من الضروري أن يصبح الذكاء الاصطناعي ركنا أساسيا في استراتيجية الشركات
توقعات بأن يسهم الذكاء الاصطناعي في توفير 97 مليون وظيفة جديدة خلال 2025
تغطية: أمل الحامد
أكد أكاديميون أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد خيار تقني، بل أصبح محركاً رئيسياً للتطور والابتكار في جميع مجالات الحياة. فهو يسهم في تحسين الكفاءة، تسريع اتخاذ القرار، وتقديم حلول ذكية للتحديات المعقدة. ومع الاستخدام المسؤول، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يشكّل مستقبلًا أكثر تقدمًا وازدهارًا للإنسانية.
جاء ذلك خلال ورشة عمل تخصصية نظّمتها لجنة التدريب والتثقيف العمالي بالاتحاد الحُر لنقابات عمال البحرين بالتعاون مع جامعة العلوم التطبيقية بعنوان «أساسيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته» يوم الخميس وقدمها نخبة من المحاضرين المختصين بمشاركة فاعلة من الحضور، وذلك ضمن جهود الاتحاد المتواصلة لتطوير الوعي الرقمي والمعرفي لدى الكوادر النقابية والعمالية في مملكة البحرين.
واستُهلت الورشة بمحاضرة للدكتور محمد علاء الحمامي مدير مكتب خدمة المجتمع بجامعة العلوم التطبيقية أستاذ مشارك بقسم نظم المعلومات الإدارية، تناول خلالها محور أساسيات الذكاء الاصطناعي، حيث استعرض إحصاءات حول الذكاء الاصطناعي، منها توقعات بنمو حجم سوق الذكاء الاصطناعي من 515.31 مليار دولار أمريكي في عام 2023 ليصل إلى 2025.12 مليار دولار بحلول عام 2030، كما أن إعلانات الوظائف ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي التوليدي شهدت نمواً هائلا على مستوى العالم بلغ أكثر من 1000% في الربع الثاني من عام 2023 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، في حين تضاعفت عمليات البحث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بشكل مذهل بلغ 1500% خلال الفترة ذاتها، ويتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أن يسهم الذكاء الاصطناعي في إتاحة 97 مليون وظيفة جديدة خلال عام 2025.
وعرف الذكاء الاصطناعي بأنه فرع من علوم الحاسوب يهدف إلى إنشاء أنظمة وبرامج قادرة على أداء مهام تتطلب عادةً ذكاءً بشريًا. يشمل الذكاء الاصطناعي مجموعة متنوعة من التقنيات والطرق التي تجعل الآلات قادرة على محاكاة الذكاء البشري من خلال تعلم البيانات، التفكير، اتخاذ القرارات، وحل المشكلات.
وتحدث د. الحمامي في الورشة عن أنواع الذكاء الاصطناعي، والمراحل المختلفة لتطور الذكاء الاصطناعي، إلى جانب شرح آلية عمله. كما استعرض تحديات استخدام الذكاء في المنظمات، وهي: الخصوصية وأمن البيانات، الحاجة إلى خبراء في الذكاء الاصطناعي، الأخلاقيات المتعلقة بعدم العدالة، الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي وعدم الحفاظ على التوازن بينه وبين التفاعل البشري، والحاجة لتدريب وتأهيل الأفراد على استخدام التقنيات الجديدة.
وأكد ضرورة اتباع المنظمات والمؤسسات مجموعة توصيات لتحقيق أقصى استفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهي: تقييم الاحتياجات لتحديد المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث فيها فرقًا ملموسًا، الاستثمار في التكنولوجيا عبر تخصيص ميزانية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بما في ذلك شراء البرمجيات اللازمة أو الاستعانة بمصادر خارجية لتطوير الحلول المناسبة، توفير دورات تدريبية للموظفين حول استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وكيفية دمجها في عملهم، التعاون مع شركات التكنولوجيا والمؤسسات الأكاديمية التي تمتلك خبرة في الذكاء الاصطناعي لتطوير حلول متخصصة، تطبيق تحليلات البيانات باستخدام أدوات تحليل البيانات لفهم الاحتياجات وتحسين عمليات اتخاذ القرار، تطوير نظام إدارة الموظفين باستخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أنظمة متقدمة لإدارة الموظفين تشمل توجيههم إلى المهام والمشاريع التي تناسب مهاراتهم واهتماماتهم، استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين تنفيذ الحملات المختلفة، إنشاء نظام دوري لتقييم النشاطات المختلفة ويشمل ذلك فعالية استخدام الذكاء الاصطناعي وتعديله بناء على النتائج المستخلصة، استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم تقارير دقيقة وشفافة حول العمل، الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات السوق وتحسين استراتيجيات التسويق للوصول إلى جمهور أوسع.
واستعرض التوجهات المستقبلية للذكاء الاصطناعي، منها توسع الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات ولن يقتصر استخدامه على التكنولوجيا فقط بل سيشمل التعليم والصحة والصناعة والزراعة والقطاعات الأخرى، التركيز على الذكاء الاصطناعي الأخلاقي حيث عملت الحكومات والشركات على وضع قوانين تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، كل ذلك سيحاول التركيز على استخدام الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، والذكاء الاصطناعي التعاوني (الإنسان والآلة) الذي يقصد به التكامل بين قدرات البشر والإمكانات الفائقة للآلات، أي استخدام الذكاء الاصطناعي كمساعد ذكي يُعزز أداء العاملين وليس يحل محلهم، تطور الذكاء الاصطناعي نحو الفهم العميق يشمل ذلك فهم السياق والعاطفة وتفسير الصور والمشاعر والتفكير شبه البشري في بعض المهام المعقدة، تعزيز الاقتصاد المعتمد على الذكاء الاصطناعي الذي سيحقق نموا في وظائف جديدة وتحول في طبيعة سوق العمل وظهور صناعات جديدة بالكامل، واندماج الذكاء الاصطناعي مع الواقع المعزز والافتراضي.
ورأى أن الاعتماد على استخدام الذكاء الاصطناعي سيزداد في كل تطبيقات ومجالات الحياة بالمقابل فإنه سيصبح هناك اهتمام أكبر بالتشريعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي الأخلاقي، كما سوف يكون المزيد من التوعية بخصوص الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق الخصوصية وأمن البيانات الذي يعتبر تحديا كبيراً.
وأشار إلى وجود تشريعات على مستوى البحرين والخليج متعلقة بالبنية التحتية التكنولوجية.
وأكد د. الحمامي أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد خيار تقني، بل أصبح محركاً رئيسياً للتطور والابتكار في جميع مجالات الحياة. فهو يسهم في تحسين الكفاءة، تسريع اتخاذ القرار، وتقديم حلول ذكية للتحديات المعقدة. ومع الاستخدام المسؤول، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يشكّل مستقبلًا أكثر تقدمًا وازدهارًا للإنسانية.
من جانبه، تحدث الدكتور أحمد صالح شتات، رئيس قسم نظم المعلومات الإدارية، في المحاضرة الثانية بعنوان «الذكاء الاصطناعي: أوزيمبك الشركات – بين الحل السريع والاستراتيجية الذكية»، حيث قدّم تشبيهًا توضيحيًا مبتكرًا، قائلا إن هناك مصطلحا جديدا هو «أوزيمبك الشركات» حيث تم تمثيل الذكاء الاصطناعي مثل إبرة «أوزيمبيك» التي كانت تستخدم لمرضى السكري، كما أنها دواء للتخسيس يحقق نتائج سريعة لكنه ليس حلاً دائمًا، موضحاً أن الشركات التي تطبق الذكاء الاصطناعي من الممكن أن تقلل تكاليفها وعدد الموظفين لديها ويتم الاستفادة منها بشكل سريع مثل إبرة أوزيمبيك التي يستخدمها الأشخاص للتنحيف، مشيراً إلى أن بعض الشركات تعتمد على حلول الذكاء الاصطناعي كحل مؤقت فقط.
وأوضح وجه الشبه بين أوزيمبيك والذكاء الاصطناعي، حيث إنه قد يؤدي الاستخدام بدون استراتيجية واضحة الى مخاطر كبيرة، كما أنهما يستخدمان لتجاوز التحديات دون تغييرات هيكلية، إلى جانب تحقيق نتائج سريعة فكلاهما يظهران نتائج جذابة بعيدة المدى محدودة.
واستعرض تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الشركات، وهي: خدمة العملاء حيث يتم استخدام روبوتات الدردشة لتحسين التجربة والدعم، تحليل البيانات باستخراج الأنماط والتنبؤ لاتخاذ قرارات ذكية، التسويق الذكي باستهداف دقيق للعملاء باستخدام الذكاء، إدارة الموارد البشرية لتحليل السير الذاتية واختيار الكفاءات بفعالية.
وتناول المخاطر والتحذيرات، منها فقدان الخصوصية إذ إن التعامل مع بيانات حساسة قد يثير مخاوف، خطر الاعتماد الكامل على الأنظمة الذكية، التحيز الخوارزمي يؤدي إلى قرارات غير عادلة نتيجة بيانات غير متوازنة، تأثير على الوظائف بتهديد لبقاء بعض الوظائف التقليدية.
وتطرق للحديث عن أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي كاستراتيجية طويلة الأمد، حيث أوضح أن التكامل مع الرؤية يصبح استراتيجياً إذا دُمج في رؤية الشركة الكلية، تحسين البنية الداخلية إذ يُستخدم لتحسين العمليات لا للتجميل الخارجي فقط، الاستخدام السطحي قد يؤدي إلى نتائج غير مستدامة وخسائر مستقبلية.
وقدم توصيات هي: الاستثمار في البشر لا يقل أهمية عن الاستثمار في التقنية، التوازن بين الابتكار والتخطيط ضروري لضمان النجاح، والذكاء الاصطناعي أداة قوية تتطلب فهماً عميقاً واستثماراً مستمراً، إدخال الذكاء الاصطناعي في استراتيجية الشركة ودُمجه في رؤية الشركة الكلية.
كما تناولت المحاضرة الثالثة التي قدمها الدكتور عبدالله صالح شتات، منسق برامج البكالوريوس أستاذ مساعد بقسم نظم المعلومات الإدارية بعنوان «الذكاء الاصطناعي: التطبيقات العملية في الذكاء الاصطناعي التوليدي» مع استعراض المهارات اللازمة لاستخدامه بفعالية والأدوات التي تسهم في تحسين النتائج.
وأشار إلى أن المحاضرة تناولت أساسيات الذكاء الاصطناعي وأهم الأدوات المستخدمة من قبل الموظف وتساعده في أداء عمله أو حياته بشكل يومي، ويعد تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي (ChatGPT) من أكثر التطبيقات المستخدمة، منوهاً بأن جميع المعلومات المخرجة من هذا التطبيق لا تكون دقيقة بشكل كامل، ولذلك فإنه يجب قراءة المعلومات والبيانات المهمة والتأكد منها كون هذه المخرجات قد تتعرض لبعض الأخطاء.
وأكد د. شتات أن تعلم الذكاء الاصطناعي الآن ليس بالأمر الاختياري، ويجب على الجميع بمختلف الأعمار تعلمه لأن مهارات الذكاء الاصطناعي أصبحت من أهم المهارات المستخدمة في شركات أو الحياة اليومية، ولذلك فإن تعلمه أمر مهم، وتقاس الأمية بالتثقيف التقني، ويجب على الجميع والتعلم والمشاركة في جميع الدورات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي لرفع مهاراتهم العملية والحياتية.
وحول الورشة، أفاد يعقوب يوسف محمد رئيس المجلس التنفيذي للاتحاد الحُر لنقابات عمال البحرين بأن هذه الورشة تأتي ضمن سلسلة مبادرات الاتحاد الحُر الرامية إلى تنمية قدرات الكوادر النقابية وتزويدهم بالمعرفة اللازمة لمواكبة التحول الرقمي العالمي، ونحن نؤمن أن فهم الذكاء الاصطناعي واستخدامه بشكل فعال هو ضرورة مستقبلية لرفع كفاءة العمل وتحسين المخرجات، ونشكر جامعة العلوم التطبيقية على تعاونهم المثمر والمستمر معنا.
وأشارت غادة علي قائد نائب رئيس المجلس التنفيذي مسؤولة شؤون المرأة العاملة والطفل بالاتحاد الحُر إلى أن الورشة شهدت إشادة من الحضور بما تم تقديمه فيها واستفادتهم من التطبيقات العملية التي تم تداولها، إلى جانب التطرق إلى 3 أساسيات هي أهمية الذكاء الاصطناعي في الحياة وكيف تطبيقه وتأثيره على الأفراد والمجتمع خاصة في الوظائف.
وأضافت أن الاتحاد الحر سوف يواصل ترتيب العديد من الفعاليات في المستقبل القريب.
وأكدت قائد أن الاتحاد يهدف من تنظيم الورش إلى تنمية مهارات الكوادر النقابية والعمالية واكتسابهم المعرفة بالآليات الجديدة لمواكبة التطورات العالمية.
من جانبها، أشادت صفية محمد شمسان رئيسة نقابة التربويين البحرينية، إحدى الحاضرات بالورشة، بجهود الاتحاد الحر على جدولة الأنشطة شهرياً من أجل العمل على تنمية الكوادر العاملة في الشركات بشكل دائم وتطويرهم في شتى المعارف، منها الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن الورشة تناولت الذكاء الاصطناعي الذي يعتبر من ضروريات الحياة المكتبية، وقد شاركت بالورشة لرؤية ما تقدمه المراكز الأكاديمية، وخصوصاً أن النقابة تعمل على تدريب التعليميين والتربويين على الذكاء الاصطناعي والبرامج الرقمية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك