كتبت ياسمين العقيدات:
كثيرًا ما نواجه في حياتنا صورًا أو مشاهد مؤلمة لذوي الإعاقة، قد لا نلتفت إليها أو نلاحظها، ونقف ساكنين حيالها كأنها شيء عابر، صمت المجتمع، نظرات الشفقة والمواقف القاسية، كلها تصنع في نفوسهم ألمًا عميقًا لا يُوصف.
ومع ذلك، يثبتون دومًا أنهم قادرون على العطاء والإنجاز والتميز، ومن هذا المنطلق قابلت «أخبار الخليج» رئيس مجلس إدارة الجمعية البحرينية لأولياء أمور المعاقين وأصدقائهم.
ومن هنا أكد جاسم محمد سيادي، رئيس مجلس إدارة الجمعية البحرينية لأولياء أمور المعاقين وأصدقائهم، أن الجمعية ترصد بعض حالات القصور والإهمال التي يتعرض لها الأشخاص ذوو الإعاقة من حين إلى آخر، وتقوم بإبلاغ الجهات المعنية للتصرف بشأنها، موضحاً أن الجهات غالباً ما تبدي تجاوباً يرتقي إلى مستوى المسؤولية، في حين يلاحظ أحياناً تباطؤ في التجاوب مع حالات تستدعي إجراءات أكثر مسؤولية، كما أعرب عن أمله في الوصول إلى نموذج أقرب للمثالية من حيث التعاطي مع قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، مع التحفظ على ذكر أمثلة احتراماً لخصوصية الحالات، وتجنباً لتوجيه اللوم لأي جهة بعينها.
وأضاف سيادي أن عدد الأعضاء المسجلين في الجمعية بلغ 152 عضواً من الأشخاص ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم والمهتمين بشؤونهم، في حين يقدم مركز الرعاية المنزلية التابع للجمعية خدماته حالياً لـ39 حالة بشكل متفاوت وفق حاجات كل حالة، وقد يرتفع العدد إلى 60 حالة أحياناً تبعاً لظروف الحالات والإمكانات المتاحة لدى المركز.
وأوضح سيادي لـ«أخبار الخليج» أن الجمعية توفر الكراسي المتحركة بمواصفات خاصة، والأجهزة المعينة لذوي الإعاقة عبر لجنة الدعم والمساندة، كما تقيم فعاليات وأنشطة متنوعة لذوي الإعاقة بمختلف فئاتهم العمرية وكافة أنواع الإعاقات، تنفذها اللجنة الاجتماعية والثقافية، وتستقطب هذه الفعاليات ذوي الإعاقة من دون تمييز من حيث النوع أو الجنسية أو الخلفية الثقافية، مما يعزز روح الألفة واستشعار الحاجات الإنسانية كأساس مقدم على كافة الاعتبارات.
وحول إحصائيات الأشخاص ذوي الإعاقة في البحرين، أفاد سيادي بأن عدد المسجلين من الأشخاص ذوي الإعاقة لدى وزارة التنمية الاجتماعية في البحرين بلغ أكثر من 15,000 شخص، يشكل الذكور منهم 61%، والإناث 38%. وتتصدر الإعاقة الذهنية العدد الأكبر بـ5,900 حالة تقريباً، تليها الجسدية بـ4,244، ثم السمعية بـ2,360، والتوحد بـ1,940، والبصرية بـ1,330، وأخيراً أصحاب الإعاقات المتعددة بـ1,450 حالة.
وفيما يخص الدمج التعليمي، أكد سيادي أن دمج عديد من الحالات في المدارس النظامية مازال متعذراً، ويعود ذلك لشدة بعض الحالات وعدم جاهزية المدارس من حيث تهيئة المرافق ومحتوياتها، بالإضافة إلى ضرورة إعداد الكوادر الأكاديمية والفنية والإدارية للتعامل مع ذوي الإعاقة، وتوفير التسهيلات اللازمة لضمان حقهم في التعليم والتأهيل، كما أثنى على جهود وزارة التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية في استقبال الطلبة من ذوي الإعاقة، داعياً إلى إعادة تقييم تلك الجهود بالشراكة مع أولياء الأمور والمختصين، واقترح النظر في إمكانية دمج الأطفال من غير البحرينيين من ذوي الإعاقة المقيمين بصفة مشروعة، وخاصة في ظل التزام المملكة بالاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، معتبراً ذلك لفتة إنسانية تواكب الحس الإنساني الذي تتمتع به المملكة قيادةً وشعباً.
وفيما يتعلق بالدعم الحكومي، أوضح سيادي أن الجمعية تقدم خدمات نوعية لذوي الإعاقة في مختلف محافظات المملكة، أبرزها خدمات مركز الرعاية المنزلية الممول من وزارة التنمية الاجتماعية ضمن عقد شراكة متجدد. وعبّر عن اعتزاز الجمعية بهذه الثقة المتجددة، مؤكداً الحرص على تطوير واستدامة الخدمات، وأشار إلى الدعم المقدم من جهات عديدة في القطاعين العام والخاص، مما يسهل عمل الجمعية ويُمكّنها من أداء دورها المجتمعي بشفافية.
وعن الفجوة بين التشريعات والتطبيق، أشار سيادي إلى أن البحرين صادقت على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في سبتمبر 2011، لتصبح بنودها جزءاً من القوانين المحلية، مضيفاً أن الواقع يفرض تحديات تتطلب رصدها والتعامل معها بموضوعية، مؤكداً أهمية الشراكة مع ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم وأهمية تواصل الجهات المعنية للوقوف على واقع الحال.
وفيما يخص جاهزية المرافق العامة، أوضح سيادي أن معظم الجهات تعمل على تهيئة مرافقها لتتناسب مع احتياجات ذوي الإعاقة، إلا أن بعض المنشآت لا تزال تعاني من القصور. وأوضح أن وجود منحدر لا يعني بالضرورة بيئة صديقة، إذ إن بعض المنحدرات لا تراعي المعايير الصحيحة من حيث الطول وزاوية الميل والعرض وخشونة السطح وحاجز الأمان، مما يعيق استخدامها بشكل آمن ومستقل من قبل ذوي الإعاقة على الكراسي المتحركة. ولفت إلى أهمية مراعاة حاجات جميع تصنيفات الإعاقة للاستفادة الكاملة والآمنة من المرافق.
وفيما يتعلق بالتعاون الإعلامي، بين سيادي أن وسائل الإعلام تتواصل مع الجمعية لطرح قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يعكس دوراً نشطاً في دعمهم، مشيراً إلى وجود تجاوب مجتمعي إيجابي، رغم التحديات التي تتطلب توعية مجتمعية أوسع لتقليل المشكلات الناتجة عن الجهل أو الاستهانة بالحقوق، مضيفًا أن بعض المسؤولين يظهرون اهتماماً ملحوظاً في القضايا المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، داعياً المسؤولين كافة إلى تحمل مسؤولياتهم لضمان حقوق هذه الفئة، وعدم التهاون فيها أو الاستخفاف غير المتعمد بها.
وأكد سيادي أن الجهات الرسمية في المملكة تتعامل مع ذوي الإعاقة من منطلق حقوقي وخيري معاً، ويتجلى ذلك في المبادرات المتعددة من الجهات الحكومية، والتي تعكس وعياً كبيراً بأهمية إشراك ذوي الإعاقة في التنمية الوطنية الاقتصادية والاجتماعية. وذكر أمثلة على ذلك، من بينها دعم محافظة العاصمة لبعض فعاليات الجمعية، وحرص وزارة التربية على تقديم بعثات دراسية، والدعم المتنوع من وزارة التنمية الاجتماعية، بالإضافة إلى تعاون مختلف المسؤولين في القطاعين العام والخاص لإظهار المرونة مع موظفيهم من ذوي الإعاقة أو من يقومون برعايتهم، وذلك وفق المرسوم الملكي الصادر في عام 2014 بشأن ساعتي الراحة.
واختتم سيادي تصريحه بالتأكيد أن البحرين ليست بحاجة إلى تشريعات جديدة لضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز دورهم، بل إن تفعيل بنود الاتفاقية الدولية والاستراتيجية الوطنية كفيل بتحقيق الأهداف المرجوة. وأضاف أن قانون رعاية وتأهيل وتشغيل ذوي الإعاقة الصادر عام 2006 سبق الاتفاقية الدولية، وأن البحرين صادقت عليها في عام 2011. وأعرب عن ثقته بالرغبة الصادقة لدى القيادة الحكيمة في دعم هذه الشريحة، مثمناً دور الحكومة والقطاع الخاص، داعياً الجميع إلى التكاتف من أجل جعل البحرين نموذجاً عالمياً يُحتذى به في هذا المجال.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك