نظّم مركز عبدالرحمن كانو الثقافي محاضرة بعنوان «المعرفة بين نسبية الحقيقة والواقع»، قدّمها الكاتب والروائي جعفر سلمان، وأدارها الكاتب والباحث علي إسماعيل، وذلك بحضور نخبة من المثقفين والمهتمين بالفكر الفلسفي والعلوم الإنسانية.
استهلت المحاضرة بمدخل تأملي حول العلاقة الجدلية بين العقل والمعرفة، متتبعة حركة التفكير الإنساني منذ لحظة انبثاق التساؤل وحتى بلوغ مرحلة اليقين. وقد تطرق المحاضر إلى المسار المعرفي الذي يسلكه العقل في محاولته للإمساك بالحقيقة، مستعرضًا سلسلة من المحطات الفكرية التي يمر بها الإنسان، من اللايقين والشك، مرورًا بمرحلة التحقق والتجريب، ووصولًا إلى إمكانية التثبت من الحقيقة أو استحالتها.
كما تناولت المحاضرة محور «الأدوات العقلية والمنهجيات الفكرية» التي يعتمد عليها الإنسان في بناء معارفه، مثل الاستدلال والمنطق والتجربة الحسية والتأمل، موضحًا كيف تتشابك هذه الأدوات لتشكل جسورًا نحو المعرفة، لكنها في الوقت ذاته قد تكون محاطة بالعقبات أو مثقلة بالانحياز والقيود النفسية والاجتماعية.
وسلط سلمان الضوء على المعوقات التي قد تحد من قدرة الإنسان على الوصول إلى الحقيقة، سواء كانت ذاتية مثل التحيزات أو الإطار المرجعي المحدود، أو موضوعية كاللغة والإدراك الحسي، مقدمًا قراءات متعددة في كيفية تجاوز هذه المعيقات أو التخفيف من أثرها عبر المساءلة المستمرة والتفكير النقدي والشك المنهجي.
واختتمت المحاضرة بمناقشة أحد أهم الأسئلة التي شغلت الفلاسفة والمفكرين على مر العصور، وهو: هل يمكن للإنسان أن يصل إلى الحقيقة المطلقة؟ أم أن كل ما يدركه لا يتجاوز حدود الواقع النسبي الذي يعيشه؟، حيث طرح سلمان رؤيته الخاصة حول هذا السؤال، مؤكدًا أن البحث عن الحقيقة هو في حد ذاته فعلٌ من أفعال الوعي والحرية، وأن رحلة المعرفة لا تنتهي عند محطة واحدة، بل هي مسار مستمر من التساؤل والتأمل والتجاوز.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك