بيروت – (أ ف ب): بدأ مبعوث الرئيس الفرنسي إلى لبنان جان-إيف لودريان أمس الثلاثاء مهمة جديدة في بيروت، تتخللها مباحثات يعتزم إجراءها مع قوى سياسية بارزة في إطار مساعي بلاده لكسر الجمود الرئاسي المستمر منذ نحو تسعة أشهر. ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر، فشل البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس على وقع انقسام سياسي يزداد حدّة بين حزب الله وخصومه. ولا يحظى أي فريق بأكثرية تمكّنه منفرداً من إيصال مرشحه إلى المنصب.
واستهل لودريان زيارته التي تستمر حتى الخميس، بلقاء رئيس البرلمان نبيه بري، على أن يلتقي رئيس حكومة تصريف الأعمال وقادة كتل برلمانية اليوم الأربعاء. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة فرانس برس إن لودريان يزور لبنان «لعرض نتائج اجتماع الدوحة ولقاءاته في المملكة العربية السعودية». وإثر لقاء في الدوحة في 17 يوليو، دعا ممثلون للسعودية ومصر وفرنسا والولايات المتحدة وقطر السياسيين اللبنانيين إلى «اتخاذ خطوات فورية لكسر الجمود».
وأوضح المصدر الدبلوماسي أن لودريان «سيحاول التوفيق بين وجهات النظر وتهيئة الظروف الملائمة للتوصل إلى حل توافقي» ينهي الشغور الرئاسي. ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية فيما يشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي يساعد لبنان على النهوض من مأزقه الاقتصادي المزمن. وبينما يبدو الملف اللبناني غائبًا عن الاهتمام الدولي وحتى الإقليمي، تقود فرنسا، بلا جدوى، منذ أشهر حراكًا لتسريع انتخاب رئيس.
وإثر تعيينه في السابع من يونيو مبعوثاً خاصاً للبنان، للمساعدة في إيجاد حلّ «توافقي وفعّال» للأزمات اللبنانية المتتالية، زار لودريان لبنان للمرة الأولى خلال الشهر نفسه. وحذر حينها من أنّ «الوقت لا يعمل لصالح لبنان». وسبق للمسؤول الفرنسي أن زار لبنان مراراً خلال توليه حقيبة الخارجية، في إطار جهود فرنسية لدعم لبنان على تجاوز أزماته. ولطالما حذر في تصريحاته من «إهمال» القوى السياسية، حتى أنه اتهمها قبل عامين بـ«قيادة البلد إلى الموت». ووصف لبنان بأنه «سفينة تايتانيك من دون الأوركسترا».
ويزيد الشغور الرئاسي الحالي في لبنان الوضع الاقتصادي سوءًا في بلاد تشهد منذ 2019 انهيارًا اقتصادياً صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وفي نفس الوقت شدّد نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي أمس الثلاثاء على أنّه لا خيار أمام نواب حاكم مصرف لبنان إلا بتولي مهامه، بعد انتهاء ولايته آخر الشهر الحالي، وتعذّر تعيين بديل عنه في بلد تنهشه أزمات متعددة.
وتنتهي في نهاية يوليو ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم والذي تشكّل ثروته منذ عامين محور تحقيقات محلية وأوروبية. ويحول الشلل السياسي مع فراغ سدة الرئاسة ووجود حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات من دون ملء الشواغر في إدارات عامة عدّة بينها حاكمية مصرف لبنان.
وقال الشامي: «نحن بحاجة إلى تعيين حاكم لمصرف لبنان بالتشاور مع كل الأفرقاء السياسيين»، مقراً في الوقت ذاته بوجود «صعوبة لأن الظروف غير مهيئة لتعيين حاكم جديد خلال أسبوع». وأضاف «في هذه الأثناء، يمكننا أن نواصل البحث في الموضوع وأن يستلم نائب الحاكم الأول وفق قانون النقد والتسليف»، موضحاً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تمنى على النواب الأربعة خلال اجتماع عُقد الإثنين أن «يبقوا في مواقعهم وفق ما ينص عليه القانون أولاً، وثانياً لأنه لا خيار آخر في ظل هذه الظروف إلا أن يستلموا».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك