هناك مدربون على مستوى الكرة الطائرة بات اسمهم شبيه بالماركة الخاصة على مستوى تدريب فرق الفئات العمرية، ولا يمكن الحديث عن مدرسة دار كليب وأسلوبها في تفريخ لاعبي الكرة الطائرة ومواهبها دون ذكر اسم الكابتن أحمد هرونة الذي تخرج من تحت عباءته عديد من اللاعبين الذين باتوا اليوم يشكلون ثقلا في أنديتهم، ويشار إليهم بالبنان، حرصنا في الملحق الرياضي في «أخبار الخليج» على حوار مدرب طائرة نادي قارة الإحسائي السعودي الكابتن أحمد هرونة، وكان معه هذا اللقاء.
1/ لقد عرف الكابتن أحمد هرونة من خلال تدريب فرق الفئات العمرية التي كان له معها صولات وجولات خاصة مع ناديه دار كليب، هل يمكن أن تعطي القارئ فكرة مختصرة عن هذه التجربة؟
كانت تجربتي لا تخفى على الجميع مع فرق الفئات العمرية في نادي دار كليب، فقد كانت إحدى التجارب المميزة التي أثمرت عن اكتشاف وتطوير عديد من المواهب في الكرة الطائرة، وبفضل حب وشغف لاعبي أبناء القرية لهذه اللعبة، وحرصي على صقل مهارات اللاعبين، استطعت أن أترك بصمة مميزة في تاريخ النادي، ولا يمكن إغفال دور الإدارات السابقة التي بذلت جهودًا كبيرة لدعم البنية التحتية للنادي، وتوفير بيئة مناسبة لتطوير اللاعبين، رغم التحديات التي واجهتها في فترة التسعينيات، مثل غياب الصالات الرياضية التي أعاقت التدريبات.
وتابع: المنافسة في تلك الفترة كانت قوية جدًا مع الفرق الكبيرة أمثال النصر، المحرق، الأهلي، البسيتين، والخليج، مما زاد من أهمية العمل الجاد والتطوير المستمر، وبفضل هذا التعاون بيني وبين الإدارات، استطاع النادي أن يكون منبعًا للمواهب، وواجهة مشرقة للكرة الطائرة في نادي دار كليب، حتى تمكن النادي من تغذية جميع المنتخبات العمرية بالمواهب التي شاركت في البطولات الخارجية وكان لها دور في النتائج المشرفة.
2/ ماذا أضافت لك تجربة تدريب فرق الكبار؟
أضافت لي تجربة تدريب فرق الكبار الكثير من الخبرات والتحديات التي من شأنها أن تساعد على صقل مهاراتي كمدرب، فالتعامل مع لاعبين من ذوي الخبرة العالية يتطلب منهجا مختلفا تمامًا عن تدريب الفئات العمرية، مع الكبار ينصب التركيز أكثر على التحليلين الفني والتكتيكي للمباريات، بالإضافة إلى تعزيز الجوانب النفسية والبدنية لدى اللاعبين، كما أن هذه التجربة علمتني أهمية التواصل الجيد مع اللاعبين وفهم احتياجاتهم، وضرورة التعامل مع الضغوطات بشكل مريح وفعّال، وتدريب فرق الكبار يمنح المدرب الفرصة لتطبيق أساليب تدريبية متقدمة، والمساهمة في تحقيق نتائج مهمة للنادي على المستويين المحلي والخارجي.
3/ أين يجد الكابتن أحمد هرونة نفسه مع فرق الفئات أو الكبار؟ وما الأسباب؟
أجد نفسي بشكل أكثر مع فرق الفئات العمرية، إذ أستمتع بتطوير مهارات اللاعبين الصغار والناشئين والشباب ومساعدتهم على اكتشاف إمكاناتهم، ومع هذه الفئات تكون لدي القدرة على التأثير المباشر في بناء الأسس الرياضية للاعبين، وتوجيههم على الصعيدين الفني والنفسي، مما يمنحني شعور بالإنجاز عندما أرى تطورهم مع مرور الوقت واستدعاءهم للمنتخبات الوطنية.
وعلى صعيد فرق الكبار، فإن التحديات تكون أكبر، إذ يتطلب الأمر فنيات عالية في التدريب والتخطيط للمباريات، والتعامل يكون مع لاعبين ذوي خبرة كبيرة، مما يجعل التركيز على التفاصيل الدقيقة في الأداء الجماعي والفردي أمرا ضروريا.
وتابع: ولكن في نهاية المطاف، أجد نفسي أكثر مع فرق الفئات بسبب شغفي بتطوير المواهب الجديدة، ومساعدتها على النمو في هذا المجال، إضافة إلى التحدي المتمثل في إرشادهم وتوجيههم خلال مراحلهم المبكرة.
4/ الآن أنت محسوب على نادي قارة من منطقة الإحساء السعودية.. ما الذي جعل الكابتن أحمد هرونة يدير وجهه إلى الخارج؟
بعد إعلاني التوقف عن التدريب وابتعادي فترة نتيجة إصابتي (بالدسك)، لاحظت أن الأندية بدأت تبحث بشكل أكبر عن مدربين جدد من ذوي الخبرة المحدودة مقابل مردود مادي أقل جراء الظروف المالية الصعبة التي تمرّ بها الأندية، ومع تراجع فرص توظيف المدربين ذوي الخبرة نتيجة لهذه الضغوط المالية، أصبحت الأندية تفضل التعاقد مع مدربين أقل تكلفة، ولحبي وشغفي العميق باللعبة، فكرت في العودة إلى الملاعب والتدريب في المكان المناسب الذي يتيح لي توظيف خبرتي ومهاراتي التدريبية، ويمنحني الفرصة لمواصلة تطوير اللاعبين والمساهمة في نجاح الفرق.
وأضاف قائلا: وبعد فترة من التفكير، جاءتني عدة فرص من الأندية السعودية، بما في ذلك نادي قارة في منطقة الإحساء، مما دفعني إلى توجيه اهتمامي إلى الخارج والتفكير في هذه الفرص، وأتاحت لي هذه الفرص خوض تجربة جديدة لي في مجال التدريب خارج مملكة البحرين، مما أتاح لاسمي الظهور مرة أخرى على ساحة التدريب بشكل أوسع.
5/ كيف تقيم تجربتك الجديدة رغم عدم اكتمالها بعد؟ وما ردة فعل مسؤولي النادي واللعبة هناك؟
الحمد لله، تجربتي الجديدة حتى الآن فوق الجيد، رغم عدم اكتمالها بعد، لقد بدأت أرى تطورا ملحوظا على مستوى اللاعبين، وهو ما يعكس العمل الجاد والاهتمام اللذين بذلتهما خلال تدريبهم، ومسؤولو النادي واللعبة بشكل عام أبدوا رضاهم التام عن التحسن الكبير الذي طرأ على أداء اللاعبين، كما عبروا عن تقديرهم لأساليب التدريب التي أطبقها، وبطبيعة الحال هذه الردود الإيجابية من شأنها أن تمنحني حماسا أكثر لمواصلة الاستمرار على تقديم الأفضل، والتطلع لتحقيق المزيد من النجاحات مع فرق النادي.
6/ ما الذي تسعى إلى تحقيقه خلال تجربتك الخارجية مع نادي قارة الإحسائي؟
أثناء تجربتي مع نادي قارة الإحسائي، أسعى إلى تطوير مهارات اللاعبين وتحسين أداء الفرق، وبعد النجاح في تحقيق نتائج ممتازة في دوري المنطقة، مما أهلني إلى خوض تصفيات المنطقة بهدف الصعود إلى مصاف الدرجة الممتازة.
7/ لقد كنت شاهدا على لقاء صدارة المجموعة (أ) بين فريقي المحرق ودار كليب الذي انتهى لصالح الأول بثلاثية نظيفة.. ما الانطباع الفني الذي خرجت به عن المباراة؟
فريق المحرق وفريق دار كليب هما فريقان عريقان ومرشحان دائما للبطولة، غير أنّ المحرق في هذا الموسم يختلف اختلافا كبيرا عن الموسم السابق نتيجة تعزيز صفوفه بلاعبين من ذوي الخبرة والمستوى العالي، وعلى مستوى فريق دار كليب الذي يعاني من غياب بعض اللاعبين الأساسيين، مثل اللاعب الدولي محمد يعقوب المحترف في صفوف الخليج السعودي، بالإضافة إلى غياب الليبرو عباس عبد الله بسبب ظروف العمل وعدم مشاركة المحترف.
وعلى ضوء المعطيات المذكورة، كانت توقعاتي المسبقة للمباراة تميل لصالح فريق المحرق، عطفا على المستوى العالي والخبرة اللتين يتمتع بهما لاعبوه، زد على ذلك أن أداء فريق دار كليب لم يكن في المستوى المتوقع، إذ بدا يعاني من انخفاض في الأداء، على المستوى الفني كالاستقبال والصد وتخليص الكرات، مما جعل كفة المحرق أرجح منذ بداية المباراة، وجاءت النتيجة كما توقعتها، إذ تفوق المحرق بثلاثية نظيفة.
8/ قال لنا الأخ الدكتور خالد الزغيبي رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للكرة الطائرة إن المنطقة الشرقية في السعودية تمثل منجم ذهب فيما يتعلق بوجود المواهب على مستوى الكرة الطائرة.. كيف تعقب على ذلك من خلال تجربتك التدريبية هناك؟
أتفق مع كلام الدكتور خالد الزغيبي تماما، فالمواهب في المنطقة الشرقية تمثل بالفعل منجم ذهب للكرة الطائرة، فهناك عديد من اللاعبين الموهوبين الذين تتوفر فيهم متطلبات لاعب الكرة الطائرة كطول القامة على سبيل التمثيل، ولكن للأسف الشديد تواجه هذه المواهب تحديا كبيرا لنقص المنشآت الرياضية المناسبة ممثلة في الصالات الرياضية المغلقة، وتكون التدريبات والمباريات على الملاعب المكشوفة، وبعض المباريات على الصالة المغلقة مما يحد من تطور اللاعبين ويؤثر في مستوى أدائهم، خاصة في ظل الأجواء الطقسية المتقلبة التي تشهدها المملكة.
وأضاف أنّ هناك نقطة سلبية تؤثر بشكل كبير في الأندية، وتتمثل في سماح اتحاد اللعبة بعمل عقد للاعبين من 18 عاما فما فوق، وفي حالة عدم تمكن النادي من دفع مستحقات العقد، أو عدم رغبة اللاعب في الاستمرار يُسمح للاعب بالخروج من النادي والانتقال إلى ناد آخر يتمتع بإمكانات مالية أفضل، وهذا الوضع من شأنه يعيق الأندية الصغيرة عن تكوين فريق قوي ينافس على مستوى الدرجة الأولى، إذ تجد هذه الأندية نفسها تفقد لاعبيها الموهوبين بسبب ضعف إمكاناتها المادية، مما يؤثر في قدرتها على منافسة الأندية الكبيرة.
9/ هل يشاورك ابنك الدولي أيمن هرونة الليبرو الحالي لطائرة الأهلي في الأمور التي تتعلق بالعقود التي يحصل عليها وأمور أخرى رياضية؟ وهل تفرض عليه وجهات نظرك؟
بلا شك، ابني أيمن يشاورني في جميع الأمور الاجتماعية والرياضية، ودائمًا نتناقش معا حولها، ومع اكتسابه خبرة كافية في هذا المجال، إلا أنه يحرص على الرجوع لي في بعض الأمور قبل اتخاذ قراره النهائي، وأنا بدوري أستمع إليه جيدًا وأبدي وجهة نظري عطفا على خبرتي الطويلة، ونتبادل النقاش للوصول إلى أفضل الحلول، ومع ذلك أترك له حرية اتخاذ القرار في النهاية، لأنه الأقدر على تحديد ما يناسبه وقناعته.
10/ ما تقييمك لنظام دوري عيسى بن راشد العام للكرة الطائرة من خلال التجارب التي خضع لها؟
نظام دوري عيسى بن راشد العام للكرة الطائرة له إيجابياته وسلبياته، ومن إيجابياته أنه يتيح الفرصة للأندية الكبيرة لتجربة بعض عناصرها الشابة في خوض المباريات أمام الفرق ذات المستوى الأقل منها، أما على مستوى السلبيات فتتمثل في عدم تكافؤ الفرص بين الأندية الكبيرة والصغيرة، فالعديد من الأندية تفتقر إلى أهداف واضحة تسعى لتحقيقها، إذ تقتصر مشاركتها على الوجود في الدوري فقط، فالأندية التي تمتلك أهدافا حقيقية هي التي تستقطب لاعبين متميزين وذوي كفاءة، كما أن نقص الدعم المالي يقف حجر عثرة أمام الأندية في تغطية احتياجات فرقها، مما يؤثر على قدرتها على التنافس بشكل فعّال.
يحتاج الدوري إلى العودة للنظام السابق الذي يقتصر على اختيار سبعة أندية تتنافس على بطولة الدوري، لضمان رفع مستوى المنافسة والتركيز على تطوير الأداء الفني للفرق.
11/ كلمة أخيرة تحب أن توجهها إلى زملائك مدربي الفئات العمرية في الأندية، فماذا تقول لهم فيها؟
أتمنى من زملائي مدربي الفئات العمرية في الأندية التركيز بشكل أكبر على صقل المواهب الشابة التي يمكن أن تخدم المنتخبات الوطنية مستقبلًا، وأؤكد أهمية تطوير مهارة استقبال الكرة الأولى، لأنها الأساس في بناء الهجوم وتحقيق الأداء الجيد، وحاليا نلاحظ أن العديد من اللاعبين يفتقدون لهذه المهارة، مما يؤثر على جودة الأداء الفني، فالعمل الجاد والمستمر على هذه الجوانب سيُسهم في رفع مستوى الفرق والمنتخبات على حد سواء.
وفي ختام الحوار يتأمل هرونة أن يعود من جديد للعمل مع الأندية البحرينية ومواصلة تقديم تجربته وخبرته إلى فرق الفئات العمرية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك