منظمات المجتمع المدني لـ«أخبار الخليج»:
تحديثات قانون الجمعيات ستعزز الاستثمار وتفتح آفاق التمويل المستدام
رئيسة خدمات النواب تدعو الجمعيات الأهلية إلى الاستفادة من التعديلات القانونية الجديدة
تقرير: ياسمين العقيدات
أكد عدد من رؤساء الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني أهمية التعديلات التشريعية التي صادق عليها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم مؤخرا، وذلك بعد إقرار مجلس الشورى ومجلس النواب، والتي تقضي بأنه يحظر على الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة الصادر بالمرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1989، الاشتغال بالسياسة، أو الدخول في مضاربات مالية. ويجوز للجمعية استثناءً من ذلك استثمار أموالها الزائدة على احتياجاتها لتحقيق عائد مالي يساعدها في تحقيق أغراضها طبقًا لأحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذًا له، ويجب أن يكون الاستثمار آمنًا وفي غير الأدوات الاستثمارية ذات المخاطر العالية، وأن يكون في السوق المحلية.
ووصفوا التعديلات بأنها خطوة تشريعية رائدة تعزز من دور مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية وتدفع بها نحو الاستدامة والاستقلالية المالية، من خلال السماح للجمعيات الأهلية باستثمار أموالها في مشاريع آمنة ومدروسة.
وأكدوا أن هذه الخطوة تعد نقلة نوعية في مسار العمل الأهلي، بما يفتح آفاقًا جديدة أمام الجمعيات والمؤسسات الأهلية لتطوير خدماتها وتعزيز كفاءتها في خدمة المجتمع.
وأضافوا أن هذه التعديلات تجسد رؤية ملكية ثاقبة تهدف إلى تمكين المجتمع المدني وتحفيزه على تبني نماذج تمويل أكثر استدامة واحترافية، بعيدًا عن الاعتماد الكلي على التبرعات، مؤكدين أن هذه النقلة القانونية فرصة استراتيجية لتعزيز الشفافية، وتوسيع نطاق التأثير المجتمعي ورفع كفاءة الإدارة المالية داخل الجمعيات.
بدورها دعت النائب جليلة علوي السيد، رئيس لجنة الخدمات بمجلس النواب، الجمعيات إلى الاستفادة من التعديلات القانونية الجديدة لتطوير آليات عملها وتعزيز استدامة مواردها وفق الضوابط القانونية.
خطوة نحو تعزيز
استقلالية الجمعيات
أكد حسـن محمـد بوهـزاع، رئيس الاتحاد العربي للتطوع، رئيس جمعية الكلمة الطيبة، أن التوجيهات الملكية السامية تعكس رؤية حكيمة تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة وتمكين الجمعيات من تحقيق الاستدامة المالية عبر استثمارات آمنة ومدروسة، تمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز دور المجتمع المدني في التنمية الاقتصادية والاجتماعية مما يسهم في رفعة الوطن ورفاهية المواطنين.
وأضاف رئيس جمعية الكلمة الطيبة، أنه وفقًا للتعديلات الأخيرة على قانون الجمعيات، أصبح بالإمكان تعزيز الاستدامة المالية للجمعيات ودعم أنشطتها دون الاعتماد الكامل على التبرعات أو التمويل التقليدي، حيث يسمح القانون الجديد للجمعيات باستثمار فائض أموالها، مما يوفر لها مصدر دخل إضافي ومستدام، بدلاً من الاعتماد الكلي على التبرعات غير المنتظمة، وذلك كله يقلل من الضغوط المالية، ويمنح مجالس الإدارات القدرة على التخطيط بعيد المدى دون القلق المستمر بشأن التمويل.
وبين أن فتح آفاق جديدة لتنمية الموارد، يفتح المجال واسعاً أمام الجمعيات لتعزيز مواردها المالية عبر مشاريع ذات عائد مالي، مثل الاستثمارات العقارية أو الشراكات التجارية المحلية، هذه العوائد يمكن أن تُستخدم في تمويل مشاريع جديدة وتنفيذ برامج أكثر استدامة وكفاءة ومبادرات مجتمعية أكثر تأثيراً، تخدم المجتمع بشكل أفضل وتوفر خدمات أكثر جودة.
مشددًا على أن هذا القانون سوف يشجع مجالس الإدارات على التخطيط المالي طويل الأمد واعتماد نماذج أكثر احترافية في الإدارة مع الاعتماد على الاستثمار كمصدر للدخل، كما سيدفع الجمعيات إلى تطوير خطط مالية واستثمارية قوية، مما يدفعها لتبني أنظمة إدارة أكثر احترافية تشمل تقييم المخاطر، التخطيط الاستراتيجي، وتحليل الأداء المالي بشكل دوري، وهذا سيسهم في رفع مستوى الكفاءة والحوكمة داخل الجمعيات، كما يمثل خطوة نحو تعزيز استقلالية الجمعيات ودعم نموها المستدام، مما يتيح لها خدمة المجتمع بطرق أكثر كفاءة وابتكارا.
المشاركة المجتمعية وتعزيز
المواطنة الفاعلة
ومن جانبها، أكدت ريما أحمد بن شمس مدير العام دار يوكو لرعاية الوالدين، أن هذه اللفتة الملكية الكريمة تمثل خطوة متقدمة على طريق تعزيز الإطار القانوني المنظم لعمل المؤسسات والجمعيات ذات الطابع المجتمعي وتجسد بوضوح الرؤية الثاقبة لجلالة الملك المعظم وحرصه الدائم على تمكين مؤسسات المجتمع المدني من القيام بدورها كشريك حيوي في مسيرة البناء الوطني والتنمية المستدامة.
وأشارت مدير العام دار يوكو لرعاية الوالدين، أن هذا القرار يعكس حكمة جلالة الملك المعظم ونظرته المستقبلية الشاملة التي تضع الإنسان في صميم العملية التنموية وتولي عناية خاصة بكل ما من شأنه النهوض بالعمل الأهلي والمؤسسات ذات الرسالة الإنسانية والاجتماعية وهو ما دأب عليه جلالته في إطار مشروع إصلاحي متكامل جعل من مملكة البحرين نموذجًا يُحتذى في المشاركة المجتمعية وتعزيز المواطنة الفاعلة.
وقالت المدير العام: «يعد هذا القرار حافزًا كبيرًا لمواصلة مسيرتنا في خدمة كبار السن وذوي الاحتياجات وتطوير برامجها وتعزيز أثرها المجتمعي بما يتوافق مع التوجيهات السامية ورؤية المملكة في دعم المؤسسات ذات الرسالة الإنسانية والاجتماعية».
وأضافت أنها تعد منعطفا نوعيا يسهم في تمكين المؤسسات الخاصة من توسيع نطاق خدماتها وتعزيز استقرارها القانوني والإداري وترسيخ مكانتها ضمن منظومة العمل الوطني ولا سيما في المجالات ذات الأثر المباشر على جودة حياة المواطنين.
فرصة ذهبية لجمعيات
ذوي الإعاقة
وأكد عادل سلطان المطوع، رئيس مجلس إدارة المركز البحريني للحراك الدولي، أن هذا التعديل يُعد خطوة استراتيجية نحو تمكين الجمعيات، وبالأخص جمعيات ذوي الإعاقة، من تحقيق الاستقلال والاستدامة المالية حيث أصبح بإمكان هذه الجمعيات تمويل برامجها وخدماتها الحيوية مثل العلاج التأهيلي، التعليم الدامج، أو التوظيف المدعوم دون القلق من انقطاع التمويل بالإضافة إلى خلق منظومة تمويل ذاتي تعزز من قدرت هذه الجمعيات على تقديم خدمات نوعية ومستمرة للأشخاص ذوي الإعاقة.
وأضاف رئيس المجلس أن القانون يفتح آفاقًا جديدة وخاصة لجمعيات ذوي الإعاقة، لكونها بحاجة دائمة إلى موارد مالية كافية لتوفير بيئة شاملة ومتكاملة لأعضائها من خلال الاستثمار المحلي الآمن حيث يمكن لهذه الجمعيات إطلاق مشاريع ربحية اجتماعية مثل ورش تدريبية، مراكز خدمات متخصصة، مقاهٍ مجتمعية بإدارة ذوي الإعاقة، تنويع مواردها المالية، ما ينعكس على كفاءة تنفيذ برامج التأهيل والتوعية والدمج، وتطوير بنيتها التحتية بشكل مستدام، مما يسهل عليها تنفيذ برامجها على نطاق أوسع وفعالية أعلى.
كما أكد أنها تمثل فرصة ذهبية لجمعيات ذوي الإعاقة لتوسيع أنشطتها وزيادة تأثيرها المجتمعي، فالعائد المالي من الاستثمار يمكن استخدامه في إطلاق برامج جديدة (مثل التدريب المهني أو دعم الأسر)، والجمعيات يمكن أن تنتقل من الدور التقليدي إلى أن تصبح جهة فاعلة اقتصاديًّا واجتماعيًّا، كما يساعد في فتح فروع جديدة أو توفير خدمات تخصصية لم تكن متاحة سابقًا بسبب ضعف التمويل، ويمكن تخصيص جزء من العائد لدعم مبادرات تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة اقتصاديًّا.
وشدد على أهمية أن تتبنى جمعيات ذوي الإعاقة إدارة مالية احترافية لضمان سلامة استثماراتها، مما سيعزز في إعداد خطط استراتيجية وتمويلية طويلة الأمد بدلًا من الحلول المؤقتة، وتطوير هيكل إداري يتضمن إدارات أو لجان مالية واستثمارية مؤهلة، وتطبيق مفاهيم مثل حوكمة الجمعيات، الشفافية، إدارة المخاطر، والتقييم المالي، بالإضافة إلى السعي لتأهيل الكوادر الإدارية في مجالات الاستثمار والمحاسبة لضمان استخدام أمثل للموارد.
بناء احتياطات مالية لمواجهة
التحديات المستقبلية
وقالت أحلام أحمد بن رجب، رئيسة الاتحاد النسائي البحريني، إن هذا التعديل يمثل نقلة نوعية في عمل الجمعيات الأهلية التي لديها إمكانيات مناسبة مما سيساعدها في التحرر من الاعتماد الكلي على التبرعات والتي تكون بالعادة متذبذبة ومحددة بشروط.
وأكدت رئيسة الاتحاد أن الجمعيات بإمكانها تحقيق عائد مالي ثابت ومستدام يعزز من قدرتها على تخطيط المشاريع بشكل مستدام كما سيسهم في بناء احتياطات مالية لمواجهة التحديات المستقبلية دون توقف أو تقليص الخدمات.
ولفتت إلى أنهم يتطلعون إلى إعادة المنح المالية والنفقات التي كانت تقدمها الحكومة للمجتمع المدني مما سيساعد كثيرا في التخطيط لبرامج مستقبلية طموحة وهادفة، مشيرةً أن هناك جمعيات ومؤسسات أهلية تحتاج إلى الدعم حيث يمكنها إنشاء شراكات ذكية مع القطاع الخاص من خلال تقديم فكرة مشروع تنموي اجتماعي مشترك ويمكن للجمعية أن تستقطب دعمًا ماليا لوجستياً من شركات القطاع الخاص ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية حيث يعد واجبا وطنيا على شركات القطاع الخاص.
وأشارت إلى أنه ومن خلال هذا التعديل أصبح بإمكان الجمعيات التفكير بتنويع مصادرها مما سيسمح لها تمويل برامجها بشكل مستقل وتنمية قدراتها المؤسسية وتوظيف كفاءات متخصصة تعزز من كفاءة تنفيذ المشاريع مما سيسهم في دعم الاقتصاد الوطني نظرًا لاشتراك قانون الاستثمار في السوق المحلية ويعمق دوره التنموي ولكن من المهم أن نؤكد أن أغلب الجمعيات تحتاج إلى أن تدعم ماليًا لكي تستقل ماديًّا.
كما بينت أن من خلال هذا التعديل الذي سيسمح للجمعيات أن تتوسع في نطاق خدماتها وإطلاق مبادرات جديدة تستهدف احتياجات مجتمعية.
تعزيز روح المسؤولية الوطنية
كما أشادت النائب جليلة علوي السيد، رئيس لجنة الخدمات بمجلس النواب، بمصادقة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، على القانون رقم (24) لسنة 2025 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الجمعيات والأندية والهيئات الخاصة، معتبرة أن هذا القانون يشكل نقلة نوعية في مسار العمل الأهلي والمجتمعي في مملكة البحرين، ويمهد لمرحلة أكثر احترافية وشفافية واستدامة.
وأكدت النائب جليلة علوي أن لجنة الخدمات النيابية بذلت جهودًا كبيرة خلال دور الانعقاد الماضي لتدارس مشروع القانون ومناقشته مع الجهات المعنية، وتقديم التصورات الكفيلة بإخراج تشريع يوازن بين الحرية المسؤولة ومتطلبات الرقابة المالية والتنظيم المؤسسي، بما يضمن حماية أموال الجمعيات وتعزيز مصداقية العمل الأهلي في المملكة.
وأوضحت أن التعديلات التي تضمنها المرسوم، وعلى رأسها تنظيم استثمار أموال الجمعيات وحظر المضاربات المالية عالية المخاطر، ستسهم في رفع كفاءة الإدارة المالية للجمعيات وتعزيز ثقة المجتمع في أنشطتها ومبادراتها، مؤكدة أن هذا التوجه يأتي انسجامًا مع التطلعات الوطنية في بناء مجتمع مدني قوي ومتين.
ودعت النائب جليلة علوي جميع الجمعيات والمؤسسات الأهلية إلى العمل على تعزيز روح المسؤولية الوطنية، والحرص على اعتماد أعلى المعايير العالمية في الحوكمة، والتحول الرقمي، والإفصاح المالي، وتنمية الموارد، بما يعزز من دور هذه الكيانات كمحرك تنموي وشريك في بناء المستقبل.
وشددت على أن المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع مزيدًا من الجدية والانضباط، داعية الجمعيات إلى الاستفادة من التعديلات القانونية الجديدة لتطوير آليات عملها وتعزيز استدامة مواردها وفق الضوابط القانونية، مؤكدة دعم اللجنة الدائم لأي جهود تصب في خدمة العمل الأهلي ورفع مستوى الأداء المؤسسي فيه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك