نانتير - الوكالات: في ظل انتشار مشاهد النهب والسيارات المحترقة والمباني العامة ذات الواجهات المهشمة، تحاول الحكومة الفرنسية احتواء العنف بعد ليلة ثالثة من أعمال الشغب والتخريب، لكنها لم تذهب أمس إلى حد إعلان حال الطوارئ التي طالب بفرضها بعض السياسيين.
اندلعت أعمال الشغب والعنف في عدة مدن فرنسية إثر انتشار شريط فيديو صور مقتل الفتى نائل البالغ 17 عامًا برصاص شرطي أثناء تدقيق مروري في نانتير. وشهد عدد من المدن الفرنسية، في منطقة باريس وفي المحافظات، أعمال التخريب التي يقف وراءها في أكثر الأحيان شبان صغار في السن.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اختصر زيارة لبروكسل أمس لعقد ثاني اجتماع أزمة لوزرائه: إن وزارة الداخلية ستعمل على حشد «وسائل إضافية» للتعامل مع الاحتجاجات العنيفة، منددًا «بالاستغلال غير المقبول» لمقتل الفتى، وداعيًا منصات التواصل الاجتماعي إلى حذف مشاهد الشغب «الحساسة».
إثر الاجتماع الحكومي أعلنت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن نشر عربات مدرعة للدرك للتعامل مع أعمال العنف. وقال مكتبها إنه سيتم أيضا نشر «قوات متنقلة اضافية»، مؤكدًا إلغاء «فعاليات واسعة النطاق قد تشكل مخاطر على النظام العام وفق الظروف».
وشجبت رئيسة الوزراء أعمال العنف ووصفته بأنه «لا يُغتفر». وقالت إن كل الاحتمالات مطروحة لإعادة «النظام الجمهوري».
وقال ماكرون من جانبه إنه مستعد من جانبه لتكييف أجهزة حفظ النظام من دون استبعاد «أي محرمات».
ومنذ مساء الخميس، أعلنت الحكومة نشر 40 ألفًا من رجال الشرطة والدرك، بما في ذلك 5000 في باريس، مقابل 2000 في الليلة السابقة.
وتصاعدت أعمال الشغب وامتدت إلى مدن جديدة ليل الخميس الجمعة. وأحصي إصابة 492 مبنى بأضرار وإحراق 2000 سيارة وإضرام 3880 حريقًا في الشوارع، وفقًا للأرقام الرسمية.
واستُهدفت مدارس ومراكز للشرطة البلدية ومراكز تابعة للبلديات ومراكز اجتماعية وحافلات وعربات الترام.
وفي ضاحية سين سان دوني، الأفقر شمال شرق باريس، لم ينج أي حي تقريبًا من أعمال التخريب، وفق الشرطة، مع استهداف العديد من المباني العامة.
وقال مصدر في الشرطة إن مثيري الشغب استخدموا شاحنة في درانسي لاقتحام مركز تسوق تعرض للنهب والحرق.
وفي باريس نفسها، نهب نحو أربعين متجرًا وفقًا لمكتب المدعي العام. وقال ضابط في الشرطة إن المتاجر في وسط المدينة «تعرضت للتخريب» أو «النهب أو الحرق».
وقررت ثلاث مدن على الأقل بالقرب من العاصمة الخميس فرض حظر التجول.
وأوقفت الشرطة منذ ليل الخميس نحو 900 شخص بينهم نحو 400 في باريس وضواحيها. وأصيب نحو 250 شرطيًا بجروح خلال الليل.
وأثارت قضية مقتل نائل الجدل من جديد بشأن إجراءات إنفاذ القانون في فرنسا، حيث تم تسجيل 13 حالة وفاة في عام 2022 بعد رفض الامتثال لأوامر الشرطة.
أصيب نائل الثلاثاء برصاصة قاتلة في صدره أطلقها شرطي من مسافة قريبة أثناء تدقيق مروري. ووُجهت إلى الشرطي الموقوف البالغ 38 عامًا تهمة القتل العمد.
وقالت منية والدة نائل: «لا ألوم الشرطة، أنا ألوم شخصًا واحدًا: الشخص الذي قتل ابني».
وتقدم الشرطي المحتجز بالاعتذار من عائلة الفتى بحسب محاميه الذي أكد أن موكله لم يرغب «بالقتل».
في جنيف، طلبت الامم المتحدة أمس من فرنسا معالجة مشاكل العنصرية والتمييز العنصري في صفوف قوات الأمن.
وقالت رافينا شمداساني الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان خلال مؤتمر صحفي في جنيف: «ندعو السلطات على الدوام إلى ضمان أن تحترم الشرطة لدى استخدامها القوة مبادئ المساواة والضرورة والتناسب وعدم التمييز والحذر والمساءلة، لدى تعاملها مع العناصر المسببة للعنف خلال التظاهرات».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك