدم أداء تصاعديا من مباراة إلى أخرى، مع تقليل واضح في معدل الأخطاء، ما مكنه من ترجمة هذا الأداء المتنامي إلى إنجاز مستحق في ختام مشواره.
وأضاف أن الاشتراطات الجديدة التي فرضها الاتحاد الآسيوي وجرى تطبيقها في هذه البطولة كانت أحد العوامل الرئيسة في تحقيق هذا النجاح التنظيمي والفني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك