العدد : ١٧٢٥٦ - السبت ٢١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٥٦ - السبت ٢١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

ألوان

في ذكرى رحيلها.. كيف «تمردت» نازك الملائكة على تقاليد الشعر العربي؟

السبت ٢١ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

حل‭ ‬أمس،‭ ‬20‭ ‬يونيو،‭ ‬ذكرى‭ ‬رحيل‭ ‬الشاعرة‭ ‬العراقية‭ ‬نازك‭ ‬الملائكة‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬‮«‬ثورة‭ ‬تجديد‮»‬‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬القصيدة‭ ‬وهزت‭ ‬عرش‭ ‬الشعر‭ ‬العربي‭ ‬وتمردت‭ ‬على‭ ‬القواعد‭ ‬والأنماط‭ ‬المعمول‭ ‬بها‭ ‬عبر‭ ‬قرون‭ ‬عديدة‭. ‬

ويحلو‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬المؤرخين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬أن‭ ‬يصفوا‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬الملائكة‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬إلا‭ ‬‮«‬ثورة‭ ‬مؤنثة‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬فحولة‮»‬‭ ‬فن‭ ‬الشعر،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬رموز‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬ذكر‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬إرم‭ ‬نيوز‮»‬‭. ‬

ولدت‭ ‬نازك‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬أغسطس‭ ‬1923‭ ‬ببغداد‭ ‬لأبوين‭ ‬مثقفين‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬والدتها‭ ‬تكتب‭ ‬الشعر،‭ ‬أما‭ ‬أبوها‭ ‬فله‭ ‬مؤلفات‭ ‬عدة‭ ‬أبرزها‭ ‬‮«‬دائرة‭ ‬معارف‭ ‬الناس‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬ظهرت‭ ‬على‭ ‬الطفلة‭ ‬ملامح‭ ‬النبوغ‭ ‬وبدأت‭ ‬كتابة‭ ‬الشعر‭ ‬وعمرها‭ ‬10‭ ‬سنوات‭.‬

تنوعت‭ ‬دراستها‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬والموسيقى،‭ ‬فقد‭ ‬تخصصت‭ ‬في‭ ‬العزف‭ ‬على‭ ‬العود،‭ ‬كما‭ ‬استكملت‭ ‬دراستها‭ ‬للأدب‭ ‬المقارن‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأتقنت‭ ‬الإنجليزية‭ ‬والفرنسية‭ ‬واللاتينية‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭. ‬

عملت‭ ‬بجامعة‭ ‬الكويت‭ ‬أستاذة‭ ‬للأدب،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتوجه‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬التسعينيات‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬حيث‭ ‬عاشت‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الأضواء‭ ‬وفي‭ ‬شبه‭ ‬عزلة‭ ‬حتى‭ ‬وفاتها،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭ ‬المصريين‭ ‬أنفسهم‭ ‬لم‭ ‬يعرفوا‭ ‬بإقامتها‭ ‬بينهم‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬وفاتها‭. ‬

ويمثل‭ ‬الإنجاز‭ ‬التاريخي‭ ‬للملائكة‭ ‬في‭ ‬التمرد‭ ‬على‭ ‬القصيدة‭ ‬العمودية‭ ‬التقليدية‭ ‬بشكلها‭ ‬الكلاسيكي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الوزن‭ ‬والقافية،‭ ‬فقد‭ ‬هاجمتها‭ ‬بضراوة‭ ‬ورأت‭ ‬أنها‭ ‬تعد‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬‮«‬الجمود‭ ‬والتحجر‭ ‬ولم‭ ‬تناسب‭ ‬إيقاع‭ ‬العصر‮»‬‭.‬

واقترحت‭ ‬الشاعر‭ ‬الشابة،‭ ‬آنذاك،‭ ‬شكلا‭ ‬فنيا‭ ‬وجماليا‭ ‬بديلا‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الشعر‭ ‬الحر‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬قصيدة‭ ‬التفعيلة‮»‬‭ ‬عبر‭ ‬قصيدتها‭ ‬الشهيرة‭ ‬‮«‬الكوليرا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تؤسس‭ ‬لهذا‭ ‬اللون‭ ‬الأدبي‭ ‬الجديد‭ ‬عام‭ ‬1947،‭ ‬الذي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬اكتسح‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وأصبح‭ ‬هو‭ ‬السائد‭. ‬

وتفيض‭ ‬قصيدة‭ ‬‮«‬الكوليرا‮»‬‭ ‬بمشاعر‭ ‬الحزن‭ ‬والأسى‭ ‬والتصوير‭ ‬المرهف‭ ‬لضحايا‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬في‭ ‬ريف‭ ‬مصر،‭ ‬الذي‭ ‬برعت‭ ‬الملائكة‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عنه‭ ‬وكأنه‭ ‬يحدث‭ ‬ببلدها،‭ ‬حيث‭ ‬تقول‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬القصيدة‭: ‬سكَن‭ ‬الليلُ‭/‬أصغِ‭ ‬إلى‭ ‬وَقْع‭ ‬صَدَى‭ ‬الأنَّاتْ‭/‬في‭ ‬عُمْق‭ ‬الظلمةِ،‭ ‬تحتَ‭ ‬الصمتِ،‭ ‬على‭ ‬الأمواتْ‭/‬صَرخَاتٌ‭ ‬تعلو،‭ ‬تضطربُ‭/‬حزنٌ‭ ‬يتدفقُ،‭ ‬يلتهبُ‭/‬يتعثَّر‭ ‬فيه‭ ‬صَدى‭ ‬الآهاتْ‭/‬في‭ ‬كل‭ ‬فؤادٍ‭ ‬غليانُ‭/‬في‭ ‬الكوخِ‭ ‬الساكنِ‭ ‬أحزانُ‭/‬في‭ ‬كل‭ ‬مكانٍ‭ ‬روحٌ‭ ‬تصرخُ‭ ‬فى‭ ‬الظُلُماتْ‭/‬في‭ ‬كلِّ‭ ‬مكانٍ‭ ‬يبكى‭ ‬صوتْ‭/‬هذا‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬مَزّقَهُ‭ ‬الموتْ‭/‬الموتُ‭ ‬الموتُ‭ ‬الموتْ‭/‬يا‭ ‬حُزْنَ‭ ‬النيلِ‭ ‬الصارخِ‭ ‬مما‭ ‬فعلَ‭ ‬الموتْ‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا