بنوم بنه - (أ ف ب): أعلن هون سين أمس الأربعاء تنحيه عن رئاسة الوزراء في كمبوديا وتسليم السلطة الى نجله البكر بعد زهاء أربعة عقود حكم فيها بقبضة من حديد. أمضى هون سين (70 عامًا) إحدى أطول فترات الحكم في العالم، وهو من الكوادر السابقين للخمير الحمر، وشهدت فترة توليه السلطة اعتبارا من العام 1985، القضاء على أي شكل من أشكال لمعارضة وإرغام الخصوم على مغادرة البلاد وقمع حرية التعبير.
وأتى إعلان الاستقالة بعد تحقيق حزب الشعب الكمبودي بزعامته فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية التي أجريت الأحد في غياب أي معارضة فعلية. وحصد الحزب 82 بالمئة من الأصوات، ما مهّد الطريق نحو تسليم للسلطة بدا أقرب الى خلافة من عملية انتقال ديموقراطي، شبهها منتقدوه بأنها على شاكلة ما يجري في كوريا الشمالية. وقال هون سين في خطاب بثته القناة الرسمية «أودّ أن أطلب تفّهم الشعب مع إعلاني أنني لن أستمر كرئيس للوزراء»، مشيرا الى أن نجله الجنرال هون مانيه البالغ 45 عاما، سيتولى تشكيل الحكومة الجديدة.
قبيل الاقتراع، تعرضت حرية التعبير للقمع مع إغلاق آخر وسائل الإعلام المستقلة، وحُكم على زعيم المعارضة كيم سوخا بالسجن 27 عاما ووُضع قيد الإقامة الجبرية بعد إدانته بتهمة الخيانة في مارس، وتم تعديل القانون الانتخابي لاستبعاد المعارضين في المنفى من المشاركة في الانتخابات في المستقبل. كذلك، استبعدت اللجنة الانتخابية قبل أسابيع من الانتخابات «حزب ضوء الشموع» الذي كان يعدّ الوحيد القادر على منافسة رئيس الوزراء جديا، بذريعة فشله في التسجيل بشكل صحيح لديها.
ويُتوقع أن يحتفظ حزب الشعب الكمبودي بـ 120 مقعدًا من 125 في الجمعية الوطنية، وسيشغل المقاعد الخمسة المتبقية حزب فونسينبيك الملكي الصغير الذي تولى السلطة في السابق، وهو قلما يوجه انتقادات لهون سين. وأشادت الحكومة بوصول نسبة المشاركة في الاقتراع الى 84,6 بالمائة، معتبرة أنها دليل على «النضج السياسي» لكمبوديا. الا أن الانتخابات لقيت انتقاد أطراف غربيين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، معتبرين أنها غير حرّة وغير نزيهة.
من جهته، استنكر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة «القيود» المحيطة بالانتخابات، منددًا بالترهيب والتهديدات التي تعرضت لها المعارضة بشكل خاص. وأعلن هون سين أن ابنه سيُنصب على رأس الحكومة الجديدة مساء 22 أغسطس. وقال «أطلب من المواطنين توفير الدعم لهون مانيه الذي سيكون رئيس الوزراء الجديد». قال سيباستيان سترانجيو، مؤلف كتاب عن كمبوديا تحت حكم هون سين، إن «هون مانيه الذي لا يحظى بنفوذ ولا يتمتع بسلطة والده، لن يكون لديه سوى هامش محدود من حرية المناورة» داخل النظام القائم.
عمل هون سين مدى عام ونصف عام لتسليم السلطة الى نجله. وأدى هون مانيه دورا أساسيا في الحملة الانتخابية. لكن هون سين أبلغ الناخبين عزمه الاحتفاظ بنفوذه في السياسة الكمبودية حتى بعد تخليه عن رئاسة الحكومة، لأنه سيشغل منصب رئيس مجلس الشيوخ وهو الثاني في البروتوكول بعد الملك نورودوم سيهاموني الذي يقوم مقامه في رئاسة الدولة عندما يكون الأخير في الخارج. شهد عهد هون سين المديد تقاربا بين كمبوديا والصين التي بعث رئيسها شي جينبينغ برسالة تهنئة شخصية له، ووعده بتمتين العلاقات بين البلدين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك