إعلان إنشاء مركز التميز للعقوبات البديلة لتأهيل الكوادر العاملة
الحكومة قامت بترجمة التوجيهات الملكية السامية إلى خطوات عملية ومبادرات نوعية
كل فرد وإن تعثر بالحياة يستحق فرصة جديدة لتصويب سلوكه
مشاركة نخبة من المسؤولين والخبراء والمختصين في مجالات العدالة الإصلاحية والجنائية وحقوق الإنسان من داخل البحرين وخارجها
تغطية: إسلام محفوظ
افتتح الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية أمس أعمال المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة، الذي أقامته وزارة الداخلية بحضور عدد من الوزراء ومشاركة نخبة من المسؤولين والخبراء والمختصين في مجالات العدالة الإصلاحية والجنائية وحقوق الإنسان، من داخل مملكة البحرين وخارجها، في إطار العمل على تبادل الخبرات واستعراض التجارب الناجحة في تطبيق برامج العقوبات البديلة، وكذلك تعزيز السياسات الجنائية الحديثة بما يتماشى مع مبادئ العدالة الإنسانية ومتطلبات الأمن المجتمعي.
وقد ألقى وزير الداخلية، في مستهل أعمال المؤتمر، كلمة جاء فيها: يطيب لي، بداية، أن أرحب بضيوفنا الأعزاء، أجمل ترحيب في مملكة البحرين، مملكة النهضة والإنسان، والطمأنينة والأمان، حيث نجتمع اليوم لنؤكد معا أن إيماننا المشترك ببناء المجتمعات يبدأ من الإيمان العميق بقدرات الإنسان، ومنح الفرصة لمن يستحق أن يبدأ من جديد.
ولهذا جاء مؤتمرنا الدولي الأول للعقوبات البديلة لتلتقي القيم الإنسانية والتشريعات الناظمة مع الأفكار والتجارب والخبرات، وترجمتها على أرض الواقع من أجل رفع شأن الفرد وتهيئة السبل لإدماجه في محيطه المجتمعي. وإن البحرين، اليوم، تعيش عصر النهضة والإصلاح والإنسانية والحكمة، بقيادة سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم، حفظه الله ورعاه.
ففي هذا العهد الزاهر، الذي تأصلت فيه قيم الإصلاح والروح القيادية الإنسانية، مضينا قدما بفكر جلالته المستنير، في إيجاد السبل الكفيلة للحفاظ على كرامة الإنسان وحماية ارثنا الحضاري الإنساني، وتجلى ذلك في هذا المشروع الوطني النبيل، وهو برنامج العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية.
الحضور الكرام، الأمر الذي أود الإشارة إليه، ونحن في مستهل هذا المؤتمر، هو أن العقوبة البديلة ليست مكافأة لمن يخالف القانون، وليست لمن قد يشكل خطرا على الناس وعلى السلم الأهلي، وإنما العقوبة البديلة بمثابة حبل النجاة، لمن أدرك خطأه واختار مسار الصواب واقتنع بحياة المشاركة وتحمل مسؤوليته الوطنية.
فالعقوبة البديلة مبادرة إنسانية جامعة تعزز الثقة الوطنية وتجمع العائلة والأصدقاء. إنها، في الواقع، ثقافة قانونية تجمع الوطن وتعزز راية الخير والإصلاح. وفي إطار هذا المنطق الإنساني القانوني، جاء إصدار جلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، لقانون العقوبات والتدابير البديلة، وقامت الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، بترجمة التوجيهات الملكية السامية إلى خطوات عملية ومبادرات نوعية، بدءًا من تطوير الأطر التشريعية ومتابعة تنفيذ العقوبات البديلة بما يضمن تحقيق أهدافها الإنسانية والقانونية، وبالشراكة مع الجهات ذات العلاقة وخصوصا النيابة العامة.
الحضور الكرام، إن المبادرات الإنسانية من العقوبات البديلة وبرنامج السجون المفتوحة تعتبر نموذجاً في القيادة الملهمة، التي غايتها دوماً التوازن بين سيادة القانون والكرامة الإنسانية، باعتبار الإنسان محور التنمية، وأن كل فرد، وإن تعثّر بالحياة، فإنه يستحق فرصة جديدة لتصويب سلوكه.
كما تسهم تلك المبادرات في تطوير منظومة العدالة الجنائية، ومواصلة الجهود لتعزيز اللحمة الوطنية، وخاصة أن مملكة البحرين تطبق برنامج العقوبات البديلة والسجون المفتوحة بنجاح مشهود، محليا وإقليميا ودوليا.
الجدير بالذكر أن العقوبات تسعى إلى تحقيق مفهومي الردع العام والخاص، أما فلسفة العقوبات البديلة فهي إنسانية بمفهومها الواسع، وعقوبة بمفهومها المحدود؛ فالمعادلة هي كيفية إيجاد نقطة التوازن والارتكاز بين تطبيق العقوبة من جهة، وخلق حالة من الإنسانية من جهة أخرى؛ أي أن العقوبات البديلة طمأنة النفس، واستعادة ثقة الشخص بوجوده، وانتمائه لوطنه وأسرته، ونزع جذور السلبية التي في داخله ليصبح مواطناً صالحاً، وعنصراً فاعلا وآمنا، وخلق مساحات أمل لتصويب مساره وإصلاح سلوكه، وهذا ما حققناه، والحمد لله، وهو الهدف الذي سعينا من أجله ونعمل دوما على إيجاد الأطر التشريعية التي محورها إنسانية الإنسان وكرامته.
الحضور الكرام، إننا، من خلال هذا المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة الذي نلتقي من خلاله للبحث وتبادل الخبرات وتأكيد استمرارية هذا المشروع الحضاري الإنساني، وفي ظل ما حققته مملكة البحرين من نجاحات مشهودة، يسعدني، وفي حضور هذا الجمع المبارك، أن أعلن توجهنا في وزارة الداخلية لإنشاء (مركز التميز للعقوبات البديلة والسجون المفتوحة) ليكون مركزا متخصصا في تأهيل وتدريب الكوادر العاملة على تنفيذ العقوبات البديلة، بما يسهم في التوسع في تنفيذ هذا المشروع ونشر وتعزيز أهدافه على كافة المستويات.
وفي الختام، أكرر شكري لمن يعود له الفضل والامتنان، من بعد الله تعالى في تحقيق هذا التميز القانوني؛ سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، في إطلاق هذا المشروع الوطني السامي الذي يعد من أعمدة مكتسباتنا الانسانية التي يجب المحافظة عليها، وجزءا من هويتنا البحرينية التي يكمن عمقها في الاهتمام بثروتنا الحقيقية وهي الاستثمار في الموارد البشرية، بمشاركة الجميع بمن فيهم المحكومون بعقوبات سالبة للحرية والذين استفادوا من برنامج العقوبات البديلة.
كما أتوجه بخالص الشكر والتقدير للقائمين على تنظيم هذا المؤتمر، وبالأخص مدير عام الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام والعقوبات البديلة، وإلى جميع الضباط وضباط الصف والمدنيين العاملين في الإدارة العامة على جهودهم المخلصة التي تعد من أهم أسباب نجاح هذا المشروع الوطني، كما أشكر كل من اسهموا في انجاح هذا المؤتمر ليكون منبرا لتبادل الخبرات في إطار العمل على تطوير المنظومة الاصلاحية، لمواكبة المستجدات العصرية وبما يعود بالنفع العام على الجميع.
وخلال المؤتمر تم عرض فيلم تسجيلي، يتناول ملامح وآفاق العهد الإصلاحي والفكر المستنير لجلالة الملك المعظم، وكيف أصبح مشروع العقوبات البديلة وبرنامج السجون المفتوحة واقعا مشهودا، وشكل نجاحا وطنيا، بل وإقليميا ودوليا، يشهد به الجميع.
بعد ذلك، بدأت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر حول دور العقوبات البديلة في تعزيز النهج الإصلاحي ومنظومة العدالة الجنائية وتحدث فيها وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف والنائب العام ومدير عام الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام والعقوبات البديلة، كما تحدث في الجلسة سفير المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية لدى مملكة البحرين.
بعدها قام وزير الداخلية بتكريم المتحدثين في المؤتمر، مشيدا بما قدموه من رؤى وأفكار متقدمة تسهم في تعزيز تبادل الخبرات والتجارب.
وضمن فعاليات المؤتمر تفقد وزير الداخلية وأعضاء المؤتمر، المعرض المصاحب، الذي يشير إلى أهداف مشروع العقوبات البديلة وما حققه من إنجازات، ومنظومة الشراكة المتكاملة القائم عليها، بالإضافة إلى الجهات التدريبية والتأهيلية في مجالات العقوبات البديلة والتعريف بالدعم النفسي والاجتماعي للمستفيدين، بالإضافة إلى تأكيد استمرار الدعم والتواصل وبناء آفاق جديدة.
وقد تضمن المؤتمر، ثلاث جلسات عمل، تحدث فيها وزراء ومختصون وخبراء من مملكة البحرين ودول عربية وأجنبية، حيث أكدت الجلسة الأولى على أهمية تكامل الجهود المبذولة في إعادة إدماج المستفيدين في المجتمع، أما الجلسة الثانية فقد جاءت تحت عنوان «العقوبات البديلة والتحديات المستقبلية» واختتم المؤتمر بجلسة ثالثة وأخيرة حول تطبيقات العدالة الجنائية في ظل التطور الإصلاحي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك