في قفص الاتهام: التقاليد والعادات الغذائية الخاطئة.. الحلويات والقلويات والحمضيات والبهارات.. والنهم الشديد
أبرز المشاكل: زيادة الوزن.. إرباك معوي.. ارتفاع السكر.. اضطراب الضغط.. زيادة أملاح النقرس.. مشاكل المفاصل.. ومشاكل الأسنان
وسائل التواصل الاجتماعي فاقمت المشكلة.. والمغريات أكبر من جهود التوعية
عدد المراجعين لعيادات الأسنان أكبر في رمضان وموسم «القرقاعون»!
من المؤسف.. والمخجل أن تتحول شعيرة عظيمة ترمي إلى تزكية النفس وتطهير الجسم، من فرصة لتعزيز الصحة العامة، إلى موسم تتزايد فيه الأمراض وتتفاقم خلاله الأعراض، وتتزاحم بعده العيادات الصحية باختلافها!
نعم، باختصار هذا هو الحال في شهر رمضان كل عام.. فالصادم في الأمر أن أعداد المراجعين للعيادات الطبية تتزايد في شهر رمضان وما بعده، والسبب ببساطة: النهم في الأكل، والأنماط السلوكية الغذائية غير السليمة، خلافا لمبدأ «صوموا تصّحوا».
على الرغم من التحذيرات المتواصلة، يصر الكثير من الصائمين على ان تكون وجبة الإفطار نفيرا عاما وهجوما كاسحا على ما لذ وطاب من حلويات وقلويات ونشويات وكربوهيدرات وغيرها. ولا يفتأ الفك يطحن المأكولات التي تنهال عليه تباعا من دون توقف، حتى وقت الإمساك. ومع الأيام، تظهر النتائج.. زيادة الوزن، ارتفاع السكر، اضطرابات الضغط، تلبك معوي، ارتفاع الاحماض، زيادة أملاح النقرس، مشاكل في المفاصل، ليس هذا فحسب، بل يكون لعيادات الأسنان نصيبها من ارتفاع عدد المراجعين الذين عانت أسنانهم الأمرّين في شهر الصيام!
تزايد الأمراض
ما مدى صحة أن الإقبال على العيادات الطبية يتزايد في شهر رمضان وما بعده؟ ماهي أكثر الأمراض والمشاكل الصحية التي تتزايد في هذا الشهر الفضيل؟ وماهي الأنماط السلوكية الغذائية التي تقود الى تلك المشاكل؟
من واقع خبرته الطويلة في هذا المجال، يجيبنا استشاري التغذية الدكتور زهير الدلال بالتأكيد أن الاقبال والضغط على العيادات الطبية يتزايد في شهر رمضان وما بعده لأسباب، أبرزها العادات الغذائية الخاطئة خلال الشهر الفضيل. ويوضح ذلك بقوله: للأسف يمارس الكثير من الصائمين عادات غذائية غير صحية خلال شهر رمضان، من ذلك الاقبال الكبير على تناول الكثير من الدهون والمقليات والسكريات بعد الصيام. بل البعض يقبل على ذلك بنهم شديد، وتكون النتيجة مضاعفات صحية، وبدل ان يكون الصيام وسيلة وفرصة للصحة والتعافي وتنقية الجسم، يحوله هؤلاء إلى موسم تتزايد فيه الأمراض. والناس مع الأسف الشديد تتعامل مع شهر رمضان بطريقة خاطئة جدا وسيئة جدا، وكأنه شهر أكل.
لذلك من أبرز الاعراض التي يعاني منها كثيرون الارباك المعوي بسبب تناول كميات كبيرة من الاكل على وجبة الإفطار. كما يرتفع مستوى السكر ومستوى السمنة، وكذلك الأمر بالنسبة لأمراض الضغط نتيجة تناول الكثير من المأكولات التي تحتوي على أملاح وسعرات حرارية عالية، وبالتالي يتسبب ذلك في ارتفاع الضغط والسكر والوزن، وهذه من أكثر الامراض التي يعاني منها المجتمع البحريني، وتتضاعف بشكل ملحوظ خلال شهر رمضان.
* ولماذا في رأيك يزيد هذا النهم في شهر الصيام تحديدا؟
** قد يرجع ذلك لأسباب، منها العادات الاجتماعية الخاطئة، أضف الى ذلك الإعلانات التجارية التي تلعب دورا سلبيا في هذا الجانب. وكذلك العروض التجارية المغرية. ما يجعل الناس يقبلون عليها بشكل كبير.
ويمكن القول ان وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل سلبي في تفاقم المشكلة، وبدل أن تلعب هذه الوسائل دورا اجتماعيا توعويا، صارت تسهم في الترويج للمأكولات والعادات الخاطئة، بل صار كل من هب ودب يفتي في القضايا الصحية والتغذية ويقدم مقترحات وحلول حتى من أفراد لا علاقة لهم بهذا المجال. لذلك أؤكد ان وسائل التواصل الاجتماعي من خلال هذه النماذج أساءت للتغذية وللعادات الغذائية ووعي الأفراد.
بل ومع احترامنا لكافة الأطباء، يجب ان نعي ان هناك فرقا بين اختصاصي التغذية وبين الطبيب. ولكننا نجد خاصة عبر هذه الوسائل، او حتى في العيادات، أطباء يفتون في قضايا غذائية ليست من تخصصهم. وهذا أمر خاطئ.
* ولكن لسنوات يحاول المختصون توعية الأفراد بهذه الجوانب.. لماذا لا تزال المشكلة قائمة بل ومتفاقمة؟
** بالفعل، للأسف لا نجد أذنا صاغية على الرغم من الجهود التوعوية عبر التلفاز والصحف والإذاعة والبرامج. وكأن المغريات أكبر من ذلك. كما ان الثقافة الراسخة والعادات المتوارثة لدى الكثير من الافراد تلعب دورا سلبيا في هذا الجانب، ومن الصعب تغيير هذه الثقافة عبر نصائح وتوجيه. كما صارت عادات غذائية جديدة وأغذية مختلفة تظهر في المجتمع وتساهم بشكل سلبي. ولعل أبسط مثال هو الاندومي الذي يقبل عليه الأطفال والشباب، وعلى الرغم من التحذيرات المتواصلة فإنه مازال رائدا ومفضلا لدى الكثيرين.
أضف الى ذلك ان البعض يحمل اعتقادات خاطئة مثل إمكانية تخزين الطعام بالمعدة قدر الإمكان حتى لا يشعر الصائم بالجوع أو العطش. في حين ان السحور مثلا يجب ان يكون خفيفا ولا يحتوي على كميات كبيرة من الدهون او السكريات. بل إن ذلك قد يجعلهم يشعرون بالجوع والعطش بشكل أكبر لاحقا. فالسكر عندما يدخل الجسم يتطلب جهدا كبيرا من المعدة والبنكرياس للتعامل معه، وهو ما يعني فرز كميات أكبر من الانسولين، وهذا ما يشعر الانسان بالجوع. فضلا عن أن كميات الأكل تتحول الى دهون متراكمة تضر الصحة. أما بالنسبة إلى الماء، فهو لا يخزن بالجسم مهما شرب الشخص قبل الصيام.
انتكاسة عكسية
هل تتزايد أعداد المرضى في العيادات الطبية خلال وبعد شهر رمضان؟ سؤال طرحناه على استشاري طب العائلة الدكتور هشام الشيخ، وقد أجاب بالتأكيد ان هناك حالات تتزايد بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة كل عام سواء أثناء الشهر او ما بعده.. مضيفا: من أبرز المشاكل الصحية التي يزيد بسببها المراجعون المشاكل المتعلقة بالجهاز الهضمي والمعدة مثل التلبك المعوي وارتفاع الاحماض في المعدة، وذلك بسبب طبيعة الأكل الغني بالدهون والبهارات والسكريات وغيرها.
وهناك مشاكل أخرى تتزايد خلال الشهر وبعده مثل زيادة املاح النقرس وحمض اليوريك بسبب قلة شرب السوائل من جانب، وكثرة البروتينات الحمراء في وجبة الفطور مثل الثريد والهريس وباقي المأكولات من جانب اخر. فالكثير من الافراد يأكلون هذه المأكولات بشكل يومي ويعتبرونها جزءا من الموروثات في هذا الشهر.
وكذلك تزيد في هذه الفترة مشاكل المفاصل وآلام القدمين واليدين. أضف الى ذلك من المشاكل التي تكثر في هذه الفترة ارتفاع الوزن على الرغم من الصيام، لأن ما يستهلكونه من سعرات حرارية بين الإفطار والسحور كبير جدا، مثل التمور واللقيمات والمهلبية والساقو والسمبوسة وغيرها من المأكولات الغنية بالنشويات والسكريات والدهون، بل نجد البعض لا يتوقف عن الأكل بين الوجبتين.
وبالتالي -يتابع الدكتور هشام- نواجه في العيادات أعدادا أكبر من المراجعين الذين يشتكون من اعراض تتزايد في هذه الفترة، وخاصة من الأشخاص الذين هم أكثر عرضة. فمثلا هناك افراد يكونون على حافة السكري، أو يعانون أساسا ارتفاعا في الكولسترول، أو من الضغط. فهؤلاء تزيد احتمالات تفاقم المشاكل الصحية لديهم خلال هذا الشهر بسبب تلك الأنماط الغذائية غير الصحية.
وهناك جانب مهم يرتبط بزيادة المراجعات للعيادات الصحية خلال وبعد شهر رمضان وهو الانتكاسة العكسية في فترة الصيام، فمثلا من يعاني من السكري ويأخذ حقن الانسولين، يجب ان يتابع مع طبيبه أسبوعين قبل شهر رمضان لتجنب الارتفاعات او الانخفاضات الكبيرة في السكر خلال الصيام، فمثلا الجفاف خلال الصيام يؤدي الى ارتفاع نسبة السكر بشكل عال. وعدم الاخذ بالاحتياطات يؤدي الى تضاعف المشكلة. وكذلك الامر لمن يعاني قصورا في الكلية، أو من يأخذون أنواعا معينة من الأدوية، قد يؤثر الصيام عليهم وتحدث انتكاسة عند الصيام.
أيضا ضمور الغدة الدرقية التي تعتبر من الامراض الشائعة في البحرين، حيث تتطلب مراقبة أكبر على الأدوية في شهر رمضان.
ومن المهم هنا ان نحذّر من الحد الثاني لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث نجد الكثير من الحسابات غير الموثوقة والاعلانات التجارية التي تقدم معلومات غير علمية. قد تكون سببا في المشاكل الصحية. وهذا للأسف نواجهه كثيرا مع المرضى.
مرضى السكري
ننتقل في موضوعنا هذا إلى عيادة استشارية الغدد الصماء والسكري الدكتورة ابتهال اليوسف، لنركز على مرض السكري وما إذا كانت الحاجة تتضاعف لزيارة العيادات في شهر رمضان وبعده؟ تجيبنا الدكتورة ابتهال:
نعم، الحاجة إلى زيارة عيادات السكري قد تزداد في شهر رمضان وبعده، وهذا يعود إلى عدة أسباب تتعلق بتغيرات النظام الغذائي، وأنماط الحياة، وتأثير الصيام على الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري. ومن أبرز الأسباب:
1. تغير نمط تناول الطعام: خلال شهر رمضان، يحدث تغيير كبير في توقيت تناول الطعام (من الإفطار إلى السحور)، وكذلك نوعية الطعام، مما قد يرفع مستويات السكر في الدم بشكل مفاجئ.
2. تغيرات في مواعيد الأدوية: فمرضى السكري مثلا قد يواجهون صعوبة في ضبط جرعات الأدوية وفقًا للتوقيت الجديد للصيام. هذا يمكن أن يؤدي إلى تقلبات في مستويات السكر في الدم.
3. الجفاف: حيث يؤثر سلبًا على قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر في الدم ويزيد من خطر الإصابة بمضاعفات مثل الحموضة الكيتونية والجلطات.
4. التغييرات في النشاط البدني: حيث يختلف مستوى النشاط البدني بسبب تغير ساعات العمل والنوم، وقد يعاني بعض المرضى من قلة النشاط البدني بسبب تعب الصيام.
5. تفاقم المضاعفات الصحية: قد يصنف بعض مرضى السكري بذوي خطورة متوسطة الى عالية عند الصيام، وهي فئة قد تعفى طبيا من الصيام بعد تقييم الفريق الطبي. ولكن هناك نسبة كبيرة من هذه الفئة تصر على الصيام، وهي معرضة للمضاعفات أثناء الصيام مثل الانخفاضات الشديدة والاغماء او الارتفاعات الشديدة في مستويات السكر في الدم، لذا تعتبر المتابعة القريبة مع الفريق الطبي المعالج من قبل هذه الفئة مهمة من أجل صيام آمن ولتجنب المضاعفات.
وبالتالي فإن مرضى السكري يحتاجون إلى مراقبة خاصة خلال شهر رمضان، وعادة ما تتزايد الحاجة إلى العيادات بعد رمضان بسبب هذه التغيرات الصحية التي قد تؤثر على مستوى السكر في الدم.
* ماذا عن العادات الغذائية السيئة التي تسهم في تفاقم مشاكل السكري لدى الافراد؟
** في الواقع هناك الكثير من الأنماط السلوكية الخاطئة التي يمارسها الافراد وخاصة في هذا الشهر والتي تؤدي الى مضاعفات صحية، من ذلك:
- الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالسكريات المضافة مثل المشروبات الغازية والعصائر المحلاة والحلويات. فهي تؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم بسرعة وزيادة مقاومة الأنسولين.
- تناول الكربوهيدرات البسيطة بكميات كبيرة مثل الخبز الأبيض، المعكرونة، والأرز الأبيض، مما يتسبب في ارتفاع سريع في مستويات السكر بالدم لأنها تفتقر إلى الألياف التي تساعد في تنظيم وإبطاء امتصاص السكر.
- الإفراط في تناول الدهون غير الصحية كالأطعمة الغنية بالدهون المشبعة أو الدهون المتحولة، وهذه قد تؤدي إلى زيادة الوزن وتسهم في مقاومة الأنسولين.
- نقص تناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضراوات، الفواكه، الحبوب الكاملة، والمكسرات فهي تعمل على تحسين استجابة الجسم للأنسولين وتنظيم مستويات السكر في الدم.
- تناول وجبات ضخمة أو غير منتظمة يمكن أن يسبب تقلبات في مستويات السكر في الدم.
- إهمال تناول البروتينات الصحية مثل الأسماك، الدواجن، البقوليات، والمكسرات، فهي تلعب دورًا مهمًا في تحسين استجابة الجسم للأنسولين.
- التقليل من شرب الماء، لأن عدم شرب كميات كافية من الماء يمكن أن يؤدي إلى الجفاف وارتفاع السكر في الدم.
* وهل هناك فئات تزداد لديها هذه المشاكل أكثر من غيرها؟
** نعم، فمثلا نجد كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل مرضى السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، ومرضى قصور الكلى، قد يواجه هؤلاء الأشخاص تحديات في إدارة حالتهم الصحية خلال شهر رمضان بسبب التغيرات في مواعيد تناول الطعام، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أو انخفاض مستويات السكر في الدم أو ارتفاع ضغط الدم. بعض الفئات قد تعفى من الصيام بسبب حالتها المرضية بعد التقييم الطبي.
من جانب اخر، غالبًا ما يكون الأطفال والمراهقون عرضة لسوء التغذية خلال شهر رمضان بسبب التغييرات في مواعيد الوجبات أو استهلاك أطعمة غير صحية تحتوي على كميات كبيرة من السكريات والدهون، مما يعرضهم للمشاكل سوء الهضم، أو زيادة الوزن.
أضف الى ذلك النساء الحوامل والمرضعات، لأن هذه الفئة بحاجة إلى التغذية الجيدة المتوازنة لتعويض العناصر الغذائية اللازمة لصحتها وصحة الجنين أو الطفل.
* الحديث عن هذه المشاكل يتكرر كل عام، حيث تتجدد نفس المشاكل والعادات الغذائية الخاطئة لدى افراد المجتمع. أين المشكلة في رأيك؟
** هناك عدة عوامل قد تسهم في استمرار هذه الظاهرة منها:
- التسويق التجاري للمنتجات غير الصحية.
- قلة التفاعل مع التوعية وعدم أخذها على محمل الجد. ومن الممكن أيضًا أن تكون الرسائل التوعوية لا تتماشى مع العادات المحلية أو تحتاج إلى أساليب أكثر إبداعًا لزيادة التأثير.
- الضغوط اليومية والعمل والالتزامات العائلية تعتبر عاملًا مساعدًا في اختيار الأطعمة السريعة أو الجاهزة.
- التمسك بالعادات والتقاليد الغذائية المرتبطة بشهر رمضان منذ سنوات طويلة، مثل الإفراط في تناول الأطعمة الدسمة، الحلويات والمشروبات الغازية.
- الخلط بين «شهر رمضان» والاحتفال: فيعتقد بعض الأشخاص أن شهر رمضان هو وقت للقاءات العائلية والاحتفالات و«الغبقات»، وبالتالي يصبح الطعام جزءًا أساسيًا من هذه التجمعات.
لذلك يفترض الا تقتصر الجهود التوعوية فقط على شهر رمضان نفسه، بل ينبغي أن تكون موجودة طوال العام لضمان استدامة التأثير.
الأسنان.. ضحية
كما أشرنا في مقدمة الموضوع، المشاكل الصحية لا تقتصر على السمنة والأمراض الباطنية، بل تمتد الى الأسنان. وهذا ما تحدثنا عنه الدكتورة لمياء محمود، المدير التنفيذي لمجموعة الدكتورة لمياء لطب الأسنان، حيث تؤكد أن أعداد المراجعين لعيادات الأسنان تتزايد خلال شهر رمضان وحتى بعد الشهر، وفي كثير من الأحيان تكون المواعيد محجوزة بالكامل. وأغلب المراجعات تكون بسبب التهابات اللثة، التسوسات، وكسر في الأسنان.
وتضيف: ما يحدث في الغالب هو ظهور أعراض لمشاكل موجودة أساسا أو تراكمات لمشاكل موجودة سابقا. فعندما يكونون صائمين لساعات طويلة، ثم يبدؤون بأكل نوعيات مليئة بالسكريات والقلويات والحمضيات، هنا تظهر أعراض المشاكل بشكل أوضح، حيث يبدأ الفرد بالشعور بألم أسنان، أو كسر في الضرس، أو وجود رائحة مزعجة في الفم يشعر بها الفرد نفسه. وكل ذلك مؤشرات وأعراض تتزايد في فترة الصيام بشكل أكبر من الأيام العادية. وكثير من الأشخاص ممن لديهم تسوسات سابقة قد لا يعرفون عنها، ومع كثرة أكل الحلويات في شهر رمضان، تتسرب إلى الضرس وبالتالي يبدأ بالشعور بالألم. وكذلك الأمر بالنسبة لالتهابات اللثة، فخلال الصيام وعدم شرب الماء أو تنظيف وترطيب الفم بشكل متواصل، تتفاقم مشاكل اللثة التي ربما كانت موجودة سابقا ولكن تزداد الاعراض في شهر رمضان.
فما يزيد المشكلة هو الأنماط والعادات الغذائية الخاطئة السائدة، وعلى الرغم من أن الكثير من الافراد صاروا أكثر اهتماما بالمظهر وبالأسنان، إلا أن ذلك لا يكفي، والتنظيف وحده لن يحمي لك أسنانك، بل هناك عوامل أخرى. فمثلا بين وجبتي الإفطار والسحور، كم مرة يأكل الفرد؟ كم مرة تتعرض الاسنان للحمضيات والحلويات والقلويات والكربوهيدرات والعصائر والقهوة وغيرها؟ وكل ذلك يؤثر على صحة الأسنان. والمعيار هنا ليس عدد مرات التنظيف كما يتصور الكثيرون، وإنما طريقة وجودة التنظيف ونوعية الأكل وما تتعرض له الاسنان طوال اليوم، وكذلك الصحة العامة. أضف الى ذلك عوامل ترتبط بالجينات والوراثة والتي قد تفاقم مشاكل الأسنان.
هل تعلم انه في موسم (القرقاعون) يزداد عدد المراجعين للعيادات بسبب مشاكل تكسر الأسنان؟ والسبب ببساطة أنه حتى الان مازال الكثيرون يكسرون المكسرات بالأسنان! وبالتالي يعتبر هذا الموسم مثلا موسما لمشاكل الأسنان. وقد يكون السبب تراكمات سابقة تضعف الضرس، أو محاولة كسر شيء صلب.
لذلك ينصح دائما بتقليل نسبة السكريات والحمضيات والقلويات، فالاعتدال في كل شيء يغنينا عن الكثير من العواقب اللاحقة. ولا أعلم لماذا يعتقد البعض أننا في شهر رمضان يجب ان نكثر من الحلويات، وكذلك العصائر والحمضيات التي تؤثر على مينا الاسنان.
وفي نفس الوقت يجب الاكثار من شرب الماء، لأن اللعاب يخفف من حدة الالتهابات ومشاكل الفم. وكذلك من الضروري الحفاظ على نمط التنظيف سواء أوقات الصيام أو الإفطار. فالبعض يعتقد ان معجون الاسنان يفطر. وحتى من يخشى ذلك يمكنه التنظيف بالفرشاة فقط او بالمسواك الذي يعتبر من أفضل المنظفات.
* ذكرت قبل قليل أن الصحة العامة ترتبط بصحة الأسنان أيضا، كيف ذلك؟
** في آخر مؤتمر شاركت فيه في الولايات المتحدة، ركز بشكل كامل على علاقة التهابات الفم والاسنان مع الامراض العضوية، وتوصلت الأبحاث إلى أن معظم المرضى الذين يعانون أمراضا مزمنة كالسكر، وامراض القلب والجلطات وحتى بعض مشاكل الحوامل، لديهم في الغالب التهابات في الفم والأسنان. لذلك نقول ان هناك علاقة كبيرة، وتفاقم هذه المشاكل في شهر رمضان مثلا سينعكس أيضا على مشاكل الفم والاسنان.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك