المنامة – بنا: «عشرون عاماً من صنع التاريخ» تستحق أن تكون محل زهو وإعجاب، وشعاراً للاحتفاء بما تحقق من إنجاز وطني على مدار عقدين في رياضة السيارات، والذي يأتي بالتزامن مع انطلاق الحدث الرياضي الأبرز على الروزنامة العالمية وهو سباق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج للفورمولا-1، كجولة افتتاحية في تقويم موسم 2024م لسباقات الفورمولا-1، والتي تحتضنها حلبة البحرين الدولية «موطن رياضة السيارات في الشرق الأوسط» في الفترة من 29 فبراير حتى 2 مارس 2024.
لقد نجحت مملكة البحرين على مدار عشرين عاماً ومنذ استضافة أول سباق للجائزة الكبرى للفورمولا-1 عام 2004، في أن تكون بحق موطن رياضة السيارات في الشرق الأوسط، محققة الريادة والاستدامة على أرض حلبة البحرين الدولية التي أصبحت قصة نجاح ملهمة لبقية حلبات السباق الحديثة في منطقة الخليج العربي، كما حجزت مكانة متقدمة في المشهد الرياضي العالمي.
تاريخ رياضة السيارات في البحرين:
المتابع للحركة الرياضية والمجتمعية في مملكة البحرين يجد المكان المتميز لرياضة السيارات وجماهيرها العريضة، المغرمة بها منذ خمسينيات القرن الماضي. واعتبرت البحرين رائدة في هذا المجال باعتبارها الدولة الخليجية الأولى التي تمارس رياضة السيارات وتستضيف سباقاتها، عبر تأسيس محبي هذه الرياضة من الشباب البحريني أول ناد لرياضة السيارات في المنطقة عام 1952م، والذي بدأ فعلياً في ديسمبر 1952 عبر تنظيم أول سباق حقيقي للسيارات شاركت فيه أيضاً الدراجات النارية.
ففي عام 1953، حصل النادي على عضوية نادي السيارات الملكي البريطاني (آر أيه سي)، إضافة الى عضوية الاتحاد الفرنسي السياحي العام 1957.
وفي السبعينيات أصبحت البحرين تستضيف بشكل منظم السباقات الدولية المنوعة من سباقات السرعة، والأوتوكروس، مروراً بالراليات وسباقات التحمل الخاصة بالكارتينج، حيث اشتهرت المملكة أيضاً بتاريخها في الرياضة الميكانيكية.
وفي مطلع عام 1978 استضافت البحرين أول رالي دولي أقيم على أراضيها، وشكل الجولة الأولى من أصل ثلاث جولات اشتملت عليها البطولة. وفي عام 2000 نظم الاتحاد البحريني للسيارات أول رالي «البحرين الدولي» بعد غياب عن راليات الشرق الأوسط مدة ستة عشر عامًا.
وفي ابريل عام 2004 دخلت مملكة البحرين نادي الكبار وبدأت في صناعة تاريخ رياضي جديد للسيارات بافتتاح حلبة البحرين الدولية واستضافة إحدى جولات بطولة العالم للفورمولا-1، باعتبارها أول دولة في الشرق الأوسط تحتضن سباقات الفورمولا-1.
كيف بدأت قصة فورمولا-1 في البحرين؟
وجدت رياضة السيارات والمحركات اهتمامًا كبيراً من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وشغف سموه بها وتابع مجرياتها في مرحلة مبكرة، وأصبحت هذه الرياضة ضمن الرياضات المحببة لنفس سموه، فكان الداعم الأكبر لها على الصعيد المحلي خاصة مع وجود قاعدة شبابية كبيرة تهتم بهذه الرياضات، لذلك لعبت الرؤية الطموحة والفكرة الجريئة التي طرحها صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والتي لاقت اهتماماً ورعاية ًمن قائد المسيرة التنموية الشاملة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، الدور الحيوي الأكبر في إدخال رياضة ذات طابع عالمي وإرساء ثقافة رياضة سباقات الفورمولا-1 في منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال بناء حلبة البحرين الدولية، والتي تعد أحد الصروح العملاقة بالمملكة والمنطقة، واستثمار مكتسباتها على مختلف الأصعدة الرياضية، والاقتصادية والتنموية المستدامة.
496 يوماً من التحدي والإنجاز...
وقع اختيار صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء على منطقة الصخير لتشييد حلبة البحرين الدولية، وتم الاتفاق على إنجاز مشروع تشييد الحلبة في غضون عامين أي بحلول سبتمبر عام 2004، إلا أنه لم يكن خياراً سهلاً أمام الشركات الهندسية المنفذة للمشروع، بسبب طبيعة الأرض الصحراوية الصخرية والتي تحتاج إلى وقت وجهد لتنفيذ عمليات معالجتها وتهيئتها.
بدأ العمل في تشييد الحلبة في أكتوبر 2002، بتصميم المهندس المعماري الألماني هيرمان تيلكي، حيث تولّت شركتا تيلكي العالمية وسيباركو البحرين بناء المشروع بالتعاون مع شركة دبليو سي تي الماليزية للهندسة، وهي الشركة التي أنشأت حلبة الفورمولا- 1 في كوالالمبور بماليزيا.
وبسبب العزيمة على سرعة الإنجاز وتحقيق الحلم، تقلصت مدة البناء للحلبة إلى 18 شهراً فقط أي 496 يوماً وهي مدة قياسية بالنظر إلى حجم وضخامة المشروع، وما تحقق من أعمال حفر وتطوير للأرض وبناء هذا الصرح العالمي، الأمر الذي عجّل من تاريخ الافتتاح ستة أشهر عن موعده المقرر، حيث تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم بافتتاح حلبة البحرين الدولية في 17مارس 2004، وانطلقت أولى سباقات الفورمولا1 في 4/ابريل/ 2004م وسط اهتمام إعلامي ورياضي عالمي.
وتُعد حلبة البحرين الدولية أول مضمار عالمي لسباق السيارات في منطقة الشرق الأوسط، شُيد وفق أحدث المواصفات الهندسية والفنية والتكنولوجية في قلب صحراء بتكلفة بلغت 150 مليون دولار أمريكي.
وتضم الحلبة خمسة مضامير معتمدة من قبل الاتحاد الدولي للسيارات هي: الحلبة الداخلية، الحلبة الخارجية، حلبة سباق الجائزة الكبرى، حلبة دراغستر وحلبة التجارب، وهو ما يؤهل لحلبة البحرين الدولية لاستضافة مجموعة من السباقات المختلفة معاً على رأسها سباقات الفورمولا-1، الفورمولا-2، الفورمولا-3، سباقات الدراغ drag racing، سباقات تحدي البورش جي.تي.3 الشرق الأوسط، وسباق V8 Supercars الأسترالي وسباقات سلسلة GP2 - وغيرها. كما تضم الحلبة في صرحها البرج الدائري المميز والذي يمثل أيقونة بارزة لسباقات فورمولا-1 البحرين وهو مكون من 9 طوابق ويمنح رؤية بانورامية مثالية لمضامير السباق كافة، إضافة إلى مركز للمعلومات التقنية خاص بالفورمولا-1. ومبان لاستيعاب 18 فريقاً، ومركزاً طبياً ومنطقة كبيرة للفعاليات والأنشطة والمطاعم والمرافق والخدمات المقدمة للزوار.
وتعد حلبة الجائزة الكبرى هي المضمار الرئيسي والأكبر في سباقات الفورمولا-1، بطول يبلغ 5,412 كيلومتر، وتحتوي على 12 منعطفاً، وثلاث مناطق يمكن التجاوز فيها، كما يبلغ عدد اللفات أثناء السباق للجائزة الكبرى 57 لفة. ويمكن للحلبة استيعاب 50,000 ألف متفرج، بينما تستوعب المنصة الرئيسية 100،00 ألف متفرج.
ويشرف الاتحاد البحريني للسيارات على تنظيم سباقات الحلبة التابعة للاتحاد الدولي للسيارات عبر عدة منظمات وأندية تشكل فريقاً وطنياً يعرف بالمارشالز البحريني أبرزها: «نادي البحرين لسباقات الحلبة – نادي المارشالز البحريني – نادي البحرين لسباقات السرعة الدراغ، ونادي البحرين للكارتينج».
عشرون عاماً من صنع التاريخ والاستدامة ...
منذ انطلاق السباق الأول عام 2004 حصلت مملكة البحرين على جائزة أفضل تنظيم من الاتحاد الدولي للسيارات، كما حصل فريق البحرين للمارشال التابع للاتحاد البحريني للسيارات على جائزة أفضل تنظيم لأول سباق في منطقة الشرق الأوسط عام 2004، وأصبح شريكاً أساسياً في إنجاح تنظيم عدة سباقات للفورمولا-1 في كل من الهند ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية وأذربيجان. إضافة إلى فوز الفريق بجائزة التميز من الاتحاد الدولي للسيارات، وهذا يؤكد الدور الكبير للكوادر الوطنية البحرينية من العاملين في حلبة البحرين الدولية وعملهم بروح الفريق الواحد ضمن فريق البحرين من أجل مزيد من النجاح والتميز.
إن ما وصلت إليه مملكة البحرين اليوم وهي تحتفل بمرور عشرين عاماً من صناعة التاريخ في رياضة السيارات، يمثل مصدر فخر واعتزاز بمكتسبات الوطن التنموية ومحط إعجاب إقليمي ودولي وإشادة من القائمين على هذه الرياضة ومن عشاق سباقات السرعة في كل مكان، وهو ما جعل سباق الجائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج المقام في حلبة البحرين الدولية من أكثر السباقات إثارة وتفضيلاً في جولات موسم سباقات الفورمولا-1.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك