بعد مناقشات ماراثونية، وافق مجلس النواب في جلسته الاستثنائية أمس برئاسة أحمد المسلم رئيس المجلس على مشروع قانون الصحافة، وأحاله بصفة الاستعجال إلى مجلس الشورى، وذلك بعد أن ظل قابعا 13 عاما في أدراج الغرفة التشريعية الأولى.
المخاض العسير لمشروع القانون جاء بعد أن وافق النواب على 39 مادة من التعديلات ورفضوا مادة واحدة، فيما حاول عدد من النواب تعطيل تمرير القانون بدعوى ضرورة الفصل بين الإعلام التقليدي والإعلام الالكتروني.
وقال د. رمزان النعيمي وزير الإعلام إن هذا اليوم هو أحد الأيام المهمة في تاريخ الإعلام البحريني بشقيه الورقي والالكتروني، مشيدا بمساهمات أعضاء مجلس النواب وحرصهم على ضمان الحريات وتوافر ضمانات كافية لممارسة الصحافة والإعلام الالكتروني وفق ضوابط تتوافق مع دستور مملكة البحرين وميثاق العمل الوطني.
وأضاف، في تصريحات على هامش جلسة مجلس النواب أمس، اننا نتطلع أن تكون هذه الخطوة دافعة للقطاع الإعلامي تجاه التطور بعد سنوات تأخير لتمرير هذا القانون، معبرا عن تطلعه أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدا من التطوير.
ووصف إقرار مشروع القانون في مجلس النواب بأنه خطوة مشجعة، معبرا عن ثقته في التعاون من مجلس الشورى لاستكمال إقرار مشروع القانون.
وبشأن الحسابات الإخبارية، أشار وزير الإعلام إلى أنه بعد إقرار القانون بصورة نهائية وصدوره سوف تتم متابعة الإجراءات التي حددها القانون، موضحا أن أكثر هذه الحسابات لديهم تراخيص متعلقة بالدعاية والإعلان، وسوف تتحول هذه إلى رخص أكثر ملاءمة لنشاطهم المهني والإعلامي وسوف يتم التواصل معهم بعد التصديق على القانون.
وتطرق الوزير إلى أنه سوف يتم بحث المواد التي لم يتم الموافقة عليها في مشروع القانون من خلال مبادرات أخرى بالتعاون مع السلطة التشريعية، ولكن اليوم نرى أن الهدف الرئيسي من القانون تحقق بموافقة مجلس النواب، وعندما يرى القانون النور سوف نناقش المعالجات المتعلقة بالجوانب التي لم تنظم في المشروع الحالي.
وخلال مناقشات مع النواب، أكد د. رمزان النعيمي وزير الإعلام أن مشروع القانون يهم القطاع الإعلامي بأكمله، باعتباره المنظم الأساسي لقطاع الإعلام وجميع أوجه الإعلام، لذلك فإن عدم تطور هذا القانون بما يواكب التطور الالكتروني هو تعطيل لتطوير القطاع الإعلامي، مشيرا إلى أن جميع وزراء الإعلام السابقين أصروا على تعديل هذا القانون.
وأضاف أنه تم الاستماع لمرئيات عديد من الجهات حول مشروع القانون، منها جمعيات سياسية وجمعيات أهلية، والصحف المحلية وجمعية الصحفيين البحرينية والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وجميع اللجان البرلمانية التي تعاقبت على مشروع القانون وأثرت فيه، لذا فإن التعديلات الواردة من الحكومة والتي تم النقاش بشأنها مع جميع الأطراف قبل تقديمه لمجلس النواب شهدت تغييرات كثيرة للغاية.
وأشار وزير الإعلام إلى أن القانون النافذ حاليا يتضمن حوالي 14 جريمة متعلقة بالمحتوى، والقانون الجديد يقتصر على جريمتين فقط، كما أنه ينظم الاعلام الالكتروني، ويعامله معاملة الإعلام الورقي.
ونوه إلى أن القانون الحالي يضع قيودا صعبة على من يمارس الصحافة الالكترونية والاعلام الالكتروني.
وحرص وزير الإعلام على طمأنة النواب بأن القانون الجديد يحمل تسهيلا وتيسيرا وتخفيفا من القيود بشأن حجم رأس المال أو الحصول على موافقات معينة بشأن الفضاء الالكتروني، وهذا هو جوهر التعديل.
وأوضح أنه تم الأخذ في الاعتبار مطالبات أصحاب الحسابات الالكترونية بشأن إلغاء البند المتعلق باشتراط الحقوق السياسية، أما بقية ملاحظاتهم فكانت عبارة عن هواجس، مضيفا أنني اليوم جئت لتبديد هذه الهواجس بشأن عدم إمكانية تسجيلهم، مؤكدا أنه وعد لجنة الخدمات ومجلس النواب بأن الجميع سوف يتم تسجيله، خاصة أن معظمهم مسجلون في مزاولة أنشطة الدعاية والإعلان والخدمات الإعلامية بترخيص من وزارة الإعلام عن طريق نظام سجلات، ولا خوف عليهم من عدم التسجيل، وأن الأصل في الإلغاء هو بيد القضاء.
وشدد وزير الإعلام على أن تفسير هذا القانون يأتي في إطار مجتمع ديمقراطي في ظل ميثاق العمل الوطني وثوابته الدستورية، وأن أي ممارسة لحرية الرأي والتعبير تعتبر عذرا نافيا لأي جزاء من الجزاءات الواردة فيه، والتي تقتصر على دين الدولة والذات الملكية.
وأكد د. رمزان النعيمي أن هذا القانون معني بمن يمارس مهنة الإعلام بشكل منتظم ولا يتعلق بالحسابات الشخصية، مشددا على أنه لا تدخل في الحسابات الشخصية، موضحا أن هذه توضيحات وتطمينات لكل الأطراف ذات الشأن.
من جانبه قال النائب حسن ابراهيم ان مواد مشروع القانون واضحة واغلب الصحفيين يؤيدونه نظرا إلى ما فيه من العديد من النقاط الجيدة مثل الغاء عقوبة الحبس، مشيرا الى ان الخلاف الوحيد هو تنظيم المواقع الالكترونية، متسائلا نريد معرفة الاشتراطات المطلوبة من اصحاب مواقع التواصل الاجتماعي حتى يكون هناك نوع من الاطمئنان، منوها ايضا بأن المشروع بقانون يجعل اصحاب حسابات السوشيال ميديا جزء من الجسم الصحفي.
كما اشار النائب محمد الاحمد إلى ان مشروع القانون يعزز من قيمة الصحفيين نظرا إلى إلغاء حبس الصحفي، مضيفا ان التخوف الان هو من المواقع الالكترونية التي ليس لها تنظيم، وهي الان تعمل بمطلق الحرية وتتخوف من تقييدها ولكن القانون سيعمل على تنظيم هذا الملف وليس تقييده، وان الحديث عن رفض القانون يتعارض مع الكيان الصحفي في البحرين ويؤدي إلى تعطيل المشروع بدون مبرر، وخاصة ان تخوف بعض المواقع الالكترونية من عملية الترخيص، عند تطبيق القانون سيدركون انه في صالحهم ومؤيد لهم.
من جانبها قالت النائب جليلة السيد رئيس لجنة الخدمات انه من الصعب ان تكون هناك سلطة رابعة بلا قانون، مشيرة إلى أن المشروع منح ضمانات للإعلام الالكتروني ورأينا انه يمكن ان يكون هناك قانون واحد للإعلام الورقي والالكتروني بشكل منظم ومرتب، وتم اخذ جميع مرئيات النواب على محمل الجد، وتم عمل دراسة مقارنة مع دول اخرى بخصوص قانون الصحافة، وتم اجراء مقابلات مع جمعية الصحفيين واصحاب مواقع السوشيال ميديا، مؤكدة انه تم ادراج كل الملاحظات والتطمينات والضمانات في هذا المشروع بقانون.
بدوره أكد النائب ممدوح الصالح مقرر اللجنة ان الملاحظات التي حصلت عليها اللجنة من النواب معظمها تم وضعها في المشروع بقانون وتم احالة جميع اسئلة النواب واصحاب السوشيال ميديا الى وزارة الاعلام، وما تم تعديله كان من مطالبات اصحاب السوشيال ميديا منها التمتع بالحقوق السياسية التي تم الغاؤها والهواجس والتخوفات التي تتحدث عنها السوشيال ميديا اجاب عليها وزير الاعلام بصورة واضحة بانه سيتم تسجيلهم.
بدورها طالبت النائب زينب عبدالأمير بضرورة اعادة النظر في الغرامات في المادة 16 التي نصت على المعاقبة بغرامة لا تزيد على خمسة آلاف دينار، حيث اقترحت النائب ان يتم تخفيض هذا المبلغ الى ألفي دينار، وقامت بتقديم طلب بتعديل هذه المادة في نفس الجلسة ولكن صوت النواب بالرفض على التعديل في نفس الجلسة.
فيما قال النائب جميلا ملا ان تلك الغرامة هي الحد الاقصى وبالتالي للقاضي الحرية في الحكم باي غرامة لا تزيد على خمسة آلاف وبالتالي قد تكون قليلة جدا، ولذلك فكلنا ثقة في القضاء البحريني ويجب ان نترك الامر التقديري للقاضي لتقدير الغرامة المناسبة، واتفق النائب د. منير سرور مع هذا الطرح قائلا: لماذا ندافع عن المخالفين، فمن لا يخالف لا يتعرض للغرامة.
جدير بالذكر أن مشروع قانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر المقدم من الحكومة الذي يهدف من ابرز مميزاته إلى الغاء عقوبة الحبس في جميع النصوص العقابية في القانون النافذ والاكتفاء بعقوبة الغرامة، وايضا تنظيم الاعلام الالكتروني باعتباره احد مكونات المنظومة الاعلامية في البحرين، بالإضافة الى عدد من التعديلات التي ادخلتها لجنة الخدمات بالتوافق مع وزير الاعلام من ابرزها إلغاء الحد الادنى في عقوبة الغرامات، والغاء شرط تملك الموقع الاعلامي الالكتروني الا يكون محروما من مباشرة حقوقه المدنية والسياسية، والاكتفاء بألا يكون محروما من حقوقه المدنية فقط وإلغاء السياسية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك