العدد : ١٧١١١ - الاثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١١ - الاثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ رجب ١٤٤٦هـ

أخبار البحرين

انطلاق المؤتمر الدولي «العدالة الجنائية التصالحية»

الاثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

النائب العام: البحرين عملت بكل جدية ومصداقية لحفظ كرامة الإنسان


نائب رئيس «الأمن العام» يدعو إلى دمج العدالة التصالحية والجنائية


استعراض تجربة البحرين في تحقيق التوازن بين العقوبة والإصلاح


 

تغطية‭: ‬إسلام‭ ‬محفوظ‭ ‬وياسمين‭ ‬العقيدات

تصوير‭: ‬رضا‭ ‬جميل‭ ‬

 

أكد‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬فضل‭ ‬البوعينين‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬عملت‭ ‬بكل‭ ‬جدية‭ ‬ومصداقية‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬تشريعاتها‭ ‬بما‭ ‬يحفظ‭ ‬كرامة‭ ‬الإنسان‭ ‬ويراعي‭ ‬حقوقه‭ ‬واحتياجاته‭ ‬الإنسانية،‭ ‬كما‭ ‬حرصت‭ ‬على‭ ‬تحديث‭ ‬تلك‭ ‬التشريعات‭ ‬بما‭ ‬يتفق‭ ‬ورؤية‭ ‬المجتمع‭ ‬واحتياجاته،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬والتدابير‭ ‬البديلة‭ ‬جاء‭ ‬بمثابة‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬العقابية‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬ترمي‭ ‬إلى‭ ‬مراعاة‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬والظروف‭ ‬الشخصية‭ ‬والبُعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تحقيق‭ ‬أغراض‭ ‬العقوبة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الزجر‭ ‬والردع‭ ‬وتقويم‭ ‬سلوك‭ ‬الجاني‭.‬

جاء‭ ‬ذلك‭ ‬خلال‭ ‬كلمته‭ ‬في‭ ‬افتتاح‭ ‬فعاليات‭ ‬المؤتمر‭ ‬الدولي‭ ‬حول‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬التصالحية‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬التصالحية‭: ‬تطور‭ ‬أنماط‭ ‬إدارة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬تنظمه‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬وجامعة‭ ‬نايف‭ ‬العربية‭ ‬للعلوم‭ ‬الأمنية،‭ ‬ومعهد‭ ‬الدراسات‭ ‬القضائية‭ ‬والقانونية،‭ ‬وبمشاركة‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعني‭ ‬بالمخدرات‭ ‬والجريمة‭.‬

وأشار‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬تشريعات‭ ‬تضمن‭ ‬حفظ‭ ‬الترابط‭ ‬المجتمعي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إجازة‭ ‬الصلح‭ ‬والتصالح‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تقنين‭ ‬الوساطة‭ ‬الجنائية‭ ‬كأسلوب‭ ‬تفاوضي‭ ‬للتسوية‭ ‬ورفع‭ ‬الأضرار‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬الجريمة،‭ ‬وما‭ ‬استتبع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬المؤسسي‭ ‬والهيكلي‭ ‬لإدارة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬داخل‭ ‬القضاء‭ ‬والنيابة‭ ‬العامة‭ ‬ولدى‭ ‬الجهات‭ ‬والأجهزة‭ ‬ذات‭ ‬الاختصاص‭ ‬بتطبيق‭ ‬تلك‭ ‬المستحدثات‭ ‬التشريعية،‭ ‬مؤكداً‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬التصالحية‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬نتيجة‭ ‬إدراك‭ ‬صحيح‭ ‬للغاية‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬الجنائية،‭ ‬وفهم‭ ‬موضوعي‭ ‬سائغ‭ ‬للعقوبة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الهدف‭ ‬والغرض،‭ ‬ليخرج‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬نطاق‭ ‬الموروث‭ ‬التقليدي‭ ‬إلى‭ ‬مدارك‭ ‬أكثر‭ ‬اتساعاً‭ ‬واستنارةً‭ ‬قائمةً‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬شاملٍ‭ ‬للحقوق‭ ‬الفردية‭ ‬والصالح‭ ‬الخاص‭ ‬والعام‭ ‬على‭ ‬السواء‭ ‬دونما‭ ‬إخلال‭ ‬بمقتضيات‭ ‬العدالة‭.. ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬المؤتمر‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬المستهدفات‭ ‬الوطنية‭ ‬الصادقة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وتثبيت‭ ‬دعائمها‭ ‬القانونية‭ ‬والعملية‭ ‬بتعزيز‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬التصالحية،‭ ‬وضمان‭ ‬تطبيق‭ ‬أمثل‭ ‬لأنماطها،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإفاقة‭ ‬إلى‭ ‬وسائلها‭ ‬والوقوف‭ ‬على‭ ‬التحديات،‭ ‬واستشراف‭ ‬الآثار‭ ‬الإيجابية‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬التطبيق،‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬النماذج‭ ‬المقارنة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬التطبيق،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المقدرة‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬التحديات‭ ‬وتحقيق‭ ‬الإيجابيات‭.‬

الداخلية‭ ‬تطبق‭ ‬أنظمة‭ ‬قانونية‭ ‬مبتكرة

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬اللواء‭ ‬الدكتور‭ ‬الشيخ‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬العدالة‭ ‬التصالحية‭ ‬كنمط‭ ‬جديد‭ ‬لحل‭ ‬المنازعات‭ ‬الجنائية،‭ ‬وإلى‭ ‬دور‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬منظومة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطبيق‭ ‬أنظمة‭ ‬قانونية‭ ‬مبتكرة‭.‬

وأكد‭ ‬أن‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬رقم‭ (‬76‭) ‬لسنة‭ ‬2018‭ ‬بشأن‭ ‬تحديد‭ ‬الجهة‭ ‬المعنية‭ ‬وآلية‭ ‬تنفيذ‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة‭ ‬قد‭ ‬أتاح‭ ‬المجال‭ ‬للتطبيق‭ ‬الفعال‭ ‬لأحكام‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬والتدابير‭ ‬البديلة‭ ‬وتوفير‭ ‬البرامج‭ ‬التأهيلية‭ ‬التي‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬الظروف‭ ‬الشخصية‭ ‬للمحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬والذين‭ ‬يُتوخى‭ ‬إصلاحهم،‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التزام‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬بالتوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬بتنفيذ‭ ‬برنامج‭ ‬السجون‭ ‬المفتوحة‭ ‬قد‭ ‬شكل‭ ‬إنجازاً‭ ‬نوعياً‭ ‬مشرفاً‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬الحقوقي‭ ‬والإصلاحي‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أبلغ‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬فوز‭ ‬البرنامج‭ ‬بالمستوى‭ ‬الأول‭ ‬لجائزة‭ ‬الأمير‭ ‬نايف‭ ‬للأمن‭ ‬العربي،‭ ‬ولفت‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬مكاتب‭ ‬لحماية‭ ‬الأسرة‭ ‬والطفل‭ ‬لتعزيز‭ ‬التماسك‭ ‬الأسري‭ ‬وضمان‭ ‬ترسيخ‭ ‬دعائم‭ ‬الأمن‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فيما‭ ‬أكد‭ ‬ضرورة‭ ‬دمج‭ ‬العدالة‭ ‬التصالحية‭ ‬والعدالة‭ ‬الجنائية،‭ ‬داعياً‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬إجراء‭ ‬دراسات‭ ‬حول‭ ‬الإشكاليات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بهذا‭ ‬الدمج‭.‬

من‭ ‬جانبه‭ ‬تطرق‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالمجيد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬البنيان‭ ‬رئيس‭ ‬جامعة‭ ‬نايف‭ ‬العربية‭ ‬للعلوم‭ ‬الأمنية‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬الجامعة‭ ‬في‭ ‬تأهيل‭ ‬الكوادر‭ ‬البشرية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬العربي،‭ ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الجامعة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬الأنشطة‭ ‬العلمية‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬دولة‭ ‬المقر‭ ‬أو‭ ‬خارجها،‭ ‬وقد‭ ‬حظيت‭ ‬بتقدير‭ ‬دولي‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬اختيارها‭ ‬ضمن‭ ‬معاهد‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للعدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭.‬

كما‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬البرامج‭ ‬الأكاديمية‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الجامعة،‭ ‬والتي‭ ‬تضم‭ ‬طلاباً‭ ‬من‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ودول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬وشراكاتها‭ ‬الدولية‭ ‬المتميزة‭ ‬ودور‭ ‬مراكزها‭ ‬المتخصصة‭. ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬تنظيم‭ ‬المؤتمر‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬جهود‭ ‬الجامعة‭ ‬لتعزيز‭ ‬المنظومة‭ ‬التشريعية‭ ‬وبناء‭ ‬القدرات‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العدلي‭.‬

تطور‭ ‬سلوكيات‭ ‬الأفراد

وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل،‭ ‬أوضح‭ ‬الدكتور‭ ‬رياض‭ ‬سيادي،‭ ‬مدير‭ ‬معهد‭ ‬الدراسات‭ ‬القضائية‭ ‬والقانونية،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحول‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬أنماط‭ ‬الحياة‭ ‬وسلوكيات‭ ‬الأفراد،‭ ‬تتزايد‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬النظم‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬فروع‭ ‬القانون،‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬وآليات‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬التصالحية،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬مناقشات‭ ‬المؤتمر‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬بديل‭ ‬للعدالة‭ ‬التقليدية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬فلسفة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الأفراد‭ ‬والمجتمع‭ ‬بعد‭ ‬وقوع‭ ‬الجريمة،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجريمة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬انتهاك‭ ‬للقانون،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬انتهاك‭ ‬للعلاقات‭ ‬الإنسانية‭.‬

‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الأبعاد‭ ‬الإنسانية‭ ‬للجريمة‭ ‬وفهمًا‭ ‬أعمق‭ ‬للطبيعة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تتحلى‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬الحب‭ ‬والتصالح،‭ ‬حيث‭ ‬تقدم‭ ‬العدالة‭ ‬التصالحية‭ ‬نموذجًا‭ ‬لإصلاح‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بالضحايا‭ ‬والمجرمين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬قدرة‭ ‬الجناة‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬وتجاوزها‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬معاقبتهم،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬الضحايا‭ ‬والجناة،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬بيئة‭ ‬تُمكّن‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬استعادة‭ ‬ثقتهم،‭ ‬وتساعد‭ ‬المجرمين‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬عميق‭ ‬لتبعات‭ ‬أفعالهم،‭ ‬مما‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬تماسك‭ ‬المجتمع‭ ‬واستقراره‭.‬

وخلال‭ ‬الجلسة‭ ‬الأولى‭ ‬لفعاليات‭ ‬المؤتمر‭ ‬تم‭ ‬استعراض‭ ‬تجربة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كنموذج‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬العدالة‭ ‬التصالحية،‭ ‬مع‭ ‬إبراز‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬تحول‭ ‬نوعي‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الجنائية‭. ‬

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬تطبيق‭ ‬التدابير‭ ‬البديلة‭ ‬التي‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬معدلات‭ ‬الاكتظاظ‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬العقوبة‭ ‬والإصلاح،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬الوساطة‭ ‬الجنائية‭ ‬كآلية‭ ‬لحلّ‭ ‬النزاعات‭ ‬بشكل‭ ‬يعزز‭ ‬المصالحة‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭.‬

أدار‭ ‬الجلسة‭ ‬الأولى‭ ‬الدكتور‭ ‬خالد‭ ‬سري‭ ‬صيام،‭ ‬رئيس‭ ‬معهد‭ ‬الدراسات‭ ‬القضائية‭ ‬والقانونية‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬وتطرق‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬إلى‭ ‬مفهوم‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬التصالحية،‭ ‬ومناقشة‭ ‬تعدّد‭ ‬أنماط‭ ‬إدارة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬تطور‭ ‬السياسات‭ ‬والأهداف،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الإشكاليات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بإدارة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية،‭ ‬كما‭ ‬استعرضوا‭ ‬موقف‭ ‬الوساطة‭ ‬الجنائية‭ ‬والتدابير‭ ‬والعقوبات‭ ‬غير‭ ‬الاحتجازية‭ ‬باعتبارها‭ ‬صورًا‭ ‬مستحدثة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية،‭ ‬وتم‭ ‬تقديم‭ ‬نظرة‭ ‬مقارنة‭ ‬لهذه‭ ‬النماذج‭ ‬المستحدثة،‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقدمه‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬فعالية‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المعاصرة‭.‬

وشارك‭ ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقضاء‭ ‬ورئيس‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬متناولًا‭ ‬دور‭ ‬القضاء‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية،‭ ‬كما‭ ‬تحدث‭  ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬فضل‭ ‬البوعينين،‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬تطور‭ ‬التشريعات‭ ‬الجنائية‭ ‬وأثرها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة،‭ ‬وشارك‭ ‬الدكتور‭ ‬ثيو‭ ‬جارفيلدس،‭ ‬مدير‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للعدالة‭ ‬التصالحية‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬مستعرضا‭ ‬تجارب‭ ‬دولية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬فيما‭ ‬قدم‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬وردك،‭ ‬أستاذ‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬بجامعة‭ ‬ساوث‭ ‬ويلز‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬رؤيته‭ ‬الأكاديمية‭ ‬حول‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬التصالحية،‭ ‬وتحدث‭ ‬الدكتور‭ ‬حاتم‭ ‬علي،‭ ‬المدير‭ ‬الإقليمي‭ ‬لمكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعني‭ ‬بالمخدرات‭ ‬والجريمة،‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬التصالحية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭.‬

أدوار‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والخاص

كما‭ ‬ناقشت‭ ‬فعاليات‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬أهمية‭ ‬إشراك‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬نظم‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬الحديثة،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬نجاح‭ ‬التدابير‭ ‬البديلة‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬سبل‭ ‬تعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬بأهمية‭ ‬هذه‭ ‬النظم،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬تأهيل‭ ‬الأفراد‭ ‬لفهم‭ ‬أهداف‭ ‬العدالة‭ ‬التصالحية‭ ‬وتطبيقها‭ ‬بفعالية‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬بنقاش‭ ‬واسع‭ ‬خلال‭ ‬المؤتمر‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يلعبه‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬تنفيذ‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬وبرامج‭ ‬تدريبية‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬دمج‭ ‬المحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بشكل‭ ‬فعّال‭ ‬ومستدام‭. ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬استعراض‭ ‬تجارب‭ ‬دولية‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬تطبيق‭ ‬هذه‭ ‬النظم‭ ‬على‭ ‬فئات‭ ‬خاصة‭ ‬مثل‭ ‬الأطفال،‭ ‬النساء،‭ ‬وذوي‭ ‬الإعاقة‭.‬

ويعدّ‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬جهود‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬نحو‭ ‬تطوير‭ ‬نظم‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية،‭ ‬إذ‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬مناقشة‭ ‬وتطوير‭ ‬مفاهيم‭ ‬العدالة‭ ‬التصالحية‭ ‬كأحد‭ ‬الحلول‭ ‬المبتكرة‭ ‬لتجاوز‭ ‬العقوبات‭ ‬التقليدية‭ ‬وتعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬ويرتكز‭ ‬المؤتمر‭ ‬على‭ ‬تجربة‭ ‬البحرين‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬والتي‭ ‬أرسى‭ ‬دعائمها‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم،‭ ‬ضمن‭ ‬مسيرة‭ ‬تنموية‭ ‬امتدت‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬25‭ ‬عاماً‭ ‬وشهدت‭ ‬تطورات‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬العدلية‭ ‬والقضائية‭.‬

ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يناقش‭ ‬المؤتمر‭ ‬عدة‭ ‬محاور‭ ‬رئيسية‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬مفهوم‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬التصالحية‭ ‬وتطبيقاتها،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تطور‭ ‬السياسات‭ ‬العقابية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭. ‬كما‭ ‬تتناول‭ ‬الجلسات‭ ‬العلمية‭ ‬مواضيع‭ ‬متنوعة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تحديد‭ ‬مفهوم‭ ‬العدالة‭ ‬التصالحية،‭ ‬واستعراض‭ ‬المستحدثات‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دراسة‭ ‬التحديات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتطبيق‭ ‬التدابير‭ ‬والعقوبات‭ ‬البديلة‭ ‬واستعراض‭ ‬تجارب‭ ‬دولية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬العلمي‭ ‬ليمثل‭ ‬خطوة‭ ‬إضافية‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬رؤية‭ ‬شاملة‭ ‬لإدارة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية،‭ ‬ومنصة‭ ‬تؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬وتكامل‭ ‬الأدوار‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬القضائية‭ ‬والتشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتطور‭ ‬نظم‭ ‬العدالة،‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬تبادل‭ ‬التجارب‭ ‬والممارسات‭ ‬الناجحة،‭ ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬آفاقاً‭ ‬جديدة‭ ‬نحو‭ ‬تطوير‭ ‬استراتيجيات‭ ‬فعّالة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬المجتمعي،‭ ‬بما‭ ‬يرسخ‭ ‬مكانة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كنموذج‭ ‬عالمي‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬نظم‭ ‬العدالة‭ ‬الحديثة،‭ ‬ويؤكد‭ ‬التزامها‭ ‬بمبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا