عندما تأتي سيرة حكام الكرة الطائرة القطريين، لا يمكن أن تتخطى اسم الدولي إبراهيم المحمود، وعندما تعدد أسماء حكام اللعبة في خليجنا العربي فمن المؤكد أنه يعد من الطبقة المتقدمة، وعندما يدور الحديث عن حكام الكرة الطائرة في عالمنا العربي المتميزين من السهولة بمكان أن يقفز اسم ابن المحمود إلى الواجهة، لا لشيء إلا لأن ضيفنا حفر اسمه قبل أن يفرض شخصيته، شخصيا عندما أتابع له أي مباراة يكون طرفا في إدارتها، أنشغل بإيماءاته وحركات وجهه التي يتعامل معها مع أطراف المشاركين في المباراة أكثر من أدائه التحكيمي، هذا الحوار تأخر كثيرا، وكان وجوده في أجواء بطولة كأس العالم للشباب تحت 21 عاما للكرة الطائرة التي استضافتها المملكة خلال الفترة من 7-16 يوليو الجاري فرصة كي أفاتحه في الأمر الذي رحب به بكل دماثة خلق، وعلى طريقته الخاصة، فكان هذا الحوار.
1- هل وجدت نفسك بالصدفة في التحكيم أم هناك أسباب دفعتك للدخول في هذا المجال؟
نعم بالصدفة بعد التوقف عن ممارسة كرة الطائرة قرابة عشر سنوات، وحاولت الدخول في مجال للتدريب، وتوجهت لدولة الكويت الشقيقة عام 1986 تحت إشراف المدربين عبدالرضا وبدر الكوس وحصلت على شهادة مبدئية وخطوت الخطوات الأولى في مجال التدريب، غير أنني لم أستطع استكمال المسيرة جراء ظروف الدراسة، وترتب على ذلك أن تركت التدريب، وتوجهت لمجال التحكيم الذي ضاعف من حبي للكرة الطائرة، إذ وجدت فيه نفسي وضالتي الفعليتين، في ظل التشجيع والدعم من قبل المسؤولين في تلك الفترة.
2 - البدايات كثيرا ما تكون هناك القدوات والنماذج التي نتطلع للوصول إلى ما وصلت إليه.. من هو قدوتك الرياضية بصفة عامة والتحكيمية على وجه التحديد؟ وما الذي استفدت منها؟
نعم هناك خطط كثيرة ممزوجة بالطموح تراود المبدأ، إذ كنت أنظر للحكام الذين يمثلوننا في الاستحقاقات الرياضية الخارجية بمثابة سفراء، وكنت أتطلع لهم بشغف، ويراودني سؤال داخلي وهو: ماذا ينقصني حتى أكون على شاكلتهم، ومن خلال الدعم الذي حظيت فيه من الكبير المرحوم فرج مفتاح العبدالله تحقق لي ما أردته، ولا أنسى الأستاذ جعفر نصيب الأب الروحي والوالد الذي شملنا برعايته على المستوى الآسيوي، ووصلنا معه لنهاية المستوى الآسيوي، وكان لا بد من شخص آخر يستلم الراية لدعمك على المستوى العالمي وكان ذلك هو المرحوم حسن أحمد.
3 - هل تؤيد فكرة احتراف حكام الكرة الطائرة؟ وماذا سيترتب عليه متى أخذ بها؟
أرى في فكرة الاحتراف أنها فكرة جيدة، بيد أن التطبيق يحتاج منا الى سنوات كي نفهم المعني الحقيقي للاحتراف الذي يترتب عليه تغيرات ومنها سلوكيات ضمن حياتنا اليومية ولضمان، فضلا عن ضمان الحقوق حتى نهاية المشوار الحقيقي للفرد.
4 - هل حكم الكرة الطائرة الجيد هو صناعة أم موهبة؟ أم الاثنان؟
الموهبة هبة من الله، ولكن بالإمكان أن نصنع حكما جيدا، وهذا مشروط بوجود الحب والتآلف بينه وبين معشوقتنا الصافرة السوداء.
5 - بعد الخبرة التحكيمية الممتدة التي يتميز بها الأستاذ إبراهيم المحمود.. ما المواصفات التي لا بد أن تتواجد في حكم الكرة الطائرة؟
للوصول إلى أبعد من المحيط القاري، فلابد من إجادة اللغة الانجليزية، وعدم الخوف من خوض أي تجربة، ومن خلال خبرتي وتعاملي وجدت أن الحكم العربي خصوصا الخليجي يمتلك القدرات والفهم والحضور، ولكن ما ينقصه يتمثل في اللغة التي تمثل عائقا، ويترتب على ذلك أن تدفن المواهب والقدرات الجبارة التي يمتلكها كثير من الحكام.
6 - لقد عاصرت الكرة الطائرة الآسيوية وأسلوب الكرة الطائرة المتداول الآن.. أيهما أسهل وأصعب تحكيميا من الآخر؟ ولماذا؟
هذه مدارس مختلفة، وينبغي على الحكم الذي يريد أن يشق طريقه أن يعرف كيفية التعامل معها.
7 - من المؤكد أن الأستاذ إبراهيم المحمود مر خلال مشواره التحكيمي بمواقف متنوعة.. يمكن أن تشارك القراء والمتابعين موقفا واحدا ترى فيه أنه الأهم؟
نعم هناك مواقف كثيرة، ولكن لا أنسى موقفا حصل لي في الصين الشعبية أثناء تكليفي من قبل الاتحاد الدولي بحضور أسبوع لمرحلة من مراحل الجائزة الكبرى، إذ كانت هناك أكثر من رحلة داخلية، وبعد وصولي من الدوحة إلى كوانزو، وفي المحطة الداخلية الثانية، غادرت الطائرة وجلست وحيدا دون معين “فلا هم يجيدون الإنجليزية ولا أنا أعرف الصينية” هنا بكيت لشعوري بالوحدة، وقد تدخلت القدرة الإلهية ولحقت بالطائرة الثانية بعد انتظار دام سبع ساعات، حينها راودتني الكثير من الأفكار والتصورات، غير أنني توصلت إلى أنه لابد من الوصول وتحقيق الطموحات من صعوبات ومطبات وعراقيل وتضحيات.
8 - ماذا أعطاك التحكيم وما الذي سلبه منك؟
ليس التحكيم وحده، وإنما الرياضة بصفة عامة قد منحتني الكثير ومنها حديثي معك الذي يشرفني وأعتبره كنزا بعيدا عن أي مجاملة وغير ذلك من المكاسب جالس معك وتشرفت بك وهذا أعتبره كنزا بعيدا عن أي مجاملة، أما ما سلبته منى فيتمثل في الغربة بعيدا عن أهلي، وأحمد الله أنه من علي بزوجة صالحة، عودتني على الشد من أزري، وحملت على عاتقها كثيرا من شؤوني الداخلية، مما خفف علي وطأة عديد من الأحمال، ولا تزال تواصل طريق الصبر والتحمل حتى الآن، فلها مني أضعاف ما تستحق من التقدير والتبجيل.
9 - تناهى إلى سمعنا بأن مشاركتك القادمة في بطولة المنتخبات الآسيوية في إيران ستكون الأخيرة لك.. هل ترى بأن ساعة التوقف قد حانت؟ وما الذي تفكر فيه مستقبلا؟
نعم أعتبرها المحطة الأخيرة، وأحمد الله أنني سأترك بصمة طيبة، وما حديثك الطيب معي إلا شهادة لي، وكل بداية لاب لها من نهاية، والعبرة في التوقيت الذي يتخيره الفارس كي يترجل عن جواده، وأتمنى أنني قد اديت رسالتي على أكمل وجه، وشرفت بلدي والعرب في كل المحافل الرياضية التي تشرفت بإطلاق صافرتي بها.
10 - نعرف شخصيا بأنك تعتمد كثيرا خلال المباريات في تواصلك مع المدربين أو الإداريين أو حتى اللاعبين على استخدام حركات الوجه والإيماءات،، هل ترى في ذلك أنها أبلغ من الكلام؟
طبعا الإشارات ومنها الإيماءات تريح كل من هو موجود لعدم معرفة الكثير منهم بلغة التخاطب الرسمية، ومن هنا نعوضها بالإشارات التي تعتبر أسهل وسيلة للفهم والتفاهم.
11 - كيف ترى مستقبل تحكيم الكرة الطائرة في عالمنا العربي؟
نحتاج الى دعم أكثر والحمد لله كثير منهم في أروقه الآسيوية والعالمية أحد للعرب بصمة بها
12 - من الذي تراه يمثل خليفة الأستاذ إبراهيم المحمود على سلم الكرة الطائرة؟
أشكرك على هذا الإطراء، ولكن أتمنى أن تكون لكل حكم شخصيته الخاصة التي يتميز بها ويرى نفسه من خلالها، ونصيحتي أن يترك الخوف جانبا، ومن خلال الدعم اللامحدود، وحب الوطن الكبير سوف يصل إلى ما يتمناه.
13 - كلمة ختامية مفتوحة لمن توجهها؟ وماذا ستقول فيها؟
أشكر شخصك الكريم على الاستضافة، واشكر مملكة البحرين على التنظيم الناجح لبطولة العالم للشباب تحت 21 عام وهذا ليس بغريب عليهم ، والبحرين اعتبرها محطتي الأولى، وما حققته فيها من سمعة طيبة، وصولا الى العالمية وتمثيل بلدي قطر، وكلي فخر، كما يشرفني من هذا المنبر الإعلامي منبرك التعبير عن شكري إلى كل المسؤولين في الاتحاد القطري لكرة الطائرة السابقين والآنيين وفي طليعتهم الأخ علي بن غانم الكواري باحتضانهم لي كل باسمه، وتذليل كل الصعوبات التي كانت تواجهني عبر مسيرتي التحكيمية، وستكون لجان التحكيم هي مشروعي القادم على اعتبار أنني عضو في لجنة غرب آسيا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك