بالمخالفة لرأي مجلس النواب رفض مجلس الشورى في جلسته أمس مشروع قانون بتعديل قانون المرور، الذي يقضي بقيام المتهم الذي يقبل التصالح بدفع مبلغ يعادل نصف الحد الأدنى للغرامة المقررة للجريمة في ميعاد أقصاه ثلاثون يومًا من تاريخ عرض التصالح عليه بدلا من 7 أيام في القانون الساري.
واتفقت وزارة الداخلية مع رأي مجلس الشورى، مؤكدة أهمية الإبقاء على النص الحالي للقانون، وأوضح العقيد حسين سلمان مطر مدير إدارة الشؤون القانونية بوزارة الداخلية أن الغرض من العقوبات تحقيق المصلحة العامة المتمثلة في ضبط السلوك العام لسائقي المركبات وتحقيق السلامة المرورية، الأمر الذي يتعين معه أن تكون العقوبة المالية المقررة في القانون واجبة التنفيذ لتحقيق الردع العام أو الخاص.
وأشار إلى أن مشروع القانون المقترح يقرر تأجيل وتقليل الغرامة المقررة وهو ما يؤثر على تحقيق الردع، لافتا إلى أن القانون الحالي يأخذ جانبا من مبدأ الرأفة والتصالح في المخالفات المقررة على المخالفين.
من جانبه، قال الرائد خالد مبارك بوقيس مدير إدارة الثقافة المرورية إن النص الحالي يحقق الاستفادة اللازمة في عدم العودة للغرامة الأساسية، في حين أهدر مشروع القانون المقترح التسلسل الوقتي للمادة الحالية بالمبادرة بالتسديد خلال سبعة أيام، وفي حال لم يتم المبادرة بالتسديد خلال 30 يوما تحال إلى القضاء، مشيرا إلى أن النص المقترح أهدر هذه المدد كاملة. وأكد أن النص النافذ حقق ضمانة التدرج في العقوبة وإمكانية الاستفادة منها وعدم العودة إلى المخالفة، مشيرا إلى أن الوضع المروري آمن في المملكة بحسب الإحصائيات، إلا أننا أمام تحديات منها الزيادة المطردة في عدد المركبات واستخدام السيارات الخاصة.
ودعا إلى الالتفات إلى المتضررين من الحوادث المرورية، إذ إن المتهم المخالف المروري يتم التساهل معه لدفع المخالفة فيما أن الضحية في الشارع هو المجني عليه المستخدم للطريق العام الذي تأذى من إهدار حقوقه بالوقوف الخاطئ وتعطيل مصالحه وكذلك بعض السلوكيات التي تعرضه للخطر، مؤكداً أن غرامات قانون المرور عقلانية ومتوازنة مع الردع العام والخاص. واتفق غالبية أعضاء المجلس على رفض مشروع القانون، في حين صوت الشوري د. عادل المعاودة مع مشروع القانون، موضحا أنه لا خلاف على الردع في القانون، إلا أن مشروع القانون جاء لييسر على الناس.
وأشاد أعضاء مجلس الشورى بجهود رجال المرور ووزير الداخلية للحفاظ على أرواح المواطنين وضبط السير في الشارع العام وجعل البحرين مكانا يحتذى به.
بدوره أكد د. علي الرميحي رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني أن المرور جزء من ثقافة المواطن البحريني، وتم الاعتياد في المملكة على الالتزام بالأنظمة والقوانين المرورية.
وأشار إلى أن المرور في مملكة البحرين يواجه تحديات كبيرة، فهناك أكثر من 770 ألف سيارة، وفي عام 2024 تم دخول أكثر من 17 ألف سيارة جديدة، مراهناً على الوعي لدى المواطن، وعلى الأنظمة التي تكون حازمة مع مستخدمي الطريق.
وذكر أن نسبة الحوادث البليغة في شهر يونيو 2024 بلغت 48% وأغلب هذه الحوادث البليغة ينتج عنها حالات وفاة، و28% من هذه الحوادث بسبب تجاوز السرعة، و24% منها تجاوز للإشارة الحمراء، وهذه الأرقام حتمت على أعضاء اللجنة أخذ مبدأ التنظيم والإدارة بعدم التهاون مع المخالفة البسيطة حتى لا تنتج ثقافة التهاون مع المخالفات الأكبر.
من جهتها، ذكرت د. جهاد الفاضل النائب الثاني لرئيس المجلس أن فلسفة التصالح قائمة على التوازن بين العقوبة ومراعاة الالتزام بالقانون في تنفيذ الغرامات الإدارية، لكن مشروع القانون الماثل يمدد مهلة التصالح، ورأت أنه توجه غير صحيح لأن معنى التصالح لا يعني التهاون في تسديد الغرامات التي تمس الأرواح والممتلكات. إلى جانب ذلك، أيدت دلال الزايد رئيسة لجنة الشؤون التشريعية رفض مشروع القانون حتى لا نهدر حق أي أحد، أو نلام بتساهلنا في خفض المبالغ فيسهل على البعض تكرار المخالفات التي تكون نتائجها صعبة للطرف الثاني، داعية إلى مراعاة الفعل ومدى تطبيق التصالح ومبلغ التصالح.
بدوره، قال فؤاد الحاجي إن قانون المرور مهم فهو يمس أمن وأمان الناس في الطريق، وحمايتهم من سلوكيات خاطئة، ويجب ردع كل من تسول له نفسه القيام بهذه السلوكيات الخاطئة لإنقاذ أرواح الناس.
من جانبها، أشارت د. ابتسام الدلال إلى أن تغيير مدة التصالح ستغير مبدأ التدرج في الردع، وإن مبرر مجلس النواب بشأن موضوع ارتفاع الأسعار ليس له علاقة بالردع الذي يستهدف بالدرجة الأولى الحفاظ على الأرواح.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك