دول الخليج العربي واحدة من أكثـر المناطق السياحية ديناميكية وإثارة في العالم
أولويتنا إعادة توحيد جميع الدول الأعضاء.. وتعزيز السياحة المستدامة.. والاستفادة من التكنولوجيا
دفع عجلة الابتكار الرقمي والتكنولوجي في القطاع.. والاعتماد يتزايد على الذكاء الاصطناعي
أكَّد هاري ثيو هاريس، المرشحُ لمنصبِ الأمين العام للأممِ المتحدة للسياحة أن قطاعَ السياحةِ العالميِّ أظهر مرونةً ملحوظة، حيث اقترب عددُ الوافدين الدوليين والإيرادات من مستوياتِ ما قبل الجائحةِ وتجاوزَها، مشيرًا إلى أن دولَ مجلسِ التعاونِ الخليجي واحدة من أكثر المناطق السياحيَّة ديناميكيَّة وإثارة في العالم.
وأضاف خلال حوار حصري أجرته «أخبار الخليج»، أن هناك خاصيتين للنمو المذهلِ الذي حققته دولُ مجلس التعاون الخليجي في السياحة العالمية الأولى هي الاستثماراتُ الضخمةُ في البنيةِ التحتية السياحيَّة والثانية هي ترحيبُ الناسِ بكلِّ ثقافاتِ العالم.
وحول الأولوياتِ الاستراتيجيَّة، لفت إلى أنها ستكون منصبةً على إعادةِ توحيد جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لإعادة تهيئة الظروف الملائمة للعمل الشفاف بالإضافة إلى تعزيزِ السياحة المستدامة، والاستفادةِ من التكنولوجيا والابتكار. وجاء في تفاصيل الحوار الآتي:
1- كيف تقيّمون وضعَ السياحةِ العالميَّة في الوقت الراهن؟ وما أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاعَ بعد الأزماتِ الصحية (الكوفيد وغيرها) والاقتصادية الأخيرة؟
- أظهر قطاعُ السياحةِ العالمي مرونةً ملحوظة، حيث اقترب عددُ الوافدين الدوليين والإيرادات من مستويات ما قبل الجائحة وتجاوزها في كثيرٍ من الحالات. وباعتبارها «صناعة» تواصل السياحةُ ازدهارها وستستمر في النمو مدفوعة بزيادة الطلب واستئناف الرحلات الجوية الدولية وتجدد الاهتمام بالمعالم الثقافية والطبيعية.
لذلك لا تحتاجُ منظمةُ الأمم المتحدة للسياحة إلى استثمارِ موارد الأعضاء في إقناع المزيد من الناس بالسفر. فالمنظمة تعمل اليوم كوكالة تسويق للصناعة والأسوأ من ذلك، للمنظمة نفسها. يجب أن تقودَ سياحة الأمم المتحدة مجتمع السياحة العالمي في ضمان استدامة هذا النشاط الصناعي ومواءمته مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ولتحقيق ذلك، يواجه مجتمع السياحة العديد من التحديات الكبيرة بما في ذلك:
التفاوتات الاقتصادية: كان الانتعاشُ متفاوتًا في مختلف المناطق، حيث لا تزال بعضُ الوجهات تكافحُ لاستعادةِ أسواقها السياحية. وتسهمُ عواملُ مثل عدم الاستقرار الاقتصادي وتفاوت مستويات البنية التحتية للرعاية الصحية في هذا التفاوت.
الاستدامة والاكتظاظ: أدى انتعاشُ السفر، لا سيما إلى الوجهات التي تعدُّ آمنة بسبب معاييرها الصحية والنظافة العالية، إلى مخاوفَ بشأن السياحة الجماعية وتأثيرها في المجتمعات والبيئات المحلية. ومن الضروري مراقبة وإدارة التدفقات السياحية لمنع الاكتظاظ وضمان الممارسات المستدامة.
مخاوف الصحة والسلامة: لا تزال المخاوف الصحية المستمرة تؤثر في سلوك المسافرين، مع زيادة الطلب على بروتوكولات السلامة وخيارات الحجز المرنة.
ارتفاع التكاليف التشغيلية: يعاني القطاع من زيادة التكاليف بسبب التضخم، وارتفاع أسعار الطاقة، واضطرابات سلسلة التوريد. تتطلب هذه التحديات حلولاً مبتكرة للحفاظ على القدرة على تحمل التكاليف والربحية.
2- ما الأولويات الاستراتيجية والدور الذي تضعونه لتعزيز الانتعاش السياحي عالميًا؟ وهل هناك مبادرات دولية محددة تعملون على دعمها أو إطلاقها في هذا الإطار؟
- يجب معالجة كل من التحديات المذكورة أعلاه اليوم وكلها مترابطة. على سبيل المثال، من خلال معالجة الفوارق الاقتصادية والفجوة بين «من يملكون ومن لا يملكون» سنتمكن من توزيع التدفقات السياحية بشكل أكثر استدامة والحد من الاكتظاظ، في حين أن الابتكار المطلوب لخفض التكاليف التشغيلية سيؤدي أيضاً إلى تحسين شواغل الصحة والسلامة التي تعيق تطوير الوجهات السياحية.
3- كيف تعالجون مسألة استدامة السياحة والحفاظ على البيئة؟ وما دور منظمة السياحة في توجيه القطاع نحو ممارسات صديقة للبيئة؟
- إن الطريقة الوحيدة لحل هذه التحديات العالمية بفعالية هي أن نكون مجتمعًا عالميًّا، لذا ستكون أولويتي الأولى هي إعادة توحيد جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لإعادة تهيئة الظروف الملائمة للعمل الشفاف والتعاوني الذي تم تقويضه خلال السنوات الأخيرة. سأقترح بعد ذلك الأولويات الاستراتيجية التالية:
تعزيز التعاون العالمي: تعزيز الشراكات بين الحكومات وأصحاب المصلحة في القطاع والمنظمات الدولية لتبادل أفضل الممارسات وتنسيق الاستجابات للتحديات العالمية.
تعزيز المرونة: تطوير أطر عمل لزيادة مرونة القطاع في مواجهة الأزمات المستقبلية، بما في ذلك حالات الطوارئ الصحية والكوارث البيئية.
تعزيز السياحة المستدامة: تنفيذ سياسات تشجع السفر المسؤول وتدعم الاقتصادات المحلية وتحمي الموارد الثقافية والطبيعية.
الاستفادة من التكنولوجيا والابتكار: تبني الأدوات الرقمية والذكاء الاصطناعي لتعزيز تجارب المسافرين وتحسين العمليات وتحسين إدارة الأزمات.
4- ما السياسات أو الخطط التي تدعمونها لتعزيز السياحة الداخلية في الدول المختلفة؟ وكيف يمكن للدول النامية أن تستفيد من هذه السياسات؟
- السياحة، قطاع صناعي ضخم تعتمد عليه واحدة من كل عشر وظائف، لذا فإن السياحة، مثلها مثل أي صناعة، لها تأثير بيئي لا يمكن إنكاره. ومع ذلك، فإن صناعتنا هي صناعة تتمتع بدرجة عالية من الوعي والحساسية تجاه الحاجة إلى الاستدامة البيئية. ويرجع ذلك تحديداً إلى أن الوجهات السياحية وأصحاب المصلحة يدركون جميعاً أن السياحة تعتمد كلياً على التوازن بين الناس والأماكن والكوكب.
وتلتزم الأمم المتحدة للسياحة بتقديم مساهمة قابلة للقياس في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة من خلال الجمع بين صانعي السياسات لمناقشة قضايا الاستدامة البيئية ومواءمة المواقف وتبادل أفضل الممارسات والعمل التعاوني والاستثمار عند الضرورة.
ويأتي التأثير البيئي الأكثر وضوحًا من عنصر النقل في السياحة، وأنا واثق من أن التكنولوجيا ستخفف من هذه المشاكل أو تحلها، إذا ما قامت الأمم المتحدة للسياحة بخلق وتعزيز الظروف المناسبة للابتكار. ولهذا السبب سنعمل على إنشاء نظام بيئي جديد للشركات الناشئة لا يحتضن
الأفكار فحسب، بل سيطرحها على الصعيد العالمي كحلول ملموسة ذات تأثير إيجابي. ولهذا، ستحتاج سياحة الأمم المتحدة أيضاً إلى توفير الموارد المالية اللازمة للابتكار التحويلي من خلال الجمع بين مستثمري القطاعين العام والخاص.
وبطبيعة الحال، لن تكون هذه الحلول التكنولوجية فعالة إلا إذا صاحبتها تغييرات في سلوكنا كمجتمع، ويجب أن تلعب الأمم المتحدة للسياحة دورًا رئيسيًّا في التعليم والدعوة إلى الحد من النفايات في الغذاء والمياه وإلى كفاءة الطاقة أو اعتماد أشكال بديلة للنقل.
5- في ظل المنافسة المتزايدة بين الوجهات السياحية، كيف يمكن للدول أن تتميّز وتستقطب السائحين؟ وما دور المنظمة في توفير الدراسات والتوصيات لدعم هذا التميّز؟
- أجبرت جائحة كوفيد-19 الوجهات السياحية على التركيز على السياحة المحلية، وذلك في البداية للنجاة من صدمة التجميد المفاجئ للسفر الدولي. واكتشف عديد من الوجهات السياحية أن السوق المحلية لم تسمح لها بالبقاء على قيد الحياة دون الوافدين الدوليين فحسب، بل إنها غالباً ما تحقق هوامش ربح أعلى لأنها كانت أقل اعتماداً على الوسطاء والتسويق العالمي. ومثلما أعادت الوجهات اكتشاف قيمة السوق المحلية، أعادت السوق اكتشاف قيمة وفوائد «الإقامة». علاوة على ذلك، فإن السياحة الداخلية لها تأثير أقل في البيئة وتساعد على تحسين الاستدامة الاجتماعية للنشاط السياحي من خلال الحد من التحسينات في الوجهات السياحية الشهيرة. ونتيجة لذلك، كان هناك نهج أكثر توازناً في تطوير الأسواق المحلية والدولية.
وقد استفادت من إعادة اكتشاف السياحة المحلية هذه الوجهات الأكثر ثراءً التي يستطيع سكانها دفع تكاليف الخدمات السياحية في بلدانهم. إلا أن السياحة في بلدان الجنوب تعد سوقاً تصديرية مهمة ومصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية. وحيث لا يمكن لمستويات الدخل في الوجهات النامية تحمل الأسعار التي يدفعها الزوار الأجانب، هناك العديد من الاستراتيجيات للمساعدة في تعزيز السياحة المحلية ودعم نموها من دون خسارة دولارات السياحة الأجنبية. ويمكن أن تشمل مجموعة الأدوات هذه الحوافز والدعم المالي، وتخفيض الضرائب على المقيمين، وتطوير البنية التحتية المحلية، وحملات الترويج والتوعية، والعروض الترويجية خارج الموسم والقدرة على تحمل التكاليف وسهولة الوصول.
6- ما الاستراتيجيات المتبعة لدعم المجتمعات المحلية وإشراكها في العملية السياحية؟ وكيف يمكن تعزيز الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للسياحة للمجتمعات؟
- تعد القدرة التنافسية السياحية مزيجًا معقدًا ومتعدد الأوجه من الدوافع والمثبطات. ومن المهم معرفة سبب عدم اختيار الناس السفر إلى بلد معين بقدر أهمية معرفة سبب تطلعهم إلى السفر إليه. وتتمتع هيئة الأمم المتحدة للسياحة برؤية عالمية مستمدة من تجارب وأفضل الممارسات في الوجهات السياحية حول العالم، وينبغي أن تلعب دورًا مهمًا في تسهيل تبادل أفضل الممارسات بين الدول الأعضاء. ويمكن تحسين القدرة التنافسية بشكل كبير ببساطة عن طريق إزالة العوائق التي تحول دون السفر مثل التأشيرات المعقدة أو المكلفة أو نقص الاتصال أو الضرائب أو مشاكل الصحة والسلامة وما إلى ذلك.
كما تعتمد القدرة التنافسية السياحية أيضاً على قدرة الوجهة السياحية على جذب الاستثمار في البنية التحتية، والاتصال، والربط، والحجوزات، والفعاليات الكبيرة الحجم، إلخ. والحد الأدنى من متطلبات جذب الاستثمار هو الاستقرار القانوني والاقتصادي والسياسي. وسوف أضمن أن تكون سياحة الأمم المتحدة قادرة على الاستفادة من كبار الخبراء الدوليين للعمل من كثب مع الدول الأعضاء في وضع الخطط الاستراتيجية. ويمكن أن توفر سياحة الأمم المتحدة أيضاً الطمأنة اللازمة للمستثمرين المحتملين نيابة عن أعضائها.
7- كيف تقوّمون دور التحوّل الرقمي والتقنيات الحديثة (كالذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي) في مستقبل السياحة؟ وما المشاريع أو المبادرات التي تُعزّز استخدام التكنولوجيا في القطاع؟
- تنفرد السياحة بكونها صناعة تصديرية حيث يتم استهلاك المنتج في مكان إنتاجه. وتسمح هذه الخاصية للسياحة بإحداث أثر إيجابي في اقتصادات العديد من البلدان النامية، وكلما كان سكان الوجهة السياحية أكثر تمكينًا وتأهيلا كانت السياحة أكثر فعالية في التوزيع العادل للثروة العالمية. ومن المبادرات التي أقترحها بصفتي الأمين العام للأمم المتحدة للسياحة إنشاء فرق عمل لتمكين المجتمع المحلي لإشراك مختلف أصحاب المصلحة مثل الحكومات المحلية ومجموعات السكان الأصليين والشركات الصغيرة في صياغة السياسات السياحية، بما يضمن توزيع المنافع بشكل عادل واحترام الثقافات، وتعزيز التنمية المستدامة.
أنا مهندس برمجيات عن طريق المهنة ولسنوات عديدة، وقبل أن أكرس حياتي المهنية للخدمة العامة، كنت أقود العديد من المشاريع التكنولوجية كمهندس، لذا فقد رأيت من كثب القوة التحويلية للابتكار التكنولوجي والرقمي. إن التطبيقات في مجال السياحة لا حدود لها تقريبًا.
لقد تم بالفعل تحويل السياحة رقمياً بدءاً من الحجز عبر الإنترنت وبطاقات الصعود إلى الطائرة رقمياً إلى الأمن البيومتري وجوازات السفر الصحية الرقمية أو أنظمة سلامة الطائرات باستخدام تقنية البلوك تشين. وقد تم اعتماد كل هذه الابتكارات، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي لتحسين الأمن والعمليات والكفاءة وتجربة العملاء لتعزيز التفاعل البشري وليس استبداله باعتباره المكون الأساسي للسياحة.
سأواصل دفع عجلة الابتكار الرقمي والتكنولوجي من خلال إنشاء نظام إيكولوجي لتسريع الشركات الناشئة لدعم الدول الأعضاء بأدوات قابلة للتنفيذ واستراتيجيات متطورة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، ومن خلال إنشاء أطر عمل قابلة للتطوير ومراكز للشركات الناشئة لإحداث ثورة في نظمها الإيكولوجية السياحية، مما يؤدي إلى الابتكار والقدرة التنافسية والنتائج التحويلية المسؤولة.
8- في ضوء تحديات تغير المناخ والكوارث الطبيعية، ما الدور الذي تلعبه منظمتكم في دعم الوجهات السياحية المتضررة؟ وهل هناك برامج للمساعدة في إعادة الإعمار أو التعافي السريع؟
- إن عديدا من الأماكن الأكثر تضررًا من تغير المناخ والكوارث الطبيعية هي أيضًا تلك التي تعتمد بشكل كبير على السياحة. فكر في الدول الجزرية الصغيرة، ومنطقة البحر الكاريبي وإفريقيا والمحيط الهادئ، وجميعها في الخطوط الأمامية للحوادث المناخية الشديدة وجميعها تعتمد على السياحة كمساهم رئيسي في الناتج المحلي الإجمالي. ولسوء الحظ، لم تقدم الأمم المتحدة للسياحة حتى الآن سوى القليل من التشجيع، ولكن لم تقدم دعماً عملياً أو لم تقدم أي دعم عملي. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن المنظمة أصبحت منقسمة في السنوات الأخيرة وفقدت مبادئ التضامن والتعاطف. ويرجع ذلك أيضًا إلى أن غياب الوحدة والشفافية يعني أن منظمة الأمم المتحدة للسياحة فقدت مصداقيتها لدى المؤسسات المالية وغيرها من المؤسسات المطلوبة لجمع الاستثمارات اللازمة لدعم التخفيف من حدة الأزمات والتعافي منها في الدول الأعضاء.
وبصفتي الأمين العام سأقترح اعتماد ميثاق عالمي للتضامن السياحي كاتفاق رسمي بين الدول الأعضاء لدعم مبادئ الشمولية والازدهار المشترك، والتصدي للتحديات التي تفرضها النزاعات والكوارث الإنسانية من خلال العمل الجماعي. تسهيل مشاركة الموارد وتتبع التقدم المحرز من خلال تقرير سنوي للتضامن العالمي.
كما أود تعزيز المرونة الإقليمية والاستثمارات من خلال تطوير شبكات عابرة للحدود وإنشاء مؤسسات أقاليمية، بالتعاون مع الشركاء الرئيسيين، للتأهب للكوارث والتعافي منها، وضمان التعبئة السريعة للأموال والموارد لدعم المجتمعات الضعيفة.
9- ما البرامج أو الخطط التي تدعم السياحة المسؤولة اجتماعيًّا (مثل السياحة الثقافية والتراثية)؟ وكيف تتعاملون مع مسألة الحفاظ على الهوية الثقافية للوجهات؟
- السياحة الاجتماعية والثقافية هما ركيزتان أساسيتان في رؤيتي للسياحة المستدامة. فاحترام التراث الثقافي والمحافظة عليه هما مفتاح حل التحديات الحالية المتمثلة في التكتل السياحي والتحول إلى سياحة اجتماعية. فالسائحون الذين يسعون إلى التفاعل الهادف مع الثقافات الأخرى من خلال تجارب أصيلة وصادقة في احترام مضيفيهم سيصبحون بمجرد وجودهم جزءاً من التراث الثقافي للوجهة السياحية وهذا هو النموذج الأفضل للسياحة المستدامة.
وفي هذا السياق فإن وجهات الشرق الأوسط في وضع يؤهلها لقيادة الاهتمام العالمي بالسياحة الثقافية. في الشهر الماضي فقط كان لي شرف استقبال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد السعودي في موقع العلا المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي لمناقشة الأثر الاجتماعي والاقتصادي للسياحة الثقافية. لقد اندهشت عندما علمت أن تراث العلا المذهل والمحفوظ بشكل جميل معاصر لآثار اليونان القديمة ومع ذلك لم يزره السياح إلا مؤخراً.
إن المملكة العربية السعودية وغيرها من الوجهات الأخرى في المنطقة التي تروج الآن فقط لتراثها الثقافي الغني للسياح الدوليين، لديها فرصة فريدة للتعلم من تجارب ونجاحات وأخطاء البلدان الأخرى التي تنعم بتراث ثقافي قوي. وأنا على قناعة بأن هيئة الأمم المتحدة للسياحة يمكن أن تعمل مع المنطقة لإعادة تعريف العلاقة بين السكان الذين يتمتعون بتراث ثقافي قوي والزوار من جميع أنحاء العالم.
10- كيف تتعاونون مع الحكومات والمنظمات المختلفة (الإقليمية والعالمية) لضمان تطوّر سياحي متكامل ومستدام؟ وهل لديكم أمثلة على شراكات ناجحة حققت نتائج ملموسة؟ وما البرامج أو المبادرات التي يمكن لمنظمتكم تقديمها لدعم الجهود الرامية إلى تنويع الاقتصاد وتطوير القطاع السياحي في هذه الدول؟
- إن سياحة الأمم المتحدة هي وكالة تابعة للأمم المتحدة، وباعتبارها وكالة تابعة للأمم المتحدة يجب أن تدعم وتعمل مع أي وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة بل وأي منظمة أخرى متوافقة معها في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. يمكن للسياحة أن تسهم بقدر كبير في تحقيق هذه الأهداف، وسنقوم بدورنا في ذلك، ولكن الاستدامة شاملة وعالمية ويجب أن تصبح السياحة التابعة للأمم المتحدة رائدة وشريكة ذات مصداقية للحكومات والمنظمات الأخرى. ولاستعادة هذه المصداقية، يجب على الأمين العام للأمم المتحدة للسياحة أن يخدم مصالح الأعضاء قبل مصالحه الخاصة. وسأتأكد من أن أجهزة الإدارة ستؤدي دورها بحرية، وتوحيد وتمكين الدول الأعضاء من ريادة سياسات جريئة لتحقيق الازدهار المشترك وتعظيم مساهمتنا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وبصفتي الأمين العام، سأقوم بإصلاح المنظمة لضمان قدر أكبر من الشفافية والمساءلة. وسيتم تحقيق ذلك من خلال سلسلة من المبادرات لوضع معايير ومقاييس حوكمة واضحة وقابلة للقياس، ونشر تقارير منتظمة، وإجراء عمليات تدقيق مستقلة، وإطلاق منصة مركزية متاحة للجمهور توفر بيانات آنية عن نتائج المشاريع والأداء المالي والتقدم المحرز في تحقيق الأهداف. سأحترم أيضًا القاعدة التي تحدد ولايتين كحد أقصى للأمين العام. وقد اتفقت الدول الأعضاء على ذلك، ولكن تم تجاهلها من قبل شاغل المنصب الذي يقدم ترشيحه لولاية ثالثة.
11- كيف ترون دور مملكة البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي في دعم وتعزيز السياحة الإقليمية؟
- تعد دول مجلس التعاون الخليجي واحدة من أكثر المناطق السياحية ديناميكية وإثارة في العالم. وفي حين أن معظم البلدان لم تصل إلى عدد الزوار قبل الجائحة إلا للتو، تجاوزت دول مجلس التعاون الخليجي بالفعل عدد الزوار الوافدين لعام 2019 بنسبة 42.8% وحققت أكثر من الهدف المشترك لعام 2030. الرؤية طموحة، ولكن الالتزام والاستثمارات موجودة لجعلها حقيقة واقعة.
هناك خاصيتان للنمو المذهل الذي حققته دول مجلس التعاون الخليجي في السياحة العالمية تثيران اهتمامي وأنا متأكد من أنهما ستكونان محل اهتمام المناطق الأخرى: الأولى هي حقيقة أن القوة الدافعة وراء الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية السياحية هي التزام قادتها الراسخ بتعزيز الاستدامة البيئية في المنطقة. فعلى عكس العديد من الوجهات السياحية الناضجة الآن والتي تم تطويرها في البداية برؤية انتهازية قصيرة الأجل، تتطلع دول مجلس التعاون الخليجي إلى حماية اقتصادها في المستقبل مع حماية تراثها الطبيعي والثقافي. أما الجانب الثاني الملحوظ فهو التصميم على الترحيب بالناس من كل ثقافات العالم بحسن الضيافة والاحترام الحقيقي مع احترام القيم والتراث الثقافي القوي للمنطقة. وتوصيتي الوحيدة هي الاستمرار على هذا الطريق، وأتعهد بالعمل الجاد لدعم النجاح المستمر كأمين عام للأمم المتحدة للسياحة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك