حل أمس، 20 يونيو، ذكرى رحيل الشاعرة العراقية نازك الملائكة التي قادت «ثورة تجديد» في شكل القصيدة وهزت عرش الشعر العربي وتمردت على القواعد والأنماط المعمول بها عبر قرون عديدة.
ويحلو لكثير من المؤرخين في هذا السياق أن يصفوا ما قامت به الملائكة بأنه لم يكن في الحقيقة إلا «ثورة مؤنثة» ضد «فحولة» فن الشعر، في إشارة إلى أن رموز هذا الفن كانوا من الرجال على مر التاريخ، بحسب ما ذكر موقع «إرم نيوز».
ولدت نازك في 23 أغسطس 1923 ببغداد لأبوين مثقفين حيث كانت والدتها تكتب الشعر، أما أبوها فله مؤلفات عدة أبرزها «دائرة معارف الناس»، فيما ظهرت على الطفلة ملامح النبوغ وبدأت كتابة الشعر وعمرها 10 سنوات.
تنوعت دراستها ما بين الفنون الجميلة والموسيقى، فقد تخصصت في العزف على العود، كما استكملت دراستها للأدب المقارن بالولايات المتحدة، وأتقنت الإنجليزية والفرنسية واللاتينية بشكل لافت.
عملت بجامعة الكويت أستاذة للأدب، قبل أن تتوجه في مطلع التسعينيات إلى القاهرة حيث عاشت بعيدا عن الأضواء وفي شبه عزلة حتى وفاتها، حتى إن كثيرا من المثقفين المصريين أنفسهم لم يعرفوا بإقامتها بينهم إلا بعد وفاتها.
ويمثل الإنجاز التاريخي للملائكة في التمرد على القصيدة العمودية التقليدية بشكلها الكلاسيكي القائم على الوزن والقافية، فقد هاجمتها بضراوة ورأت أنها تعد نوعا من «الجمود والتحجر ولم تناسب إيقاع العصر».
واقترحت الشاعر الشابة، آنذاك، شكلا فنيا وجماليا بديلا هو «الشعر الحر» أو «قصيدة التفعيلة» عبر قصيدتها الشهيرة «الكوليرا» التي تؤسس لهذا اللون الأدبي الجديد عام 1947، الذي سرعان ما اكتسح العالم العربي وأصبح هو السائد.
وتفيض قصيدة «الكوليرا» بمشاعر الحزن والأسى والتصوير المرهف لضحايا هذا المرض في ريف مصر، الذي برعت الملائكة في التعبير عنه وكأنه يحدث ببلدها، حيث تقول في مطلع القصيدة: سكَن الليلُ/أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ/في عُمْق الظلمةِ، تحتَ الصمتِ، على الأمواتْ/صَرخَاتٌ تعلو، تضطربُ/حزنٌ يتدفقُ، يلتهبُ/يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ/في كل فؤادٍ غليانُ/في الكوخِ الساكنِ أحزانُ/في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ فى الظُلُماتْ/في كلِّ مكانٍ يبكى صوتْ/هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ/الموتُ الموتُ الموتْ/يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك