نظمت تنسيقية الجمعيات السياسية أمس السبت مؤتمراً تحت عنوان (البطالة وتحديات البحرنة) بالمنامة، ناقشت فيه مشكلة البطالة وتحديات البحرنة في البحرين وسبل معالجتها، بحضور عدد كبير من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال وبمشاركة العديد من جمعيات المجتمع المدني، والسلطة التشريعية.
وتضمن برنامج المؤتمر كلمة لتنسيقية الجمعيات السياسية، ألقاها رئيس جمعية تجمع الوحدة الوطنية المهندس عبدالله الحويحي، حيث طالبت الحكومة والسلطة التشريعية بتطبيق معاني النصوص الدستورية على أرض الواقع وتحقيق العدالة الاجتماعية للمواطن البحريني على مستوى حقوقه الأساسية، وأولها حق العمل من خلال مراجعة الاختلالات في ملف التوظيف وبحرنة الوظائف باتخاذ مزيد من القرارات التي تجعل المواطن البحريني هو الخيار الأول في سوق العمل (قولاً وعملاً) للقطاعين العام والخاص مع توفير الوظائف الملائمة لكل الخريجين، والحاجة إلى مراجعة فلسفة التعليم والتدريب لتناسب مع احتياجات سوق العمل.
وتناولت الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور علي أحمد عبدالله ثلاث أوراق علمية، حيث كانت الورقة الأولى بعنوان «البطالة المستعصية» للدكتور محمد الكويتي الذي لفت خلالها الى أن أحد أسباب البطالة هو اعتماد الدولة على عمالة وافدة وعدم وضع قيود على توظيف العمالة الأجنبية، وعدم ربط الحلول بمصلحة أرباب العمل، لافتا الى ضرورة وضع استراتيجية للتدريب المهني، ودراسة وضع حد ادنى للأجور، و تخصيص مهن للبحرينيين ورفع رسوم على العمالة الوافدة، والمساواة في المزايا بين القطاعين العام والخاص، ووضع استراتيجية وطنية للتنمية الاقتصادية يشارك في وضعها القطاع الخاص.
من جانبه أشار الخبير الاقتصادي د. أكبر جعفري في ورقته بعنوان «نحو المواطن المقتدر» انه ليس هناك دليل علمي يثبت ان البحريني لا يستطيع عمل وظائف احترافية، مضيفا انه عبر حياته العملية الطويلة لم ير في أي يوم ان البحريني معوق لأداء العمل، مبينا ان هناك وفرة في الوظائف وشحا في توظيف العمالة الوطنية، وبذلك فالمعادلة مختلة وليس هناك تنسيق بين العرض والطلب في سوق العمل، اما العرض بالنسبة للأجانب مفتوح والقطاع الخاص ينظر الى المردود المالي له.
ورأى ان الأسباب الرئيسية من شح توظيف العمالة الوطنية يتمثل في تدفق العمالة الأجنبية بلا ضوابط، ما أدى الى خلق تنافس غير متكافئ، والتأخر في تمكين العمالة الوطنية عبر عدم مواءمة المحتوى التعليمي مع احتياجات السوق، وتغلب المحتوى النظري على المحتوى التطبيقي، والعزوف عن التعليم التقني.
واعتبر ان من أبرز الحلول هو زيادة رسوم «تمكين» على العمالة الأجنبية وتخصيص ربع هذه الرسوم لتدريب وتمكين البحرينيين، وزيادة رسوم رخصة العمل بنسبة 10% لكل سنة بعد 5 سنوات من العمل للأجنبي، والتحفيز المادي والإعلامي لالتحاق البحريني بالتعليم التقني والتطبيقي، وزيادة المحتوى التطبيقي لجميع مراحل التعليم، والتدريب الميداني من المرحلة الثانوية الى التخرج من الدراسات العليا.
بدوره أشار نائب الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين حسن الحلواجي في ورقته البحثية «البحرنة قرار» الى ان مشكلة البطالة تحتاج الى قرار سياسي واضح يصدر القوانين والقرارات اللازمة من اجل انجاحها، لافتا الى ان سياسة الاقتصاد المفتوح في السوق البحريني اضرت بسوق العمل وجعلت منه سوقا مشوها لا يتسق مع المعايير التي وضعتها هيئة تنظيم سوق العمل.
ولفت الى ان تصريح العمل المرن او التصريح المهني أدى الى اغراق سوق العمل بنوع جديد من العمالة التي تعمل لصالح نفسها والتي ساهمت في اعراق السوق بأيدي عاملة غير ماهرة وغير مهنية ولا تمتلك أدنى تدريب الا ما ندر، كما انها اضرت كثيرا بمبدأ التنافسية لأرباب العمل نظرا لتدني الأجور التي تتقاضاها هذه الفئة من العمال، ما أدى الى تقلص اعمال الكثير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبالتالي الى تدني فرص العمل فيها للمواطنين بسبب تدني الأجور فيها ، كما اثر على ربحية المؤسسات الكبيرة وترك لها هامشا ضيقا لتفضيل اختيار العامل البحريني رغبا في الحصول على هامش ربحي مجزٍ.
وأضاف ان هناك عدم تكافؤ فرص بين العامل الوافد والعامل البحريني، فكلفة العامل الوافد اقل بكثير من البحريني وهذا امر أساسي بالنسبة لرب العمل في حساب الكلفة الإجمالي، موضحا ان عدم التكافؤ هذا سببه عدم وجود حد أدنى للأجر في كل مهنة وعدم وجود حد أدنى لشروط العمل، والتفاوت الكبير للحياة الاجتماعية بين العامل البحريني والاجنبي وسهولة التخلص من العامل الأجنبي والتفاوت في تكلفة التامين الاجتماعي والفرق في قيمة صرف العملة.
ورأى ان من الحلول المقترحة ان يتم حصر بعض الوظائف والمهن ذات الأجور العالية على المواطنين من الجنسين، والا تقل أجور البحرينيين عن 700 دينار كحد أدنى للعيش الكريم، وإعادة هندسة دعم الأجور والعلاوات المعيشية.
من جهته أوصى د. على فخرو بضرورة تكوين مجموعة من أصحاب الشأن من الخبراء والأكاديميين ورجال الاعمال للعمل والتنسيق المشترك لمدة 6 أشهر لوضع استراتيجية متكاملة مدتها عشر سنوات من اجل تنفيذ اهداف محددة بشأن حل مشكلة البطالة، على ان يستمر عمل تلك المجموعة ومتابعة ما يتم تنفيذه من الاستراتيجية الموضوعة مع الوزارات المعنية والتأكد من تحقيق الأهداف سنويا للانتقال في عشر سنوات الى بحرنة كاملة في كل شيء.
أما الجلسة الثانية والتي ترأسها الأستاذ خليل يوسف فقد تناولت ورقة للسيد فلاح هاشم حول دور القطاع التعاوني في التنمية والحد من مشكلة البطالة، باعتباره نمط ثالث في الاقتصاد الوطني الى جانب القطاعين العام والخاص، مضيفا ان التعاونيات تعمل على تمكين الناس من تحقيق تطلعاتهم الاقتصادية بشكل جماعي مع تعزيز راس مالهم الاجتماعي والبشري وتطوير مجتمعاتهم.
وأشار الى ان دور التعاونيات في خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية المحلية معترف به على نطاق واسع، وان لها دور فريد ومميز في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام والجودة العالية والعمل اللائق والعدالة الاجتماعية، كما يوفر النموذج التعاوني وسيلة للمنتجين والعمال والمستهلكين لمعالجة العديد من التحديات التي يواجهونها في عالم العمل سريع التغير وفي المجتمع بشكل عام.
أما الورقة الثانية فتناولت تأثير صناعة تقنية المعلومات والاتصالات على أسواق العمل، حيث استعرض الأستاذ عبيدلي العبيدلي كيفية تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على أسواق العمل بطرق مختلفة، كما تطرقت الورقة إلى معالجة كيفية التخفيف من الآثار السلبية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات على سوق العمل وضمان توزيع مزايا التقدم التكنولوجي بشكل عادل.
وشرحت الورقة الثالثة نموذج التجمع لحلحلة مشكلة البطالة وموائمة مخرجات التعليم مع سوق العمل والذي استعرض من خلالها الدكتور علي الصوفي نموذج (التجمع) لحل مشكلة البطالة باستخدام تكنولوجيا المعلومات المتطورة والمكونة من قاعدة بيانات وطنية تربط أطراف مختلفة ونظام ذكي يوفر معلومات دقيقة وآنية للمعنيين وهيئات التخطيط في الدولة.
كما استعرضت الجلسة الثالثة التي ترأسها الدكتور عماد زيداني ورقة بحثية للشيخ إبراهيم بوصندل حول الحلول الواقعية لمشكلة البطالة في البحرين ومقترحات محددة لعلاج البطالة في القطاع العام وأخرى لعلاج البطالة في القطاع الخاص، مضيفا ان أولى خطوات الحل هو الشفافية التامة في توفير البيانات والمعلومات، وضرورة اجراء مسح احصائي دقيق لإعداد البطالة الحقيقية، مقترحا إقامة مرصد وطني لرصد جميع الوظائف.
كما دعا الى أهمية معرفة عدد الموظفين الذين تتعاقد معهم الحكومة عن طريق شركات الايدي العاملة، واصفا اياها بالبوابة الخلفية للتوظيف ومصدر للتكسب من قبل مالكي تلك الشركات.
تجدر الاشارة أن اللجنة التحضرية للمؤتمر تكونت من، اللجنة العلمية برئاسة جمعية تجمع الوحدة الوطنية ويمثلها الدكتور علي الصوفي، واللجنة اللوجستية برئاسة جمعية المنبر التقدمي ويمثلها أ. علي حسين و أ. دينا الأمير، واللجنة الاعلامية برئاسة جمعية المنبر الوطني الإسلامي ويمثلها د. علي احمد عبد الله.
الجدير بالذكر أن تنسيقية الجمعيات التي نظمت المؤتمر تتكون من ثمان جمعيات سياسية، وهي: تجمع الوحدة الوطنية، والمنبر الوطني الإسلامي، والمنبر التقدمي، والوسط العربي الإسلامي، والصف الإسلامي، والتجمع الوطني الدستوري، والتجمع القومي الديمقراطي، والتجمع الوطني الوحدوي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك