«الأخطاء الطبية» ليست ظاهرة.. والشكوى لا تعني وقوع الخطأ
نحقق في 32 شكوى.. و23 قيد انتظار تقرير المهن الصحية
أجرى الحوار: إسلام محفوظ
تصوير: عبدالأمير السلاطنة
كشف رئيس نيابة الوزارات والجهات العامة عدنان الوداعي عن مباشرة نيابة الوزارات أكثر من 11 ألف قضية منذ مطلع العام الحالي حتى سبتمبر الماضي، مشيرا إلى أن نيابة الوزارات والجهات العامة تلقت 2675 قضية واردة من الوزارات والجهات العامة، بينما تلقت النيابة 8536 قضية من الإدارات الأمنية، مؤكدا تحقيق معدل إنجاز في القضايا بنسبة 99% في النصف الأول من العام الحالي سواء بإحالتها القضايا إلى المحكمة أو بالأمر الجنائي في النيابة العامة أو بالحفظ لعدم كفاية الأدلة.
وأشار الوداعي في حوار خاص لـ«أخبار الخليج» إلى أن أعضاء نيابة الوزارات والجهات العامة يتلقون بشكل دوري دورات تدريبية مكثفه خارج وداخل مملكة البحرين لزيادة الالمام القانوني وتعميقاً للتخصص في تحقيق هذه النوعية من الجرائم لكونها متعددة الاختصاصات والقضايا، قائلا إن قضايا جائحة كورونا كانت أحد التحديات التي عبرتها النيابة بكفاءة عالية بفضل الجاهزية والاطلاع على القوانين وخطة العمل التي بدأت بإصدار النائب العام قرارا بشأن آلية التعامل والتحقيق مع المشتبه فيهم والمصابين وتدريب مأموري الضبط القضائي وصولا إلى مباشرة 1345 قضية.
وخلال الحوار فتحت «أخبار الخليج» مع رئيس نيابة الوزارات عددا من الملفات التي تستحوذ على نقاشات الرأي العام، لعل أبرزها ملف الأخطاء الطبية، وهل أصبحت ظاهرة من واقع البلاغات والقضايا؟ وقد أشار رئيس النيابة إلى أن تلك القضايا هي شكاوى من المجني عليهم أو ذويهم لاعتقادهم بأنها تشكل خطأ طبيا، وإن تفاوت معدلات الشكاوى لا يعدّ بالضرورة مقياسا على كثرتها، موضحا أن النيابة تباشر حاليا 32 شكوى، كما تناول اللقاء جهود النيابة في الحملة الوطنية لمكافحة التستر التجاري، ودعم توجه مملكة البحرين للحفاظ على مختلف أوجه التنمية المستدامة سواء فيما يتعلق بالمناخ او الثروة البحرية او الزراعية وغيرها من عناصر المنظومة البيئية للدولة، والعديد من الملفات..
{ في البداية نود أن نتعرّف تاريخ إنشاء نيابة الوزارات، وما أبرز اختصاصاتها، وأهدافها؟
- حرصت النيابة العامة على جمع غالبية القوانين الجنائية الخاصة بنيابة واحدة، وذلك بتشكيل نيابة نوعية متخصصة لها، وهي نيابة قضايا الوزارات والجهات العامة بقرار من النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين رقم 15 لسنة 2007، لتختص بالتحقيق والتصرف في الجرائم المنصوص عليها في القوانين الجنائية الخاصة التي تشرف على تطبيقها الوزارات والجهات الحكومية بحسب اختصاصاتها، وكان الغرض من إنشاء هذه النيابة المتخصصة هو التفرغ التام لنوعيات الجرائم التي تنظمها القوانين الجنائية الخاصة، ولضمان سرعة التصرف فيها نظراً للخطورة التي تشكلها الكثير من تلك الجرائم، ولتأثيراتها الضارة بالمقومات الأساسية للمجتمع والدولة، وبما يسهم في تحقيق العدالة الناجزة، وأيضاً تقوم النيابة بالإشراف المباشر على أعمال مأموري الضبط القضائي، وزيادة الثقافة القانونية لهم من خلال التواصل المستمر والاجتماعات وورش العمل.
{ تباشر نيابة الوزارات أنواعا من التحقيقات المختلفة المتعلقة بأعمال الوزارات ما بين قضايا أخطاء طبية تارة، وفي نفس الوقت قضايا متعلقة بالبيئة تارة أخرى.. كيف يتم تدريب أعضاء نيابة الوزارات على مباشرة تلك القضايا التخصصية؟ وهل هناك تخصص للأعضاء بداخل النيابة؟
- جميع أعضاء النيابة العامة مؤهلون للعمل في جميع النيابات الجزئية والمتخصصة، ولكن يتم التركيز على أعضاء النيابة المتواجدين في النيابات المتخصصة، من ضمنها نيابة الوزارات والجهات العامة لزيادة التخصص من خلال متابعة أحدث التشريعات فضلاً عن الاحكام والقرارات الصادرة وتحديث القيود والاوصاف بشكل دوري وصولاً إلى التكييف القانوني الصحيح للوقائع طبقاً للقانون، ويخضع أيضاً أعضاء نيابة الوزارات والجهات العامة بشكل خاص لدورات تدريبية مكثفه خارج وداخل مملكة البحرين لزيادة الالمام القانوني وتعميقاً للتخصص في تحقيق هذه النوعية من الجرائم.
{ ما هي معدلات الإنجاز في إنهاء القضايا سواء المتعلقة بالتحقيقات أو القضايا في المحاكم؟
- سرعة التصرف في قضايا نيابة الوزارات وفق الإجراءات القانونية وصولاً إلى العدالة الناجزة هي من أهم الأولويات في النيابة العامة، وقد بلغ إنجاز نيابة الوزارات في النصف الأول من العام الحالي نسبة 99% ويتم التصرف في القضايا إما بإحالتها للمحكمة أو بالأمر الجنائي في النيابة العامة أو بالحفظ لعدم كفاية الأدلة مثلاً.
{ كيف تتم عملية المتابعة والاطلاع على أحدث التشريعات وتطبيقاتها، وخاصة أننا نتحدث عن عدد كبير من الوزارات قد تختلف التشريعات والقوانين فيما بينها؟
- عملت النيابة العامة من خلال إدارة التفتيش القضائي على دعم المعرفة القانونية للأعضاء من خلال توفير العديد من البرامج الالكترونية الداعمة للثقافة القانونية لهم فضلاً عن تزويدهم بشتى التشريعات في مختلف المجالات وفق أحدث التعديلات وبما يسهم في صقل الخبرات وزيادة القدرة على تكييف الوقائع التي تعرض عليهم.
{ ما هي أوجه التشابه والاختلاف ما بين إجراءات الاستدلال وتحقيقات نيابة الوزارات؟
- إجراءات الاستدلال هي مجموعة من الإجراءات التمهيدية السابقة على تحريك الدعوى الجنائية وتهدف إلى جمع المعلومات في شأن الجريمة المرتكبة كي تتخذ سلطات التحقيق بناء عليها القرار بصدد ما إذا كان من الملائم تحريك الدعوى الجنائية، ويتم خلالها تجميع كافة المعلومات والإيضاحات عنها وما تتضمنه من مهام حساسة ومهمة تتبلور في نهايتها لتكوين الدليل القانوني الذي تقوم عليه الدعوى الجنائية.
وينقسم مأمور الضبط القضائي إلى نوعين هما: مأمورو الضبط القضائي ذوو الاختصاص العام ومأمورو الضبط القضائي ذوو الاختصاص الخاص، وهم يختصون بإجراءات الاستدلال في شأن أي جريمة من الجرائم، مثل ضباط وضباط الصف وأفراد قوات الامن العام، وأما مأمورو الضبط القضائي ذوو الاختصاص الخاص فهم يختصون بإجراءات الاستدلال في فئة أو فئات محدودة من الجرائم، والتي لها علاقة بأعمال وظيفتهم، ويتم منحهم هذا الاختصاص بموجب قرار يصدر من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص لتخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة للجرائم التي تكون متعلقة بأعمال وظائفهم، من ضمنهم مأمورو الضبط القضائي بوزارة الصناعة والتجارة وهيئة تنظيم سوق العمل والمجلس الأعلى للبيئة.
التحقيقات التي تجريها النيابة العامة هي مرحلة تدقيق وتمحيص تلك المعلومات التي تم جمعها في مرحلة جمع الاستدلال لإثبات وقوع جريمة ونسبتها إلى مرتكبها، وذلك تمهيدا إما لإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة أو بحفظها لعدم كفاية الأدلة مثلاً، ولمأموري الضبط القضائي صلاحيات استثنائية نص عليها القانون في الجنايات والجنح المتلبس بها والتي تزيد مدة الحبس فيها على ثلاثة أشهر، أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه، وأيضاً يجوز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة سرقة أو نصب أو اعتداء جسيم أو حيازة مواد مخدرة، وأيضاً بالنسبة للتفتيش هو الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم ويجوز لمأمور الضبط القضائي تفتيش منزل المتهم في حالات استثنائية أيضاً، وهي في حالة التلبس بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا اتضح له أمارات قوية على أنها موجودة فيه.
وتجدر الإشارة إلى أن للنيابة العامة إذا رأت في الجنح أن إجراءات الاستدلال التي جمعت من قبل مأموري الضبط القضائي ثابتة و كافية لها أن ترفعها إلى المحكمة المختصة بدون إجراء تحقيق، وتوجد سوابق قضائية كثيرة بالإدانة على محاضر جمع الاستدلالات فقط، وهذا يدل على أن الدور الذي يقوم به مأمور الضبط القضائي هو دور كبير، وقد يكون كافيا لإصدار الحكم بالإدانة فيه في أغلب القضايا، فلا بد من الإشادة بما يقوم به مأمورو الضبط القضائي العام في الإدارات الأمنية ومأمور الضبط القضائي الخاص بالوزارات والجهات العامة في ضبط الوقائع وتحرير المحاضر وجمع الاستدلالات فضلاً عن التحفظ على المضبوطات المستخدمة في ارتكاب الجريمة إن وجدت، فهذا الدور هو النواة الأساس لقيام الدعوى الجنائية.
جهات التعاون
{ بلا شك يرتبط أداء نيابة الوزارات بمدى التعاون مع العديد من الوزارات والهيئات العامة.. كيف يتم التعاون مع تلك الجهات؟ وهل هو مرتبط فقط بمباشرة تحقيق أم إنه تعاون مستمر قائم على التوعية؟
- في البداية يجب الإشارة إلى أن قانون الإجراءات الجنائية -وتحديداً المادة (44)- أكد أن مأموري الضبط القضائي يخضعون في أدائهم لواجباتهم كل في حدود اختصاصه لرقابة واشراف النائب العام الذي له اذا ما وجد أن مأمور الضبط القضائي لم يقم بواجباته أو أخلّ بها أن يرفع توصية إلى الجهة التي يتبعها مأمور الضبط القضائي ويطلب معاقبته انضباطيا، كما أن له أن يتخذ الاجراءات اللازمة لتحريك الدعوى الجنائية اذا كانت مخالفة مأمور الضبط القضائي تشكل جريمة، وما ينبغي ملاحظته أن تبعية مأمور الضبط القضائي للنيابة إنما هي تبعية وظيفية في مجال الضبطية القضائية وليست إدارية، أي أنه ملزم بتنفيذ أوامر النيابة العامة في أعمال وظيفته المتعلقة بالضبط القضائي، وذلك لأن غاية عمل مأموري الضبط هي إمداد النيابة بعناصر التقدير وتمكينها من اتخاذ قرارها بشأن تحريك الدعوى الجنائية، لذا كان لها توجيههم في نشاطهم الوجهة التي تؤدي إلى حصولها على المعلومات التي تحتاج إليها وهذا ما نصت عليه المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية بأنه لعضو النيابة العامة أن يندب أحد مأموري الضبط القضائي للقيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم، واستناداً لذلك يمكن صياغة آليات مختلفة من التعاون بين النيابة العامة ومختلف الوزارات من اجل تسهيل أعمال التحقيق وسرعة إنجازه وإتاحة مباشرة إجراءاته المتنوعة في الوقت الملائم.
{ بالإضافة إلى دور النيابة في مباشرة التحقيق الجنائي، لها أيضا دور في تدريب وتأهيل مأموري الضبط القضائي في الوزارات.. كيف تتم عملية التدريب والتأهيل؟ وهل هناك احصائيات بأعداد الدورات التي نظمتها النيابة مع معهد الدراسات القضائية والقانونية؟
- انطلاقا من حرص النيابة العامة على التطوير الدائم للعمل القضائي بشكل عام، واهتمام النائب العام بموضوع التدريب المستمر لأعضاء النيابة وكذلك لمأموري الضبط القضائي بشكل خاص، ونظراً لأهمية دور مأمور الضبط القضائي وما يقوم به من مهام تتبلور في نهايتها لتكوين الدليل القانوني الذي تقوم عليه الدعوى الجنائية، تعقد النيابة العامة بالتعاون مع معهد الدراسات القضائية والقانونية بشكل دوري دورات تخصصية لتمكين مأموري الضبط القضائي من القيام بعملهم وفق الطريق الذي رسمه القانون واعداد المحاضر بشكل قانوني، وتجدر الإشارة إلى أن الدورات التدريبية لمأموري الضبط القضائي بلغت عشر دورات في العام الماضي، وتنوعت الدورات التدريبية، منها الدورات التدريبية التأسيسية لمأموري الضبط القضائي.
أيضاً البرامج التدريبية التخصصية التي تعقدها النيابة العامة بالاشتراك مع الجهات ذات الصلة، منها البرنامج التدريبي والتوعوي للانتخابات النيابية والبلدية 2022 والذي استهدف القضاء وأعضاء النيابة ومنتسبي الجهات التي لها دور في العملية الانتخابية، وهي: وزارة الداخلية ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والاوقاف ووزارة شؤون البلديات والزراعة ووزارة الاعلام فضلا عن جمعيتي المحامين والصحفيين البحرينية، وأيضاً برنامج المسؤولية الطبية عن الأخطاء الطبية التي عقد بالاشتراك مع الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية والذي هدف إلى تبادل المفاهيم العلمية والقانونية لاستيعاب عناصر ومفهوم الخطأ الطبي من منظوره الفني والقانوني ومتطلبات التحقيق اللازمة للتثبت من قيام المسؤولية الجنائية، والبرنامج التدريبي الخاص باختصاص مأموري الضبط القضائي وصلاحيتهم في ضبط التهرب الضريبي الذي عقد بالتعاون مع الجهاز الوطني للإيرادات.
{ في وقت نشهد فيه تطورا على مستوى الجرائم والاحداث الطارئة، على سبيل المثال الجرائم المتعلقة بمخالفة تدابير مكافحة فيروس كورونا.. كيف تم الاعداد لمباشرة التحقيق في تلك المخالفات وخاصة عند التغيرات الكثيرة المتعلقة بتلك المخالفات؟
- في البداية لا بد من التنويه إلى أنه منذ اكتشاف أول حالات الإصابة بفيروس كورونا أصدر النائب العام القرار رقم 4 لسنة 2020 بشأن آلية التعامل والتحقيق مع المشتبه فيهم والمصابين بفيروس كورونا إيماناً بأهمية الحفاظ على سلامة الصحة العامة لأعضاء النيابة العامة والموظفين وجمهور المتعاملين مع النيابات من متقاضين وأطراف، وقد أقامت النيابة العامة ورشة عمل عن بُعد حول تطبيقات الضبط الفوري لمخالفات الإجراءات والتدابير الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا شارك بها أكثر من 100 مأمور ضبط قضائي في الوزارات والجهات العامة، وتم التركيز فيها على أهمية إعداد المحاضر وضبط الأدلة بالشكل الصحيح والعمل على إتمام ذلك في أسرع وقت ممكن لتقوم النيابة العامة باتخاذ الإجراءات الفورية من حيث التحقيق والتصرف والاحالة إلى المحكمة خلال مدة أقصاها 24 ساعة، وبما يحقق متطلبات العدالة الناجزة، مع مراعاة معايير المحاكمة العادلة وضمان حقوق المتهمين، وتجدر الإشارة إلى أن نيابة الوزارات والجهات العامة هي المختصة بالتحقيق في جرائم مخالفة تدابير مكافحة فيروس كورونا، وقد باشرت إجراءاتها بالتحقيق مع المخالفين للتدابير، وذلك باتخاذ أقصى تدابير الوقاية وباشرت النيابة العامة إجراءات سريعة نظراً للطبيعة الخاصة لتك الجرائم، منها الحبس والتدابير البديلة كالإقامة الجبرية للمتهمين وتغريمهم بغرامات رادعة وإغلاق المنشآت التجارية المخالفة حيث باشرت نيابة الوزارات والجهات العامة أكثر من 1300 بلاغ.
اختصاصات النيابة
{ في الآونة الأخيرة قد يعتقد البعض أن هناك قضايا كثيرة تتعلق بالأخطاء الطبية.. من خلال التحقيقات والرصد هل هناك زيادة في معدلات الأخطاء الطبية عن المعتاد مقارنة بالسنوات الماضية، أم إن ذلك الاعتقاد في غير محله؟
- يجب في البداية التوضيح أن تلك القضايا هي شكاوى من المجني عليهم أو ذويهم لاعتقادهم بأنها تشكل خطأ طبيا، وإن تفاوت معدلات الشكاوى لا يعدّ بالضرورة مقياسا على كثرتها لأنها بالأساس هي شكاوى ولم يثبت فيها وقوع الخطأ الطبي إلا بعد التحقيق وندب اللجان المختصة بذلك، وتجدر الإشارة إلى أن النيابة العامة تباشر تحقيقات فورية في تلك الشكاوى وتندب الطبيب الشرعي بالنيابة العامة فضلاً عن التحفظ على الملف الطبي وطلبه ومن ثم إرساله إلى اللجنة المختصة بتقرير الأخطاء الطبية بالهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية التي بدورها تقوم بإعداد تقرير بالرأي الفني، وتستكمل النيابة العامة إجراءات التحقيق ولا يتوقف دور النيابة العامة عند ذلك فقد أولت النيابة العامة اهتماماً خاصاً، حيث نصت التعليمات القضائية للنيابة العامة على أنه يجب إرسال التحقيقات التي يتهم بها الأطباء بسبب عملهم بعد إتمامها إلى المحامي العام للنيابة الكلية بمذكرات بالرأي، ويجب استطلاع رأي المحامي العام الأول في التصرف فيها، كما يتم متابعتها في حال إحالتها إلى المحاكم إلى حين صدور الاحكام وتنفيذها.
{ كيف يتم التحقيق في تلك القضايا وخاصة أنها قضايا نوعية وتخصصية، وكيف تتعامل النيابة مع تقارير المهن الطبية الخاصة بتقرير الأخطاء، وخاصة أنه يبقى دلالة وليس قرينة في تقرير الخطأ الطبي؟
- أعضاء النيابة متمرسون على التحقيق والتصرف في هذه النوعية من الشكاوى كما هو الحال بالنسبة لباقي الجرائم، حيث يشارك أعضاء النيابة كافة في الدورات التدريبية وورش العمل في داخل المملكة وخارجها لغرض الإلمام بالتطبيقات المستحدثة في تقصي وجمع الأدلة، أما بالنسبة لشكاوى الأخطاء الطبية فيتم التحقيق وصولاً إلى الحقيقة ولا يكون الاعتماد فقط على التقارير الطبية، إنما تلجأ في تحقيقاتها إلى كافة الوسائل المتاحة لذلك وفقاً للقواعد المقررة في الاثبات الجنائي ولضمان الوصول الى الحقيقة بشأن ما يثار من أخطاء طبية.
{ وهل هناك احصائيات لأعداد قضايا الأخطاء الطبية سواء منذ بداية العام، أو على مدار الأعوام الماضية؟
- بلغ عدد ما تباشره النيابة العامة حالياً من تحقيقات في شكاوى الأخطاء الطبية 32 شكوى، ومازال منها عدد 23 شكوى قيد ورود تقرير اللجنة الفنية المختصة بالهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية لبيان مدى ثبوت الخطأ الطبي من عدمه، هذا بخلاف شكاوى الأخطاء الطبية والتي سبق التحقيق والتصرف فيها خلال هذا العام والذي انتهى تصرف النيابة في شأنها بالإحالة إلى المحكمة المختصة او بالحفظ لعدم ثبوت الخطأ الطبي الموجب للمسؤولية الجنائية، وذلك بحسب الأحوال.
{ قضايا البيئة أصبحت أحد اهم الملفات العالمية وهناك حرص خاص من المملكة على الاهتمام بهذا الملف.. كيف ينعكس ذلك الاهتمام على أداء نيابة الوزارات في مباشرة تلك القضايا؟
- تعدّ البيئة وضمان الحفاظ عليها أولوية وطنية سعت مختلف التشريعات إلى التأكيد عليها، وذلك ضماناً للحفاظ على مختلف أوجه التنمية المستدامة سواء فيما يتعلق بالمناخ او الثروة البحرية او الزراعية وغيرها من عناصر المنظومة البيئية للدولة، وقد وجه النائب العام الى ضرورة الاهتمام بتلك النوعية من القضايا وضمان سرعة التصرف فيها وفق إجراءات تحقيق كفيلة بمواجهة الخطورة التي تشكلها الكثير من تلك الجرائم البيئية، مع ضرورة اتخاذ الإجراءات الضامنة للحد من تأثيراتها الضارة ومساسها المباشر بالمقومات الأساسية للمجتمع والدولة، وذلك من خلال مصادرة المضبوطات الضارة بالبيئة بأسرع وقت ممكن وفق الإجراءات المقررة قانوناً.
{ ما هي أبرز نماذج القضايا المتعلقة بمخالفات البيئة التي تباشرها النيابة؟
- باشرت نيابة الوزارات والجهات العامة العديد من التحقيقات في مخالفات البيئة، منها ما هو مخالف لقانون النظافة وقانون تنظيم صيد واستغلال وحماية الثروة البحرية، وأود أن أنوه في هذا الصدد إلى أن المشرع البحريني واكب المستحدثات التشريعية، بصدور القانون رقم (7) لسنة 2022 بشأن البيئة، والذي نظم طرق مواجهة الكوارث والطوارئ البيئية، وحماية البيئة المائية والهواء، فضلاً عن حماية البيئة البرية من التلوُّث، حيث باشرت النيابة العامة تحقيقاتها في تلك القضايا وأود أن أسلط الضوء على مخالفة قانون البيئة، فقد احالت النيابة العامة 25 بلاغا من المجلس الأعلى للبيئة وصدرت أحكام تراوحت الغرامة فيها بين ألفي دينار وعشرين الف دينار فضلاً عن عقوبة الحبس لغاية سنة في بعض القضايا.
{ هل دور النيابة يقتصر على التحقيق في مثل تلك القضايا أم المشاركة في التوعية بسبل مواجهة تلك المخالفات؟ وهل هناك حاجة إلى تخصيص نيابة للبيئة؟
- دور نيابة الوزارات والجهات العامة لا يقف عند حد التحقيق والتصرف القضائي في البلاغات التي ترد إليها ومباشرة الدعوى الجنائية أمام المحاكم ومصادرة المضبوطات، بل يمتد إلى المساهمة في جهود مؤسسات الدولة المشرفة على تطبيق القوانين الجنائية الخاصة من خلال التنسيق والتعاون، وإنفاذ الإجراءات في مجال مكافحة الجريمة، كما أنها تشارك أيضاً في توعية المجتمع بما تجريه من مداخلات وتصدره من تصريحات إعلامية بهذا الشأن، أما بشأن الحاجة إلى تخصيص نيابة متخصصة لجرائم البيئة، فأود الإشارة إلى أن هناك ضوابط ومعايير قانونية وواقعية يتم الارتكان إليها لاتخاذ القرار بشأن إنشاء النيابات المتخصصة والحاجة إليها، وفي الوقت الراهن مازال الدور الذي تقوم به نيابة الوزارات والجهات العامة في التعامل مع القضايا البيئية كافياً ومستجيباً لكافة التطلعات من خلال فرض آليات وضوابط تحقق ضمان أمثل للحماية الجنائية للبيئة ضد كافة ما يهددها من صور وأنماط اعتداء.
{ وكيف ساهمت نيابة الوزارات في التوعية بجرائم الصيد الجائر والإضرار بالثروة البحرية، وهناك سؤال دائما يطرح من العامة، ما مصير المضبوطات الخاصة بجرائم الصيد الجائر مثل (الأسماك والروبيان)؟
- تساهم النيابة العامة في التوعية المستمرة بجميع الجرائم، منها الصيد الجائر والاضرار بالثروة البحرية عبر ما تنشره عبر قنواتها الإعلامية، وأما بشأن التصرف في المضبوطات الخاصة بالصيد الجائر مثل الأسماك والروبيان فإنها من الأشياء التي تتلف وتفقد قيمتها بمرور الزمن، وحفظها يستلزم نفقات قد تفوق قيمتها، لذلك يجب بيعها بطريق المزاد العلني، وتوريد ثمنها إلى خزينة النيابة العامة حتى صدور حكم قضائي يقضي بمصادرة قيمة المضبوطات في حال الإدانة، وأيضاً يتم مصادرة القوارب والأدوات المستخدمة في ارتكاب الجريمة.
{ بلا شك يعتبر سوق العمل البحريني من الأسواق المفتوحة والجاذبة، كيف يتم التعاون مع هيئة سوق العمل لضبط ذلك السوق، والتنسيق بشأن مخالفات الإقامة أو مراكز تسجيل العمالة؟
- يقوم مأمورو الضبط القضائي في هيئة تنظيم سوق العمل بدورهم في ضبط المخالفين للقانون رقم (19) لسنة 2006 بشأن تنظيم سوق العمل عبر دخول أماكن العمل وفروع ومكاتب أصحاب العمل ووكالات توريد العمال ومكاتب التوظيف وغيرها من المحال ذات الصلة والاطلاع على السجلات المتعلقة بالعمال الأجانب والتحقق من تصاريح العمل وهوية العمال الأجانب، وفي حال ضبط جريمة يعاقب عليها القانون يتم إعداد المحاضر وإحالتها للنيابة العامة، ونود أن ننوه في هذا الصدد إلى أن النيابة العامة استقبلت أكثر من 1800 بلاغ من الهيئة وبلغ حجم الإنجاز فيها أكثر من 98%.
{ بعد تطبيق نظام حماية الأجور هل هناك قضايا خاصة تتعلق بمخالفة ذلك النظام؟ وماهي أشكال تلك المخالفات؟
- المشرع البحريني أولى اهتماما لاحتجاز أجور العمال دون مبرر بأن عاقب على ذلك الفعل بالحبس والغرامة في قانون العقوبات، وأيضاً فيما نص عليه في قانون العمل في القطاع الأهلي الصادر بالقانون رقم (36) لسنة 2012، وذلك الاهتمام انعكس على واقعنا الحالي من خلال نظام حماية الأجور الذي بين مدى التزام منشآت القطاع الخاص بدفع الأجور في الوقت المحدد وبالأجر المتفق عليه من خلال إلزامها بالتحويلات المالية عبر المصارف والمؤسسات المالية المزودة للخدمة والمعتمدة من قبل مصرف البحرين المركزي، وبالتالي أصبح من السهولة إثبات دفع الأجور في الوقت المحدد من عدمه.
{ ظاهرة حجز الأجور من الأمور المتشعبة لعلاقتها بقضايا الاتجار بالأشخاص وفي نفس الوقت علاقتها بقضايا العمل، كيف يتم التعامل مع تلك القضايا؟ وما هي معدلات قضايا حجز الأجور في المملكة؟
- بداية إن مسألة أجر العامل وضمان الالتزام بصرفه تعدّ من الأمور الجوهرية التي سعى التشريع الوطني بل والاتفاقيات الدولية ذات الصلة الى احاطتها بالعديد من الضمانات الكفيلة بالحفاظ على حقوق العامل، ومن جانب آخر فإن مملكة البحرين تحظى بتصنيف متميز في منظومة مكافحة الاتجار بالأشخاص، ومن هذا المنطلق فإن النيابة العامة تسعى بشأن جميع الوقائع المتعلقة بحجز الأجور إلى استجلاء الظروف والملابسات المتعلقة بعلاقة العمل للتحقق من أنها لم تكن مصحوبة بأي صورة من صور الاستغلال أو العمل القسري والتي من شأنها أن ترقى بذلك السلوك إلى مصاف جرائم الاتجار في الأشخاص.
ويتم في هذه الحالة إخطار نيابة الاتجار بالأشخاص وفقاً لنموذج الاستمارة المعدّ لذلك لأعمال شؤونها وفقاً للقانون في إطار تحقيق مواز متخصص في شأن ذلك النوع من الجرائم، أما في حالة ثبوت انتفاء شبهة جريمة الاتجار في الأشخاص عن واقعة حجز الأجور فيتم التصرف فيها وفق أحكام قانون العمل وقانون العقوبات، وذلك بحسب الأحوال، إذ بلغ مجموع ذلك النوع من القضايا ما يزيد على 360 قضية في هذا العام وتم إحالتها إلى المحكمة الصغرى الجنائية بتهمة احتجاز الأجور وصدرت بشأنها جميعاً احكام جنائية رادعة لصالح العمال وانتصاراً لحقوقهم المالية.
{ قضايا التستر التجاري هي أحد الملفات التي توليها المنظومة الاقتصادية في المملكة أهمية خاصة نظرا لتأثيرها المباشر على الاقتصاد.. فما هي الإجراءات التي تقوم بها نيابة الوزارات بشأن تلك القضايا؟
- من بداية الحملة الوطنية لمكافحة التستر التجاري وضمن إطار تكثيف الجهود المبذولة لمكافحة التستر التجاري وانطلاقاً من التعاون بين السلطات في الحد من هذه الظاهرة ومعالجة أركانها، تم التنسيق بين وزارة الصناعة والتجارة والنيابة العامة لعقد ورشة عمل «الضبطية القضائية في جريمة التستر التجاري» لتعزيز ثقافة مأموري الضبط القضائي بالأدوات والآليات التي تعينهم في أداء مهامهم في مسألة الكشف عن التستر التجاري، وقد وردت إلى النيابة العامة أكثر من 70 شكوى أولتها النيابة العامة اهتماماً بسرعة التصرف ومتابعتها أثناء سير الدعوى أمام المحكمة إلى حين صدور أحكام جنائية بشأنها، ومازال مأمورو الضبط القضائي يقومون بدورهم بشكل مستمر في كشف الجريمة.
{ القضايا البلدية من ضمن الملفات التي تختص بها نيابة الوزارات، فما هي أبرز القضايا البلدية؟
- أبرز قضايا مخالفة البلدية هي مخالفة البناء بدون ترخيص أو مخالفة شروط ترخيص البناء، وهي من الجرائم المهمة أيضاً لما لها من مساس بسلامة البناء المخالف حيث وضعت الاشتراطات العمرانية من أجل سلامة المبنى ومرتاديه، ولما يشكله البناء العشوائي من خطورة على ذلك فضلاً عن التنظيم العمراني للمدن والاشتراطات التنظيمية المحددة، وحيث إنه في حال إدانة تلك القضايا تصدر فيها عقوبة تكميلية بتصحيح العمل المخالف إن أمكن ذلك أو الإزالة، وبالتالي يجب الالتزام بالحصول على التراخيص المطلوبة والبناء وفقاً للترخيص حتى لا يتم إزالة البناء المخالف على نفقته.
{ منح تعديل قانون الإجراءات الجنائية الصلاحية للنيابة العامة لاستصدار أمر جنائي وفق ضوابط حددها المشرع، فما هو الامر الجنائي؟ وما هي تطبيقاته بالنسبة إلى النيابة الوزارات والجهات العامة؟
- الامر الجنائي هو فرض غرامة مالية إذا رأت أن الجريمة بحسب ظروفها تكفي فيها عقوبة الغرامة، ومنح المشرع لعضو النيابة العامة بدرجة وكيل نيابة على الأقل إصدار الأمر الجنائي في الجنح المعاقَب عليها بالحبس جوازياً مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة يزيد حدُّها الأدنى على ألف دينار، وقد منح المشرع ضمانات للمتهم أن يعترض على الأمر الجنائي الصادر في مواجهته. خلال سبعة أيام من تاريخ إعلانه، تنظر المحكمة في الدعوى في مواجهته وفقاً للإجراءات العادية، أما إذا لم يحصل اعتراض على الأمر بالطريقة المتقدمة فيصبح نهائياً واجب التنفيذ، ونظراً لطبيعة الكثير من جرائم القوانين الخاصة التي يتعرض لها الأشخاص من غير ذوي السوابق الجنائية ولما للنيابة العامة من صلاحيات منها المشرع فقد أصدرت نيابة الوزارات والجهات العامة أكثر من 2700 أمر جنائي مما يشكل ما نسبته 40% من القضايا المحالة للمحاكم نظراً لطبيعة القضايا المعروضة على نيابة الوزارات والجهات العامة.
{ ختاما، هل هناك وحدة لتلقي شكاوى متعلقة بمخالفات الجهات العامة، أو تمثل تعارض مصالح في تلك الجهات يمكن للافراد الإبلاغ عنها؟ وهل الأمر مطروح مستقبلا؟
- إنشاء الوحدات يخضع لدراسة مستفيضة، وما تفضلت به قد عالجه المشرع في قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجب على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد عليهم بشأن الجرائم، ويمكن أيضاً إبلاغ الإدارات الأمنية المختصة، وفضلاً عن ذلك بالإمكان التقدم للنيابة العامة بالشكوى، وعليه لا توجد حاجة في الوقت الحالي إلى إنشاء وحدة لتلقي الشكاوى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك