ماذا أسرّ سموه للاعبين قبل المغادرة للمشاركة الخليجية؟
للوهلة الأولى ونحن نعيش الأجواء الاحتفالية الكبيرة بعد تتويج منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم بلقب خليجي 26 على حساب المنتخب العماني يتبادر إلى الأذهان السؤال الآتي: ماذا أسرّ سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية للاعبي المنتخب قبل مغادرتهم للمشاركة الخليجية في الكويت؟
الأمر الذي يجعلنا نفتح باب التساؤل الحالي هو أن غالبية الشارع الرياضي لم يكن في حالة تفاؤل، أو حتى مجرد تخيّل أن المنتخب سيكون في الدور الثاني من البطولة فضلا عن صعوده على منصة التتويج، وهم على الأغلب عاينوا فترة متذبذبة من النتائج على صعيد المشاركة في التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال 2026، وفي المجموعة الحديدية التي لا نزال فيها بموقع لا يؤهلنا بشكل مباشر إلى المونديال القادم.
عندما يحظى المنتخب بالالتفاف الكبير، والوقفة الصادقة، والعون المتواصل والمستمر، رغم تراجع نتائجه في بداية المشوار خلال التصفيات، ويجد اليد الممدودة أولاً من سمو الشيخ خالد بن حمد، وخصوصا قبل لقاء الإياب أمام أستراليا الذي انتهى على أرضنا بالتعادل الإيجابي بهدفين لمثلهما، يدرك تماماً أن المسألة كبيرة، وكبيرة جدا على أفهام البعض، ممن هم بعيدون عن دائرة الرياضة بشكل عام وكرة القدم على وجه الخصوص.
سموه قاد نجاح المنتخب برؤية فذة، ومتابعة دائمة، وحرص شديد على توفير كل متطلبات النجاح، وأكاد أجزم أن سموه عمل على عقد العديد من الاجتماعات المطولة مع الجهات ذات العلاقة بالمنتخب في الكثير من الأيام والأوقات من دون إعلان ذلك، وهذا ما يفسّر حالة الاختلاف التي وجدناها جميعا في روح اللاعبين، وحماستهم الجبارة، وعطائهم النفيس في كل المباريات التي لعبوها.
اتحاد الكرة و«طموح» وفرا بيئة النجاح.. ودراغان استفاد من التجربة
«مرهون» و«لطف الله» يخطفان الأضواء.. وسيطرة بحرينية في حفل الختام
مشروع ضخم
لا بد أن نعرف أننا أمام مشروع دولة، وملف متكامل بكل تفاصيله الدقيقة، والمسؤولية اليوم التي يقودها سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة تجاه الملف الرياضي والتطوير الشامل بكل جوانبه تتطلب جهودا مضاعفة، وعملاً مضنيا، ليس من السهل الحديث عنه في هذه الأسطر، لأننا كما أسلفت أمام محطة مهمة تحتاج منّا إلى استمرار وتخطيط ونباهة، ومثلما نحن نعمل فغيرنا يعمل ويخطط، ولذلك هذه مسألة تراكمية يمكن البناء عليها في قادم الأيام، وتنقيحها من كل الشوائب والأخطاء إن وجدت.
الأمر ذاته ينسحب على العطاء الفني الكبير الذي قدمته المجموعة في هذه النسخة تحت قيادة المدير الفني للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم الكرواتي دراغان تالاييتش، وهنا أعني تغيير استراتيجية اللعب، والبناء على عمل المنظومة وليس الأفراد، لأن مستوى المنتخب في خليجي 26 صار مضرباً واضحا للأمثال، ونموذجاً حيًّا يحتذى به في المواقف المهمة، ولا غرابة أن يخطئ الإنسان ويسقط، ثم يصحح وضعه وينهض من جديد، وهذا ما قدمه لنا دراغان في البطولة، من خلال الواقعية أولاً ثم التوظيف الصحيح لمجموعته، والبناء على عامل التجانس والخبرة في صفوف المجموعة.
البيئة المثالية
لا يمكن اليوم تجاهل العمل الذي قدمه اتحاد الكرة بالتوازي مع المسؤولية التامة لشركة طموح للإدارة الرياضية، منذ إطلاق مسمّاها «طموح» في عام 2018 من قبل سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وإيكال المهمة لها للإشراف المباشر على كافة تفاصيل المنتخب الأول، وهذا ما يفسّر النقلة النوعية التي صاحبتها هذه الرؤية السديدة من خلال تحقيق بطولتين متتاليتين، الأولى كانت في غرب آسيا بالعراق، ومن ثم لقب خليجي 23 بالعاصمة القطرية الدوحة، وهذا ما كشف لنا وللجميع مصداق هذا التوجّه البنّاء والمنجز.
يمكننا التأكيد أن اتحاد الكرة و«طموح» وفرا بيئة النجاح الملائمة لرجال المنتخب في المحفل الخليجي، ونجحا في تعزيز حظوظنا لنيل اللقب في المشاركة الأخيرة، وبالطبع استفاد مدرب المنتخب دراغان بنسبة 100% من خلال الخيارات التي أثبتت جدواها، رغم أن البعض لم يكن مقتنعا ببعض الأسماء في القائمة التي تم اختيارها، إلا أن التتويج باللقب فرض قناعة جديدة، ورؤية مفادها أن لاعبي المنتخب إن وظّفوا بالطريقة المثلى فهم من يصنعون الحدث، لا عقول المتابعين وأصحاب الآراء المائلة والمتغيرة بين ساعة وأخرى.
سيطرة بحرينية
إن حقّ لنا التسمية فإن عنوان التميز اليوم ليس حكرا على لاعب بعينه، بل إن نجومنا وأبطالنا كانوا جميعا مفخرة للشارع الرياضي وكل المتابعين، وأعتقد أن تسمية الموهوب محمد جاسم مرهون كهداف للبطولة وأفضل لاعب فيها، فضلا عن اختياره نجما للقاء النهائي، كما هو الحال للحارس إبراهيم لطف الله الذي خطف النجومية كأفضل لاعب في مركزه، لا يقلل على الإطلاق من عطاء بقية اللاعبين، الذين في اعتقادي هم نجوم الحدث الخليجي، وصورته الأبرز، والدليل هو السيطرة البحرينية التامة التي شملت كل تفاصيل البطولة منذ انطلاقتها في 21 ديسمبر 2024 وإسدال الستار عليها في 4 يناير من العام الجاري 2025.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك