العدد : ١٧٢٦٤ - الأحد ٢٩ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٦٤ - الأحد ٢٩ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ محرّم ١٤٤٧هـ

أخبار البحرين

رئيس وحدة التحقيق الخاصة في حوار خاص لـ«أخبار الخليج»:
«الوحدة» تعكس التزاما بحرينيا بحقوق الإنسان

الأحد ٢٩ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

90% انخفاضا في الشكاوى الواردة منذ تأسيس الوحدة


تحقيقات مهنية وشاملة وفق بروتوكول إسطنبول والمعايير الدولية


توجه نحو «الذكاء الاصطناعي».. التكنولوجيا ليست بديلاً عن الإنسان


 

أجرى‭ ‬الحوار‭: ‬إسلام‭ ‬محفوظ

تصوير‭- ‬رضا‭ ‬جميل

تؤمن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ببحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬الوطنية،‭ ‬لذلك‭ ‬تشارك‭ ‬بنشاط‭ ‬في‭ ‬المبادرات‭ ‬المؤثرة‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬تفانيها‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬وحرية‭ ‬مواطنيها‭ ‬والمقيمين‭ ‬فيها،‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬نموذجا‭ ‬للتسامح‭.‬

‭ ‬وتحرص‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬بيئة‭ ‬شاملة‭ ‬وحاضنة‭ ‬لجميع‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتعزيز‭ ‬المساواة‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الجوانب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬النهج‭ ‬الوطني،‭ ‬لذا‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬إنشاء‭ ‬آليات‭ ‬مستقلة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حماية‭ ‬واحترام‭ ‬وتعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬كان‭ ‬منها‭ ‬وحدة‭ ‬التحقيق‭ ‬الخاصة‭.‬

أنشئت الوحدة‭ ‬بموجب‭ ‬قرار‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬2012م‭ ‬بهدف‭ ‬التحقيق‭ ‬والتصرف‭ ‬في‭ ‬ادعاءات‭ ‬التعذيب‭ ‬والإيذاء،‭ ‬وتحديد‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجنائية‭ ‬ضد‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوقائع‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مبدأ‭ ‬مسؤولية‭ ‬القيادة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الإحالة‭ ‬إلى‭ ‬الجهة‭ ‬الإدارية‭ ‬المختصة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬خلصت‭ ‬تحقيقات‭ ‬الوحدة‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬مسؤولية‭ ‬تأديبية،‭ ‬لتتخذ‭ ‬تلك‭ ‬الجهة‭ ‬إجراءاتها‭ ‬بشأن‭ ‬توقيع‭ ‬الجزاء‭ ‬التأديبي‭.‬وبمناسبة‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمساندة‭ ‬ضحايا‭ ‬التعذيب‭ ‬الذي‭ ‬يُصادف‭ ‬26‭ ‬يونيو‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وقد‭ ‬أقرته‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وفقاً‭ ‬لقرارها‭ ‬رقم‭ ‬52‭/‬149‭ ‬بتاريخ‭ ‬12‭ ‬ديسمبر‭ ‬1997،‭ ‬التقت‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬القائم‭ ‬بأعمال‭ ‬المحامي‭ ‬العام‭ ‬محمد‭ ‬خالد‭ ‬الهزاع‭ ‬رئيس‭ ‬وحدة‭ ‬التحقيق‭ ‬الخاصة،‭ ‬متحدثا‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬عمل‭ ‬الوحدة‭ ‬وتشكيلها‭ ‬واختصاصاتها‭. ‬مؤكدا‭ ‬أنها‭ ‬جهة‭ ‬قضائية‭ ‬مستقلة‭ ‬ضمن‭ ‬النظام‭ ‬القضائي‭ ‬بالمملكة،‭ ‬وتمثل‭ ‬الضمانة‭ ‬الرئيسية‭ ‬لحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬تعتبر‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬إقليمياً،‭ ‬وإحدى‭ ‬الأجهزة‭ ‬القليلة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تباشر‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الادعاءات،‭ ‬كما‭ ‬سلّط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬لتعزيز‭ ‬العدالة‭ ‬وحماية‭ ‬الكرامة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬كون‭ ‬الوحدة‭ ‬تمثل‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬أوجه‭ ‬التزام‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بمناهضة‭ ‬التعذيب‭ ‬وضمان‭ ‬المساءلة‭.. ‬وهذا‭ ‬نص‭ ‬الحوار‭: ‬

في‭ ‬البدايةً‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمساندة‭ ‬ضحايا‭ ‬التعذيب،‭ ‬وما‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬تخصيص‭ ‬هذا‭ ‬اليوم؟

اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمساندة‭ ‬ضحايا‭ ‬التعذيب‭ ‬يُصادف‭ ‬26‭ ‬يونيو‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وقد‭ ‬أقرته‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وفقاً‭ ‬لقرارها‭ ‬رقم‭ ‬52‭/‬149‭ ‬بتاريخ‭ ‬12‭ ‬ديسمبر‭ ‬1997،‭ ‬ليكون‭ ‬مناسبة‭ ‬سنوية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬التام‭ ‬على‭ ‬التعذيب،‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬الضحايا،‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التعذيب‭ ‬جريمة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تبريرها‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ظرف،‭ ‬ويعزز‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬تنفيذ‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمناهضة‭ ‬التعذيب‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬ضروب‭ ‬المعاملة‭ ‬أو‭ ‬العقوبة‭ ‬القاسية‭ ‬أو‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬أو‭ ‬المهينة،‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1987،‭ ‬وصدقت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬الاتفاقية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1998‭ ‬بموجب‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ ‬4‭ ‬لسنة‭ ‬1998‭.‬

وما‭ ‬دور‭ ‬وحدة‭ ‬التحقيق‭ ‬الخاصة؟

وحدة‭ ‬التحقيق‭ ‬الخاصة‭ ‬هي‭ ‬جهة‭ ‬قضائية‭ ‬مستقلة،‭ ‬أُنشئت‭ ‬بقرار‭ ‬من‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬فضل‭ ‬البوعينين‭ ‬بتاريخ‭ ‬27‭ ‬فبراير‭ ‬2012،‭ ‬وتعنى‭ ‬بالتحقيق‭ ‬والتصرف‭ ‬ومباشرة‭ ‬الدعاوى‭ ‬الجنائية‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬التعذيب‭ ‬أو‭ ‬المعاملة‭ ‬اللاإنسانية،‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬أو‭ ‬تقع‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬العموميين‭ ‬أو‭ ‬المكلفين‭ ‬بالخدمة‭ ‬العامة‭ ‬أثناء‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬أو‭ ‬بمناسبة‭ ‬تأديتهم‭ ‬لأعمال‭ ‬وظيفتهم،‭ ‬وملاحقتهم‭ ‬جنائياً‭ ‬أو‭ ‬تأديبياً‭ ‬بعد‭ ‬تحديد‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجنائية‭.‬

وتُباشر‭ ‬الوحدة‭ ‬اختصاصاتها‭ ‬وفق‭ ‬أطر‭ ‬قانونية‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬التشريعات‭ ‬الوطنية‭ ‬والصكوك‭ ‬والمعايير‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تكتفي‭ ‬بتلقي‭ ‬الشكاوى،‭ ‬بل‭ ‬تتابعها‭ ‬بدقة،‭ ‬وتجري‭ ‬تحقيقات‭ ‬مهنية‭ ‬ومحايدة‭ ‬وشاملة،‭ ‬بغرض‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬الحقيقة‭ ‬وضمان‭ ‬المساءلة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬عنصرا‭ ‬رئيسيا‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة،‭ ‬ونعمل‭ ‬باستمرار‭ ‬على‭ ‬مراجعة‭ ‬الأداء‭ ‬والاهتمام‭ ‬بالتدريب‭ ‬لضمان‭ ‬التطوير‭ ‬المستمر‭.‬

كيف‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬لحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين؟

مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬نموذج‭ ‬رائد‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحرياته‭ ‬الأساسية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬أوجدته‭ ‬من‭ ‬أطر‭ ‬قانونية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬متخصصة‭ ‬تكفل‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وتحفظ‭ ‬كرامته،‭ ‬وهو‭ ‬نهج‭ ‬راسخ‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬قيمها‭ ‬الحضارية‭ ‬العريقة،‭ ‬وإنشاء‭ ‬وحدة‭ ‬التحقيق‭ ‬الخاصة‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬صور‭ ‬تجسيد‭ ‬التزام‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬يتمثل‭ ‬اسهام‭ ‬الوحدة‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القيام‭ ‬بدورها‭ ‬ومباشرة‭ ‬التحقيقات‭ ‬في‭ ‬الشكاوى‭ ‬التي‭ ‬تختص‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬السالف‭ ‬عرضه،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فهي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬ومناقشة‭ ‬التقارير‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الخاصة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬عضويتها‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭.‬

 

 

وما‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬الوحدة‭ ‬في‭ ‬أعمالها؟

نصت‭ ‬المادة‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬إنشاء‭ ‬وحدة‭ ‬التحقيق‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الوحدة‭ ‬بالأعمال‭ ‬المناطة‭ ‬بها‭ ‬وفقاً‭ ‬للمعايير‭ ‬الدولية‭ ‬شاملة‭ ‬كعنصر‭ ‬أهم‭ ‬بروتوكول‭ ‬إسطنبول‭ ‬لتقصي‭ ‬وتوثيق‭ ‬حالات‭ ‬التعذيب،‭ ‬لذا‭ ‬فيشكل‭ ‬هذا‭ ‬البروتوكول‭ ‬مرجعاً‭ ‬أساسياً‭ ‬للوحدة،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬وثيقة‭ ‬دولية‭ ‬اعتمد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1999‭ ‬ويتناول‭ ‬مبادئ‭ ‬تفصيلية‭ ‬للتحقيق‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬التعذيب‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬ضروب‭ ‬المعاملة‭ ‬والعقوبة‭ ‬القاسية‭ ‬واللاإنسانية‭ ‬والمهينة،‭ ‬ويتضمن‭ ‬قواعد‭ ‬وإرشادات‭ ‬وآليات‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الحالات‭ ‬وتجميع‭ ‬أدلتها‭ ‬ومواجهة‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬ارتكابها‭.‬

وقد‭ ‬صدرت‭ ‬نسخة‭ ‬منقحة‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬البروتوكول‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬تنقيح‭ ‬استمرت‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬180‭ ‬خبيرا‭ ‬من‭ ‬51‭ ‬دولة،‭ ‬وتقدم‭ ‬النسخة‭ ‬المنقحة‭ ‬مبادئ‭ ‬توجيهية‭ ‬إضافية‭ ‬للمحترفين‭ ‬الصحيين‭ ‬بشأن‭ ‬توثيق‭ ‬التعذيب‭ ‬وسوء‭ ‬المعاملة‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬مختلفة،‭ ‬وتعرض‭ ‬دليلاً‭ ‬مفصّلاً‭ ‬للدول‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬تنفيذ‭ ‬البروتوكول‭ ‬تنفيذاً‭ ‬فعالاً،‭ ‬كما‭ ‬تسلّط‭ ‬النسخة‭ ‬المنقحة‭ ‬عامةً‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬السوابق‭ ‬القضائية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمنع‭ ‬التعذيب‭ ‬والمساءلة‭ ‬والإنصاف،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬البروتوكول‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العشرين‭ ‬عاماً‭ ‬الماضية،‭ ‬ولم‭ ‬تُنشر‭ ‬النسخة‭ ‬العربية‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬مؤخراً‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2025،‭ ‬وتعكف‭ ‬الوحدة‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬البروتوكول‭ ‬الجديد‭ ‬لبحث‭ ‬المعايير‭ ‬المستحدثة‭ ‬به‭ ‬وتطبيقها‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬الوحدة‭.‬

كما‭ ‬تستند‭ ‬الوحدة‭ ‬في‭ ‬مباشرتها‭ ‬لأعمالها‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬مراجع‭ ‬قانونية‭ ‬أساسية‭ ‬أخرى،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تعليمات‭ ‬أعمالها‭ ‬الصادرة‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬وثيقة‭ ‬إرشادية‭ ‬وعملية‭ ‬متكاملة‭ ‬أعدت‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬أحكام‭ ‬القانون‭ ‬واستناداً‭ ‬الى‭ ‬المبادئ‭ ‬المقررة‭ ‬ببروتوكول‭ ‬إسطنبول،‭ ‬كما‭ ‬تضع‭ ‬في‭ ‬اعتبارها‭ ‬المدونات‭ ‬والقواعد‭ ‬السلوكية‭ ‬والمهنية‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬والبروتوكولات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬مثل‭ ‬مدونة‭ ‬سلوك‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة،‭ ‬ومدونة‭ ‬قواعد‭ ‬سلوك‭ ‬الموظفين‭ ‬المكلفين‭ ‬بإنفاذ‭ ‬القوانين،‭ ‬والمبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬بشأن‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬والأسلحة‭ ‬النارية،‭ ‬وإعلان‭ ‬حماية‭ ‬جميع‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬التعرض‭ ‬للتعذيب‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬ضروب‭ ‬المعاملة‭ ‬أو‭ ‬العقوبة‭ ‬القاسية‭ ‬أو‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬أو‭ ‬المهينة‭.‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬يميز‭ ‬استقلالية‭ ‬الوحدة‭ ‬عن‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الجهات؟

الاستقلالية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬صفة‭ ‬إدارية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬ضمانة‭ ‬رئيسية‭ ‬للوحدة‭ ‬للقيام‭ ‬بأعمالها،‭ ‬فالوحدة‭ ‬لا‭ ‬تتبع‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وتباشر‭ ‬اختصاصاتها‭ ‬القانونية‭ ‬تحت‭ ‬السلطة‭ ‬الكاملة‭ ‬لرئيسها،‭ ‬ويشرف‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬أعمالها‭ ‬إشرافاً‭ ‬إدارياً،‭ ‬ولها‭ ‬مقر‭ ‬مستقل‭ ‬ومحققون‭ ‬متفرغون‭ ‬وشعب‭ ‬متخصصة‭ ‬لتباشر‭ ‬المهام‭ ‬المنوطة‭ ‬بها،‭ ‬وهذا‭ ‬الاستقلال‭ ‬يضمن‭ ‬أن‭ ‬التحقيقات‭ ‬تُجرى‭ ‬دون‭ ‬تأثير‭ ‬أو‭ ‬ضغط،‭ ‬وبسرعة‭ ‬ونزاهة،‭ ‬ويمنح‭ ‬المجتمع‭ ‬ثقة‭ ‬بأن‭ ‬العدالة‭ ‬تُطبق‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭.‬

بما‭ ‬أننا‭ ‬نتحدث‭ ‬بمناسبة‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمساندة‭ ‬ضحايا‭ ‬التعذيب،‭ ‬ما‭ ‬دور‭ ‬الوحدة‭ ‬تجاه‭ ‬المجني‭ ‬عليهم؟

تولي‭ ‬الوحدة‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬بالمجني‭ ‬عليهم‭ ‬والشهود‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬فيها،‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬دورهم‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬الدعوى‭ ‬الجنائية،‭ ‬فقامت‭ ‬بتطوير‭ ‬هيكلها‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬بإنشاء‭ ‬شعبة‭ ‬متخصصة‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ (‬شعبة‭ ‬شؤون‭ ‬المجني‭ ‬عليهم‭ ‬والشهود‭) ‬والتي‭ ‬تختص‭ ‬بالتواصل‭ ‬مع‭ ‬المجني‭ ‬عليهم‭ ‬وذويهم‭ ‬والشهود‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬يدلي‭ ‬بمعلومات‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تختص‭ ‬بها‭ ‬الوحدة،‭ ‬وذلك‭ ‬لتعريفهم‭ ‬بالإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬المتخذة‭ ‬ومجريات‭ ‬سير‭ ‬التحقيق‭ ‬والتصرف‭ ‬النهائي‭ ‬فيها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تلقي‭ ‬ودراسة‭ ‬طلبات‭ ‬فرض‭ ‬تدابير‭ ‬الحماية‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬قانوناً‭ ‬وتنفيذ‭ ‬الأوامر‭ ‬الصادرة‭ ‬بالحماية،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬تحقيق‭ ‬سلامة‭ ‬الفئات‭ ‬المذكورة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مخاطر‭ ‬قد‭ ‬تحدق‭ ‬بهم،‭ ‬مع‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬الأضرار‭ ‬النفسية‭ ‬والمادية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تلحق‭ ‬بهم؛‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬النفسي‭ ‬اللازم‭ ‬لهم‭ ‬وإرشادهم‭ ‬عن‭ ‬سبل‭ ‬التعويض‭ ‬القانونية‭.‬

من‭ ‬خلال‭ ‬متابعة‭ ‬أنشطة‭ ‬الوحدة،‭ ‬لاحظنا‭ ‬الاهتمام‭ ‬المستمر‭ ‬بالتدريب‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬فعاليات‭ ‬تدريبية‭ ‬بصورة‭ ‬سنوية،‭ ‬هل‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تحدثنا‭ ‬عن‭ ‬ذلك؟

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬التدريب‭ ‬عامل‭ ‬مهم‭ ‬ورئيسي‭ ‬لاستمرار‭ ‬تطور‭ ‬أي‭ ‬منظومة‭ ‬عمل،‭ ‬وحرصت‭ ‬الوحدة‭ ‬منذ‭ ‬إنشائها‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتدريب‭ ‬عبر‭ ‬تنظيم‭ ‬مختلف‭ ‬الفعاليات‭ ‬التدريبية‭ ‬وتفعيل‭ ‬شراكاتها‭ ‬مع‭ ‬عدة‭ ‬جهات‭ ‬وطنية‭ ‬ودولية،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬شراكتها‭ ‬مع‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإنمائي،‭ ‬بهدف‭ ‬بناء‭ ‬وتنمية‭ ‬القدرات‭ ‬وتعزيز‭ ‬الكفاءة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬تنفيذ‭ ‬34‭ ‬فعالية‭ ‬تدريبية‭ ‬خلال‭ ‬13‭ ‬عاما،‭ ‬تنوعت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ورش‭ ‬عمل‭ ‬تخصصية،‭ ‬ومؤتمرات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية،‭ ‬وبرامج‭ ‬متنوعة،‭ ‬وزيارات‭ ‬لخبراء‭ ‬دوليين،‭ ‬وسنسعى‭ ‬جاهدين‭ ‬إلى‭ ‬مواصلة‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬لتعزيز‭ ‬الضمانات‭ ‬وإعلاء‭ ‬شأن‭ ‬العدالة‭.‬

بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬وحدة‭ ‬التحقيق‭ ‬الخاصة،‭ ‬كيف‭ ‬تقيّمون‭ ‬أدائها؟

منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الوحدة،‭ ‬شهدنا‭ ‬تطوراً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬في‭ ‬آليات‭ ‬العمل،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬مع‭ ‬كون‭ ‬الوحدة‭ ‬جهة‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة‭ ‬وذات‭ ‬اختصاص‭ ‬دقيق‭ ‬ومحدد،‭ ‬وبفضلٍ‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬قطعنا‭ ‬شوطاً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬المساءلة‭ ‬وتعزيز‭ ‬ثقة‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬العدالة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أثمر‭ ‬عن‭ ‬انخفاض‭ ‬نسبة‭ ‬الشكاوى‭ ‬التي‭ ‬تختص‭ ‬بها‭ ‬الوحدة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬90%‭ ‬وهو‭ ‬مؤشر‭ ‬إيجابي‭ ‬للغاية‭ ‬على‭ ‬فاعلية‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتبعة‭ ‬ويعكس‭ ‬جهود‭ ‬الوحدة‭ ‬في‭ ‬تأكيد‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

ما‭ ‬دور‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬عمل‭ ‬الوحدة؟

نؤمن‭ ‬بأهمية‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الشفافية‭ ‬والكفاءة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تنتهجه‭ ‬الوحدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعلان‭ ‬الأخبار‭ ‬ونشر‭ ‬تقاريرها‭ ‬الدورية‭ ‬والسنوية‭ ‬عبر‭ ‬موقعها‭ ‬الإلكتروني‭ ‬siu‭.‬gov‭.‬bh‭ ‬ومنصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الخاصة‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬الوسائل‭ ‬التكنولوجية‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬الوحدة‭ ‬وتقديم‭ ‬الشكاوى،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬وتستخدم‭ ‬الوحدة‭ ‬أنظمة‭ ‬خاصة‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬المعلومات‭ ‬بسرية‭ ‬تامة‭ ‬وتحليل‭ ‬بيانات،‭ ‬كما‭ ‬تدرس‭ ‬إدخال‭ ‬أدوات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬تصنيف‭ ‬الشكاوى‭ ‬وتحليل‭ ‬الأنماط،‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬ليست‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬الإنسان،‭ ‬لكنها‭ ‬أداة‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬وسرعة‭ ‬الإنجاز‭.‬

هل‭ ‬من‭ ‬كلمة‭ ‬أخيرة؟

أنتهز‭ ‬الفرصة‭ ‬لأتقدم‭ ‬بخالص‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬للنائب‭ ‬العام‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬فضل‭ ‬البوعينين‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يوليه‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬ودعم‭ ‬مستمر‭ ‬للوحدة‭ ‬أسهم‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬نجاحها‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهدافها،‭ ‬ونؤكد‭ ‬بمناسبة‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمساندة‭ ‬ضحايا‭ ‬التعذيب،‭ ‬على‭ ‬الحق‭ ‬المطلق‭ ‬وغير‭ ‬القابل‭ ‬للتغيير‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬التعرض‭ ‬للتعذيب‭ ‬والمعاملة‭ ‬اللاإنسانية،‭ ‬وتجدد‭ ‬الوحدة‭ ‬التزامها‭ ‬بمواصلة‭ ‬أداء‭ ‬مهامها‭ ‬باستقلالية‭ ‬وشفافية،‭ ‬وفقاً‭ ‬للمعايير‭ ‬الدولية،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬الانتصاف‭ ‬والمساءلة،‭ ‬وترسيخ‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية،‭ ‬فصون‭ ‬الكرامة‭ ‬الإنسانية‭ ‬هو‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬القانون،‭ ‬ومملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ماضية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬بثبات‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا