أكثرها النفط.. لا تصدر دول الشرق الأوسط سوى 5% إلى الولايات المتحدة
تصوير: محمود بابا
توقعت كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بنك ستاندرد تشارترد، كارلا سليم نمو الاقتصاد البحريني في الربع الثاني من عام 2025، وذلك لعدة عوامل أبرزها تمتعها ببنية اقتصادية متنوعة لا تعتمد على القطاع النفطي فحسب، خاصة مع انتعاش القطاع غير النفطي في الربع الأول.
وأضافت خلال جلسة عقدتها مع الصحفيين، أن تداعيات الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية على المنطقة بشكل عام والبحرين بشكل خاص ضئيلة جداً، فمن ناحية التأثيرات المباشرة، قالت: «نرى أن التأثير على اقتصادات الشرق الأوسط ضئيل جداً، فعلى الرغم من أن التجارة تُعدّ قطاعاً اقتصادياً مهماً جداً في المنطقة، كما هو الحال في دولة الإمارات، حيث تمثل التجارة حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن انكشافنا على السوق الأمريكية محدود».
ولفتت إلى أنه في المتوسط، لا تُصدّر دول الشرق الأوسط سوى 5% فقط من صادراتها إلى الولايات المتحدة، وبشكل إجمالي لا تتجاوز صادرات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أمريكا 50 مليار دولار، أكثر من نصفها عبارة عن نفط، وهو خارج نطاق الرسوم الجمركية، ولهذا السبب نعتبر أن التأثير من القناة المباشرة محدود جداً.
أما من الناحية غير المباشرة، فقالت: «هناك تأثيرات أوسع ناتجة عن ثلاثة مسارات رئيسية: أسعار النفط التي قد تتأثر بهذه السياسات، وزيادة وتيرة الاستثمارات وتحولها نحو الولايات المتحدة في ظل تراجع أسعار النفط. وأخيراً، التغيرات المتوقعة في السيولة، حيث نتوقع تحولات في تدفقات السيولة نتيجة انخفاض أسعار النفط وتغير وجهات الاستثمارات كذلك».
وشاركت سليم في جلسة حوارية لمناقشة آفاق الاقتصاد والاستثمار العالمي، والذي نظمه البنك في البحرين، حيث اجتمع نخبة من كبار التنفيذيين والخبراء الماليين لمناقشة التحولات المتسارعة في المشهد الاقتصادي العالمي، والتوجهات المالية المستقبلية، وفرص الاستثمار في الأسواق الناشئة.
وقد بدأت الفعالية بنقاش معمّق حول التوترات التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، وما أُعلن حديثاً من رسوم جمركية أمريكية، وسط تحذيرات من تأثيراتها الارتدادية على اقتصادات المنطقة، حيث أشار الخبراء إلى أن هذه الرسوم، التي حُدّدت بنسبة أساسية تبلغ 10% لدول الخليج ومصر وبقية دول المنطقة، تعكس الفوائض التجارية القائمة بين واشنطن وتلك الأسواق.
وبالتزامن مع إعلان الولايات المتحدة في التاسع من أبريل تعليقا مؤقتا للرسوم الجمركية مدة 90 يوماً، يُتوقع أن تعود الرسوم المفروضة على الدول التي لم ترد بفرض رسوم مماثلة إلى النسبة الأساسية البالغة 10%، وفي المقابل، تظل الرسوم على واردات الصلب والألمنيوم سارية، رغم أن تأثيرها يُعد محدوداً نسبياً ويشمل صادرات البحرين والإمارات.
في المقابل، لم تشمل الرسوم الجمركية الجديدة صادرات الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز والمنتجات المكررة والمعادن الحيوية، والتي تمثل نحو نصف صادرات دول المنطقة إلى السوق الأمريكية، وفي هذا السياق، أوضحت سليم أن أسعار النفط الحالية التي تبلغ حوالي 65 دولاراً للبرميل، تمنح كلاً من قطر والإمارات وسلطنة عمان وضعاً مالياً مستقراً يعزز من استقرارهم الاقتصادي وقدرتهم على مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.
وأضافت سليم: «رغم أن المنطقة قد تبدو في مأمن جزئي فإنها لا تزال معرضة للتأثر بالتقلبات العالمية، خصوصاً فيما يتعلق بأسعار النفط والتحديات المرتبطة بأسواق الصرف، ومع ذلك، فإن الظروف الحالية تفتح المجال أمام فرص واعدة لإعادة توجيه التدفقات التجارية وتعزيز التعاون بين دول الجنوب، مما يسهم في ترسيخ موقع دول الخليج كمراكز محورية في شبكة التجارة الدولية».
وقد سلط الحوار الضوء على سبل تعزيز مرونة الأسواق الإقليمية من خلال مبادرات استراتيجية من أبرزها اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي أطلقتها دولة الإمارات، والتي تشكل دعامة محورية في مسار التكامل الاقتصادي بين دول المنطقة.
وقد استُهلّت الجلسة بكلمة افتتاحية ألقتها رولا أبو منة، الرئيس التنفيذي لبنك ستاندرد تشارترد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباكستان، أعقبتها قراءة تحليلية للمشهد الاقتصادي الإقليمي قدّمته كارلا سليم، تبعها مشاركة محمد فيروز، رئيس «ستاندرد تشارترد فنتشرز» في الشرق الأوسط.
وفي ختام الفعالية، صرح بطرس كلنك، الرئيس التنفيذي لبنك ستاندرد تشارترد في البحرين قائلاً: «نحن نفخر بكوننا أول بنك دولي يباشر عملياته في سوق البحرين وبدورنا في دعم مسيرة التنوع الاقتصادي التي تنتهجها الدولة. ومن خلال استضافة مثل هذه المنصات الحوارية الرائدة، نعمل على استقطاب رؤى عالمية ودمجها مع الخبرات المحلية، بما يسهم في بلورة نقاشات استراتيجية تربط بين الطموحات الوطنية والتوجهات الاقتصادية الدولية، ويعزز موقع البحرين كمحور فاعل في منظومة الاقتصاد العالمي».
ويواصل البنك حرصه على إطلاق حوارات استراتيجية مع مختلف الأطراف المعنية في البحرين والمنطقة، بما يسهم في رسم ملامح مستقبل قطاع التمويل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك