مصدر لـ«أخبار الخليج»: لا يوجد إلى الآن قانون يحدد أسعار الخدمات الصحية
الدكتور أحمد الراشد: من دون تأمين صحي لن يصمد القطاع الطبي الخاص
زيادة الأسعار الحالية لا يمكن تفاديها وتعد غير محسوسة
العنصر البشري والمستلزمات الطبية أهم أسباب زيادة الأسعار ولا يمكن المساس بهما
الدكتور حسن العريض: الخيار متروك للمستهلك بين خدمات بجودة عالية وخدمات منخفضة الجودة والتكاليف
الدكتور حسين المير: 40 مؤسسة صحية أغلقت في سنتين وتركت وراءها ديونا والسبب..المصاريف التشغيلية
المستشفيات الحكومية في طريقها إلى التشغيل الذاتي ما يعني تحويلها إلى مستشفيات خاصة قريبا
في بعض المراكز الطبية سعر الاستشارة أقل من فاتورة الحلاق
العزوف عن الاستثمار في القطاع الصحي يفسر وجود عاطلين عن العمل من أبناء الوطن
اشتكى عدد من المواطنين من رسوم بعض الخدمات الطبية في المستشفيات الخاصة، بعد أن شعروا بارتفاع في الأسعار لتصبح المصاريف العلاجية عبئا عليهم، ولا يخفى على أحد معاناة الانتظار في المستشفيات الحكومية مما يجعل المستشفيات الخاصة هي الملاذ الوحيد. ليفاجأ المريض بتفاوت الأسعار من مكان إلى آخر في ظل غياب الرقابة على الخدمات الطبية والاستشارات الطبية. ونفتح اليوم الحوار مع أكثر من جهة في محاولة لتخفيف العبء عن المرضى في موضوع يرهق (جيب المواطن).
ويتصدر النقاش السؤال الأهم إلى أي مدى يؤثر ارتفاع رسوم الخدمات الصحية في المواطنين؟
أكد مصدر مسؤول لـ«أخبار الخليج» أنه لا يوجد إلى الآن قانون يحدد أسعار الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين من قبل المستشفيات الخاصة، بما فيها استشارة الطبيب الاستشاري وخدمات الولادة بنوعيها وخدمات الأسنان، مشيرا إلى أن الأمر أصبح متروكا للعرض والطلب. وإن تحديد أسعار الخدمات سيحدد مستقبلا مع صندوق الضمان الصحي وذلك بالنسبة إلى الخدمات التي سيتم الاتفاق عليها.
رجح الدكتور أحمد الراشد الرئيس التنفيذي للعمليات بمستشفى رويال البحرين أن التكلفة العالية في الخدمات الطبية ترجع إلى جانبين، الأول الكادر البشري (التمريض والأطباء) وهي التكلفة الأعلى على المستشفيات، والجانب الثاني المستلزمات الطبية التي يتم استيرادها بالكامل من خارج البحرين.
الكادر الطبي من ذوي الكفاءات والخبرة يحتاجون إلى رواتب عالية تنافسية مع الدول المجاورة مثل السعودية والإمارات وقطر الوجهات الأكثر استقطابا للأطباء في الفترة الحالية. وعلينا أن ننافس.
وأضاف أننا نواجه مشكلة في الكفاءات التمريضية، لم يعد التمريض الأجنبي متوفرا كما كان من قبل وخصوصا الجنسيات الأكثر طلبا وهما الفلبينية والهندية.
أصبح أمامهم فرص للسفر إلى أمريكا وأستراليا وإنجلترا ونيوزلندا وتعتبر وجهات مفضلة على العمل في دول الخليج.
وبالتالي لتعيين تمريض متخصص ومدرب، يجب أن توفر لهم مميزات جذب، منها الراتب المغري المقارب للدول المجاورة. كما أن هناك نقصا في أعداد التمريض البحريني.
وأوضح أن من ناحية المستلزمات الطبية فقد تأثرت الأسعار بعد أزمة الكوفيد وثبت السعر على الزيادة. كما أن قلة عدد السكان تلعب دورا أساسيا في ضبط الأسعار على المستلزمات الطبية ولا يوجد توحيد للأسعار يشمل دول الخليج كـ«تسعيرة خليجية».
إذًا أهم التحديات التي تواجه قطاع المستشفيات الخاصة هي العنصر البشري وتوفير المستلزمات الطبية. مع العلم أن الأجهزة الطبية الموجودة يجب تحديثها بشكل مستمر للمحافظة على جودة الخدمات المقدمة.
باقي الخدمات المساندة مثل اتفاقيات السلامة والحريق، اتفاقيات النظافة معظم العقود المحلية أسعارها في زيادة وهو شيء متوقع مع زيادة الأسعار عالميا وهو في الحقيقة يمثل ضغطا على المستشفيات الخاصة وعلى هامش الربح. وعليه يجب المحافظة على هامش ربح صحي من أجل الاستمرارية في العمل.
هي خطوات معروفة في حالة المحافظة على ثبات الأسعار، لترشيد التكاليف مع المحافظة على جودة الخدمات المقدمة لأطول فترة ممكنة.
واستطرد قائلًا: «فترشيد التكاليف له حدود ويكون في أشياء بسيطة. وهناك معايير دولية نلتزم بها ولا نستطيع المساس بها وذلك للمحافظة على جودة الخدمات المقدمة فعلى سبيل المثال يتم تعيين ممرضة لكل خمسة من المرضى في دور الغرف العادية أما بالنسبة إلى مرضى العناية المركزة تكون ممرضة واحدة على مريض أو اثنين حسب الحالة إذًا نكون محكومين بحد أدنى من التمريض.
ترشيد التكاليف له أثر محدود. وزيادة الدخل مرتبطة بزيادة عدد المرضى والمشكلة من ناحية التأمين فعدد المؤمن عليهم قليل والباقي نقدي وقانون التأمين الصحي مازال متأخرا للأجانب فهي عوامل تؤثر في عدد المرضى» وعن تأثير دخول التأمين الصحي أوضح «في الدول المجاورة هناك تأمين إجباري وعليه هناك زيادة في عدد المرضى وتستطيع أن تقلل أسعار الخدمات الصحية. إذا من دون تأمين صحي، لن يصمد القطاع الطبي الخاص ويضطر إلى رفع الأسعار للمحافظة على مستوى الخدمات المقدمة.
الجدير بالذكر أن عدد الأشخاص المؤمن عليهم في البحرين ثابت منذ أكثر من عشر سنوات، لذلك يعاني قطاع التأمين من حالة ركود. أعداد المؤمن عليهم لا تزيد بسبب عدم وجود قانون يفرض على الشركات التأمين الإجباري على الموظفين، والتأمين الخاص يعد تكلفة إضافية للشركات. إذا لم يتم تفعيل قانون التأمين الصحي الخاص على الأجانب فلن يتغير أي شيء في القطاع الصحي وتظل الأسعار في زيادة منذ سنوات ولم يتغير، بالنسبة إلى مجموعة «كيميز هيلث» نحن نخدم شريحة مجتمعية كبيرة ومستشفى رويال البحرين يقدم خدمات لشريحة مجتمعية معينة ومستشفى كيمز يعد من المستشفيات الاقتصادية التي تقدم خدمات طبية ذات مستوى مع مراعاة في الأسعار واستخدام البدائل المتاحة لتقليل الأسعار».
وعلق على الزيادة الحالية في الأسعار بأنها غير ملموسة بشكل كبير مبينا أن مجموعة مستشفيات كيمز لم تغير قائمة الأسعار منذ أكثر من عشر سنوات.
وبسؤاله عن الرسوم الحكومية قال: «حتى الزيادة في الرسوم الحكومية السنوية لا تشكل عبئا كبيرا على المستشفيات، كلها زيادات يمكن تحملها. الأسعار في البحرين في إطار المعقول على المستثمرين».
وعن بعض الخدمات الطبية التي خصصت للمستشفيات الخاصة قال الدكتور أحمد: «إن من أكثر الخدمات الطبية التي كانت توفرها الحكومة وتشكل عبئا إلى حد كبير هي الولادة وبدأت تستوعبها مستشفى كيمز هيلث بباقات وعروض كثيرة فكلما زاد العدد استطعنا أن نتحكم في العروض وخفض الأسعار».
وعن الحلول المقترحة قال: «تخفيض الأسعار في النهاية له نتائج سلبية على المجتمع والمؤسسات. لأنها لم تستطع المحافظة على استمراريتها ولا يكون لديها خيارات إما أن تقلل من جودة الخدمات المقدمة أو من العنصر البشري وفي حالة الاستمرار على نفس المستوى لن تستطع الاستمرار مثل نماذج من المستشفيات التي أغلقت أبوابها بالفعل. الحل الوحيد ضرورة تفعيل التأمين وأن يكون إلزاميا على الأجانب هذا لخفض الأسعار.
والعمل على توحيد طلبات المستلزمات الطبية على مستوى الخليج، وبذلك تزيد نسبة الطلب وتوحد التسعيرة الخليجية وتقل الأسعار بشكل طبيعي».
وختم الدكتور أحمد الراشد بالإجابة عن سؤالنا هل زيادة الأسعار في الخدمات الطبية مقبولة؟
الزيادة الحالية لبعض الخدمات الطبية لا يمكن تفاديها في أي مستشفى وهي نسبة زيادة غير محسوسة وهناك دائما بدائل، بالنسبة لنا هناك مستشفى آخر يقدم خدمات علاجية اقتصادية. ونأخذ مثال مستشفى رويال البحرين لم تقم برفع أسعارها منذ عشر سنوات.
وفي نفس ذات السياق عن ارتباط ارتفاع الأسعار بالخدمات المقدمة في المستشفيات الخاصة لخص الدكتور حسن العريض رئيس مجلس إدارة مستشفى ابن النفيس أسبابها مؤكدا أنها زيادة منطقية جدا في ظل الظروف الحالية والتكاليف المتزايدة وأي زيادة في الأسعار تأتي بعد خطوات مدروسة وتصب في مصلحة المرضى.
أولا: الكوادر الطبية عالية الكفاءة والمعززة بالخبرات العلمية والمهارات اللازمة والتي تتوافق مع أعلى المعايير والمستويات الطبية والعالمية.
ثانيا: توافر الكادر التمريضي المؤهل لخدمة المرضى على كل المستويات.
ثالثا: تكاليف الكادر الإداري والمساعدين والمهندسين الصحيين.
رابعا: تكاليف تشغيل غرف العمليات وما يتطلبه ذلك من أجور أطباء مساعدين وأطباء التخدير، وتوفير الأجهزة الحديثة المضمونة وصيانة غرف العمليات وباقي التكاليف الأخرى مثل الكهرباء والتكييف وشركات النظافة ونعني بذلك تكاليف صيانة أجهزة التكييف وتغيير الهواء المكيف بكامله مائة في المائة لتقليل احتمالات وجود ميكروبات في الجو داخل الغرف وكذلك غرف العمليات وغرف الإنعاش.
خامسا: تكلفة التعقيم والمستهلكات
سادسا: تكاليف الأدوية المخدرة والمعقمة أو أدوية المضادات الحيوية وأدوية أخرى كثيرة تستخدم باستمرار.
سابعا: تكاليف غرفة الإقامة المجهزة حسب متطلبات الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية.
ثامنا: تكاليف قسم التأمين الصحي التي نتعامل بها دوريا مع شركات التأمين بجانب أقسام المحاسبة وأجور العاملين جميعًا بالمستشفى.
تاسعا: مصروفات متزايدة على الصيانة والطاقة الكهربائية والمائية العالية جدا حسب متطلبات الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية بجانب رسوم التراخيص وتراخيص الأطباء.
مقابل كل المصروفات السابقة والتكلفة العالية التي تتكبدها المستشفيات الخاصة نطالب بتقليل الأسعار المقدمة للمرضى، وهي معادلة صعبة ونحن لا نستطيع تغطية التكاليف الحقيقية وتحقيق الخدمة الطبية بمعايير عالمية. وقد تضطر بعض المؤسسات إلى تخفيض التكاليف وبالتالي تتأثر جودة خدمتها وتؤثر تأثيرا مباشرا في سلامة المرضى وضمان جودة العمليات والفحوصات المخبرية وباقي الأقسام وخدمات المستشفى الأخرى.
ولهذا فإن مستوى الخدمات الطبية يحتاج إلى تكاليف هائلة خلافا للمستوى المتدني الذي لا يضمن الجودة والسلامة وهو ما لا نقبل به مطلقا طوال عملنا بالقطاع الصحي.
كل ذلك في مقابل مراكز طبية تنافس بتخفيض التكاليف لجذب المرضى وذلك يؤدي إلى انخفاض مستوى الجودة والسلامة.
والخيار متروك للمستهلك بين خدمات بجودة عالية ومضمونة وخدمات منخفضة التكاليف والجودة.
وكان للدكتور حسين المير رئيس جمعية المؤسسات الصحية الخاصة رأي مختلف عند سؤاله عن ارتفاع رسوم الخدمات الصحية في المؤسسات الصحية الخاصة وواقع ذلك على المواطنين رد قائلًا: «العبارة ليست دقيقة ولا تعبر عن الواقع».
مؤكدا أن ما نلاحظه هو انخفاض الكثير من الرسوم في الطب الخاص بسبب المنافسة الشديدة لدرجة أن هناك مؤسسات صحية خاصة تقدم خدمات بأقل من سعر التكلفة!
وهناك مراكز طبية سعر استشارة الطبيب فيها أقل من فاتورة الحلاق!
وأرجع السبب إلى أن السوق مفتوح للجميع في البحرين وصارت المنافسة على أساس السعر للأسف وليس الجودة.
وأضاف: «فمثلا نجد عيادات خاصة تقدم خدمة تنظيف الأسنان بدينارين أو ثلاثة. وبعضها تكون استشارة الطبيب بدينارين ونفس المنوال موجود في المختبرات وخدمة الليزر والجلدية والعلاج الطبيعي وحتى العمليات الجراحية»!
وهذا كله على حساب الجودة وكفاءة الخدمة».
ولفت أن المؤسسات الصحية الخاصة مثل المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة التي لم تساير انخفاض الأسعار ولم تستطع استقطاب الأطباء أصحاب الكفاءات العالية بطريقة احتكارية قد أفلست وأغلقت وسرحت موظفيها بشكل مؤسف. وتم رصد أكثر من 40 مؤسسة صحية خاصة أغلقت خلال سنتين فقط وتركت وراءها مستحقات مالية كبيرة. وهذا يدل على أنها لم تتمكن من تغطية مصاريفها التشغيلية.
لكن إذا قارنا بين أسعار الخدمات الصحية في البحرين بما كانت عليه سابقا نجد أنها في انخفاض كبير مقارنة بالأسعار قبل خمس سنوات مثلا. وفي هذا النزول رحمة للناس ومنفعة لهم. لكن هناك ضررا للمستثمرين في القطاع الصحي وبالتالي عزوف من المستثمرين الكبار في استثمار أموالهم بهذا القطاع وهذا يفسر وجود أعداد هائلة من أبناء البلد من أطباء وتقنيين صحيين وصيادلة عاطلين عن العمل.
فقط المستشفيات التي تقدم خدمات رخيصة جدا هي التي تنتشر وهؤلاء يعتمدون على الكم الكبير من المرضى الأجانب وفئة العمال وأيضا المستشفيات التي تحتكر أطباء مميزين بها تعمل بشكل جيد لأنها غير مضطرة لتخفيض أسعارهم طالما هناك طلب على خدماتهم.
ويجب أن ننوه بأن المصاريف التشغيلية للمؤسسات الصحية الخاصة قد ارتفعت بشكل كبير جدا بسبب ارتفاع المواد الاستهلاكية وارتفاع الفواتير الحكومية مثل الكهرباء والتأمينات الاجتماعية والرسوم الإدارية التي يفاجأ بها المستثمرون في القطاع الصحي من الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية وباقي الهيئات الحكومية الأخرى أيضا التي بدأت تتحرك لحلب المؤسسات الصحية الخاصة عن طريق اختراع اشتراطات جديدة ووضع تشريعات من شأنها إقرار معاملات جديدة وبالتالي رسوم جديدة.
كما أن ارتفاع رسوم الفائدة التي اعتمدتها البنوك على التمويلات التجارية أسهمت في زيادة التكلفة. وشركات التأمين أيضا تعلمت هذه اللعبة وبدأت تفرض رسوما جديدة بشكل سنوي على العيادات والمستشفيات الخاصة.
فأصبح المستثمرون في القطاع الصحي الخاص بين فكين يضغطان عليهم في آن واحد. فمن جهة هناك منافسة شديدة معتمدة على إنزال الأسعار لحدود غير منطقية ومن جهة أخرى ارتفاع التكلفة التشغيلية.
كما أن المستشفيات الحكومية في طريقها للتحول إلى التشغيل الذاتي مما يعني أنها ستتحول إلى مستشفيات خاصة تقريبا وستدخل المنافسة على استقطاع المرضى الذين لديهم تأمين صحي أو يدفعون لخدماتهم الصحية مقابل تسريع هذه الخدمات بدلا من المكوث في طوابير الانتظار الطويلة. ولا نعلم كيف سيكون تأثير هذا التوجه في القطاع الصحي الخاص.
فقط بعض الخدمات غير الأساسية في الطب الخاص هي التي ارتفعت أسعارها مثل عمليات التجميل مثلا وهي قائمة على احتكار الطبيب الجراح في عيادة معينة وبسبب رغبة المريض في تحديد الطبيب الذي يريده، فهو مستعد أن يدفع تكاليف الخدمة حتى وإن كانت الضعف مقارنة بمكان آخر. والعملية مشروعة طالما أنها ليست خدمة صحية أساسية ومبنية على العرض والطلب.
وهنا نطرح تساؤل. هل من المنطقي أن نقارن الأسعار في البحرين بالدول الآسيوية أو الإفريقية؟ أم أن المفروض أن نقارنها بدول الخليج العربي الأخرى؟
فالمقارنة الأولى ليست منطقية. وإذا قارنا الأسعار في البحرين بباقي دول مجلس التعاون نجد أن الأسعار في البحرين أرخص من غيرها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك