العدد : ١٦٨٥٦ - الجمعة ١٧ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٦ - الجمعة ١٧ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

أخبار البحرين

بعد 50 عاماً من العطاء ..
الفنان المخضرم سعد الجزاف يغادرنا ببسمة الحياة

كتب‭: ‬علي‭ ‬الستراوي‭ ‬

الجمعة ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

 

 

غادرنا‭ ‬صباح‭ ‬امس‭ ‬الخميس‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023‭ ‬الفنان‭  ‬المسرحي‭ ‬القدير‭ ‬سعد‭ ‬الجزاف‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬اعمدة‭ ‬مؤسسي‭ ‬المسرح‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬ولحظة‭ ‬سماع‭ ‬الخبر‭ ‬خيم‭ ‬الحزن‭ ‬على‭ ‬الوسط‭ ‬الفني‭ ‬وعلى‭ ‬محبي‭ ‬الفنان،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الجزاف‭ ‬رهانا‭ ‬صعبا‭ ‬في‭ ‬الحراك‭ ‬المسرحي‭ ‬البحريني‭.‬

وفي‭ ‬السيرة،‭ ‬كان‭ ‬سعد‭ ‬الجزاف‭ ‬الإنسان‭ ‬المتفاني‭ ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬حب‭ ‬الفن‭ ‬المسرحي،‭ ‬منشغلاً‭ ‬بحراك‭ ‬قضى‭ ‬فيه‭ ‬سنوات‭ ‬جميلة‭ ‬من‭ ‬حياته،‭ ‬ورغم‭ ‬العقبات‭ ‬التي‭ ‬صادفته،‭ ‬كانت‭ ‬رسائله‭ ‬الفنية‭ ‬هي‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬راية‭ ‬المسرح‭ ‬البحريني،‭ ‬فلم‭ ‬يبخل‭ ‬منذ‭ ‬طفولته‭ ‬بالدفع‭ ‬برسالته‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬التمثيل‭ ‬وفي‭ ‬الاخراج‭ ‬وفي‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬وفي‭ ‬اعداد‭ ‬برامج‭ ‬الإذاعة،‭ ‬وفي‭ ‬بناء‭ ‬صرح‭ ‬مسرحي‭ ‬متكامل،‭ ‬قضى‭ ‬فيها‭ ‬سنوات‭ ‬عمره‭ ‬وهو‭ ‬يحفر‭ ‬في‭ ‬شد‭ ‬اطناب‭ ‬المسرح‭ ‬البحريني،‭ ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬صادفه‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬الا‭ ‬انه‭ ‬وقف‭ ‬كالطود‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬المسرح‭ ‬وعن‭ ‬رسالته‭ ‬الفنية‭.‬

لم‭ ‬يغادرنا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يهمس‭ ‬في‭ ‬اذن‭ ‬كل‭ ‬منا،‭ ‬انني‭ ‬اغادركم‭ ‬جسداً‭ ‬ولتبقى‭ ‬روحي‭ ‬بينكم،‭ ‬تذكروني‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬ومسرحية‭ ‬يوقف‭ ‬عندها‭ ‬المشاهدون‭ ‬بالتصفيق‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬‮«‬السيد‮»‬‭ ‬رهان‭ ‬وجعي‭ ‬الفني‭.‬

هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬اراد‭ ‬منها‭ ‬سعد‭ ‬الجزاف‭ ‬أن‭ ‬تبقى،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ترك‭ ‬لنا‭ ‬روحه‭ ‬وغادرنا‭ ‬جسداً‭.‬

فلن‭ ‬نقول‭ ‬وداعاً،‭ ‬لأنك‭ ‬يا‭ ‬سعد‭ ‬مازلت‭ ‬في‭ ‬بعد‭ ‬بحرنا‭ ‬ونخلنا‭ ‬وبيوتنا‭ ‬القديمة‭ ‬ذلك‭ ‬الطيف‭ ‬الذي‭ ‬وقف‭ ‬بالبناء،‭ ‬فكان‭ ‬قصراً‭ ‬من‭ ‬الحب‭ ‬والعمل‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬الفن‭ ‬المسرحي‭ ‬والفني‭.‬

خمسون‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬العطاء

‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬عامًا‭ ‬وسعد‭ ‬الجزاف‭ ‬في‭ ‬الشواهد‭ ‬من‭ ‬الذاكرة،‭ ‬ذلك‭ ‬الإنسان‭ ‬النشط‭ ‬والحيوي‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الفني‭ ‬والمسرحي،‭ ‬حيث‭ ‬وضع‭ ‬الجزاف‭ ‬لمساته‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬والمسرحية‭ ‬والإذاعية،‭ ‬وشارك‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬عملًا‭ ‬مسرحيًا،‭ ‬أبرزها‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬السيد‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬بشهرة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭. ‬

تنوعت‭ ‬موهبة‭ ‬الجزاف‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬والتلفزيون‭ ‬والمسرح،‭ ‬إذ‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المسلسلات‭ ‬البحرينية،‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬‮«‬نيران‮»‬‭ ‬و«سوالف‭ ‬أم‭ ‬هلال‮»‬‭ ‬و«الكلمة‭ ‬الطيبة‮»‬،‭ ‬وغيرها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬فيلم‭ ‬بحريني‭ ‬طويل‭ ‬‮«‬الحاجز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬بسام‭ ‬الذوادي‭.‬

وثقت‭ ‬تجربة‭ ‬سعد‭ ‬الجزاف‭ ‬التي‭ ‬امتدت‭ ‬لنحو‭ ‬5‭ ‬عقود،‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬حمل‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬سعد‭ ‬الجزاف‭ ‬50‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬العطاء‮»‬‭ ‬للكاتب‭ ‬الفنان‭ ‬إبراهيم‭ ‬الدوسري،‭ ‬وشكّل‭ ‬اعتزال‭ ‬الجزاف‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬وغيابه‭ ‬عن‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية،‭ ‬صدمة‭ ‬للمسرحيين‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬إذ‭ ‬يعد‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬مؤسسي‭ ‬مسرح‭ ‬الجزيرة‭.‬

وعلى‭ ‬مدى‭ ‬4‭ ‬عقود،‭ ‬أسهم‭ ‬الجزاف‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬والمسرحية‭ ‬والإذاعية،‭ ‬وأنجز‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬عملا‭ ‬مسرحيا،‭ ‬أبرزها‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬السيد‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬بشهرة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭.‬

وشارك‭ ‬الجزاف‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬أبرز‭ ‬المسلسلات‭ ‬البحرينية،‭ ‬منها‭ ‬‮«‬نيران‮»‬‭ ‬و«سوالف‭ ‬أم‭ ‬هلال‮»‬‭ ‬و«الكلمة‭ ‬الطيبة‮»‬،‭ ‬وغيرها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬فيلم‭ ‬بحريني‭ ‬طويل،‭ ‬‮«‬الحاجز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬بسام‭ ‬الذوادي‭.‬

سيرة‭ ‬الإبداع‭ ‬والإنسان

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬ذكره‭ ‬ان‭ ‬ولادة‭ ‬سعد‭ ‬الجزاف‭  ‬كانت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1945،‭ ‬وفي‭ ‬صباه‭ ‬شغف‭ ‬بالتمثيل‭ ‬الذي‭ ‬بدأت‭ ‬بذوره‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬الجزاف‭ ‬طفلاً،‭ ‬حيث‭ ‬أحب‭ ‬التمثيل،‭ ‬لذا‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬هدفه‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬واختار‭ ‬التمثيل‭ ‬ليكون‭ ‬طريقه‭ ‬ومسيرة‭ ‬حياة،‭ ‬اقترب‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع،‭ ‬وكان‭ ‬دقيقاً‭ ‬في‭ ‬رصد‭ ‬الأحداث‭ ‬وقراءة‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬ما‭ ‬حدا‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬يعكس‭ ‬هذه‭ ‬الإرهاصات‭ ‬في‭ ‬تجاربه‭ ‬المسرحية‭ ‬والفنية‭ ‬ويعكس‭ ‬حالاتها‭ ‬بصدق‭ ‬وبصيرة‭.‬

وقد‭ ‬تألق‭ ‬الجزاف‭ ‬في‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬والمسرح‭ ‬والإذاعة،‭ ‬إذ‭ ‬قدم‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬عملا‭ ‬فنيا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬العروض‭ ‬المسرحية‭ ‬مثل‭  ‬مسرحية‭ ‬‮«‬السيد‮»‬‭ ‬تلك‭ ‬المسرحية‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬نجاحا‭ ‬لافتا‭ ‬وقت‭ ‬عرضها‭.‬

وقبل‭ ‬وفاته،‭ ‬يذكر‭ ‬أن‭ ‬الجزاف‭ ‬أعلن‭ ‬اعتزال‭ ‬التمثيل‭ ‬بفترة‭ ‬كبيرة،‭ ‬ما‭ ‬اصاب‭ ‬المحيطين‭ ‬به‭ ‬بصدمة‭ ‬وقت‭ ‬سماع‭ ‬خبر‭ ‬اعتزاله‭.‬

يعتبر‭ ‬الراحل‭ ‬سعد‭ ‬الجزاف‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬الفنية‭ ‬صاحبة‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الحراك‭ ‬الفني‭ ‬ورائدا‭ ‬مخضرما‭ ‬من‭ ‬أعمدة‭ ‬المسرح‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬لديه‭ ‬مسيرة‭ ‬فنية‭ ‬امتدت‭ ‬عبر‭ ‬عقود‭ ‬ومشوار‭ ‬فني‭ ‬حافل‭ ‬بالإنجازات‭.‬

ويعد‭ ‬الجزاف‭ ‬أحد‭ ‬مؤسسي‭ ‬مسرح‭ ‬الجزيرة‭ ‬ومن‭ ‬فنانيه‭ ‬المخضرمين،‭ ‬ورائدا‭ ‬لن‭ ‬تنساه‭ ‬الذاكرة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الصرح‭ ‬الفني‭ ‬المتنوع‭.‬

ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تقديمه‭ ‬عدة‭ ‬مسلسلات‭ ‬تم‭ ‬إذاعتها‭ ‬عبر‭ ‬شاشة‭ ‬تلفزيون‭ ‬البحرين‭ ‬وهو‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬نشط‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬إدارية‭.  ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬مسرح‭ ‬الجزيرة‮»‬‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عمله‭ ‬فترة‭ ‬بالإخراج‭.‬

وقد‭ ‬تم‭ ‬دفن‭ ‬جثمان‭ ‬سعد‭ ‬الجزاف‭ ‬امس‭ ‬الخميس‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬العصر‭ ‬في‭ ‬مقبرة‭ ‬المحرق‭.‬

يرحلون‭ ‬تاركين‭ ‬لنا‭ ‬ألقهم‭!‬

وللذكرى‭ ‬ذلك‭ ‬الفضاء‭ ‬يا‭ ‬سعد‭ ‬

هيا‭ ‬بنا‭ ‬نقطف‭ ‬اللوز‭..‬

نبني‭ ‬من‭ ‬سعف‭ ‬النخل‭ ‬بيوتنا‭..‬

ومن‭ ‬الطين‭ ‬جدراننا‭..‬

فالحاكية‭ ‬يا‭ ‬سعد‭ ‬هي‭ ‬امتداد‭ ‬عمر‭ ‬تركته‭ ‬لنا‭ ‬ليشغلنا‭ ‬بحبك‭ ‬ويفضحنا‭ ‬برقصك‭ ‬حينما‭ ‬صفق‭ ‬الجمهور‭ ‬يوم‭ ‬ولادة‭ ‬‮«‬السيد‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬ذهبت،‭ ‬وتركت‭ ‬ابتسامتك‭ ‬في‭ ‬قلوبنا،‭ ‬في‭ ‬نفوسنا،‭ ‬نعيد‭ ‬بناء‭ ‬لغتها‭ ‬من‭ ‬لغة‭ ‬قلبك،‭ ‬لنكون‭ ‬صادقين،‭ ‬مستأنسين‭ ‬في‭ ‬حضرتك،‭ ‬لن‭ ‬أقول‭ ‬لك‭ ‬وداعاً،‭ ‬فما‭ ‬عدت‭ ‬كما‭ ‬كنا‭ ‬الا‭ ‬صبية‭ ‬انت‭ ‬شيخها‭ ‬في‭ ‬الحراك‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تجف‭ ‬منابعه‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا